|
مقالات الحلة في الذاكرة (8).. الحلاقون ودكاكين الطب الشعبي
الدكتور عدنان الظاهر
للحلاقة والحلاقين مزايا وإعتبارات إجتماعية كثيرة، فمهمة الحلاق الأولى هي تزيين وجوه ورؤوس زبائنه أي إظهارهم للملأ بأفضل وأجمل حالاتهم. نعم، ((تزيين)) من الزينة لذا سُمي َّ الحلاق ((مُزيّن)) قبل أن يُسمى ((حلاّق)) من الحلاقة. لم تقتصر في سالف الزمان مهمات ومسؤوليات الحلاقيين أو ((المزاينة)) على تزيين وجوه الناس فقط، إنما كانت لهم مهمات خطيرة الشأن يزاولونها على نطاق واسع هي من إختصاصات الأطباء لا غيرهم. منها إجراء عمليات ختان ((طهور)) الأطفال وقلع الأسنان المتسوسة والمعطوبة وتخدير مواضع الألم في هذا السن أو ذاك بحشوه بمادة مخدرة شعبية يسمونها ((ترياك)). يكمِّل مهمات الحلاقين الطبية هذه بضعة أشخاص معروفين في (الحلة) يمارسون الطب الشعبي وطب المعالجة بالأعشاب الطبيعية بل ويبيع بعضهم معدن الزئبق السائل، تبتاعه وتخلطه النساء مع مسحوق الحناء لتعفير شعورهن َّ وأطفالهن للقضاء على الحشرات الضارة التي كانت في قديم الزمان تعشعش في الأجساد وشعر الرؤوس. أتذكر بعض أسماء هذه العقاقير الطبية التي كانت متداولة على نطاق واسع : [ الزريقيون ] وهو مسحوق أصفر اللون يُستخدم لتحصين الأطفال، ولا سيما الرضّع منهم، ضد إلتهابات الجلد المتسببة عادة ً عن بول هؤلاء الأطفال في حضائنهم (جمع حضينة) وأقمطتهم (جمع قِماط) شتاء. أظن ُّ أن َّ في هذا المسحوق الأصفر معدن (الزركونيوم) نقياً أو مخلوطاً مع غيره من المعادن والأترية... ومن هنا جاءت تسمية هذا العقار الطبي. ثم [ حب دِبج ْ ] وهو خلطة بلون بني غامق مرنة ليست صُلبة توضع على الجروح والتقيحات لتمتص الخراجات وتشفي الجروح. [ جوزة بوّة ] و [ ورد البابونج ] و [ زعتر هوا ] و [ ورد البنفشة / أحسب أنه ورد البنفسج ] و [ ورد لسان الثور ] و [ آب نبات ]... لا أتذكر أوجه منافعها وإستخداماتها، ثم [ حب الضريّط ] لتيسير خروج الغازات من أمعاء متعاطيه. وهناك عقاقير وأدوية ومستحضرات وبذور نباتات ومشتقات نباتية معروفة الأسماء كثيرة التداول في البيوت الحلية مثل : العفص والجويت (يضفي اللون الأزرق على الملابس البيض) وصبغة النيلة وحبة حلوّ ة ودهن الخروع والشفلَّح والحشيشة والترياك والسويكة والبرنوطي وماء الورد وعصير الرمان الحامض وروح الشكر (السكّر) والمستكي ولُبانة البستك (علج بستج) و سكر النبات والخريّطْ والدارسين والكثير غيرها.... لا من غرابة إذا ً إذا ما رأينا دكاكين هؤلاء < الأطباء الشعبيين > تجاور محلات بعض الحلاقين... الواحد يكمل مهمات الآخر. من بين أشهر هؤلاء الأطباء الشعبيين رجل يُسمى {{ حسن الجمل }} كان يدير (عيادته / دكانه) في زقاق ضيق مسقوف يتجمع فيه حرفيون عديدون يمارسون حرفهم اليومية متجاورين في دكاكينهم الصغيرة... فمنهم النجار وفيهم الحداد وآخر يمارس صنعة ((تبييض)) قدور النحاس (الِصفر) ورابع يحمل جهازا ً بسيطاً لحد السكاكين والمقصات يتطاير شرر النار من عجلته الدوارة خلال إجرائه عميلة تسنين حافات هذه الأدوات. كما كان في هذا السوق نفسه وقريباً جداً من محل السيد حسن الجمل حلاق ربما هو (هاتف) قبل أن ينتقل إلى الشارع العام الرئيس مقابل عقار السيد (توما) ومقهى سومر تحت فندق البرلمان. كما كان في هذا الزقاق الضيق خان كبير و (مكبس / مسبج) لصناعة الدبس والحلاوة الشكرلي و حلاوة الدبس الذهبية اللون ثم لتجهيز صفائح معدن الزنك (تنكات) لتعبئتها بمادة الدهن الحيواني / الدهن الحر... يلقّب أصحاب هذا المكبس / المسبج ب عائلة ((صبّاغ المطيّة)). لا أعرف سبب وأصل هذه التسمية ولا أحسب أن غيري يعرف ذلك من أجيال زمان أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي.
الحلاق ما شاء الله الحاج هادي أعود ثانيةً لأكثر حلاقي مدينة الحلة شهرة ً فيبرز أمامي صالون حلاقة (ما شاء الله) الواقع على شارع يوازي نهر الفرات مقابل الجسر الضيق القديم الذي يربط جانبي الحلة ببعضهما. ربما كان هذا أكبر صالون حلاقة في الحلة فضلاً عن نظافته وجودة أثاثه وبراعة السيد ما شاء الله (أبو منذر) في حلاقة الرؤوس فكان حلاقاً ماهراً ذا ذوق عالٍ في إختيار القصّات التي تناسب رؤوس زبائنه وأشكال وجوههم لذا كان أغلب زبائنه من المثقفين والموظفين وطلاب المدارس ومن هؤلاء على ما يبدو لي تعلم أن ينحاز إلى اليسار السياسي دون حزبية وإنتماء حزبي. كانت علاقتي بهذا الحلاق متينة بسبب قرابتنا... فهو عم أولاد وبنات شقيقتي الكبرى وكنت وأخي المرحوم جليل من زبائنه الدائمين. الطريف أنه ولفترة طويلة كان يحلق رأسي دون مقابل حسب تعليمات أخي جليل. عرفت السر بعد عقود من السنين إذ أكملت دراستي في الكلية وغدوتُ مدرساً على الملاك الثانوي لكني واصلت دأبي القديم إياه : يحلق شعر رأسي... ينظف ملابسي مما تراكم عليها من الشعر... يقول لي نعيماً فأقول له شكراً... مع السلامة ويسكت الرجل. حتى كان يوم... زرت محله لحلاقة شعر رأسي، جلست منتظراً كغيري حتى جاء دوري. أتم قريبي مهمته على أحسن وجه... وحين قلتُ له شكراً فاجأني بأمر جديد عليَّ : إبتسم بحياء ثم قال بصوت جدَّ خفيض : كنتُ لعقود من السنين وحسب أوامر أخيك جليل أحلق رأسك دون مقابل... أخاف من لسانه... أما الآن فإنك غدوتَ مثله موظفاً ولك راتب ومدخول. مفاجأة حقيقية. كنت أحسب أن أخي جليل كان ما زال يدفع عني وعنه كما عودني في سالف الزمان. وضعت في كفه ديناراً كاملاً من دنانير ذاك الزمان فقبّله ووضعه على جبينه وقال لا تقطع رجلك عنّا أي واصل حلاقة رأسك معي في صالوني. هذا الرجل العصامي الأنيق النزيه حكمت عليه سلطات صدام حسين في ثمانينيات القرن الماضي بالسجن ثلاثة أعوام ومصادرة صالون حلاقته ودار سكنه الخاص به والتي لا يملك سواها في الدنيا. كل الرحمة لك يا أبا منذر الرجل العفيف المكافح المظلوم.
الحلاق إبراهيم المطيري ومن قدماء حلاقي الحلة أبو خليل وكريم المرحوم إبراهيم المطيري. شغل دكانه الصغير ركناً في شارع فرعي ليس بعيداً عن نهر الفرات. وكان أحد إخوته يساعده في إدارة محله. يقابله محل لبيع دهون السيارات يديره المرحوم حميد علوش والد الطبيب البعثي الدكتور صادق ثم الطبيب عبد الأمير (أمّوري). يجاور هذا المحل دكان للسيد حسن المطيري لبيع السجائر والشخاط والتبغ والسكر والشاي وغير ذلك. وكان في هذا الشارع مطعم نظيف مرتب لصاحبه (أبو فؤاد، عيسى) يجاوره حلاق إسمه حمزة وبجوار هذا الحلاق كان محل المرحوم عبد الإئمة سعيد والد صديقنا الأستاذ مؤيد وأخيه الشاعر والإعلامي خالد الحلي. ما كان الحلاق حمزة معروفاً على نطاق الحلة إلا بعد أنْ أطلق على أحد زبائنه من الطلاب كنية [[ معيدي لندن ]]. رافقت هذه الكنية زميلنا هذا حتى بعد تخرجه من جامعة بغداد ولا أعرف دواعي أطلاق هذه الكنية على الزميل الذي غدا بعد كر الأعوام صديقاً. عود ٌ على الحلاق إبراهيم المطيري. كان محله ملتقى رئيساً للكثير من موظفي الحلة الوافدين عليها من ألوية (محافظات) أخرى وفيهم بعض مفوظي ومعاوني (ضباط) الشرطة. لعل أحد أسباب هذه الظاهرة أنَّ في هذا الصالون الصغير جهاز تلفون يستعمله هؤلاء الموظفون الغرباء للإتصال بذويهم في المدن الأخرى. كنت ذات يوم جالساً في هذا المحل فوردت مكالمة تلفونية من مأمور مركز شرطة ناحية الكفل يطلب فيها من صديقه صاحب المحل إرسال كمية من البطاطا فأمّن له على عجل ما أراد. كان المرحوم المطيري صديقاً لوالدي صداقة قديمة جداً. ثمة من سبب آخر لظاهرة تجمع الموظفين وبعض الأفندية في هذا الصالون. كان البعض من هؤلاء يأتي المحل وفي جيبه قنينة عرق يبتاعه من محلات لبيعه قريبة يديرها يهود أكثرهم شهرة (حسقيل)... يفتح قنينته في مكان صغير خاص يقع خلف مرآة الحلاقة الكبيرة ثم يطلب (ماعون كباب أو تكة أو كص أو رز وفاصولياء جافة) من مطعم عيسى المجاور. لعل إبراهيم المطيري هو الحلاق الوحيد الذي كان يمارس مهنته مرتدياً ملابس عراقية شعبية : دشداشة وسترة وعلى رأسه كوفية (يشماغ) وعقال، أما الباقون فكانوا (أفندية). المرحوم إبراهيم المطيري هو والد الصديق وزميل الدراستين المتوسطة والثانوية البعثي المعروف كريم المطيري الذي ناله ما ناله من أذى من قبل صدام حسين وزمرته الدموية في صيف عام 1973 على هامش مغامرة ناظم كزار الطائشة.
جاسم الحلاق / حلاق إشبيلية من مشاهير حلاقي الحلة... وكانت شهرته في أناقة ملبسه ومظهره والإسراف في نظافة صالونه والرصيف المقابل له. ثم السدارة على صلعته صيفاً وشتاءً. لذا أطلق عليه شباب الحلة وطلابها كنية ((حلاق إشبيلية / السمفونية المعروفة)). يقع محله على الشارع العام في وسط المدينة مقابل عقارات (توما أبو لطيف) وتحت فندق البرلمان. كان صالون جاسم الحلاق كذلك ملتقى الموظفين الذين كانوا يتجمعون هناك لا للحلاقة حسبُ، إنما لإستعراض فتيات الحلة وهنَّ يخطرن بعباءاتهن َّ السود الطويلة التي تخط على أسفلت الشارع ثم لتناول الشاي أو بعض المرطبات التي يدفع أثمانها هؤلاء الضيوف وليس الحلاق ويناله ما ينالهم ومما يطلبون. دخل جاسم الحلاق السجن بسبب قضية ملتبسة وبعد أنْ قضّى العقوبة فتح محلاً له في بغداد في شارع يتفرع من ساحة حافظ القاضي وسط العاصمة. شغل الحلاق هاتف صالون جاسم بعده وغدا حلاقي المفضل كما سيأتي أمر ذلك في حينه.
الأخوان جاسم (أبو صباح) وبرهي الأعضب محل آخر عريق نظيف أنيق يديره الشقيقان جاسم وبرهي. كان برهي فاقد الذراع الأيمن لكنه رغم ذلك كان حلاقاً حاذقاً دقيقاً يحسده على مهارته الكثير من الحلاقين بذراعين تامتين. وكما هو متوقع، كان هذا الصالون مكاناً لتجمع الأفندية والنخبة من أهل الحلة لأنه هو الآخر يقع على الشارع العام، شارع المكتبات، أي إنه موقع ستراتيجي ممتاز لمراقبة النساء جيئة ً وذهاباً وخاصة في موسم الصيف حيث تكثر طلعات النسوة للتسوق أو التمشي في شارع حديقة النساء المحاذية للنهر أو التسيارات ومناسبات (القبول) النسائية أي إستقبال النساء للنساء في دورهن َّ دون الرجال. جاء الحلة زمن عبد الكريم قاسم مدرس كردي مبعد من السليمانية... قرر يوماً أن يحلق شعر رأسه فدخل في صالون أبي صباح الأنيق اللماع. كان أبو صباح مشغولاً بحلاقة رأس زبون آخر فتناوله أخوه برهي... أكمل حلاقته على أحسن ما يرام. سأله بعض زملائه من أعضاء الهيئة التدريسية : كاكا آزاد ! أين حلقتَ ؟ أجاب : كاكا والله عند الحلاق برهي الأعرج !! ما كان المسكين يفرق بين الأعضب فاقد الذراع والأعرج الذي في أحد ساقيه عطب.
الحلاق هاتف قلت قبل قليل إنَّ الحلاق هاتف شغل صالون الحلاق جاسم الذي حوكم وعوقب ثم إنتقل إلى بغداد. ظل هذا الصالون كما كان في عهد جاسم، أنيقاً نظيفا ً يرتاده الموظفون والمدرسون والطلاب ويجلس قبالته على الرصيف طوال النهار صباغ أحذية إسمه عبد الله. عبد الله هذا من بقايا أو مخلفات الحلاق جاسم إذ عاصره ولم يفارقه لكأنه كان مخصصاً لصبغ وتنظيف وتلميع أحذية زبائن هذا الصالون. كان هو الآخر نظيفاً أنيقاً يعتني بملبسه ونظافة صندوقه والإهتمام بتلميعه بين آونة وأخرى. وكان يجيد الكلام بلغة دبلوماسية متميزة كسفير. ما كنت أصبغ حذائي إلا لديه لهذه الأسباب ثم لقدرته على التنكيت والسخرية وسرعة البديهة حتى إني بعد أن غادرت العراق للدراسة كنت حريصاً على أن أبعث له مع رسائلي للأهل تحياتي وسلامي وأشواقي له ولطريقته في تلميع حذائي وإخلاصه في أداء مهنته بشرف وما كان يعرف الغش... شأن الكثير من صباغي الأحذية ولا سيما أولئك الذين جاءوا الحلة من إيران زمان الشاه. الغريب أن هزلاء جميعاً إختفوا بسرعة بعد ثورة تموز 1958 ولم يعثر أحدٌ لهم على أثر !! إلا عبد الله... لم يختفِ وبقيت زبونه الدائم. إنتقلت إذا ً من صالون قريبي ما شاء الله الحاج هادي إلى صالون الحلاق هاتف الذي أعجبتني أخلاقه وقلة كلامه وأدبه الجم ثم نظافة صالونه. وكان مهندسا ً بارعاً في حلاقة شعر رأسي الذي أعجز الحلاقين قبله في بغداد والحلة. كان شعر رأسي كثيفاً متعرجاً متموجا ً تستحيل السيطرة على طياته و (لفلفاته) إذ كلما قص الحلاق شيئاً منها لتسويته مع محيطه برزت (لفة) جديدة مكانها وظهر تموج آخر... إلا الحلاق هاتف. لا أدري كيف، لكنه سيطر على طبع شعر رأسي وضبط تعرجاته وتموجاته فكنت أجازيه على إنجازه المتميز خير جزاء وتعمقت علاقتي به فكنتُ أزوره أحياناً وأمكث قليلاً في محله لمجرد السلام والإطمئنان على أحواله.
الحلاق خضير (أبو هاشم) ليس بعيداً عن صالون حلاقة هاتف على الجهة المقابلة من الشارع العام، كان صالون أبي هاشم خضير الحلاق... محل كبير نظيف يعاونه في الحلاقة شقيقان لا أعرف درجة قرباهما من خضير. لعل هذا المحل هو المحل الوحيد في الحلة الذي يديره ثلاثة حلاقين. أما هاشم فهو صديق وزميل دراستي في المتوسطة والثانوية. خضير الحلاق هذا هو صهر الحلاق إبراهيم المطيري المار ذكره. الطريف هو مواقع هذه الصالونات... كانت جميعها قريبة من بعضها بحيث لا يفصل أحدها عن الآخر إلا بضعة أمتار... تحتل قلب مركز مدينة الحلة ما بين الجسر القديم ومتوسطة الحلة للبنين.
الحلاق غني محمود غني محمود ليس من قدماء حلاقي الحلة، ثم إنه كان حلاقاً شعبياً وليس حلاق (أفندية ومثقفين). يقع دكانه الصغير في وسط شارع الجبل في منطقة شعبية مزدحمة بدكاكين الحرفيين اليدويين تسمى (القطانة) أي المتعاطين بالقطن تمشيطاً وندفاً وتحشيته بالأفرشة. فضلا ً عن طبيعة هذا الإسم التخصصية كانت هناك صناعات بدائية كثيرة قريبة من دكان غني. كان هناك نجارون يصنعون ويبيعون الأسرة الخشبية البسيطة وبعض صناديق أعراس القرويين ومهود الأطفال (كاروك جمعها كواريك) ثم الكراسي وبعض الحاجيات المنزلية مثل تخوت الجلوس (واحدها تختة) وصفائح ثرم اللحم وتقطيع الخضروات... وغيرهم يقوم بتصنيع صنادل بيتية نسائية (قباقيب واحدها قبقاب). هنا كان يعمل غني محمود ويغني بصوت جميل أثناء حلاقة رؤوس زبائنه. أنجبت عائلة غني العديد من الحلاقين أكثرهم شهرة شقيقه (حكمت الحلاق) الذي ترك الحلة وإفتتح محلاً للحلاقة في بغداد على شارع الرشيد في منطقة الحيدرخانة مقابل مقهى حسن عجمي والمدرسة الإيرانية ومحل شربت الحاج زبالة. كان صالون حكمت الصغير ملتقى أهل الحلة في بغداد وخاصة طلاب الكليات وضباط الجيش وكان صديق بل وحبيب الجميع... يساعد مَن هو بضيق مالي ويسلّف مَن هو بحاجة إلى بعض النقود حتى لكأنه بنك (مصرف) صغير محدود المسؤولية. لحكمت وغني شقيق من قرّاء تعازي الحسين والحسينيات في الحلة إسمه عبد الأمير... أعدمه البعثيون لأنه رفض قراءة المدائح بحق صدام حسين خلال قراءة تعازيه الحسينية وبكائيات عاشوراء المعروفة. وللعائلة إبن حلاق رابع هو جليل. أظن أن َّ صالونه هو الآخر في قلب مركز مدينة الحلة بجوار محل الحلاق جاسم وأخيه برهي الأعضب. أعرف هذه العائلة جيداً لأنهم كانوا جيراننا في سكننا في محلة جبران. في الحلة محلات ليست قليلة أخرى للحلاقة لكنها ما كانت معروفة على نطاق واسع فهي موزعة هنا وهناك بين الأزقة والشوارع البعيدة صغيرة ومعتمة أحياناً شروط النظافة ليست متوفره فيها... أغلب روادها من أطفال المدارس وشغيلة وكادحي المدينة من حمالين وأصحاب العربات التي تجرها الخيول وبعض القرويين الوافدين على الحلة لبيع خضرواتهم وإبتياع الشاي والسكر والطحين وغيرها من متطلبات الحياة الضرورية لسكنة القرى والأرياف. ملاحظة هامة : هذه معلوماتي لعقدي أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي حتى صيف عام 1962 حيث غادرت الحلة والعراق وعلى وجه الدقة خلال الأعوام 1945 ـ 1962.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |