|
مقالات مؤسسات الاعلام العراقية ... أي صناعة للرأي العام؟ د. كامل القيّم / جامعة بابل مركز حمورابي للبحوث والدراسات الستراتيجية مركز المرآة مراقبة وسائل الإعلام العراقية
في ظل تعدد الاتجاهات والقنوات وتفرع بنية وسائل الاعلام في العراق كان المشهد الاعلامي ومنطلقاته يشهد، نوعاً من عدم التنظيم والوضوح، فقد ظهرت لنا العشرات من القنوات الثقافية والاعلامية التي تمطر المتلقي العراقي بالرسائل المسؤولة وغير المسؤولة واصبحت ساحة الاعلام والتاثير ساحة اقرب الى التجريب الثقافي او الوجاهة الاجتماعية والادارية فعلى الرغم من ايجابية المشاركة تلك وضخامة التفاعل،الا انه يجب ان لايسيرعلى حساب الوعي بخطورة الدور وتراكم التاثير المتعدد الرموز و المقاصد، فكانت لنا صحف وقنوات اخرى تتمتع بتقاليد وضوابط رائعة، والاخرى قد خلطت مابين الوجاهة والاظهار على حساب تأسيس قيم اعلامية ترتقي الى الحرية الاجتماعية والوطنية المسؤولة، فالسؤال الذي يطرح نفسه، من ماذا تنطلق بعض وسائل الاعلام المحلية؟ والى أي معايير تخضع؟ ماهي ادوارها الحقيقية في التنمية، واعادة الاعمار، وتشكيل العقل العراقي وتغيير بناءه نحو الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير على وفق الدستور؟ ما دورها في مكافحة الارهاب، وبناء اللحمة العراقية؟ هل من الممكن صياغة خطاب عراقي اعلامي مسؤول وذو ثوابت مهنية يُدير المرحلة والمخاضات بذكاء وفطنة؟ هذه الاسئلة وغيرها تبدو دون اجابة، والواقع التشريعي والظرف الامني والسياسي ربما يبتعد كثيراً عن مناقشة الموضوع على طاولة من الموضوعية والصراحة التي يجب ان تعالج بها مثل هكذا موضوعات. فعلى الرغم من اتخاذ الدولة بعض التدابير والضوابط نحو بعض وسائل الاعلام على انها خارجة عن خط ما، فاعتقد ان هذا لايكفي لان طبيعة الوسيلة الاعلامية تاخذ ابعاداً شتى من الرموز التي تصب بضرر ما دون قصد احياناً، فعلى وسائل الاعلام ان تفكر بطريقة بنائية، وان ترسو على مدرسة جديدة اساسها الموضوعية ووحدة المجتمع والنزاهة والمهنية،لتتمتع باعلام حر خالٍ من التداخل وخلط الاوراق السياسية والطائفية والشخصية القضية اكبر مما نعالجها او نقترح تخفيف وطئتها في التاثير المعاكس ربما بمسيرة البلد ومستقبله السياسي، وهذا بالطبع ناتج عن سؤء التخطيط، وعدم التنظيم، وطبيعة متغيرات المرحلة مما ولّد ارباكاً في صياغة الرسائل الاعلامية، وبالتالي تاثيراتها، فالمخاض الاعلامي جزء من المخاض العام الذي يمر به البلد، وربما يعلو ويغدو في قمة المخاضات، ذلك للابعاد النفسية والعاطفية والتاريخية التي يمكن ان تنطوي عليه بعض الخطابات الاعلامية. فمرحلة التغيير منحت الاعلام – وهكذا بافتراض - الحرية المطلقة في التوجه الى الراي العام بكل اشكالها، لكن لم تمنح الوعي بالتاثير واستحكامات اضراره التي بدأت تنمو على مستويات متعددة، او الدور الذي يُلزمها ان تلعبه من خلال هذا المعطى الجديد، فاي أجندة موحدة، واي أهداف واضحة لدينا، واي إعلام متخصص نحن نخوضه؟ فبعض مؤسساتنا الاعلامية ترى ان لها الحق وطبقاً للدستور ان تغطي وان تنشر وان تسلط الضوء على قضية انطلاقاً من الحرية الممنوحة، والتي لانفهم حدودها ودورها البنائي، واحياناً نقسو على الواقع الاجتماعي وعلى متطلبات المرحلة بأسم النعمة التي منحت لنا تحت يافطة ( حرية الاعلام والتعبير ).فراحت بعض القنوات تتكأ على البعد النفسي والتاريخي وارضية الاجماع، وان تطيح بالامن النفسي والجمال الاجتماعي الذي يهرب اليه المواطن ليلقي طمانينة ثقافية ووطنية تسلب منه – عن طريق الاعلام – طائفية وتحزب السياسين وحلبة صراعاتهم. الحرية الاعلامية وبحسب كل المعايير وتجارب الشعوب التي قطعت شوطاً طويلاً في هذا المجال تنطلق،من فهم اجتماعي راق التفكير، وتنطلق من التناغم مع الظروف الموضوعية لحاجة البلد ومخاضه السياسي والفكري، وتستند على كل يؤّمن للرأي العام مناخا ًوحاضنة للامن النفسي والابداع وحب العمل والانتاج، فوسائل الاعلام هي الرقيب الامين على مشكلات الناس وطرق تفسيرهم للحوادث والظواهر وليس مناراً لهديهم على التحريض والعناد،عليها ان تصبح الكابح الذي ينظم حياتهم ويوّحد مرامهم، ويمّجد عطائهم، بالترافق مع رفض الانا و مع الايمان بطرق التأهيل والتعليم واساليب العلم واحكامه، لان الخطأ في الوسيلة الاعلامية لايمكن ان يُعدّل بمثلما يقع الضرر. من تلك الرؤية الواقعية نرى من المفيد اعادة النظر في، النظرة الى مؤسسات الاعلام على انها دائماً على حق وانها بعيدة الزلل والقصور، واعتقد علينا ان نجهد لكي نتبصر علمياً بما نضطلع، وما نؤثر، علينا ان نقيم نحن لمؤسساتنا مراكز مراقبة تقويم اداء، ان نُقيس اين نحن من الظواهر محلية كانت ام دولية، وفي أي مركب نقود الناس والى اين؟ لان الوعي بخطورة الاعلام لايقل عن الوعي بخطورة الارهاب والفساد والسلاح، وهكذا نكون حين ذاك بمستوى الموضوعية التي قطعناها على انفسنا والراي العام والضمير الصحفي. اود ان اشير الى جملة من التساؤلات التي على كل مؤسسة اعلامية ان تسالها، اذا كانت تؤمن بالتاثير الايجابي على متلقيها وهي: · ماهي اهدافي من صياغة الخطاب، بهذه الطريقة؟ · هل قناة الاعلام التي اديرها ناجحة؟ لماذا؟ باي دليل علمي توصلت الى ذلك؟ · هل جرى تقويم خطابي بشكل علمي من جهتي ام من جهات اخرى، بحسب طرق قياس مضمون وسائل الاعلام؟ · كيف يتعامل الجمهور مع مضمون الوسيلة الاعلامية التي تصدر عني؟ · ماهي مصادر نجاح وسيلتي الاعلامية؟ الشهرة؟ الاتاحة الى الناس؟ دراسة علمية محكمة؟ · ماموقف القناة الاعلامية من القضايا الكبرى في البلد؟ هل جرى اعادة نظر؟ قياس؟ متابعة؟ دراسة؟ · باي شكل نُساعد الراي العام في التنوير الثقافي والتنموي والشؤون العامة؟ وما هي الطرق المناسبة؟ · ما موقف مراكز البحوث والدراسات المعتمدة من مضمون وسيلتي؟ · اين نحن من من تقاليد انظمة ومهارات الاعلام العربي والدولي، باي انموذج اقارن وسيلتي؟ هذه الاسئلة وغيرها كثير..حينما نحتاجها ونجيب علها، حين ذاك نستطيع ان نقول نحن جزء من حالة البناء والتاثير والتغيير.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |