|
مقالات معالم الشعر العربي في القرن الأول الهجري نضير الخزرجي لا يخامر الشك أحدا، أن الكلمة أسيرة صاحبها ما أن يطلقها حتى تأسره، وإذا كانت الكلمة طيبة أسرت سامعها واستلقت به على وسادتها، كما تأسر الوردة النحل تحط عليها، تشمها وتمتص رحيقها منشئة عسلا يأخذ في طعمه سنخية الوردة العطرة. ولما كان أعذب الكلام ما قفز من شغاف القلب متوسقا على أوتار الوزن والقافية، فان الشعر الذي يمثل أحد جناحي البيان العربي الى جانب النثر والذي بهما يطير الى سماء الرقي الأدبي، هو ذلك العسل المصفى الذي يشفي الصدور الحرى، التواقة الى عذب الكلام وحلوه، به يخلد الشاعر وتخلد الوقائع والأيام ما حسن القريض وصلح الوزن والقافية. وقد يقال أن ضوء الشعر قل سطوعه وخف ضوؤه في بدء الرسالة الاسلامية عما كان عليه في الجاهلية، لاعتماد النثر في المخاطبات والخطابات والمرافعات، لكن بريق الشعر ظل يسطع عند الوقائع والحوادث المهمة، وبخاصة الحوادث التراجيدية المأساوية، لأن الشعر يخاطب الوجدان والقلب قبل مخاطبة العقل، فتراه ينبض بالحياة والإنتاج في مواقع المأساة وعند مصارع الكرام، ولذلك فلا عجب أن يكون الثلث الثالث من القرن الأول الهجري الذي شهد مقتل سبط النبي محمد (ص) في كربلاء المقدسة الامام الحسين في العام 61 هجرية، حافلا بالأدب المنظوم، ومزدحما بالشعراء الذين فاقت أعدادهم شعراء مرحلة دولة الرسول (ص) والخلفاء من بعده. هذه الحقيقة يؤرخها الدكتور الشيخ محمد صادق الكرباسي في الجزء الأول من كتاب "ديوان القرن الأول" الصادر في لندن عن المركز الحسيني للدراسات، في 432 صفحة من القطع الوزيري، حيث يشكل هذا الجزء والجزء الذي يليه مجموع ما نظم في القرن الأول الهجري، من وحي شخصية الامام الحسين (ع) او من وحي نهضته المباركة وحوادث معركة الطف وما بعدها، ويحمل هذا الجزء الرقم التسلسلي (124) من أجزاء الموسوعة الحسينية التي بلغت حتى يومنا هذا نحو 600 مجلد، صدر منها 32 جزءا، الى جانب نحو عشرين دراسة صدرت عن أجزاء الموسوعة بقلم أعلام وأكاديميين عرب ومسلمين من جنسيات ومذاهب مختلفة، كما وضع المصنف لدواوين القرون مقدمة طويلة استقلت بجزئين من أجزاء الموسوعة.
قصيدة وشاعر تبان الشيخ الكرباسي الى تنظيم القصائد والمقطوعات في هذا الديوان والدواوين التي تليه وفق الحروب الهجائية للقوافي، مع ترتيب سلسلة الشعراء حسب تاريخ الوفاة عندما تكون تحت حركة القافية من فتحة وضمة وكسرة وسكون، أكثر من شاعر، وابتكر طريقة لترميز القطعة الى جانب ترقيمها بأن أوجد لها عنوانا من وحي أبياتها، مع تحريك مفردات الأبيات وتقديم الشروح الضافية وتذليل ما استعصى على الفهم، وبيان موضع الخلل في اللغة او النحو او العروض أو التاريخ أو المعتقد، وقد ضم هذا الجزء 150 قصيدة وقطعة ابتداءاً من حرف الألف الى نهاية حرف الشين، لمائة وأربع عشرة شخصية، بينهم شعراء من الرعيل الأول. ومع إن الرقم 150 ليس بقليل قياسا الى العقود الأربعة من القرن الأول، إلا أن المحقق يلاحظ على الأدب المنظوم: "قلة نظم الشعر خلال القرن الأول في الامام (ع) رغم أن ولادته المباركة واستشهاده المأساوي وقعا فيه" وهذا برأيه يعود الى كساد سوق الشعر منذ ظهور الإسلام قياسا الى مرحلة الجاهلية، والى وقوع الاضطهاد على أهل البيت (ع)، والى بعد عصرنا عن تلك العصور صاحبه عمل دؤوب مارسته السلطات المتعاقبة في القرن الأول وما بعده على اغتيال الأدب الحسيني عبر مطاردة الشعراء او إبادة المدونات والكتب. كما يلاحظ احتلال المقطوعات بديلا عن المطولات، فضلا عن غلبة الرجز في مجمل الديوان، إذ كان من عادة العرب استخدام الشعر الحماسي في الحروب وعند سوق الجمال، فاشتهر الرجز للحروب والحدي للجمال، ولما كانت واقعة الطف وذيولها في معركة عين الوردة بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ومعركة الخازر بقيادة المختار بن يوسف الثقفي بالضد من النظام الأموي، قد وقعت في هذا القرن، كان من الطبيعي غلبة الرجز عليه، بيد أن الذي وقع فيه الخلاف، هو ما اذا كان الرجز او الحداء، البذرة الأولى لشجرة الشعر العربي القريض، حيث اقترن تاريخ العرب بالحروب فضلا عن تداخل حياتهم مع سفينة الصحراء "الجمل" الذي يمثل أقدم وسيلة نقلية عبر الصحاري والقفار، وهو رفيق درب أمين وصبور.
قصة وقصيدة في الواقع إن قيمة الجهد المبذول في إخراج الديوان من بطون الكتب وأمّاتها، لا يمكن تصوره إلا بقراءة الديوان كله وملاحظة الشروحات والتفاصيل المدرجة في الهوامش، لان العمل المعرفي المبذول في هذا الديوان لا يمكن إدراك قيمته إلا بقراءة الهوامش التي هي من الديوان كالمتن من الكتاب. وبالإمكان عند قراءة الديوان ملاحظة جملة أمور، أهمها: * اشتغل المحقق الكرباسي بإرجاع البيت أو القطعة او القصيدة الى صاحبها، بخاصة في التي اختلف الرواة والمؤرخون في قائلها، بما يمتلكه من أدوات معرفية غير قليلة مكنته من النجاح في هذه المهمة الشاقة. * أعمل المصنف في كتابه، النظام المعرفي الخاص بتفسير القرآن بملاحظة سبب نزول الآية، فلم يترك بيتا او مقطوعة او قصيدة إلا وتبحّر في بيان سبب إنشائها وإنشادها والظروف المحيطة بها، ولما كان القسم الأكبر من المقطوعات هو من الرجز، فان الديوان في حقيقة الأمر حاكٍ عن حوادث ووقائع ويؤرخ لمعارك وتفاصيلها، وبخاصة واقعة الطف، ولذلك فان الكتاب بمتنه وشروحاته يجعلك تعيش الحدث بنفسك وتعايشه كأنك في عرض مسرحي حي وعلى الهواء، فعلى سبيل المثال جاء إعرابي وطرق باب الامام الحسين (ع) يسأله حاجته، وهو ينشد من الكامل، والمعنون بـ "نعم المشتري": لم يبق عندي ما يُباع ويُشترى يكفيك ظاهر منظري عن مخبري إلا بقيةُ ماءِ وجهٍ صنته عن أن يُباع ونعم أنت المشتري فأعطاه الامام الحسين (ع)، وهو ينشد: عاجلتنا فأتاك عاجل برِّنا نَزرا ولو أمهلتنا لم نقتُر فخذ القليل وكن كأنك لم تكن بعت المصونَ وأننا لم نشتر * كان من بين المنشدين في الحسين (ع) عدد من الصحابة وفطاحل الشعراء في العهد الاسلامي الأول، منهم الشاعر حسان بن ثابت الأنصاري، المشهور بشاعر الرسول (ص)، كما في قوله من شعر المتقارب، المعنون بـ "سبط النبي": وإن مريم أحصنت فرجها وجاءت بعيسى كبدر الدجى فقد أحصنت فاطم بعدها وجاءت بسبطي نبي الهدى
وللأعداء شعرهم * لم يقتصر الكاتب في إيراد شعر الموالين، فالحق له جبهته والباطل له جبهته، حيث اشترط المصنف على نفسه أن يحقق في الأدب الحسيني بزينه وشينه، متخلقا في العرض بأخلاق القرآن الذي يستعرض آراء المخالفين ويقدم آراءه تاركا للمرء حرية إعمال عقله لاختيار الأنسب والموافق للفطرة والسليقة، لإيمانه أن المقطوعة او القصيدة الصادرة عن جبهة الباطل تعكس أخلاقيات قائلها والجبهة التي يناصرها، ذلك أن الكلام في احد فوائده، والشعر منه، يكشف عن دواخل المرء ونوازعه، من قبيل قول الحصين بن نمير السكوني وهو يقاتل حبيب بن مظاهر الأسدي المستشهد يوم عاشوراء، من الرجز المشطور والمعنون بـ "نزال الأقران": دونك ضرب السيف يا حبيب واتاك ليث بطل نجيب في كفه مهنّد قضيب كأنه من لمعه حليب أو قول شمر بن ذي الجوشن الضبابي من الرجز المشطور المعنون بـ "سيد أهل الحرمين"، وهو يطالب عبيد الله بن زيادة بالجائزة لقتله الحسين (ع): إملأ ركابي فضة أو ذهبا إني قتلت السيدّ المهذبا قتل خير الناس أمّا وأبا وأكرم الناس جميعا حسبا وخيرهم جدّا وأعلى نسبا ومَن على الخلق معاً منتصبا طعنته بالرمح حتى انقلبا ضربته بالسيف ضربا عجبا * خلا الديوان من قصائد ومقطوعات منسوبة للإمام الحسين (ع)، حيث أفرد لها المؤلف جزئين سماهما "ديوان الامام الحسين".
مادة خصبة * يعتبر الديوان بشروحاته مادة خصبة لبيان واقعة الطف او ما اشتهر في أدب المنبر الحسيني بـ "المقتل"، فالمقاتل التي تقرأ في العاشر من شهر محرم الحرام، ينقصها الكثير من الوقائع، كما لم يجهد بعض الخطباء نفسه في تجديدها، ولهذا فان المسلم الذي دأب على سماع المقتل كل عام، انطبع في ذهنه أن واقعة الطف في كربلاء المقدسة مقتصرة على ما يسمعه من على المنبر فقط، في حين أنها مليئة بالحوادث والمشاهد التي صارت في عداد النسيان او كادت أن تموت، لولا أن قيض الله لهذه النهضة المباركة من يزيح عنها غبار الجهل والنسيان. * إعتاش المسلمون بعامة والشيعة بخاصة على معرفة سيرة الامام الحسين (ع) من تحت المنابر الحسينية المجالس، وقلمّا يجهد الخطيب نفسه في عرض قصائد حسينية غير التي حفظها عن غيره، ولذلك لم يتطور المجلس الحسيني من حيث الأدب المنظوم، فضلا عن وجود قصائد تحكي لسان الحال ولا تتطابق مع الواقع، في حين أن قراءة الديوان ينبيك عن مقطوعات وقصائد لها أصالتها، لكن الخطباء يحجمون عن حفظها وإلقائها من على المنبر، كما يحجم عدد غير قليل من الكتاب عن ذكرها وإيرادها. وربما يعود ذلك لقلة الباع، او جريا على التقليد، او القصور في البحث والتنقيب. وتأسيسا على ذلك، فان المحقق الكرباسي يقدم عبر الديوان خدمة جليلة للمنبر الحسيني بخاصة والأدب العربي بعامة، وتبقى المسؤولية على الخطيب، كما إن من حق المستمع عليه أن يجدد في مادته الأدبية بالرجوع الى أصول المقطوعات والقصائد التي تعتبر مادة دسمة لبيان نهضة الامام الحسين، فعلى سبيل المثال يندر سماع مقطوعة "الموت الكريم" المنسوبة للعباس بن علي بن أبي طالب (ع) التي أنشأها عندما حمل القربة على عاتقه الأيمن يوم عاشوراء وهو يريد تبريد عطش الأطفال، حيث أنشد من البسيط: لله عينٌ رأت ما قد أحاط بنا من اللئام وأولاد الدعيّاتِ يا حبذا عصبةٌ جادت بأنفسها حتى تحُلَّ بأرض الغاضرياتِ الموت تحت ذُباب السيفِ مكرُمةٌ إذ كان من بعده سُكنى لجناتِ
شخصيات لها تاريخ * يعتمد الرجز على الفخر بالنسب والعشيرة ورجالاتها والاعتزاز بالنفس، ويلاحظ في عدد غير من رجز أصحاب الامام الحسين (ع) الافتخار بشخصية سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب والشهيد الطيار جعفر بن أبي طالب، مما يعطي الانطباع العام أن هذا النهج هو الامتداد الطبيعي للأهمية التي كان يوليها النبي محمد (ص) من خلال قوله وفعله لهاتين الشخصيتين، لا لكونهما من قرابة النبي (ص) فالأول عمه والثاني ابن عمه، على إن هناك شخصيات قريبة أخرى، كما إن النبي الذي لا ينطق عن الهوى والمسدد بالوحي الإلهي لا ينقاد للعاطفة النسبية بقدر اعتزازه بالشخصية التي تقدم كل ما تملك من أجل إحياء الإسلام ورسالته، غير أن اهتمامه بهاتين الشخصيتين يعكس حجم دورهما الكبير في خدمة الإسلام والمسلمين وتركيز أوتاد خيمة الإسلام في ارض الواقع، فكان لهما الفضل الكبير في صلابة العمود الفقري للإسلام وللدولة الاسلامية، بخاصة وان الطيار كان يمثل سفير الدبلوماسية الاسلامية خارج جزيرة العرب، ولذلك استمر هذا الاعتزاز حتى بعد نصف قرن من رحيلهما كما وجدنا ذلك في أراجيز المقاتلين، فعلى سبيل المثال يذكرهما ابراهيم بن الحصين الأسدي المستشهد في كربلاء العام 61، وهو في قلب المعركة بقوله من الرجز المشطور، المعنونة بـ "أقدم حسين": أقدِم حسينُ اليومَ تلقى أحمدا ثمَّ أباك الطاهرَ المؤيّدا والحسن المسموم ذاك الأسعدا وذا الجناحين حليف الشهدا وحمزة الليث الكميَّ السيّدا في جنة الفردوس فازا سُعدا أو قول الشهيد سويد بن عمرو الخثعمي من الرجز المشطور، المعنونة بـ "اليوم يوم الصبر": أقدم حسينُ اليومَ تلقى أحمدا وشيخك الحَبرَ عليّاً ذا الندى وحسناَ كالبدر وافى الأسعُدا وعمّك القرم الهمامّ الأرشدا حمزة ليثّ الله يُدعى أسدا وذا الجناحين تبوَّا مقعدا في جنة الفردوس يعلو صُعُدا وهذا الاهتمام غير الطبيعي تلخصه واحدة من خطب الامام الحسين (ع) في المعركة، حيث ذكّر القوم بأصله وفصله حماية لهم من الاجتراء على الله والإقدام على قتل وليه في الأرض، فأشار الى حمزة وجعفر (ع) بوصفها من رجالات الإسلام وعلى أكتافهم قام الإسلام، فمما قال لهم: "أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا الى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي، ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه وأولى المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي؟ أوليس جعفر الطيار عمّي؟ أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي هذان سيدا شباب أهل الجنة؟...".
وللتوبة وقعها * يكتشف المرء من خلال المفردات المستعملة في الرجز أثناء معركة عين الوردة في العام 65 هـ ومعركة الخازر في العام 67 حجم الندم الذي أصاب من لم يشترك في نصرة الامام الحسين في كربلاء المقدسة، إما لأنه كان خارج المنطقة او انه كان رهين السجون التي نصبها عبيد الله بن زياد والي الكوفة الجديد، والحصار الذي فرضه على مدينة الكوفة واعتقال الخارج منها. من ذلك أرجوزة قائد حركة التوابين سليمان بن صرد الخزاعي المستشهد في معركة عين الوردة في العام 65 هـ، بالضد من جيش بني أمية بقيادة والي العراق عبيد الله بن زياد، وهي من الرجز المشطور، معنونة بـ "إليك ربي تبت": إليك ربّي تبتُ من ذنوبي فقد أحاطت بي من الجُنوب وقد علاني في الورى مشيبي فارحم عُبيداً غير ما تكذيب واغفر ذنوبي سيدي وحوبي أو قول عبيد الله بن سعد الأزدي المستشهد في العام 65 هـ، والمعنونة بـ "إرحم عبدك يا إلهي"، وهي من الرجز المشطور كان يرددها في معركة عين الوردة: إرحم إلهي عبدك التوابا ولا تؤاخذه فقد أنابا وفارق الأهلين والأحبابا يرجو بذاك الفوزَ والثوابا
وللموعظة حظها * اشتمل الديوان على مقطوعات وقصائد، فيها مواعظ وحكم، معظمها منسوبة للإمام علي بن أبي طالب (ع) يوصي بها ابنه الامام الحسيين (ع)، من ذلك، من الكامل تحت عنوان "النصائح الخالصة" في ثلاثين بيتا: أحسينُ إني واعظٌ ومؤدبُ فافهم فأنت العاقل المتأدبُ واحفظ وصية والد متحنن يغذوك بالآداب كيلا تعطبُ الى أن يقول: واخفض جناحك للصديق وكن له كأبِ على أولاده يتحدَّبُ أو قوله (ع) من الطويل تحت عنوان "المرء حيث وضع نفسه": تردَّ رداء الصبر عند النوائب تنل من جميل الصبر حسن العواقب الى أن يقول: وما المرء إلا حيث يجعل نفسه فكن طالبا في الناس أعلى المراتب أو قوله من المتقارب تحت عنوان "قس الغد بالأمس": حسينُ إذا كنت في بلدةٍ غريبا فعاشر بآدابها الى أن يقول: حسينُ فلا تضجرن للفراق فدنياك أضحت لتخرابها
وللمرأة دورها * لم يكن نظم الشعر ذكوريا، رغم أن قلة من النساء ذاع صيتهن في الآفاق مثل الخنساء، وهذا ما يؤكده الديوان، الذي ضم قصائد كثيرة لشخصيات نسوية، وبخاصة من الهاشميات مثل زينب بنت علي بن أبي طالب (ع) وشقيقتها أم كلثوم وعمتهما أم هاني، وغيرهن، من قبيل الشعر المنسوب الى السيدة زينب (ع) من الخفيف المعنون بـ "يا شقيق فؤادي": يا هلالا لما استتم كمالا غاله خسفه فأبدى غروبا أو قولها من الوافر المعنون بـ "على الطف السلام": تمسّك بالكتاب ومَن تلاه فأهل البيت هم أهل الكتاب بهم نزل الكتاب وهم تَلَوه وهم كانوا الهداة الى الصواب
مفردات تتجدد * تضم قصائد القرن الأول الهجري مفردات، تكاد تموت مع الزمن، ولكن حوادث الأيام ترجعها، وإذا رجعت بدت غريبة على الأذهان، احتاج لمعرفتها لغة واصطلاحا، الرجوع بها الى معاجم اللغة، وهذا عائد الى ضعف تداول هذه المقطوعات، والانقطاع عن الأدب العربي بشطريه النثري والمنظوم، من ذلك على سبيل المثال، مصطلح (العلوج) الذي اشتهر في أيامنا أثناء الحرب الاميركية العراقية في العام 2003، حيث كان وزير إعلام نظام بغداد، محمد سعيد الصحاف يكثر من استخدام كلمة "العلوج" في وصف القوات الأميركية، حتى اشتهر بوزير العلوج، وقد بدت الكلمة غريبة جدا، على أنها مستخدمة في الأدب العربي وهي تطلق على الرجل الشرس من غير العرب، وقد تطلق على الحمار الوحش لاستعلاج خلقه وغلظه، من ذلك الشعر المنسوب الى الامام علي بن الحسين السجاد (ع) من البسيط المعنون بـ "يا للعجب": ساد العلوج فما ترضى بذا العرب وصار يقدُم رأس الأمة الذنبُ يا للرجال وما يأتي الزمان به من العجيب الذي ما مثله عجبُ آل الرسول على الأقتاب عارية وآل مروان تسري تحتهم نجبُ ومما يضفي على الديوان قيمة هو تعاهد المصنف على تذليل المعلومة للقارئ، فوضع له فهارس غنية بالمعلومات، يتابع من خلالها: فهارس المتن: فهرس الأعلام والشخصيات، القبائل والإنسان والجماعات، القوافي والروي، البحور والأوزان. ونقرأ في فهارس الهامش: فهرس الأبيات وأنصافها، التأريخ، الناظمين والشعراء، الأعلام والشخصيات، القبائل والأنساب والجماعات، اللغة. وفي الفهارس المشتركة بين المتن والهامش، نقرأ: فهرس الآيات المباركة، الأحاديث والأخبار، الأمثال والحكم، مصطلحات الشريعة، المصطلحات العلمية والفنية، الطوائف والملل، الوظائف والرتب، الآلات والأدوات، الإنسان ومتعلقاته، الحيوان ومتعلقاته، النبات ومستحضراته، الفضاء ومتعلقاته، الأرض ومتعلقاتها، المعادن، الأماكن والبقاع، الزمان، الوقائع والأحداث، المؤلفات والمصنفات، المصادر والمراجع، مؤلفي المراجع. ولأن ديدن البحاثة الكرباسي، معرفة آراء الأعلام من جنسيات ومذاهب وأديان مختلفة في أجزاء الموسوعة، فان هذا الجزء ضم عرضا للأكاديمي في جامعة كامبردج البريطانية المرحوم البروفيسور جون كوبر (John Cooper)، قال فيه: "وهذا الكتاب ما هو إلا واحد من السلسلة الكاملة التي جمع الكاتب فيها نتائج بحثه، وليست مبالغة أبدا لو قلنا إنها المرة الأولى في الفترة المعاصرة التي يُنهض بمشروع هام وكبير مثل هذا، وربما كانت المرة الوحيدة التي يؤتى فيها بكل المصادر المتوافرة معاً الى مكان واحد"، مثنيا على الجهد المبذول بوصفه: "جهدا خارقا، انه شيء رائع حقا وإسهام في مكانه يهدف الى بقاء ذكرى الحسين وجهاده حيين لإبقاء شعلة الإسلام تتقد بألق". في الواقع إن هذا الديوان يمثل تحفة جمالية وقيمة أدبية، بلحاظ الجهد الذي بذله المحقق الكرباسي لإخراجه بهذا النسق المنضود بحيث يجعلك لا تقوم من قراءته حتى تنهيه، تبدأ بعَبرة وتختمه بعِبرة. الرأي الآخر للدراسات – لندن
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |