|
مقالات لماذا ولماذا...؟! د. مراد الصوادقي لماذا يعمرون ويبدعون في البناء ونحن نخرب ونمعن بالدمار؟ لماذا يعشقون الجمال ويعملون من أجل أن يظهر كل شيء جميل ونحن نجاهد في تقبيح أنفسنا ومحيطنا وكل ما يرتبط بنا من الموضوعات والرؤى والتصورات؟ لماذا يكتبون بأقلام واعية وببحث وتدقيق وتوثيق وإيجابية ونظرة خلاقة نحو المستقبل والحياة , ونحن نكتب بلغة الشتائم والعواطف والانفعالات وبمفردات خارجة عن قانون اللغات وبأساليب لا ترقى إلى مستوى المخاطبات بين البشر؟ لماذا نهين بعضنا وننتقص من كل ناجح وبارز ونابغ بيننا , وهم يفتخرون ببعضهم ويعالجون نواقصهم ويظهرون أحسن ما فيهم ويكتمون كل ما يسيء إليهم؟ لماذا هم يوفرون الرعاية الاجتماعية الكاملة لبشرهم ويمنحونه الفرص الكافية ويحققون له وسائل العيش الرغيد. ونحن نسن قوانين إعاقة الحياة وتدمير البشر وإلقائه في دروب المعاناة والقهر والشقاء؟ لماذا هم أمناء لا يسرقون ويعملون بإخلاص وجدٍ وتفاني من أجل أن تكون أوطانهم أقوى وأفضل. ونحن نسرق ونختلس ونرتشي ونسخر كل أدوات الفساد لكي نحط من قيمة بلدنا ونزاهة دوائرنا؟ لماذا العدل قائم عندهم وبيوته بارزة وفخمة في كل مدينة ونحن يسود الظلم عندنا وعماراته شاهقة وطاغية على جميع شؤون الحياة؟ لماذا يفكرون ويبدعون ويخترعون ويصنعون ويتعاونون ويساهمون في التقدم والنجاح, ونحن لا نفكر ولا نبدع ولا نخترع أو نصنع وإنما منشغلين باللطم على الخدود والصدور والرؤوس والظهور ومنهمكين في مسيرات العويل والشقاء اللذيذ؟ لماذا لمسئوليهم مستشارين من ذوي الخبرات والاختصاصات والعلماء والباحثين , ولمسئولينا مستشارين من ذوي العاهات والمساوئ والبلادة والبلاهة والأمية الشاملة والمتفوقين بالتضليل والتشويه وتفضيل النفس الأمارة بالسوء برغباتها ونوازعها المفلوتة , وهم الذين يصنعون قراراتنا الوطنية الغبية إلى أبعد ما يمكن أن يكون عليه الإمعان في الغباء؟ لماذا يفرحون بنجاح أبنائهم ويفتخرون بهم , ونحن نحزن لنجاح أبنائنا ونهينهم ونحط من دورهم وقدرهم لا بل ونقرر أن نغتالهم ونقضي على وجودهم المعطاء؟ لماذا يشيعون ثقافة المحبة والألفة والوحدة الوطنية ونحن نشيع ثقافة الكراهية والشقاق والتقسيم والضياع والهلاك؟ لماذا عندهم الوطن فوق الجميع والمصلحة الوطنية أم المصالح والتطلعات , وعندنا المصلحة الشخصية فوق الجميع والأنانية والذاتية أم المصالح والنشاطات؟ لماذا يقولون اللهم احفظ أوطاننا وباركها ونقول اللهم احفظ حكامنا وبارك بهم لكي يمعنوا في ظلمنا وامتهاننا وانتهاك حرماتنا وحقوقنا؟ لماذا يعبدون ربهم بالعمل ويمارسون طقوس دينهم بأخلاقية عالية وحضارة معاصرة ويعبرون عن معتقداتهم بفهم ووعي ونحن نعبد الكرسي ولا نعرف ديننا ولا نملك الثقافة والمهارة اللازمة للتعبير عنه بالفعل وإنما نردد آياته وتعاليمه كالببغاوات وكفى؟ لماذا يحترمون رأي بعضهم ويؤسسون للعديد من المشروعات وفقا للأفكار والتصورات ونحن ننكر آراء بعضنا ونحتقرها ونسفهها ونمعن في سياسة الإلغاء والانتقاص المتبادلة؟ لماذا يشيدون المدارس والجامعات والمراكز الثقافية والمكتبات والمتاحف والمسارح والنوادي ودور السينما والمنتزهات وملاعب الأطفال والكبار. ونحن نهمل المدارس ونجهل المراكز الثقافية ونغلق المكتبات ونسرق المتاحف ونبيع آثارنا للآخرين؟ لماذا يهتمون ببيوتهم وشوارعهم ومدنهم ويفكرون سوية في تحقيق الأفضل للجميع ونحن لا نمتلك القدرة على التفكير بحاجاتنا وصحتنا ونظافة بيوتنا وأسلوب حياتنا وإنما نذعن للأقدار ونسير وعيوننا تنظر إلى أقدامنا من شدة الخنوع والإذلال؟ لماذا يزرعون ويربون الماشية ويحسبونها العمود الفقري للاقتصاد والقوة والتقدم ونحن ننكرها ونحسب التقدم هروبا إلى الوراء؟ لماذا ينتجون ما يأكلون ونحن نستورد ما نأكل ونخجل من إطعام أنفسنا من جهدنا وعرق جبيننا ونفضل السحت الحرام؟ لماذا يعتزون بأرضهم ويروونها ويديمون خصوبتها ونحن نكره أرضنا ونهملها ولا نتفاعل معها بإبداع وإخلاص وانتماء صادق ورغبة حميمة ذات قيمة إنسانية وإنتاجية عالية؟ لماذا نرمي الأزبال والفضلات والجثث والجيف في أنهارنا وهم يشيدون على ضفافها أجمل المنتجعات ويسيرون فيها أحلى المراكب ويساهمون في تحقيق احتفالية دائمة فوق الماء تبهج الناس وتسر الناظرين وتشيع السعادة والمحبة والسرور؟ لماذا يقيمون مهرجانات فرح وبهجة ونحن نقيم مهرجانات أحزان ودموع وآلام ولطم وصراخ وعويل؟ لماذا يهتمون بالصحة والمستشفيات ويجلبون الأطباء من أصقاع الدنيا لتوفير الرعاية الصحية لمواطنيهم ونحن نهمل هذه الخدمات ونطارد الأطباء ونهجرهم ونخطفهم ونقتلهم ونهينهم , ووزارة صحتنا تراوح في مكانها منذ أن وجدت دولة العراق وما عرفت التطور المتواصل مثل باقي وزارات الدنيا؟ لماذا يحترمون الأطفال ويعزون الطفولة ويقدرونها ويوفرون لأطفالهم كل الفرص وأسباب السعادة والفرح واللعب الصحي السليم ونحن نحتقر أطفالنا ونهينهم ونمتهن حقوق الأطفال؟ لماذا نحن ندعي الدين والمثل والقيم وهم يعبرون عن دينهم بالفعل والعمل والسلوك القويم؟ لماذا نحن لا نحترم الحدود الأخلاقية والاجتماعية والخصوصية الفردية والعائلية وهم يعرفون كل ما يحقق قيمة الإنسان ويعزز دوره في المجتمع؟ لماذا نحن نقلع وهم يغرسون؟ لماذا نحن نبكي وهم يضحكون؟ لماذا نحن نهدم وهم يعمرون؟ لماذا نحن نيام وهم مستيقظون؟ لماذا نحن نجلس وهم يركضون؟ وهناك ألف لماذا ولماذا لو تعلمون؟ تساؤلات علينا أن نجيب عليها لكي نكون.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |