من
أجل ريادة المرأة أوالأمل الذي لازال بعيدا (2)
محمد
الحنفي
حرية الإنسان/ حرية المرأة:
فهل يمكن أن نعتبر ما عليه
المجتمع البورجوازي حرية ؟
أم أن ما يظهر أنه حرية ليس إلا مساحيق تستعملها البورجوازية،
للتغطية على الكوارث التي تلحق البشرية، وتنشر الفقر، والجوع،
والمرض في كل المجتمعات التي تستهدفها البورجوازية بالاستغلال،
وخاصة، في ظل عولمة اقتصاد السوق، التي تتزعمها رائدة "
الحرية" ومالكة تمثال " الحرية" وناشرة "الديموقراطية":
أمريكا، وحمايتها؟
إننا، في تتبعنا لواقع الإنسان، في التشكيلات الاستغلالية
العبودية، أوالإقطاعية، أوالرأسمالية، نجد: أن مفهوم الحرية
يرتبط بالطبقة المستفيدة من الاستغلال الاقتصادي، والاجتماعي،
والثقافي، والمدني، والسياسي. فهذه الطبقة هي وحدها التي تصير
حرة، في أن تفعل ما تشاء بنفسها، وبكيفية استغلالها، وبما
تستفيده من وسائل الاستغلال المادي، والمعنوي، وبمصير
المستهدفين بالاستغلال، ولا أحد يستطيع أن يحاسبها، على ما
تفعل، لاختلال ميزان القوى لصالحها. فهي التي تبني نظامها
السياسي، كما تريد، وهي التي تنظم المجتمع بطريقة تجعله في
خدمة مصالحها الطبقية، وهي التي تنتج الأيديولوجية المعبرة عن
مصالحها الطبقية، وتختار الوسائل التي تساعدها على نشر تلك
الأيديولوجية، لتضليل المستهدفين بالاستغلال، حتى لا يفكروا في
مقاومة ما يمارس عليهم. وبناء على أن المستهدفين بالاستغلال لا
يحق لهم التمتع بحريتهم كاملة، فإن الأسياد في التشكيلة
العبودية، والإقطاعيين في التشكيلة الإقطاعية، والبورجوازيين
في التشكيلة البورجوازية، يفعلون ما يشاءون في مصير العبيد،
والاقنان، والعمال، ويتحكمون في مستواهم الاقتصادي،
والاجتماعي، والثقافي، وفي واقعهم المدني، وفي ممارستهم
السياسية، مستغلين في ذلك سيطرتهم على أجهزة الدولة، باعتبارها
أداة السيطرة الطبقية، في كل تشكيلة اجتماعية على حدة. وتحكم
المستفيدين من الاستغلال، في مصير الكادحين، ينعكس سلبا على
المرأة بالدرجة الأولى. فهي التي تجبر على مضاعفة الكدح، مقابل
أجر زهيد، أو بدون أجر، كما هو الشان بالنسبة للتشكيلة
العبودية، والإقطاعية على الخصوص، وأكثر من هذا، فإن المرأة
تدفع، في التشكيلات الاجتماعية الاستغلالية، إلى القيام بأمور
تهدر كرامتها، وتحط من قيمتها، مما يجعلها مجرد كائن مشيأ،
ومجرد متاع لا قيمة له عندما يفقد بريقه. وحتى المرأة السيدة،
أو الإقطاعية، أو البورجوازية، لا تعامل المرأة إلا من منطلق
عقلية السيد، أو الإقطاعي، أو البورجوازي. وأكثر من هذا فهي
نفسها تضع نفسها تحت تصرف السيد، أو الإقطاعي، أو البورجوازي،
فتقبل منهم إهدار كرامتها، و الحط من قيمتها، والتسري بالإماء
أمام عينيها، أو الزواج بنساء أخريات ،أو اتخاذ الخليلات في
المجتمع البورجوازي. وهو ما يعني: أن المرأة في مختلف
التشكيلات الاستغلالية، حتى وان كانت حرة، لا تتمتع بحريتها.
فهي مستغلة، إلى جانب سائر الكادحين في التشكيلات الاستغلالية،
كأمة، وكقن، وكعامل. وهذه الأشكال الثلاثة، من الوضعيات
العامة، يضاف إليها وضعية المرأة في كل تشكيلة على حدة حيث نجد
ممارسة الاستغلال الهمجي، الذي لا نستطيع تجاوزه إلا بتحرير
الكادحين من الاستغلال بصفة عامة، وتحرير المرأة من استغلال
الرجل لها بصفة خاصة.
فما هي الآليات التي يمكن اعتمادها، لتحقيق حرية الكادحين،
ولتحقيق حرية المرأة في نفس الوقت ؟
إن أول آلية يجب اعتمادها، لتدليل الصعاب التي تصادف الرجال
والنساء معا، في نضالهم من اجل تحقيق الحرية الفردية،
والجماعية، للرجال، والنساء، على السواء: هي آلية النضال
الحقوقي، انطلاقا مما هو منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان، وفي المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية،
والاجتماعية، والثقافية، والمدنية والسياسية، وفي المواثيق
المتعلقة بحقوق العمال، الصادرة عن منظمة العمل الدولية ، وفي
الميثاق الدولي المتعلق بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة،
والميثاق الدولي المتعلق بحقوق الطفل.