مقالات

(تشرنوبيل) والتأريخ النووي

 

د.مؤيد الحسيني العابد

لقد شهدت السنوات الماضية العديد من الآراء حول الجدوى من الإستخدامات الكبيرة للطاقة النوويّة إذا كان الذي يرافق هذه الطاقة العديد من الحوادث المتتالية في عدد من المحطّات الكهرونوويّة!

ولم هذا التسابق المحموم من جديد على هذا التوجّه! بل وما الداعي للذهاب بعيداً في هذا المجال رغم الخطورات المتنوّعة التي ترافق هذا التوجّه؟!

وللإجابة على ما ذكرت وجب أن أشير الى سبب الإثارات المتعددة الى الطاقة النوويّة بينما لا تثار التساؤلات بهذا الحجم وبهذه القوة عن العديد من الحوادث التي حدثت وأودت بحياة الآلاف من البشر ولا علاقة لهذه الوفيات بالطاقة النوويّة (المسكينة!)  لا من قريب ولا من بعيد!  وأرى أنّه من الضروري الاشارة الى مسألة الطاقة النوويّة بين الحين والآخر بسبب الاهمية الكبيرة التي تجعلنا نثير هذا الموضوع بين الحين والآخر! وأقصد هذه المرّة مناسبة أليمة! أثير الكثير من اللغط والتفسيرات العديدة والمتناقضة حولها وهوالإنفجار الذي حدث في مفاعل محطة تشرنوبيل يوم 26 نيسان/كانون أول من عام 1986.

وسأتطرّق أولا الى بعض الحوادث التي جرت من إستخدام الطاقة النوويّة عموما ليعرف الآخر أنّ الامر ليس مرتبطاً بمفاعل دون آخر وليس بتصميم مفاعل دون آخر!

لقد حدثت عدة حوادث نوويّة خطيرة أدت الى نسب متفاوتة من التلوث البيئي، وجميع هذه الحوادث حدثت نتيجة سوء إستخدام وبسبب عدم كفاية أمور الصيانة والمراقبة. ومن هذه الحوادث هي:

# حادث المتساقطات الجوية الناتجة من التفجير النووي في الاول من آذار عام 1954 حيث حدث ذلك نتيجة التفجير المذكور في جزر بيكيني المرجانية الواقعة وسط المحيط الهاديء (اليابان) . وقد كان المؤشّر الاول لحدوث المتساقطات الإشعاعيّة هوتسجيل المقاييس التابعة للمحطة المناخية والتي تبعد حوالي 300 كيلومتراً من منطقة الإنفجار لنشاط إشعاعيّ كبير بعد سبع ساعات من لحظة التفجير. وقد تراوحت جرعات الجسم ما بين 0.7 الى 1.75 سيفيرت.

# حادث هيوستن في آذار  1957 في ولاية تكساس: وقد حدث هذا الحادث بعد تسرب الإشعاع والتلوث للعاملين والوسط المحيط وذلك من خلال إسطوانة تحتوي على عشر كرات صغيرة من الإيريديوم-192، أبعاد كل منها 3×3 . وتحتوي الإسطوانة على نشاط إشعاعيّ كليّ قدره 35 كوري. أمّا الجرع التي تلقّاها المصابون تعادل 17- 39 ملليسيفيرت أي بنسبة 25% أكثر من الحدود المسموح بها.

# حادث المفاعل رقم 1 في ويندسكيل في تشرين أول من عام 1957 والتابع لهيئة الطاقة الذرية البريطانية ويعمل المفاعلان باليورانيوم الطبيعي- وقد أدّى إستهلاك أحد قلبي المفاعلين في تشرين أول من نفس العام إلى إنفجار أحدث تناثراً لنواتج الإنشطار في المنطقة المحيطة. وقد قدرت القيم التالية من النشاط الإشعاعيّ الى البيئة:

131I      20000          Curie

137Cs       600          Curie

89Sr         80           Curie

90Sr         9             Curie

وقد كان جهاز جمع عينات الهواء موجوداً على بعد حوالي 800 متراً من المنشأة أول من سجّل هذه الزيادة في نشاط إشعاعيّ لجسيمات – β .

# حادث مفاعل فيرمي(إحتراق الوقود): ويقع هذا المفاعل قرب مونودي في ولاية ميشيغان بأمريكا. وكان سبب الإنفجار هوإنسداد في مجرى دائرة التبريد بمادة الزركونيوم ممّا إدّى إلى ذوبان جزئيّ لإثنين من الأعمدة للوقود النووي. أدّى ذلك إلى إنتشار فوريّ ل 10000 كوري من نواتج الإنشطار ووصولها إلى دائرة التبريد.

# حادث القمر الصناعيّ حامل القدرة النوويّة المسمّى سنابSNAP-  9-A في 21 نيسان عام 1964. وإستخدم فيه 16000 كوري من البلوتونيوم 238 لتوليد القدرة الكهربائية. وقد قدّر العلماء أنّ 16 كيلوكوري التي نفثها هذا القمر قد تساقطت على الأرض نهاية عام 1970.

# حادث إحتراق البلوتونيوم في مركز روكي فلاتس في الولايات المتحدة. وهومركز لمعالجة البلوتونيوم تابع لهيئة الطاقة الذرية الأمريكية والمركز في كولورادووقد إمتدّ التلوث إلى مسافة تزيد على 60 كيلومتراً وكانت ملوثة بالبلوتونيوم ووصلت نسبة التلوث فيه الى 1 ميلليكوري/ لكلّ كيلومتر مربّع. في حين كانت تقدّر الخلفيّة الطبيعيّة لإنتشار سقط البلوتونيوم 239 الناجم عن تجارب الأسلحة النوويّة بحوالي 1,6 ميلليكوري/ لكلّ كيلومتر مربّع في تلك المنطقة.

# حادث ثري مايل آيلاند في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1979 في 28 آذار وحيث أنّ المفاعل يستخدم لإنتاج الطاقة وتوليد القدرة الكهربائيّة منها، حيث يستخدم فيه الماء المضغوط مبرّداً ولنقل الطاقة. ففي الساعة الرابعة من صباح يوم 28 آذار من العام المذكور، إنقطع التيار الكهربائي عن مضخات الماء بسبب خلل في أحد الأجزاء الأخرى من المولد وأصبح هناك نقص في الماء اللازم للتبريد، مما أدّى إلى الإنفجار. وللأسف لاتوجد معلومات دقيقة حول مستويات التلوث ولكن أصاب الهلع سكان المنطقة، وقد أصيبت الأجواء المحيطة بالتلوث.

# حادث المصدر المشع كوبلت-60 للمعالجة بالأشعّة في المكسيك. حيث صنع جهاز للمعالجة الإشعاعيّة للأورام السرطانيّة بقدرة إشعاعيّة تصل إلى 1003 كوري. ففي الأول من كانون أول من عام 1983 قام إثنان من عمال الصيانة بفكّ رأس الجهاز وإخراج الإسطوانة المحتوية على المصدر المشع الكوبلت-60 والتي كانت على شكل كرات صغيرة يقدر عددها ب 6000 كرة صغيرة حيث تم نقلها بسيارة بيك آب الى مصنع للخردة، حيث أدّى هذا العمل إلى إنتشار الإشعاع النووي إبتداء من فترة التفكيك إلى السيارة التي حملته وتلويث الشارع الذي مرت به والأكثر من ذلك قام مصنع الخردة بصهره مع خردة أخرى وصنع منها أدوات منزليّة! حيث نتج عن الحادث أن تعرّض أكثر من 4000 شخص تلقوا جرعة 500 ميلليريم ومنهم قد إستلم ما بين 300 و700 ريم خلال فترة شهرين.

#  حادث غويانا في البرازيل عام 1987 حيث حصل في مركز للمعالجة الإشعاعيّة بأجهزة تستخدم الكوبلت والسيزيوم. ترك أحد الأجهزة وتم فكّه من قبل بائع خردة وقد لاحظ ضوءاً أزرقاً جميلاً، ينبعث منه. وقد وزعت المادة المشعة على عدد من الناس على أنّه لعبة جميلة علماً أنّ المادة المشعة كانت ملح كلوريد السيزيوم وهوسريع الذوبان والإنتشار وقد تم نقله إلى عدّة أماكن.

# حادثة سمك المشط! عام 1997 حيث تناول صيادان( رجل وزوجته) على شاطيء البحر المتوسط بالقرب من إحدى الموانيء (الإسرائيلية)  سمكاً مشوياً بعد صيده. وبعد عدّة ساعات شعرا بوعكة صحية نقلا على أثرها إلى المستشفى وبعد عدّة فحوص وجد أنّهما تناولا جرعات إشعاعيّة عالية تركّزت في الغدة الدرقية سببت لهما الغثيان والتقيؤ وآلام متعددة أخرى، علماً أنّ قاع البحر المتوسط يستخدم لعدّة مرات لدفن النفايات المشعة السائلة الصادرة من مفاعلات ديمونة (الإسرائيلية) .

# حادثة تشرنوبيل يوم 26 نيسان من عام 1986 بدأ تشغيل المفاعل في الوحدة الرابعة من محطة تشرنوبيل النوويّة في أوكرانيا (الاتحاد السوفييتي السابق) عام 1983 وهومن نوع RBMK  حيث تعتبر هذه الوحدة من أكثر الوحدات نجاحاً. رغم ذلك حدث فيها تلوث بالنواتج الإنشطارية وفي منطقة يبلغ نصف قطرها 30 كم، وجرى تلوّث التربة والنباتات والمباني والمياه حتى مسافة 60 كم أدى الى إجلاء السكان والبالغ عددهم حوالي 135 ألف مواطن ومواطنة وكانت خسائر الحادث قد قدرت ب 2,9 مليار دولار أمريكيّ. وقد قتل بالحادث 31 شخصا( زمن حدوث الحادثة فقط!) وأصيب أكثر من 200 شخص بالأمراض الإشعاعيّة. 

وسنسترسل حول حادثة تشرنوبيل لأسباب عديدة منها:

ـ خطورة الحادثة إلى الدرجة التي فاقت كلّ الحوادث السابقة

ـ مرور 24 عاما على الحادثة التي يصادف حدوثها هذه الفترة، ومازال تأثيرها مستمرًا إلى الآن

ـ التأهّب الكامل لأوكرانيا والتخلص من كلّ الأسلحة النوويّة مما يجعل النشاط النووي لهذه المنطقة ضعيفا وأقل نشاطا من ذي قبل

ما الذي حدث؟

بعد حادثة جزيرة ثريمايل في الولايات المتحدة الأمريكية، حدث حادث تشرنوبيل في أوكرانيا ليغطي على ما حصل في هذه الجزيرة عام 1979. لقد حفّز الحادث الأول الوكالة الدولية للطاقة الذرية والعديد من الدول على تطوير برامج البحث الجديدة فيما يتعلق بالسلامة النوويّة. بينما حفّز الحادث الثاني الوكالة المذكورة والدول السائرة في ركب البرامج النوويّة على إعادة النظر بالعديد من التطلعات ومنها خطط التخلص الكامل من هذا التوجّه، وقد سارت على هذا النهج من دول المنطقة ،مصر، بالإضافة الى العديد من الدول الأخرى.

لقد رافقت هذه الحادثة خسائر بشريّة وإنهيار جزء كبير من المفاعل ومن وقوده الذي تسرّب الى البيئة بكميات هائلة.

لم تكن الجهات المعنيّة على إستعداد وتأهّب كاملين لمعالجة مثل هكذا مواقف وحوادث وبهذا المستوى الخطير، وقد رافق ذلك سوء إدارة واضح في كيفيّة المعالجة وفي كيفيّة إدارة الأزمة عموماً. ممّا أدى إلى حدوث الحادث الذي أدّى إلى إنفجار قلب المفاعل وبالتالي إلى إنتشار الغيوم الإشعاعيّة إلى مناطق واسعة من أجواء الأرض. كما أنّ الحادث أدّى إلى إنتشار الهلع بين الناس بعد أن تأخّرت الجهات الرسميّة بإخبارهم بما حدث. خاصة إذا ما علمنا أنّ الحقيقة التي ينبغي أن يشار لها دائماً هوأنّ الأشعّة التي يتكلم عنها الخبراء وأصحاب الشأن العلميّ هي مما لا يمكن إدراكه! من فعل وتأثير ولا يمكن إكتشافها بسهولة من قبل عامّة الناس وإن كانت الأشعّة المذكورة بمستويات منخفضة بالإضافة إلى أنّ المثير من الدعايات والتأثيرات الإعلاميّة قد لعبت دورا كبيرا في هذا المنحى. إذا ما علمنا أنّ العديد من وسائل الإعلام قد ركّزت على الجانب الغذائيّ والمعيشيّ اللذين يرتبطان بالحياة اليوميّة للناس. حيث أصابت الأشعّة الكثير من الحقول والمزارع التي تستخدم في تغذية الإنسان والنبات والحيوان بالإضافة إلى التلوّث الكبير الذي قد حدث للمياه في المناطق المحيطة. وقد أثارت ردّة فعل الجمهور السلبيّة تجاه ما حدث، الكثير من حالة اللاتوازن في قرارات الجهات المتخصّصة، مما جعلها في حالة تخبّط كبير في أسلوب المعالجة وأسلوب التعامل مع الحدث عموماً. وقد لعبت الدول الأوروبية دوراً خطيراً في تأزيم الوضع أيضاً بسبب صراع فكريّ وسياسيّ كان موجوداً بين دول الإتحاد السوفييتي السابق ونهجه وتلك الدول رغم وجود إشارات قد أثيرت إلى ثقة الناس بالسلطات ومعالجتها إلّا أنّ هذه الثقة قد بدأت بالفعل بالتزعزع وسط هذه الكمّ الهائل من التأثير الإعلاميّ الخاصّ والعام وردود الأفعال السلبيّة من داخل الإتّحاد السوفييتي السابق !  

ونحن نمرّ بهذه المناسبة ما زلنا نعاني من معاناة واضحة حول عدم وجود  دراسات واضحة للتأثيرات الصحيّة التي نتجت عن الحادث لأسباب كثيرة بالإضافة إلى التضارب في الإحصائيات الميدانيّة التي كانت ومازالت لا تخلومن تأثير سياسيّ وغير ذلك! حيث كتب العديد وبحث الكثير حول تأثيرات هذه الحادثة المرعبة حقّاً، لكن لم يتمّ التوصّل إلى الآن إلى معالجات إيجابيّة للكثير من تحمّل هذا العبء الكبير!

لقد حدث الإنفجار في الوحدة الرابعة من المفاعل(تعتبر هذه الوحدة أحدث وحدة في المحطة والتي بدأ العمل بها فعليّاً عام 1983 كما أشرنا) خلال فترة كانت من المفترض أن تكون فترة للصيانة الروتينيّة في يوم  25 أبريل نيسان 1986.

لماذا الإنفجار؟

في تلك الفترة قررت الجهات المعنيّة إجراء إختبار على قابليّة أجهزة المصنع لتزويد الطاقة الكهربائيّة الكافية لتشغيل نظام تبريد المفاعل الرئيس والأجهزة الطارئة خلال الفترة الإنتقاليّة بين خسارة تجهيز طاقة المحطة الكهربائيّة الرئيس والبداية. لقد تمّ النظر في هذا الإختبار والذي لا يتعلق أصلا بالجانب النوويّ لعمل المحطة، بدون تبادل المعلومات وبدون التنسيق الصحيح بين الفريق المسؤول عن الإختبار، والموظفين المسؤولين عن العملية وسلامة المفاعل النوويّ. لذا كانت إجراءات الأمان ناقصة حيث تضمّن برنامج الإختبار عدّة عمليات لم يتمّ وفق برامج تؤدي إلى السير الصحيح في طريق توصيات الوكالة الدوليّة للطاقة النوويّة وخبراء السلامة النوويّة، ولم ينظر إلى الخطر المحتمل من الإختبار الكهربائيّ حيث كان هناك ضعف في التنسيق والوعي بالإضافة إلى وجود نقص واضح في مستويات كافية من الثقافة النوويّة للسلامة. لقد قاد هذا الوضع  المشغّلين لإتّخاذ عدد من الإجراءات التي إنحرفت عن إجراءات السلامة القائمة في المحطة مما أدّى إلى الوضع الخطير في كلّ المقاييس حتى ولولم يحدث ما حدث! حيث أدّى ذلك إلى إنفجار وحريق وإطلاق ما لايقل عن 5% من قلب المفاعل المشع إلى المحيط الخارجيّ وقد ساعد ذلك وجود الرياح التي أدّت إلى نشر كميات هائلة من الأشعّة النوويّة والعديد من النظائر المشعّة إلى الغلاف الجويّ.

أشارت الكثير من الدراسات إلى أنّ الخطأ نشأ عن خطأ العاملين وكذلك إلى بعض الأخطاء في تصميم المفاعل الذي كان من نوع

Reaktor Bolshoy Moschnosti Kanalniy

Реактор Большой Мощности Канальный

إدخل إلى مخطّط المفاعل من هذا النوع على العنوان التالي:

http://en.wikipedia.org/wiki/File:RBMK_reactor_schematic.svg

ويقصد به مفاعل القدرة (الكهربائيّة)العالية نوع القناة (والقناتيّ!). ويكون مفاعلاً بالقدرة النوويّة العالية بالمهديء نوع الغرافيت(يكون قلب المفاعل عبارة عن إسطوانة من الغرافيت قطرها 12 مترا وإرتفاعها 7 أمتار). وقد تمّ تصميمه وإستخدامه لأوّل مرة في الإتحاد السوفييتي السابق في أغلب المحطات الكهرونوويّة لإنتاج الطاقة الكهربائيّة من الوقود النوويّ. وقد طوّر هذا المفاعل في عام 1950. ومازالت تعمل إلى الآن 11 مفاعلاً في روسيا لوحدها وبشكل جيد(بالإضافة إلى مفاعلين كانا يعملان في محطة إغنالينا في ليتوانيا بقدرة 1500 ميغاواط كهرباء لكلا المفاعلين وهي قدرة عالية بالمقاييس العامّة، وقد ساهمت السويد في العديد من الأبحاث حول هذه المحطة وخاصّة جامعة لوند العريقة ورغم كلّ ذلك قرّرت السلطات في ليتوانيا غلق المحطة بالكامل تحت ضغوط من الإتحاد الأوروبيّ حيث أغلقت الوحدة 1 في ديسمبر/كانون أول من عام 2004 وبقيت الوحدة الثانية تعمل بقدرة ما لتزوّد 25% من إحتياجات ليتوانيا من الكهرباء و70% حين الطلب وقد أغلقت هذه المحطة في 31 ديسمبر/كانون أول من عام 2009. وقد قدم إقتراح لبناء محطة أخرى بتمويل من السلطات لكنّ الأزمة الماليّة أدّت إلى تأجيل وتحويل التمويل إلى شركات أخرى). ولكن لم يتمّ إلى الآن بناء وإعادة بناء مفاعل جديد من هذا النوع رغم موافقة ذلك للعديد من الضغوط الدوليّة لإغلاق ما تبقّى من مفاعلات من هذا النوع.

عند حدوث الحادث كانت إسطوانة القلب تحتوي على 1661 من قضبان الوقود(رغم وجود 1659 من هذه القضبان في القلب أثناء التجربة يوم 25 نيسان وقد أجريت مثل هذه التجربة في السابق دون حادث يذكر!) و222 من قضبان السيطرة. وقد إستخدم الوقود النووي في هذا المفاعل من اليورانيوم المخصّب بنسبة 2%. ولقد إستخدم الماء كمبرّد للقلب والغرافيت كمهديء.

لقد إستمرّ عمل المفاعل النوويّ في المحطة أثناء التجربة، وقد تأخّرت عمليّة الإغلاق تسع ساعات كانت هذه الفترة كافية لحدوث بعض التعقيدات الفنيّة التقنيّة والتي كانت بعيدة إلى حدّ ما عن بعض متطلبات السلامة النوويّة(كما أشرنا).  لذلك أدّى ذلك إلى حدوث الإنفجارين في قلب المفاعل في الساعة الواحدة و24 دقيقة بعد منتصف الليل. وإنتشرت النيران إلى ثلاثين موقعاً داخل المحطّة الكهرونوويّة. حيث أنّ الحرارة العالية الناتجة من عملية تفاعل الإنشطار النوويّ داخل قلب المفاعل، أدّت إلى إنصهار الوقود نفسه.

وقد هبّت على إثر ذلك وحدات المعالجة بعد دقائق من هذا الحدث وإستطاعت إطفاء النيران خلال فجر نفس اليوم. لكنّ الحدث الكبير الذي فاجأ الكثير هوإشتعال قلب المفاعل من جديد ممّا أدّى إلى إطلاق كميّات هائلة من الأشعّة النوويّة إلى المحيط الخارجيذ وإستمرّت عملية إطلاق الأشعّة لأسبوعين بعد الحادث مما أدّى إلى تكوّن غيوم إشعاعيّة تحرّكت بإتّجاه عدد من الدول مثل فنلندة والسويد وجمهوريات الإتّحاد السوفييتي السابق الواقعة إلى الشمال والغرب مثل بيلوروسيا وروسيا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا. المشكلة التي رافقت الحادث هي التكتّم الذي فرضته السلطات إلى يوم 28 نيسان(أبريل) وإستمرّت عملية التكتّم على المعلومات إلى نهاية شهر أب (أغسطس).

لقد تشكّلت يوم 26 نيسان (أبريل) غيمة إشعاعيّة من الغازات والغبار المشعّ وقد تحرّكت الغيمة بثلاثة أجزاء، الأول تحرك بإتجاه الشمال إلى فنلندة والدول الإسكندنافية والثانية إمتدّت إلى الغرب وصلت إلى حدود بريطانيا والثالثة إتّجهت جنوباً حتى وصلت ذيولها إلى بعض الدول العربية مثل شمال مصر وبعض مناطق جنوب تركيا وشمال العراق. ومما زاد الأمر تعقيداً هوحصول الأمطار التي ساهمت بإنزال كميات كبيرة من الأشعّة إلى الأرض والمياه وقد لوثت الكثير من منتجات الألبان والخضار والفواكه ومن هذه النظائر شملت الغيمة الإشعاعيّة :

النبتونيوم

(239Np93)

 (وقد إكتشفت في أجواء السويد)،

البلوتونيوم(239Pu94) بالإضافة إلى نظيري اليود

I53)131(،(132I53)، وقد

وجدت في المانيا، ايطاليا وفنلندا

بالاضافة الى النظائر التالية:

 (132Te52)(103Ru44)(106Ru44)(134Cs55) (137Cs55) (140Ba56) (140La57)

وقد إكتشف السنترونتيوم

(90Sr38)

في جوفنلندة وإيطاليا. من هذه النظائر ذات أعمار نصفية طويلة، مما أدى إلى بقائها لفترة طويلة وبالتالي لعبت دوراً كبيراً في زيادة جرعة الإشعاع للأفراد حتى وصلت إلى

(0.02mSv)

علماً أن خطورتها كانت متباينة لكن في التراكم الحاصل في الأنسجة الحيّة لجسم الإنسان، أدّت إلى مشاكل صحيّة كبيرة جداً(هنا وجبت الإشارة إلى ضرورة الإنتباه إلى الأمور المهمة الواجب أخذها بنظر الإعتبار كإختيار مكان بناء المفاعل النووي بحيث يكون من الضروريّ بناؤه بعيداً عن التجمعات البشريّة جهد الإمكان ويكون بعيداً عن المناطق التي تقع ضمن خطوط الزلازل والهزّات الأرضيّة وعدم بناء المفاعل النووي تحت الأرض لهذا السبب).

بعد إجراء التلوث الهائل في الخضار والفواكه وغيرها، صدّرت إلى بعض الدول الفقيرة(منها بعض الدول العربية) وقد تجاوزت الجرعات من هذه النظائر الحدود المسموح بها وهي 370 بيكريل لكل كيلوغرام من الألبان. 600 بيكريل لكل كيلوغرام لأنواع أخرى من الأطعمة. علماً أن مساحة الأرض الزراعية الملوثة في أوكرانيا وروسيا البيضاء بلغت حوالي مليوني هكتار.

يتبع...

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org