|
مقالات مجرد أسئلة ليس غير يحيى السماوي / استراليا أحد أقاربي، كان أبوه عميدا في الجيش العراقي، وبسبب إعدام قريب له بتهمة الانتماء الى حزب سياسي محظور، أحال نظام صدام حسين أباه على التقاعد... فإذا بقريبي هذا يحمل حقدا على النظام ورئيسه ـ وهو الذي كان يعتبرهما قبل إحالة أبيه على التقاعد، نظاما وطنيا ورئيسا فذا... فهو لم يكتشف دموية النظام وبشاعة رئيسه إلآ بعد إحالة أبيه على التقاعد، في وقت كانت حملات الاعدام الجماعي تقام في الملاعب الرياضية بحق الجنود الهاربين من مهزلة القادسية... وحين أعلن جورج بوش حربه على العراق العراق، وأسقطت جيوشه النظام وخلعت الديكتاتور المقبور، نظر الى جورج بوش كما لو أنه المهدي المنتظر، أو ملاك الرحمة الإلهية الموعود ـ متجاهلا حقيقة أن امريكا قد أنهت الدولة العراقية وليس النظام، وأن هذا المنقذ لا يعدوا كونه محتلا! أما وقد قتل الجيش الأمريكي أباه في شهر رمضان قبل الماضي، مع عدد من المواطنين على مقربة من ضريح الإمام الكاظم ( عليه السلام ) برشقة رصاص من رشاشة خنزير من خنازير البنتاغون تعرضت مصفحته لعبوة ناسفة ـ فقد أصبح جورج بوش في نظره مجرما، وأن الجيش الامريكي ليس غير جيش احتلال، وبالتالي فإن مقاومته تصبح فريضة عين على كل مسلم ومسلمة.... أما قبل مقتل أبيه البريء، فلم يكن بوش مجرما، رغم أن حربه العدوانية قد جعلت العراق مختبرا لتجارب آخر مبتكرات مصانع السلاح الأمريكية.... فالجيش الامريكي الذي قتل من العراقيين أكثر من نصف مليون مواطن خلال سنتين ( وباعتراف البنتاغون ) وهو رقم قد لا يقل عن عدد قتلى الديكتاتور على مدى عشرين عاما، لم يكن جيش احتلال وإبادة ودمار قبل مقتل والده البريء.... فأية وطنية تلك التي تتحدد بسلامة شخص بعينه، وليس بمصير وطن وإبادة شعب؟ أحد أبناء عمومتي، أمضى نصف عمره عاطلا عن العمل.. كان يلعن أمريكا لأن قطارها " قد أفرغ حمولته في بغداد " ولأنها وراء وصول حزب البعث الى السلطة، وأنها هي ـ وليس غيرها ـ التي أمدت في عمر النظام الديكتاتوري حين كان على وشك الموت خلال الانتفاضة الشعبية في آذار عام 1991( وهو قول مصيب تماما )... فكراهته لأمريكا، لا تفوقها إلآ كراهته لنظام صدام حسين... أما وقد كان الاحتلال السبب في حصوله على رتبة شرطي في إحدى مديريات الدفاع المدني ـ فقد بدأ بكيله المديح لأمريكا، بزعم أنها السبب في الرخاء الاقتصادي ـ والمؤكد أنه يعرف حقيقة أن العراقيين ازدادوا جوعا وهلعا، وأن المواطن الذي كان يعرف عدوّه قبل الاحتلال، أصبح الان لا يعرف مَنْ عدوه في ظل تعدد منافذ القتل ـ ميليشيويا وطائفيا ومذهبيا وأرهابيا، بل، وحتى آيديولوجيا ـ في وطن مُخـَلـّع الأبواب... فحصوله على وظيفة شرطي، غدت هي المعيار للرفاه الاقتصادي لدى هذا المواطن الذي لا يريد تصديق أن رواتب جميع منتسبي وحدة الدفاع المدني التي يعمل فيها، تقلّ كثيرا عن راتب فرد واحد من أفراد الشركات الامريكية العاملة في مجال الحمايات الخاصة.. سعدي يوسف، أحد رموزنا الابداعية، عرفته السجون منذ العهد الملكي مناضلا عراقيا، وقد سئل محمود درويش يوما عن شعر سعدي يوسف، فقال إنه حين يقرأ شعرا جديدا لسعدي يوسف، يشعر بأنه قال ما يريد قوله شعرا، مضيفا : لماذا اكتب اذا كان سعدي يوسف يكتب شعرا؟ حدث أن قال سعدي في لقاء صحافي أنه لم يصبح عراقيا باختياره... فما الغريب في مثل هذا القول طالما نعرف حقيقة ان المواطن ـ أي مواطن في الكون ـ يحمل جنسية أبيه بالوراثة؟ فالطفل يمنح جنسية المواطنة في وقت لم يكن فيه يميز بين البول وحليب الرضاعة... فلماذا يتعرض سعدي يوسف الى حملة تشهير تصفه بالتخلي عن عراقيته ـ علما أن السلسال الذي يحيط برقبته يحمل خارطة العراق، وليس صورة ابنه الوحيد المتوفى او صورة ابنته أو خارطة بريطانيا؟ وهل من الانصاف وصف قصائدة بالعادية وبنعوت شتى وهو الذي يعتبر برأي النقاد ودارسي الشعر وكبار شعراء العصر كمحمود درويش، هرما شعريا وأحد أبرز الرموز الابداعية في شعرنا العربي الراهن على صعيد الريادة والابداع؟ شخصيا لي مآخذ على أخي وصديقي ومعلمي سعدي يوسف بخصوص بعض كتاباته التي اتهم فيها بعضا من رفاق دربه، واتهاماته لبعض آخر من مبدعينا العراقيين ( وكتبت ذلك ) لكنني لا أمتلك الجرأة في التطاول على منجزه الشعري الكبير والمشرف لي كعراقي... وأما موقفه من الاحتلال فهو موقف نابع من شعوره الوطني والعقائدي، وبالتالي فليس من حق أحد مصادرة حقه الوطني والسياسي هذا... فلماذا يخلط بعضنا عن قصد بين ورقة وأخرى؟ ما الذي سيقوله الكثيرون لو أن مواطنا عراقيا، أفضل الله عليه بمال وفير نتيجة مشروع تجاري ناجح، فتبرع بمبلغ مئتي الف دولار الى السنغال أو موريتانيا من أجل إقامة مجلس يعنى بالثقافة ويعمل على جمع شتات المبدعين في المنافي والمغتربات تحت خيمته ويقوم بنشر نتاجهم والدفاع عن حقوقهم الفكرية؟ المؤكد أن الاف الاقلام ستنبري للنيل من هذا المواطن ومن عراقيته، لأنه خص اخرين بدعمه المالي السخي، ولم يخص الثقافة العراقية، والتي هي بحاجة للدعم المالي والمعنوي؟ ابراهيم الزبيدي إعلامي كبير امضى نحو نصف قرن في العمل الاعلامي، وهو شاعر له العديد من الدواوين، وعضو اتحاد الادباء منذ كان رئيسه الجواهري الكبير.. وكان من أوائل المعارضين الذين فضحوا صدام حسين، فكتب وتحدث باسمه الصريح يوم كان الكثير من قادة المرحلة الراهنة يمتنعون حتى عن الكتابة باسماء مستعارة وليس التحدث عن جرائم الطاغية المقبور عبر شاشات التلفزيون بالشكل الذي تحدث فيه الزبيدي... ابراهيم الزبيدي، وقد نجح في عمله التجاري، قرر تحقيق حلمه بإقامة مجلس ثقافي يعمل على جمع شتات المبدعين العراقيين بعيدا عن اي منحى طائفي ومذهبي وقومي، تحت شعار العراق أولا... فلماذا تسابقت اقلام عدة لإتهام الزبيدي دون تقديم ما يثبت الإدانة؟ هل كان عليه تقديم المبلغ الى موريتانيا او موزمبيق لإقامة مجلس ثقافي لمبدعيها، لنكتب عنه استهجانا لخطوته ونعيب عليه عدم ايلاء اهتمامه للثقافة الوطنية العراقية ـ حتى إذا تراجع عن فكرة دعم مثقفي موريتانيا او موزميق،ووظف جهده للثقافة الوطنية العراقية، نشكر ما قدمه؟ لماذا نطلق احكامنا بالإدانة منطلقين من سوء النية مسبقا، دون تقديم دليل الاتهام؟ أليس من الصواب التأكد قبل إطلاق الاحكام؟ كتبت ـ بكل حسن نية ـ عن ظاهرة عامة، هي ظاهرة الجمعيات والاتحادات الادبية والثقافية الهلامية في المنافي، وعن حدث تم معي فعلا بخصوص مقترح عرضه علي صديق(أؤكد صديق بعينه والله، لا يملك خبرة صحافية ولم يسبق له ان عمل فيها يوما أو كتب مقالا او حرر خبرا.. كان يعتقد أن الصحافة المهجرية تدر مالا من الاعلانات معتقدا أن ما يدفعه صاحب مخبز او حانوت عراقي كالذي يدفعه ناشرو الاعلانات في الصحف الاسترالية بآلاف الدولارات ) لانشاء صحيفة أكون أنا مدير تحريرها فرفضت، وعن القاب مجانية ( ومنها مثلا انني استهجنت قبل فترة استخدام كلمة " الجنرال " من قبل كاتب عراقي، فعبت عليه مع نفسي عدم تحديد رتبته ليعرف القارئ ما إذا كانت رتبته عميدا في الجيش أو لواء أو مهيبا ـ لأن رتبة الجنرال تبدو فضفاضة، ثم أنها غير عربية ويوجد لها مفردة عربية تدل عليها ـ فإذا بأحد الأخوة يخبرني أن الرجل ليس عسكريا أساسا لكنه يكتب كلمة الجنرال مع اسمه ربما سخرية من الارهابيين والظلاميين ـ وتحدثت عن الكتابات الركيكة السطحية والساذجة في كثير من المواقع الانترنيتية، فلماذا يتوهم البعض انني أقصد شخصا بعينه ـ أو جمعية ثقافية غير " جمعية الشعراء العراقيين في استراليا " التي ذكرتها بالاسم تحديدا؟ ترى هل هي أمراض نختص بها نحن العراقيين؟ أو انها تصيب غيرنا من مواطني الدول الاخرى الموزعين مثلنا في الشتات؟ إنها مجرد أسئلة ليس غير... وجدتني عاجزا عن الإجابة عنها جوابا معقولا.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |