|
مقالات عظمة الله تتجلى في خلقه .. الحيوانات الصيادلة كوثر الكفيشي كثيرا ما مرضنا نحن أو أحد أفراد عائلتنا واحتجنا إلى زيارة الطبيب لأخذ الإستشارة أو المعاينة ومن ثم أخذ العلاج المناسب، ولكن ياترى هل خطر ببالنا يما بأن هذه الحيوانات التي خلقها الله عزوجل والتي تشاركنا على هذه الكرة الأرضية كيف تعالج نفسها؟ الإنسان هو الحيوان الناطق، كما يسميه أرسطو، وهو المخلوق العاقل الوحيد الذي لاتسيره غرائزه، عكس الحيوان الذي خلقه الباري وزوده بالتصرفات السلوكية التي لاتتطلب تعلما مسبقا وهي (التصرفات السلوكية) مبرمجة من خلال الثروة الوراثية المودعة في كل نوع، ومن ضمن هذه التصرفات السلوكية المبرمجة هي التطبيب الذاتي عندها. عقدت الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم مؤخرا إجتماعا خصصته لعلم الصيدلة عند الحيوان، فلقد تبين لعلماء الحيوان والكيمياء على حد سواء بأن بعض الحيوانات تعرف الخصائص الشفائية الموجودة في الطبيعة وتختار منها، ومن خلال الفطرة أو التصرف السلوكي المبرمج لديها، ما يساعد على شفائها. ومن هذه الأمثلة التي ضربها العلماء المجتمعين بأنه هنالك نوع من القرود الإفريقية والتي تعيش في دولة تنزانيا بالذات وهي من نوع (guenon) قد تعرضت إلى مرض أنهكها وأقعدها القوة والشهية على الطعام، إلا أنها تحاملت على نفسها وفتشت عن نوع معين من أوراق الشجر أسمه العلمي (vernonia amygdalina) وهي من الأشجار التي لاتأكل أوراقها القرود عادة، إلا أنها أخذت بمضغ الأغصان دون بلعها لإستخراج عصارتها، وبعد بضعة أيام استعادت القرود قواها وقابليتها للطعام وقد أخذ علماء الحيوان والنبات أوراق تلك الشجرة فوجدوا في عصارتها مواد كيميائية قاتلة للديدان والطفيليات الموجودة في الجهاز الهضمي عند القرود، وبعد الدراسة تبين بأن هذه الأوراق قد عرفت عند بعض القبائل الإفريقية حيث أنهم قد عرفوا الخصائص الشفائية لهذه الشجرة واستعملوها في طرد الطفيليات والإضطرابات في الجهاز الهضمي. أما القرود من فصيلة الشمبانزي، فهي تختار نوعا آخر من الأشجار أسمه العلمي (aspilia) عندما تصاب بالإضطرابات في الجهاز الهضمي، علما أنها لاتستسيغ ذلك النوع من ورق الأشجار ولاتأكله إلا مرغمه وحين مرضها فقط وقد أثبت التحليل الكيميائي أن عصارة تلك الشجرة تحوي مادة مطهرة للأمعاء هي ((التياروبرين)). هذا في حين أن دببة (اللآلاسكا) في أمريكا الشمالية تلجأ عندما تصاب بالطفيليات والإلتهابات والأوجاع في الجهاز الهضمي إلى نوع من النبات إسمه العلمي (ligusticum) ومنها تعلم الهنود والأسكيمو الخصائص الطبية الشافية لتلك النبتة. وفي مقال آخر استشهد به علماء هذه الجمعية بأنه وفي جزيرة كوستريكا في أمريكا الجنوبية، هنالك نوع من القرود الصارخة من فصيلة (alouate) يحدد الذكر أو الأنثى المسيطرة جنس ذريتهما بحسب نسبة الذكور أو الإناث في أفراد المجموعة، وذلك من بإختيار نوع من الغذاء له خصائص كيميائية مذكرة أو مؤنثة. وهكذا وصلت هذه الجمعية إلى خلاصة القول ومرده (بأن الإنسان تعلم وسيتعلم الكثير عن خصائص النباتات الطبية من الحيوان) وذلك كله كما ذكرنا من خلال التصرفات السلوكية المبرمجة المسماة بالذكية لأنه لاتعليل علمي لها من خلال مفهوم الغريزة ـ وهي مقتصرة على بعض أفراد من النوع، وقد تتغير بحسب الظروف، وقد تتجدد، ولو تجددت الظروف نفسها ـ ما هي في الحقيقة إلا هدى الحي القيوم القائم على تدبير شؤون كل الخلق من مخلوقاته، فجملة ((ثم هدى)) في قوله تعالى: (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) تعني ثم علم وأرشد، وقوله: (والذي قدر فهدى) يعني والذي قدر ما سيطرأ على خلقه من مستجدات فهداه إلى التكيف والتعامل معها. فسبحان ربي الذي تجلت عظمته في مخلوقاته
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |