|
مقالات ذكرى استشهاد الامام الحسين هل هي ذكرى نحيها ام حياة نعيشها؟ الدكتور عباس العبودي السلام على اهل طاعة الله تمر هذه الايام وفي كل عام في شهر محرم الحرام ذكرى شهادة الامام الحسين (ع ) واهل بيته واصحابه الذين بذلوا مهجهم من اجل حفظ القييم الالهية وكرامة الانسان.ان مدرسة الامام الحسين هي مدرسة رسول الله الساعية الى بناء الانسان الصالح الذي يعمر الارض بقييم الله تعالى. ان مدرسة الامام الحسين (ع)مثلت العمق الانساني في الايمان والهجرة والجهاد في سبيل الله. اراد الامام الحسين (ع) في حركته ان يثبت للعالم ان هؤلاء الطغاة الذين حملوا ظاهر الاسلام واستبطنوا الكفر والانحراف هم لايمثلون الحالة الاسلامية الصحيحة,لانهم دنسوا كل القييم الانسانية التي جاء بها الاسلام وهدروا كرامة الانسان وسلبوا حريته التي وهبها الله تعالى اليه }وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً {[الإسراء : 70]. أن الصرخة الاولى التي اطلقها الامام الحسين ضد الظلم والظالمين ليصحح بها مسار الامة كانت :ان مثلي ( الحق الاسلامي والشرعية الاسلامية والقييم الانسانية النبيلة) لايبابع مثله( الباطل والبهتان والزور والظلم والحكم بالهوى واشاعة مفاهيم لقبيلة والعشيرة والحزبية الضيقة التي ماأنزل الله بها من سلطان ). وصرختة الاخرى كانت: الا ترون الى الحق لايعمل به والى الباطل لايتناهى عنه . فاراد الامام الحسين (ع) في حركته ان يَُثبت للعالم ان هؤلاء الطغاة هم ضد الانسانية وقييمها واراد من خلال صرخته ان يقول ان الظلم الاجتماعي الذي حمل شعاره بني امية وتستروا بستار الاسلام الظاهري هو ضد الدين الحنيف ولم يرتبط بشرعية الرسالة ابدا , واراد الامام الحسين بهذه الحركة أن يعيد بناء القييم الالهية في ضمير الامه بعدما حاول بني امية المساس بها ومحاولة طمس معالمها والتشكيك بشرعية ائمة اهل البيت (ع) في ادارة شؤون المسلمين. فلقد حاول بني امية ممارسة جميع السبل لابعاد الامة عن الاسلام المحمدي الاصيل,مما جعلها تعيش حالة من الاسترخاء والجهل بمفاهيم الاسلام الحقيقية حتى وصل بمفتييهم ان يعترض على عمر بن عبد العزيز حينما رفع السب عن الامام علي(ع) قائلا له او تجوز الصلاة بغير سب ابي تراب؟. لقد كَثًَف السفيانييون جهدهم لاشاعة الجهل في الامة وتشويه القيييم الاسلامية وتزيفها لابعاد الامة عن خطها الشرعي وعلىعلى مستويات مختلفة منها: اولا-محاولة طمس الرسالة المحمدية بادخالهم الالاف من الاحاديث المختلقة وحجب الاحاديث الصجيحة عن الناس ثانيا-تشجيع المدارس الاعتقادية المختلفة وباسم الاسلام لحرف الامة عن قيادتها الشرعية المتمثلة باهل البيت عليهم السلام. وتخدير الامة بروايات مختلقة بتحريم الثورة والقيام على الحكام وان كانوا ظالمين والتاكيد على النظرية الجبرية في الامة. ثالثا-ممارسة الارهاب ضد المؤمنين الرساليين من خلال التجويع والمطاردة واثارة النعرات القومية هذا عربي وهذا اعجمي ودعم الروح العنصرية من خلال التمييز باللون والمذهب الرابعه- الحكم بقييم العشيرة وتعطيل احكام الله واحياء سنن الجاهلية العمياء أن هذه العوامل وامثالها دفعت بالامام الحسين (ع) الى نتيجة المواجهة مع هؤلاء لان السكوت على باطلهم يؤدي الى ضياع القييم الالهية واشاهة مفاهيم الجاهلية في الامة . وما نشاهده اليوم من الظلم والفساد والقتل هو امتداد لذلك التاريخ السفياني الاسود ,ان هذه المفاهيم المنحرفة اليوم نراها تسود بفعل ممارسات الحكام الظالمين واتباعهم .ومايجري في العراق اليوم من ممارسات عدوانية يمثل عنوانها الظاهري المقاومة والاسلام وتستبطن كل مفاهين الانحراف والفساد والافساد ماهي الا مواجة جديدة ضد القييم الالهية التي جاء بها الاسلام المحمدي الاصيل. أن الخط السفياني على طول التاريخ يريد ان يثبت ارادته بلغة العنف والقتل ليفرض قيمه الجاهلية السوداء على الامة لانه لايملك القدرة على الحوار بالدليل كما اراد الله منا ذلك فيمارس الظلم والقتل لبسط افكاره المنحرفة والصد عن سبيل الله. ولكن وعي الامة على رغم كل التضحيات لم ولن تستسلم لهؤلاء الطغاة واذنابهم مهما بلغت التضحيات. ان صرخة الامام الحسين (ع) علمتنا انا ارادة التضحية هي المنتصر مهما طال الزمن وان الدم سينتصرعلى السيف مهما طال الزمن وان مصير الطغاة الى جهنم وبئس المصير , وان قييم الله العادلة في حفظ كرامة الانسان هي التي ستنتصر في بناء دولة الانسان , دولة الحق والعدل. ان هذا اليقين المطلق عند الامام الحسين(ع) بالانتصار المعنوي في مقارعة الظالمين وتحريك الامة بالاتجاه الصحيح مهما حاول الطغاة سحق ارادتها هو الذي دفعه الة الى التضحية ,رغم علمة انه يخسلر المعركة ماديا ولكنها سيربحها معنوا لتكون دماؤه الطاهرو واهل بيته واصحابه مناراة تنير الدرب لكل الاحرار في الارض. وهذا ماحصل . ان الامة التي حاول الطغات سحق ارادتها لايمكن ان تستفيق من غفلتها والخروج من استرخائها الا بالتضحية ,لان التضحية تمثل الوقود الدائم في مواجهة الطغاة واعادة القييم الالهية الى واقع الحياة . اننا نستجلي هذه المعاني الكبيرة من مدرسة الامام الحسين واهل بيته وصحبه الكرام (ع) لكي نكون قادرين على مواجهة التحديات الكبيرة ,فلابد لنا من احياء قييم الامام الحسين في نفوسنا واهلينا ومجتمعنا لمواجهة التحديات الكبيرة التي يمثل عناوينها كل انواع الظلم , وخصوصا ان السفيانين الجدد الذين يسعون بكل جهدهم لمنع القييم الالهية من الواقع الاجتماعي والسعي لاحياء المفاهيم المنحرفة بالقتل الارهاب ليوقفوا مسيرة الامام الحسين (ع) من الامتداد والانتشار. الامام الحسين الذي نادى هل من ناصر ينصرنا –يستصرخنا اليوم لنصرته ونصرته الحقيقية في كل لحضة هو ان نقول له لبيك ياداعي الحق –لبيك يابن رسول الله باحيائنا لقيمك ومفاهيمك التي قدمت كل شئ في حياتك من اجلها ,تلك هي القييم الالهية,لان هذه القييم تمثل الحياة الانسانية في الفكر والسلوك والعاطفة ودعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة . فنصرة الامام الحسين هي نصرة قيم الحق والعدل في النفوس والسعي لاحيائها في مجتمعنا لنواجه بها كل عناوين الظلم والارهاب . ان ثورة الامام الامام الحسين عبرة وَعَبرة , ولابد ان نستثمر الجانب العاطفي (الََعَبرة)في نفوسنا اتجاه قضية الماساة ونعبئ انفسنا بفكر الاسلام ومنهجه ونحيى حياة الاسلام التي اراد منا رسول الله ص واهل بيته (ع) . الامام الحسين (ع) اراد ان يعلمنا ان التضحية حينما تكون لله تعاى في السعي لاحياء قييم الله سيكون المضحي منارة من نور يقتدي بها كل الاحرار ,لان تضحيته كانت لله وليس لدنيا فانية زائلة . هؤلاء الاطهارالذين قدموا انفسهم لله سبحانه واسترخصوا الحياة الدنيا في سبيل الله أحياهم الله سبحانه في ضمير الاحياء ,حتى الذين لم ينتسبوا الى الاسلام استفادوا من مشروع الامام الحسين من خلال بعده الانساني كغاندي الذي -قال تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر . ان الامام الحسين ع في مشروعه اراد احياء كلمة الله في النفوس وتقريب الامة الى الله تعالى فلابدمن السعي الجاد لنصرة الامام الحسين من خلال نصرة الدين واحياء نفوسنا بذكر الله وتعمير قلوبنا بطاعته سبحانه والسعي لكسب رضوانه تعالى حتى نكون من الذين احييو الامام الحسين بكل ابعاد الاحياء. ان الذي يدعي الحب والولاء لرسول الله واهل بيته الكرام (ع ) والذي يتحرك بدافع الحب الحسيني لابد ان يكون حسيني الايمان والمنهج والسلوك والاخلاق حتى يكون ناصرا حقيقيا للامام الحسين (ع). فالحسين يريد منا ان ان نستحضر وجود الله في سرنا وعلانيتنا وان نعمل بانسانيتنا التي وهبها الله لنا لكي نبني قاعدة التعارف والاخوة الانسانية التي ارادها الله منا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات. والحسين يريد منا الولاء العملي وليس الولاء العاطفي الذي سرعان مايتبخر بقليل المحن( قلوبهم معك وسيوفهم عليك). فالذي يتحرك بهذا المنطلق العاطفي المجرد من دون وعي ايماني وسلوك عملي كما اراد الحسين (ع) منا ان نكون سوف يكون من الذين يساهمون في قتل الحسين ويكون من انصار مدرسة يزيد حتى وان كنا من الناحية العاطفية شيعة الحسين . ان الذي يحب الحسين الحب الحقيقي هو الذي يعيش الحسين فكرا وسلوكا واخلاقا وعبادة كما عاش الحسين لله لا ان يعيشه كما قال الفرزدق قلوبهم معك وسيوفهم عليك .فالذي يتحرك في احياء ذكرى الامام الحسين بعاطفة مجردة فارغة من المحتوى الايماني الهادف والسلوك الاسلامي العملي الذي سار عليه الامام الحسين واهل بيته واصحابه فهو يكون من الذين ساهموا في قتل الحسين. نسال الله تعالى ان يوفقنا لان نكون من انصار الحسين بسلوكنا واخلاقنا وعبادتنا وتمسكنا بالقران العظيم ومقارعة الظلم والظالمين وعدم الركون اليهم من اجل دنيا فانية زائلة يخسر من طلبها وينجى من تركها .فالقريب من الظالمين يكون من الذين خسروا الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين والبعيد عنهم ربح الدنيا والاخرة في حفظ كرامته ودينه . فما دام هناك صراع دائم بين الحق والباطل بين خط الحسين وخط يزيد فسيكون في كل ارض كربلاء وفي كل يوم عاشوراء فسلام على سيدنا ومولانا رسول الله واهل بيته الكرام السلام على الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين حشرنا الله واياكم مع محمد وال محمد ونسالكم الدعاء
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |