|
مقالات النصوص في بعديها الحرفي والتاريخي ودلالاتها المنطقية ..
هلال آل فخرالدين تميزت الرسالة الاسلامية عن غيرها بالعالمية والخاتمة لما تحمله من مرونة التشريع بوجود مساحة ثابته ومساحة متحركة وفراغ يجال فيه الاجتهاد والاستنباط واعمال العقل تبعا للزمان والمكان ومتطلبات الحياة وتطورالمجتمعات ..لكن السلفية تتعمد الاساءة للرسالة بسحب فتاوى القرن الثاني الهجري على العصر الحديث بدعاوى الالتزام بالنصية والنقل الحرفي ومن تداعيات مدرسة السلفية هذه ارتكاب الكثير من الجرائم في فهم النصوص القرانيه والاحاديث النبويه من قبل بعض اصحاب الفتوى في السابق واستمرارها لحد الان بوتائر مختلفه تبعا للظروف وحسب الاحداث في عصرنا الراهن حيث ازدهرت سوق فتاوى الجماعات المتأسلمة التي تصور انهم يقاومون كفارا باستحلال دمائهم واموالهم ونسائهم وطالت الابرياء العزل شيوخا ونساء واطفال . والخطأ انهم يرجعون في فتاواهم الى كتب فقهيه تتضمن هذه الاحكام التي استنتجها الائمه السابقون في عصورهم التي كان واقعها السياسي يختلف عن الواقع السياسي لعصرنا وقد اعتمد ائمه القوم على ايات قرانية واحاديث نبوية بعينها . وهذا موضوع خطيرجدا وحساس للغاية يتطلب من المرجعيات الدينية وهيئة الافتاء ومجمعات البحوث والعلماء المسلمين جميعا وقفه جريئة وبالخصوص علماء العقيدة والفقه والحديث والتفسير لتفادي هذه الظاهرة المستشرية ولبيان ماحل بامة الامر بالمعروف من نكبات وبرسالة الناس كافة من تشويه وبرسول الرحمة من طعون من جراء تلك التطبيقات المنحرفة ويكفينا ما لحقنا من تبعات الماضي وانحراف السلف من ويلات حتى نظيف عليها مايسعر لهيبها ويطول اوارها . ونحن وان نعترف بصحت الكثير من تلك الاحاديث وانها وردت في كتب الصحاح والسنن في الغالب فهي في معضمها وردت في مجال السياسه الشرعيه التي كان الرسول (ص) يراها في ضوء الموقف السياسي الذي يعيشه اي حسب الواقعة التي وردالحديث بسببها وهي تشبه سبب نزول الاية . حيث لابد من مراعاتها عند الافتاء او الاستنباط الاجتهادي لان تجاهل سبب النزول بالنسبه للاية القرانية او سبب الحديث اوالمناسبة التي ورد فيها يؤدي الى اخطاء في الاستنتاج وتجاهل الظروف التي احاطت بالاية او الحديث وتطبيقها على واقع مختلف عن الظروف اوالواقع الذي نزلت فيه قد يخرجها عن مضمونها ويحيد بها عن مقصدها فيخطئ المفتي عند ئذ في فتواه وقد يؤدي هذا الاجتهاد المغلوط او الفتوى المخطئة الى كوارث جمة وجرائم شتى بسب اختلاف الواقع الحاظرعن الواقع الذي نزلت فيه الاية او قيل فيه الحديث . والذي أؤكدعليه انه لايفهم حديثي هذا فيما يسمى بتاريخية النصوص وما يرتئيه البعض ضمن قصر تطبيق النصوص القرانية او الاحاديث النبوية على الواقع الذي نزلت فيه كما يرتئي ذلك بعض مثقفينا وكذلك بعض المستشرقين . ان تاريخية النص كما يفهمها المستشرقون او المفكرون العصريون تؤدي الى تعطيل كثير من احكام القران والسنة وذلك من جراء قصرها على الواقع القديم الذي نزلت فيه الاية او مناسبة الحديث ومن عدم سريانها الى واقعنا باطلاقه ومن ثم تنحصرالايات والاحاديث بهذا الواقع القديم فقط ويترتب عليه تعطيل الكثيرمن احكام القران والسنة . وهذه الصورة غير صحيحة وخطا محض لانه يعني ان الاسلام نزل بعصر مضى وانتهت احكامه بانتهاء تلك الفترة وانه ليس دينا صالحا لكل زمان ومكان وانه دين فترة معينة هي حالة نزوله ولتلك البيئة التي حل بها. وهذا يلزمه ان يحل محله الرأي والعقل محل الايات والاحاديث ومن ثم لم تعد ثمة حاجة الى النصوص لانها وفق هذه النظرية التاريخية فرغت النصوص من محتواها وافقدتها فاعليتها . واذا كانت (حرفية النص ) مجردة من اعتبار الواقعة او الظرف الذي نزلت فيه وتطبيقه حرفيا على واقعنا المختلف دون مراعات سبب او ظرف نزولها نظرية غير صحيحة ومحكومة بالخطأ . فان النظرية الاخرى ( تاريخية النص) اذا قصر تطبيقه على اسباب نزولها وحسب ظرفها الذي نزلت فيه دون شمول سريانها الى سنخها اوما يماثلها من الوقائع المعاصرة والمماثلة اشد خطأ . وهذا بدوره يدلل على ان كلتا النظريتين ( حرفية النص) و( تاريخية النص)غير سليمة ومتطرفة فالاولى تطرف بالافراط والثانية تطرف بالتفريط . ذلك ان نظرية (حرفية النص ) تاخذ النص بحرفيته وتهمل دورالاجتهاد او اعمال العقل في استنباط الاحكام الشرعية من مضانها . كما وان النظرية الثانية ( تاريخية النص) تعتمد على الاجتهاد العقلي من دون مراعات النص او تلغي دوره في التشريع . وكلتاهما تتجاوزان الحلقة التي لابد منها في التشريع وهي الربط بين النص والواقع في التشريع الاسلامي وتجاوز هذه الرابطة هو بالاساس وبالتحديد منشأ الخطأ بين المتعصبين والمتساهلين او بين المتطرفين بالافرط والمتطرفين بالتفريط . وان ما نؤكد عليه ان يرعى اسباب نزول الايات واسباب ورود الاحاديث عند فهم النص القراني والحديث النبوي وتعرف ظروفها وملابساتها التاريخيه وتراعى في تطبيقها على الواقع التي تحدث في عصرنا وتقع سنخية مع اسباب النزول او ظرفيه الواقعة . بحيث يشترط عند التطبيق لاي نص امران اساسيان : اولا : فهم النص في ضوء سبب نزوله . ثانيا : فهم الواقع في ضوء سنخيته او عدم سنخيته بسبب النزول .وبعد رعاية هذين الامرين الاساسيين تأتي خطوة التطبيق عندما يتاكد العقل ان الواقعة التي يراد تطبيق النص عليها مشابة للواقعة التي هي سبب النزول للنص . مع العلم ان بعض من النصوص تحكمت فيه اجواء ظروف دقيقة وحساسة خاصة بتلك المناسبة كالتقية مثلا ولمن يبغي المزيد في هذا المجال بالخصوص فعليه بالبحث الرائع للعلامة الكبير الشيخ يوسف البحراني في مقدمة موسوعته الفقهية (الحدائق ) والملاحظ هنا ان هذه القضية عملية مركبة يجتمع فيها العقل والعمل اي التعمق في اعمال الفكر في فهم النصوص واعمال هذا الفكر المتعمق في فهم الواقع وادراك الحلقة او الرابطة بين الواقعة القديمة والواقعة المعاصرة ومدي السنخية اوالتماثل بين الحالتين ثم اجراء العمل لصياغة الحكم بتطبيق النص على الواقعة المعاصرة واليات هذا التطبيق فهي كما رايت عملية في غاية الصعوبة والدقة كما انها معقدة غايه التعقيد لايقوى عليها الا اصحاب الاختصاص ومن استأثر بملكات الفهم والية المعرفة . فهي تستدعي لمن يقوم بها ان يمتلك مؤاهلات وباع طويل في فهم النصوص ومعاني الالفظ ودلالاتها وهما من اختصاص علم ( اصول الفقه ) والفقه ويمتلك الية الاجتهاد ويلزمها احاطة بالتفسير والحديث موضوعا وسندا والعقائد واللغه والمنطق. ويلازم ذلك احاطة باحكام القران وفهم لغة خطابه واستيعاب نكاته واطلاع بمكنونه وغوامضه وعلم بناسخه من منسوخه ومحكمه من متشابهه وعمومه من مخصوصه ومطلقه من مقيده وو لكونه دستورالله وخزانة الاسلام كما لا يخفى على المتصدي ان يكون متضلعا في علوم الحديث النبوي وعارفابالرجال ومحققا في الرواة . كما تحتاج الى ادراك عميق وحذق واسع في فهم العلاقه بين الوقائع والظواهر والاسباب والمسببات ومناهج البحث والعلوم الانسانية وبخاصة الفقه المقارن والتاريخ والسياسة والاجتماع لذلك نلاحظ انه لايقوى على هذه العملية الاجتهادية المعقدة في الافتاء الا النزر اليسيرممن حازالكثير الكثيرمن النبوغ العقلي والية الاستنباط ممزوجا بالتقوى ومباركة من لدن الله جل وعلى ولهذ لا نرى في كل عصرمن العصورالا ثله قليلة يجود بهم الزمان لتولي ناصية الافتاء . اذا فما بالنا اذا تجرأ على القيام بهذه المهمة الخطيرة -كما نلاحظ في عصرنا الحاظر - شباب مراهق متحمس لا يملك من كل تلك الموقومات التي اشرنا اليها .اللهم الامن اندفاع وحماس الشباب.اومايدعيه بعض المغامرين من المعممين اوالمتزيين بلبوس الثقافة والفكر والكتابة الخائضين مع الخائضين في معترك هذا السوق النافق في عصرنا الحاضر وكل يدلي بدلوه من غير ان يملك من المقومات الموصلة اوالوسائل المؤدية اليها فيخبطون خبط عشواء بين مغرب ومشرق وذلك عندما يدعي العلم غيراهله فعلى الاسلام السلام . وعند اذ تقع الطامة الكبرى لحصول الخلط في الفتاوى والجريمة في اصدارها وجرائم ترتكب في تطبيقها وافضعها واشنعها وامضها جنايات وجرائم ترتكب باسم الاسلام والدين والشرع المحمدي الحنيف وهم منها براء من جراء عدم التمييز بين الحرفي والتاريخي للنصوص ودلالتها المنطقية.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |