|
مقالات
تتويج الشمس
عقيلة آل حريز جاء الغدير في وقته تماما، كما يأتينا كعادته السنوية كل عام، وبحضوره يندرج الفرح على الأرض فينسحب شيء من مقدار الحزن عن الحركة في قلوبنا، يحضرنا ليله المبتهج بالولاية كما يحضرنا نهاره المنتشي بعبق الزهر وأعواد البخور المتعلقة روائحها بالجو حيث خيوط الضوء تبتسم لتأسر دنيا الانتظار، فنسترق منه بضع لحظات نتضاحك فيها ونطمئن ونبحث عن ألفة نهبط بها فوق تلال الآمال سالمين . سيدي جئتك متأخرة قليلاً عن موعدي وعذري أنت تعرفه، فدعني اطرق بابك الآن مع الطارقين وأمضي بأشواقي نحوك بعيدية مختلفة لأنتشي من عطر الغدير وفرحه المرسوم على الوجوه، فلعلي أعود مع العائدين بابتهاج يمتطي حقب التاريخ بالطواف حول تنصيبك على الدهر سيداً وأمير، فأنا تكفيني مسحة عطر من هذا العيد لأبتسم وأتقاسم بهجة هذا اليوم مع باقي الكائنات فهذا باب بيتي مفتوح للفرح وخلفه صبية يملئون الفضاء بالحان عذبة شجية، يمرحون وسط احتفالات بهيجة تحتضن ذكريات تتصفحها الشمس بوضوح، يستمر سحرها داخلهم كيوم عرس مبتهج ينطلق فيه الحلم مزهواً ومحتفظاً بطعم الأنغام الخجولة .. أراهم الآن يتراكضون في أرجاء الحي ببهجة متسارعة حول البيوت والشوارع يعبرونها بأريج حدائق مترامية، يلونون ساعاتهم بضحكات حلوة وأناشيد تزهو بها أيام الأعياد كقصور بلورية وتتمزج بعبق ألحانهم أقواس قوس قزح فتزهر الأرض بولائهم حدائق من الياسمين . أواليك كما الموالين حباً أميري وأطوف بك كما الطائفين حولك فتقبل تصريحي بحبك، فهذا القلب يحتاج لحبك ليبقى متقداً وسط العتمة فقد ضاعت منه أفراح من الكبت والوجع الطويل ... تقبل مني سيدي قليلي واغسل قلبي وامنحني نورك ليجللني بهذا الحب فقد حملت اليوم حروفي على بياض قلبي وجئت بها على أبواب تنصيبك أبتغي منك المزيد، راجية أن لا أعود منك بخيبات تفوق ساحة آمالي . كنت مثل النور الذي أوقد الحلم من مهاده، فتنصيبك يشبه تتويج الشمس وتثبيت لولاية تهشم شمع المسافات وتزهر فوق جفاف تتراكض الأيام فيه بتسارع محموم، هو طمأنينة تمنح لكل مؤمن روح السكون .. يضحك الناس بملء قلوبهم ويطردون الأمنيات الراكدة وساعات الانتظار الطويلة، كل فصوله كانت وحيا مكتوباً ينزل بأمر السماء .. أنت من أعطى له رمزا حين بارك الناس وجودك وبخوا لك التنصيب " بخ بخ لك يا أمير" نبكي ونضحك فيه مولاي من فرح حين تعلو يداك مع يد المصطفى يحدث عن وحي أنزله الله رحمة للكائنات، ونمارس في حضرته ابتهالات كثيرة، نزرع الشوق في أنفاسنا وبه ندفع حدبة الأضرار المتسلقة أوتادنا . غرس النبي في هذا العيد غرسا لو رعته الأمة لكانت ما تزال تأكل منه الثمار .. ثمة تصفيق فيه، ثمة تغريد، ثمة هتاف يتعالى وتأكيدا لقيام أركان الدين واكتماله .. وهذه جموع الناس تبارك وتصلي وتبخ بالولاية . وأنا سأضم نفسي إلى هذا الفضاء مع خفقان أجنحة اليمام حول عيد الولاية، فهنا فرح يخترق الصمت يرسل نغما حلواً يسبح في شلالات النور كحكايات ممتدة من عبق الجنة . وسأبقى كلما غرست عيني في صفحة ماء، كلما تذكرت حكاية ذاك التنصيب وتيقنت بأنا لسنا غير انهمار لغرفة ماء انسكبت بتلاوة على أرض الغدير، فسلام الله عليك وصلاة تحتفي بيوم تنصيبك على الدهر لنا أمير .
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |