|
مقالات عامر الصافي والمناضل القتيل الحاج بشير الدكتور عدنان الظاهر أحسنَ الأستاذ محمد علي محيي الدين صنعاً إذ ْ شرع بتقديم مذكرات شخصية توثّق تأريخ بعض وجوه مدينة الحلة وباقي أقضية ونواحي محافظة بابل من الساسة القدماء الذين قضوا عقوداً من أعمارهم مناضلين مع وفي صفوف الحزب الشيوعي العراقي. كانت الحلقة الأخيرة مخصصة للمرحوم عامر السيد حسين الصافي قرأتها منشورة في بعض المواقع. نعم، أحسن الأستاذ محيي الدين ولكن، كان يمكن أن يكون إحسانه أكثر وأكبر وأعم لو تطرق إلى أمر هام جداً ما دام الكلام عن مناضلي الحزب الشيوعي العراقي. أقصد أن يذكر حادثة مقتل ( الحاج بشير ) في سجن بغداد على أيدي قوات شرطة نوري السعيد والعهد الملكي الذي ناصبه المرحوم عامر العداء فكان أحد ضحاياه المعروفين في مدينة الحلة. فمن هو الحاج بشير وما علاقته بالسيد عامر الصافي؟ إنه [[ عَبدُ ]] آل الصافي... يعرفه الحلاويون تمام المعرفة... كان حارسهم الشجاع الأمين الذي لا تفارقه بندقيته، وكان مسؤول إعداد وتجهيز القهوة العربية لضيوف آل الصافي. كان مضيفهم المفتوح على مصراعيه نهاراً وليلاً يشغل الحجرة الأولى من بيتهم المتواضع الواقع على الشارع الرئيس الذي يربط مركز مدينة الحلة بباب المشهد، أي بداية الطريق الذي يربط الحلة بالنجف التي يسميها الحلايون " المشهد " و" مشهد النجف ". وكان يشغل الجزء الآخر من هذا البيت مكتب المحامي السيد منصور الصافي. بالتشاور والتداول صباح هذا اليوم عَبر التلفون مع الصديق العزيز إبن الحلة الدكتور ممتاز كامل كريدي إقترح عليّ أن أكتب ما أعرف عن المرحوم السيد عامر الصافي. كان عامر وممتاز زميلي الدراسة الثانوية إذ ْ جرى فصلهما معاً ولأسباب ٍ سياسية في العام الدراسي 1948 ـ 1949 وهما في السنة الرابعة أدبي في ثانوية الحلة للبنين أيام أنْ كان مديرها الأستاذ الحلاوي رضا القيّم. ما كنت صديقاً للمرحوم عامر الصافي إذ كنت يومذاك طالب السنة الأولى في متوسطة الحلة للبنين، أي كان هناك فرق ثلاثة أعوام ما بيني وبينهما. بعد فصله من دراسته الثانوية في العهد الملكي، لاحظ أهل الحلة إنكماش السيد عامر وإنزوائه وميله للعزلة. لم يختلط بأحد من أصدقائه وزملائه ورفاقه السابقين. كنت أعرفه عن قرب وعن بعد معاً. عن قرب لأن َّ أخي الأكبر مني ( قحطان ) كان زميله في الدراستين المتوسطة ثم الثانوية قبل فصله منها. وعن بعد لأن إبن عمه ( السيد غالب ياسر الصافي... قُتِل فيما بعد أخذاً للثأر ) كان زميل دراستي الإبتدائية في المدرسة الشرقية المطلة على نهر الفرات في وسط مدينة الحلة أيام أنْ كان مديرها الأستاذ عبد الحسين الشهيّب، شقيق الدكتور محمد مهدي البصير، شاعر ثورة العشرين. كما كان لعامر أخ ٌ وإبنُ عم ٍّ آخر إسمه ( جميل ). إذا ً، وأنا القريب ـ البعيد من المرحوم عامر كنت أراقب وضعه العام وما كان وضعاً طبيعياً تماماً، وخاصة بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958. واصل عامر عزلته وإنطوائيته التي رافقته بعد فصله من دراسته في العهد الملكي... واصلها في العهد الجمهوري فلم ينشط سياسياً ولم يتقرب من أحد ولم يبدِ أي حماس لثورة تموز بقدر ما يتعلق الأمر بمدينتنا الحلة. لا أدري إن كان قد نشط في الزرفية وفي ناحية القاسم يومذاك. غادرتُ الحلة شهر آب 1962 ولا أعرف ما جرى فيها بعد هذا التأريخ. أمر آخر أثار دهشتي في مذكرات الأستاذ محمد علي محيي الدين : قوله إن المرحوم أكمل دار المعلمين الإبتدائية فأصبح معلماً في ناحية القاسم. لا أعرف متى تم ذلك، فالمعروف أن أبناء الشيوخ يأنفون من دخول دار المعلمين الإبتدائية ويستنكفون أصلاً من مهنة التعليم. نعم، كنت في سبعينيات القرن الماضي أزور الحلة لُماماً ولفترات قصيرة جداً فكانت أمورها مجهولة لي... كما ضاع مني أثر المرحوم عامر، الإنسان الهادئ الوديع المسالم الذي كان يوماً شيوعياً معروفاً على نطاق مدينة الحلة.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |