|
مقالات
رحيم الحلي كنت اتوقع ان يصوت له الملايين خصوصاً اولئك الفقراء في مدينته التي انتمى اليها بكل مشاعره ونذر لهم سنين عمره المتعبة ، لكنهم اخطئوا طريقهم وتعثرت خطاهم ، عيونهم معمشة بالقذى والغبار ودخان الحروب وبصيرتهم اتعبتها قصص الافتراء وحكايا الليل الخرافية ، ربما سيبكي الكثيرون أسفاً حيث كان شاعرهم النبيل امامهم فتخطوه سائرين نحو الاوهام . حين اختار الشاعر كاظم اسماعيل الكاطع طريق الشعر فانه اختاره شعراً شعبياً ليس شعراً نخبوياً ثم اختار ماءه دجلة والفرات ومن شواطيء الفقراء صعد زورقه اليساري يشق امواج الخوف عابراً سنوات الظلم والليل الطويل الذي كلكل بظلمته على مساءات الناس السابحة بالعتمة واللائذة من الخوف بالركون الى زوايا الصمت ، ابتدأ حياته رياضيأ ثم بدأت اهتماماته بكتابة القصيدة مع بداية تساؤلاته عن الخلق والحياة ، فهو ابن مدينة الثورة الفقيرة وهو كل يوم يرى بعينه البؤس والفقر والعوز تتحدث به ابواب البيوت وشبابيكها والازقة والطرقات التي تطفح بالمياه الاسنة ، ولانه يساري الهوى فقد بداً يفك طلاسم الاحجية شعراً ، وكان الشعر ويبقى افضل وسيلة للتعبير ، واقوى صرخة ، سيتلقفها الفقراء موضوع رسالته ، في مدينته الفقيرة والغنية في ان واحد ، تعرف على كبار الشعراء ، الشاعر عريان السيد خلف ، شاكر السماوي كتابته الاولى كانت مع قصيدة انتهينا والتي أشرت لنهاية حلمه العاطفي ولخيبته الاولى ، كانت حياته مليئة بالفواجع الفاجعة الاولى وهو يرى فقر الناس وعوزهم في بلد نفطي ينام على بحر من الذهب ، ليذهب هذا الكنز الاسود الى جيوب الحكام والدول الكبرى ، اما عامة الناس فتزكم انوفهم روائح المجاري النتنة وهي تقطع شوارع ازقتهم ، في واقع مثل هذا ، لابد ان يصبح الشاعر يسارياً او غيبياً قدرياً ، لكنه اختار الطريق العلمي ، لم ينفتح امامه واضحاً الا درب اليسار الذي مثل العراق بكل اطيافه وقومياته وانحاز عن قصد واصرار الى فقراءه ، وجسد مؤسس الحزب الشيوعي فهد صورة الوطن ، كان طريقه الى الحزب الشيوعي من مدينة الثورة سالكاً وواضحاً يخلو من المطبات ولايحتاج الى استئذان او الى بطاقة دخول ، غنى للوطن وحمل حنين المهاجر رغم انه لم يفارق الوطن كيف تلبسته عفاريت واوجاع الغربة وكيف عبر عنها بتلك الصور الدقيقة وبخطوطها الحادة التي تجرح فؤاد المغترب وتشده الى وطنه بطريقة مؤلمة وكادت ان تكون مذلة في ظل الفاشية التي اغلقت ابواب الوطن ووضعت الحراس على طرقات الناس : علٌمني إل فراﮒ أعزف لحن غربتي إبقيثارة أشواﮒ أسهر وحن وأنفعل وأتمنىٌ واشتاﮒ مامش مثل ديرتي لو نمشي طول العمر !!! ماﺘﻠﮔه مثل إعراﮔنا إعراگ وكتب عن الغربة : وإتعلٌمت عالسهرْ .. والسكتهْ .. والصفناهْ ذلٌيت ذلْ النهر من ينكَطع مجراهْ وإعرفت كل شي إعرفتْ حتىٌ النخلْ ينحني لريح السفرْ من يجي وجايب غريب إوياهْ ألله !! يا هالوطن شمسٌوي بيٌه ألله نيرانه مثل الثلجْ كلما تدكْ عالضلعْ أبرد وكَول إشٌاهْ إللٌي إمضيٌع ذهب!! بسوكَ الذهبْ يلكَــاهْ وإللي مفاركْ محبْ ... يمكن سنهْ وينس اهْ بس إل مضيٌع وطــنْ وين الوطن يلكَ ـاه ؟ ؟ ؟ فالفاشيون لطخوا جدران البيوت بالسواد واحبوا سواد الليل وارادوا لنهاراتنا لون الليل ، رغم ان لون السواد غطى قلوب العباد لكن لشاعرنا وجعاً مضافأ يطرق بابه ويقض مضجعه القلق برحيل ولده حيدر : بدى العام الدراسي وبدت الهموم وبيتي عالمدارس بابه صاير نسيت ...وداعتك جيت اشتري هدوم الك ...ومحضر اقلام ودفاتر مو تسمع قيام ...وليش ماتكَوم؟ ومر اسمك ولا من كَال ...حاضر الشمس طلعت علينا...مو وكت نوم وهم عدكم صبح يا اهل المكَابر وهم عدكم ...ضوه ...وشباج ...ونجوم وهم ينطونكم واجب ال باجر ؟ وفي نفس الموضوع : الوالد بالوداع يصير مهموم ...وانا اثنينهن والد وشاعر خيلك طشرتني وجنت ملموم ...وصارت طيحتي بين الحوافر اذا عشرين يوم وما شفت نوم...شيظل بالحيل بالعشره الاواخر ؟ فراش الفاتحه لو شفته ملموم ...بنص كَلوبنا تلكَى الجوادر يمنه المصبغه ..ودينه لهدوم الحزنك مشترينه قماش حاضر تمنيتك جرح ...كلساع ملجوم وتبات الليل بشفاف الخناجر انا يا بوي من ونيت مالوم ...نزل مني دمع يعمي النواظر خدودي متعوده تتندى كل يوم ...وتحب الماي خشبات الكَناطر لمت الروح بس شفادني اللوم...شلحك ؟ وبسفينة الموت عابر المنايا عالسطح وعيونها تحوم...عليك ...ونزلتلك نسر كاسر ستر الله نغط بديارنا البوم...اخذ عين الكَلاده وراح طاير ديني حلاتك حلو الرسوم...بلكي انعشك دنيانا مظاهر اظل كاظم وصبري وياي مكظوم...لوما هالخشب جوه الاظافر اهن كاسين بهن كاس مسموم...خاف اغلط وبالمسموم اكاسر بعنه البيت ريت البيت مهجوم....وريت اكثر بعد من هالخساير تحب انت اللعب والكبر ملموم ...شلون تحملت وشلون صابر؟ وليش من الهوى يابوي محروم ...ونسمات الهوى تطيب الخاطر من هو ؟ الشوفك صورة المعدوم...وليش تعلكَت ياشاب يا قاصر ما ظنيت زرعي يروح فد يوم ...وعصافير الحزن تگضي البيادر من اكتب قصيده تزيد الغيوم...ومن عيني الدمع يملي ومن قصائد الرثاء والبكاء كتب لزوجته الراحلة : زكية احجيت قصتها على الدفان لكن بالحجي الدفان ما صدﮒ يا ﮔﺍع النجف وشكثر بيج اسرار نحسدهه الصبرهه اشعجب ما تزهگ ممصدگ غرفتج تبقى كلها اتراب واخشاب العرس تابوت الج تندگ ومن القصائد التي حفرت حزنها في اخاديد القلب قصيدة مامرتاح التي رسمت المشهد العراقي في ظل الظغيان والحروب و حالات الخوف والرعب المتعاظم وتفشي النفاق وتراجع قيم الجمال والخير امام طغيان الجهلة الذين سيطروا على كل مرافق الحياة واغلقوا كل نوافذ الحياة والنور ، فتحولت المدينة الى قرية مشوهة ، لتؤكد تراجع الحضارة والمدنية امام العسكرة والاستخفاف بالثقافة ، شاعر نبيل يواجه محاولات حثيثة للاذلال يعاصر هزائم وانكسارات سياسية وتراجع وانبطاح كثير من المثقفين التي جرفتهم قوة الاعصار الهمجي ، لكنه تمسك بجذور النخلات النابتة على حروف انهاره فلم يجرفه الطوفان ، لم اجد قصيدة اقوى في التعبير عن حالة الضياع التي عشناها والمهازل التي وعيناها وسيطرة النفاق على المشهد الكلي للحالة العراقية مثل قصيدة مامرتاح : مامرتاح عيوني تستحي بس الدموع اوكاح ما مرتاح منٌك.. منٌي .. من الجاي من الراح ما مرتـاح عركه وي الزمن ورجعنه مكسورين !! وبعيده المسافه وينٌسي اللٌي طاح .. ما مرتـاح لأن شفت الشمس نزلت تبوس الكًاع وبكف الطفل تنلاح ولأن قاضي البلابل مدٌد التوقيف ومفتوحه السما والفيل عنده جناح ! ما مرتاح لأن قفل المحبه إنباكً وِترهٌم عليه مفتاح متروك بجزيره وتيٌهت بالليل وإجو ربعي عليٌه بقافلة أشباح وإنته إشبيك ؟؟؟؟؟ لمٌن دافعت عن نفسي صابك غيض مو حتى الكًنافذ من تحس بالخوف تستخدم جلدها سلاح !! ما مرتـاح من ربعي ولا مرتاح تمساح إبنهرهم صاحوا من الخوف وجازفت بحياتي من سمعت إصياح صارعت المنيٌه وبيده هزني الموت!!! ومدمٌى إطلعت صفٌقًوا للتمسـاح ! كل هذا وتريد أرتاح؟؟؟؟؟؟؟؟ ما مرتاح ولا جن الفجر مثل الفجر محبوب لون الفجر صاير يقبض الأرواح !! رجعت الستارة بحرقة عالشباك ورثيت الورد وبجيت من شفت الندى فوق المدافع طاح قل شوف السفينة والضباب يزيد وسيوف الملامة بجلوة الملاح ياسن الصخر وتكسرت بالروج مو كنت بزمانك ترهب السفان؟؟؟؟ ما مرتاح من ربعي ولا مرتاح نادوونـي.. وركضت إبليــل إيد الرسن بيها وإيد بيها سلاح عثرت مهرتي ... وربعي قبل ما طيــح واحد كًال للثاني: أبشــرك طــاح أبشرك طــاح قصائده مثل تمرات طازجة في سلة فلاح عراقي متعب ، هي ثمرة رحلة قطاف في صيف عراقي قائظ ، العمر المديد والعافية لشاعرنا الكبير كاظم اسماعيل الكاطع ، وادعو كل المثقفين في الوطن والمنافي لمتابعة وضعه الصحي ورعايته ولا ادعو المسؤولين ، الشعراء الشرفاء عيون الوطن ، يجب ان لانتركها تعاني الرمد وتسبح بالدموع .
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |