|
مقالات افاق الحوار (3)
هلال ال فخر الدين المصطفى (ص) معجزة حوارية ... ان المنقب عن العصر الجاهلي ومجتمع الجزيرة العربية والمتمعن في السيرة النبوية والباحث لتاريخ صدرالاسلام ليعجب فوق العجب في كيفية نجاح تلك الثورة والتجربة الرائدة التي قادها محمد وهو فقير مملق وضعيف بلا ناصر وفرد من غيرقوة وشخص لاحزب له ولم ترفده جماعة او مؤسسة ولم تحالفه فئة وما حظى بدعم دولة ولا اي بلد...وفي بيئة قاحلة حتى لتمتد وتشمل ثلاثية الحياة ثقافة وفكروسلوك مجدب كجدب الصحارى.. وفضاء مجتمع لايذعن ولا يقرلاحد بشىءمالم تتوفرله وسائل العزوالمنعةوالقوة من الثراءوالجاه والنشب...فماكان محمد يملك من هذه العناصر شرونقيرولاتوفرله منها اليسير...الا من ملكة الحوارالرقيق ... ولا نكون مجانبين للحقيقة والصواب اذا قلنا ان البشرية لم تنجب على الاطلاق شخصية حوارية منفتحة رحيمة كالنبي محمد(ص)...ولم تظفر كتب السماء بكتاب حوار كما في القران حيث يزخر بالوان الحواروعلى كافة المستويات ومن معاجزه معجزته الحوارية التي لاتضاهى فقدجسد المصطفى (ص)كل الرؤى القرانية الحوارية ومذاهب حوارات الانبياء وزاد عليهم .. فلا نعدوا الحقيقة اذا قلنا ان المعجزة الحوارية للنبي والكتاب وجهان لعملة واحدة ... ونرنوا في عالم الرسالات كافة فلا نجد قط روحية حوارية مفتوحة رحيمة يسع صدرها كل شيء وتتحمل فوق كل شيء ولها من الصبر ما لايدركه احد وسارت في كافة الاتجاهات والمناحي الحوارية ولم تترك بابا ترى فيه منفذا للحوار الاوطرقته من اجل الهدى ونشر الفلاح كروحية حبيبنا المصطفى (ص) حيث كان يتحاور مع قومه بكل لهفة وحب رغم ما يسفهونه به ويغلظون له القول ويكذبوه ويتهموه بالسحرمرة وبالجنون اخرى بل قاطعوه وفرضوا عليه حصارا قاسيا دام سنوات في (شعب ابي طالب)..ولم يتورع طغام الاعراب حتى من رميه بالقاذورات والتعرض له بالاغتيال وضرب وجهه بالاحجار وكسر اسنانه وسيول الدم تنزف منه وهو يخاطبهم قولوا :(لاله الا الله تفلحوا) ويكرر قائلا:(الهم اغفر لقومي انهم جهلاء )..هذا قمة التسامح في مواصلة الحوار.. فلم يمنعه هذا العناء من طغام قومه من الحوار وشد الرحال وشق فيافي البوادي والصحاري القفار والجبال الجرداء من طيها طيا على رجليه رغم وعورة الطرق وقساوة الجو... فقبل الهجرة سار من مكة الى عكاظ.. ومن مكة الى ذو المجاز.. ومن مكة الى بني حنيفة ..ومن مكة الى الطائف.. ومن مكة الى بني تميم ..ومن مكة الى بني عامر ..وولايحط رحالة الا ويبدا حواره ويبلغ رسالته ...وبعد هجرته من مكة الى يثرب ..رحل من المدينة الى بدر.. ومن المدينة الى الحديبية ..ومن المدينة الى خيبر ..ومن المدينة الى مكة ..ومن المدينة الى تبوك..وكان في كل ادوار جهاده الشاق لايتخلى ابدا عن الحوار اولا وقبل كل شيء كان منهج النبي مع امته الجاهلة (الحوار) وكل امله ان يخرجهم من الظلمات الى النور فتراه محاورا في منزله ومحاورا في الطرقات ومحاورا في البيت الحرام ومحاورا في الاسوق ومحاورا في الندوات ومحاورا في الغزوات ومحاورا على موائد الطعام ومحاورا في المسجد ومحاورا في المقابر... فالنبي يحاور كرسول ويحاور كقائد ويحاور كرب بيت ويحاور كرئيس دولة ويحاور كعبدا لله ويحاور كناصح ويحاور كصديق...والذي تلمسه انه مطبوع على الحوار ولايختلف منهجه فيه سواء بين اهله واصحابه ام بين خصومه واعدائه ..وهنا تتجلى عظمته وسمو حواره... وكان (حواره) لايقف عند نقطة معينة بل ياخذ ابعادا مختلفة حسب منبع القضية و طبيعة المشكلة او المرحلةوابعاد الفكر وباختصار يخوض فيما كل ما له مساس بالحياة والمعاد فيحاور في العقيدة و التوحيد والاحسان والجهاد والاقتصاد والاخلاق والاحوال الشخصية ومشاكل المجتمع وحتى القضايا الزوجية ومشاكل الشباب والجنس ..فنراه ممتدا في حواره مع كافة مكونات واتجاهات ومؤسسات المجتمع الدينية وفق منهج السلام وغير الدينية وفق منهج المنطق ... يحاور الشيخ الكبير والطفل الصغير المراة والرجل الفاسق والراهب البدوي والحضري الفقير والثري العالم والجاهل والسليم والمريض والمسلم وغيره كلا يحاوره حسب عقله وكفاءته والظروف.. حتى يكون محاوره مقتنعا راضيا مأنوسا بهذه الروح الحوارية العجيبة يعجز عن وصفها الحكماء ولم تظفر بمثيل لها الاجيال وتعجز الانسانية من اللحوق بها او بلوغ شأوا منها لو انتهجت البشرية منها مصة الوشل لكفتها حوارا لاينفذ عطائه ولا يجف روائه لكون(ص) يمثل استراتيجية حوارية حضارية ...
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |