فلسفة فرعون
المقالة ادناه تعقيب على مقالة السيدة علياء الانصاري الموسومة بـ (ماذا يعني ان تكون فرعوناً)
سعد الركابي
rikabisumar@yahoo.com
ليس غريبا أن يكون الفراعنة قد بنوا الاهرامات على اكتاف المصريين البسطاء أو العبيد والاسرى.ولانك شاهدت بأم عينيك ما تركه الاباء الاوائل لابناء وادي النيل من اثار ظلت شاخصة تحاكي الزمن الممتد بلا توقف رغم انوف الفراعنة فأنا أعتقد بانك ادركت لماذا أمعنوا في جعلها قبورا غير عادية .ذلك البناء الرصين غدا قبرا أبديا من القبور العملاقة التي شائت لها الاقدار ان لاتحوي فقط جثامين مزينة لملوك حكموا ارض النيل. بل لمسيرة البشرية التي لم تخلو في يوم ما من مساكين كبناة الاهرام ...
الفراعنة لم يبنوا الاهرامات في يوم ما..ولكنهم خلقوا الحركة المجتمعية التي قادت الى بناء تلك الاهرام ....
ترى كيف سيكون شكل الهرم لو لم يكن هناك عبيد وسادة ؟
هل في الامكان ان نتصور فرعونا يحمل الحجارة بنفسه؟
اذا فعل ذلك هل سيظل في نظرنا فرعونا ام انه سيتحول الى نبي؟
ترى لو قلبنا المعادلة وتحول السادة والفراعنة الى بناة باخلاق أنبياء فهل سنجد في وقتنا الراهن أية اثار شاخصة يرتادها السياح وتفتخر بها الامم والشعوب الضاربة في القدم؟
ان مسيرة بني البشرمخزية في جانبها الانساني .
واذا اردنا قراءة ملف المعاناة الانساني من هذه الزاوية فلن نبدأ من جريمة القتل على الطريقة القابيلية البسيطة التي عض فيها الجاني أصابع الندامة وهو يحمل ضحيته باحثا عن قبر يخلص به من عذابات ضميره.
فالغراب سبق الفرعون في بناء القبور وقابيل انتهج نهج الغراب وبني البشر كلهم ساروا رغم انوفهم نحو القبور..قبور حفرها لهم الاصدقاء او الاعداء .لافرق..
القراءة الجديدة تنتجها الابنية والصروح والحضارة باكملها...
الانبياء والحكماء والفلاسفة لم يشيدوا بناء قط ...فقد أفنوا حيواتهم في التخطيط للكيفية التي تقنع الناس بالكفاف وبناء الصروح والقصور في دار اخرى !!!
ان خط الشروع للعذاب الانساني لم يكتشفه فرعون مصر لوحده...
بل وجد معجونا في طينة ابينا ادم عليه السلام .
تلك الطينة التي اهبطته الى الارض..
بل ليس ثمة فرعون واحد يمكن ان ننتزع بصماته من مسرح العناء الانساني .
لقد كان فرعون مصر فيلسوفا ...
فهو يعرف بالتجربة أن ليس ثمة مصري مسكين سيفتقده...
فاخترع الهرم ليخلد ذكراه..