|
مقالات الزيارة والتوسل
باسل الحسني في كثير من الأحيان يقوم الأخوة السنة بطرح سؤال يتضمن شقين أولا الزيارة والتوسل طبعا هو زيارة القبور بشكل عام وزيارة الأئمة سواء كانت من قرب أو من بعد أنه كيف تزورون أئمتكم ويستنكر السلفية هذا العمل حتى إذا قمنا بزيارة رسول الله (ص) ولتوضيح هذا الأمر وتبيانه للمخالفين من أن الزيارة واجب مستحب وسنة من رسول الله (ص) وخلال بعض السطور أقوم بتوضيح معنى الزيارة وتشريعها من خلال أحاديث متفق عليها من مصادر السنة راجيا من الله العلي القدير أن يرزقنا وإياكم شفاعة نبينا الأكرم وآل بيته الأطهار . الزيارة معناها لغة وإصطلاحا الزيارة: من الزَّور، أو أعلى الصدر وزرت فلان تلقيته بزّوري أي بصدري أو قصدت زَوره أي صدره وزاره يزوره، زوراً، وزيارة، وزوارة عاده، وزار فلانا فلا مال إليه ورجل زائر وامرأة زائرة، من قوم زُوَر، وزوار . والزَور الذي يزورك، يقال رجل زَور، وقوم زَور، وامرأة زَور، ونساء زَور يكون للواحد والجمع والمذكر والمؤنث، بلفظ واحد وقد تزاوروا، زار بعضهم بعضا والتزوير كرامة الزائر، وإكرام المزور للزائر ويقال زوِّروا فلانا، أي أكرموه وقد زوًّروا القوم فلانا أي أكرموه، وأزاره حمله على الزيارة
الزيارة في السنة النبوية المطهرة قال رسول الله (ص) [ كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها ] أخرجه مسلم والترمذي والنسائي، والحاكم والبغوي وغيرهم وهذا واضح جليا أن المسلمين كانوا يزورون القبور ثم نهاهم عنها النبي (ص) ثم عاد وأذن لهم بزيارتها وفي رواية عن ابن عباس عن النبي (ص) مايتضمن علة النهي أو بعضها، قال [ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا] المعجم الكبير للطبراني ج11 ص 202، والمعجم الأوسط ج 3 ص 343، مجمع الزوائد للهيثمي ج3 ص 58 والهجر: بضم الهاء، الكلام القبيح الذي ينبغي هجره لقبحه قال الراغب الأصفهاني: الهُجر الكلام القبيح الذي ينبغي هجره، وفي لسان العرب الهجر القبيح من الكلام، والهذيان، والهُجر من الإهجار وهو الإفحاش ولنتذكر سوية أن عمر بن الخطاب قال في محضر رسول الله (ص) وأمام جمع من الصحابة إن النبي ليهجر، وهذا معناه كما فسره المفسرون لغويا والعياذ بالله أن الرسول يفحش بالقول عندما أمر بدواة وقرطاس ليكتب وصيته المباركة، فتأملوا ويدل هذا أن الناس كانوا يزورون القبور ويفحشون بالقول فلهذا منعها النبي ثم أباحها ولكن قيدها بشرط وهو عدم الهُجر، والكلام بما لا يليق بمحضر الميت وفي رواية أخرى قال (ص): [ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، ولاتقولوا ما يسخط الرب]مجمع الزوائد ج 3 85 والحديث ثابت وصحيح ورجاله من رجال الصحيح ورواية أخرى جاء فيها، [ من أراد أن يزور قبرا فليزره ولايقول إلا خيرا، فإن الميت يتأذى مما يتأذى الحيّ ] ومن حديث لبريدة كان رسول الله (ص) يعلّمهم إذا خرجوا إلى المقابر، أن يقول قائلهم [ السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية ] سنن ابن ماجة ج 1 ص 485 وبهذا أسس الرسول الكريم (ص) أدب الزيارة، وألغى ماكان متعارف عليه في الجاهلية حيث كانوا يفحشون بالقول النبي (ص) يزور القبور - أخرج مسلم والترمذي والنسائي والحاكم والبغوي، حديث بريد الأسلمي قال: قال رسول الله (ص) [ قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أُوذن لمحمد في زيارة قبر أمه، فزوروها فإنها تذكر الآخرة ] مسلم كتاب الجنائز ج2 366، سنن الترمذي ج3 ص 370، السنن الكبرى للنسائي ج 1 ص 653 المستدرك على الصحيحين ج1 ص 530، وغيرها وفي قوله (ص) [ أُذن لمحمد في زيارة قبر أمه ] ثم حثه على زيارة القبور دليل واضح على جواز قبر معين بزيارته - من حديث طلحة بن عبيد الله قال: خرجنا مع رسول الله (ص) يريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرةًّ فلما تدلينا منها وإذا قبور ممحية قلنا يا رسول الله أ قبور إخواننا هذه ؟ قال ( قبور أصحابنا ) فلما جئنا قبور الشهداء قال ( هذه قبور إخواننا ) . سنن أبي داود ج 2 ص 218 وهذا دليل واضح على الخروج بقصد زيارة قبر بعينه أو قبورا بعينها لمنزلة أختصت بها وذكر أبو هريرة أن النبي (ص) زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله . المستدرك ج 1531 - ثبت في الصحيح عن النبي (ص) كان يخرج مرارا إلى البقيع لزيارة قبور المؤمنين المدفونين هناك وقد أخرج مسلم من حديث عائشة أنها قالت كلما كانت ليلتها من رسول الله (ص) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول [ السلام عليكم دار قوم مؤمنين ] مسلم كتاب الجنائز ج 2 ص 362 وسنن ابن ماجة ج 1 ص 485 - أخرج بن أبي شيبة، أن الرسول الأعظم (ص) كان يأتي قبور الشهداء بأحد رأس كل حول فيقول [ السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ] عن ابن عابدين في كتابه رد المختار على الدر المختار ج 1 ص 604 - وثبت في الصحيح عن السيدة فاطمة الزهراء (ع) أنها كانت في حياة أبيها النبي (ص) تخرج كل جمعة لزيارة قبر عمها حمزة بن عبد المطلب (رض ) فتصلي وتبكي عنده، أخرج الحديث البيهقي والحاكم وقال الحاكم رواة هذا الحديث ثقات المستدرك على الصحيحين ج1 ص 533 .
ما هي أهداف الزيارة ؟ قد يأتي سائل ويقول ماهدف الزيارة ة للقبور ؟ إن المتتبع للسنة المطهرة الشريفة يجد أن الهدف من الزيارة يكون مستمدا من سنة نبينا الأكرم (ص) ولتفصيل ذلك نذكر بعض الأهداف المتوخاة 1- الخشوع وتذّكر الموت والآخرة وأحوالها وحقيقة هذه أهداف لا يمكن لمؤمن أن يستغني عنها ويتجاهلها إلا من ران على قلوبهم أو وهن قلبهم ولذلك حثنا رسول الله (ص) على زيارة القبور بل وتشييع الجنازة لما فيها من أثرا خفي - قوله (ص): [ إني نهيتكم عن زيارة القبور فمن شاء أن يزور قبرا فليزره فإنه يُرقّ القلب ويُدمع العين ويذكر الآخرة،ولاتقولوا هجرا ] مسند أحمد ج4: ص 119 السنن الكبرىج4 ص 77، وكان قد أخرجه البيهقي أيضا وصححه الحاكم والذهبي - قوله (ص): [ فزوروا القبور فإنها تذكر، أو تذكركم بالموت ] أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجة وابو داود والنسائي، صحيح مسلم ج2 ص 365 كتاب الجنائز، مسند احمد ج3 ص 186 سنن أبي داود ج3 ص 218 - وقوله (ص): [ زرالقبور تذكر بها الآخرة ] صححه الحاكم النيسابوري ج1 ص 533 وقوله (ص): [إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة ] أخرجه أحمد والبيهقي وصححه الحاكم والذهبي، مسند أحمد ج3 ص 427
2 – الدعاء
للميت المؤمن: فهذا السلوك الأخلاقي الذي أتى به)ص) وأمرنا به
يحفظ كرامة المؤمن في مجتمعه بعد موته ويربي المؤمنين روح
الأخوة والمودة وأداء حقوق الآخرين التي لا تنقطع برحيلهم من
الدنيا، فهو واحد من الجوانب التربوية والإجتماعية الراقية
التي يتميز بها المجتمع الإسلامي عن غيره - نجد كثيرا في أمهات الكتب أن الرسول الأعظم (ص) كان يقف عند قبور المسلمين ويقول [ السلام عليكم أهل الديارمن المؤمنين والمسلمين وإ نا إن شاء الله بكم لاحقون [ ويأمر أصحابه بالمرور على القبور والزيارة، صحيح مسلم ص 102، كتاب الجنائز، مسند أحمد وسنن الترمذي - وقال ( ص) [ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها واجعلوا زيارتكم لها صلاة عليهم وإستغفارا لهم ] المعجم الكبير للطبراني ج2 ص94 مجمع الزوائد ج ص 3 58 - وقال (ص) [ ألا فزوروا إخوانكم وسلموا عليهم فإن فيها عبرة ] مجمع الزوائد ج3 ص 58 - ومن المأثور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع):أنه قال عندما دخل المقبرة [ السلام عليكم يا أهل الديار الموحشة والمحالّ المقفرة من المؤمنين والمؤمنات، اللهم إغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم الحمد لله الذي جعل لنا الأرض كفاتا أحياءا وأمواتا والحمد لله الذي منها خلقنا، وإليها معادنا وعليها يحشرنا طوبى لمن ذكر المعاد وعمل الحسنات وقنع بالكفاف ورضي عن الله عز وجل] العقد الفريد ج3 ص 11، موسوعة الغدير ج5 ص 249 3 – قصد القربى والثواب: القربى والثواب المترتبان قطعا مع إخلاص النية وصحة العمل على الزيارة التي يؤديها المؤمن تحت أي من العناوين قد يكون هو الآخر غرضا للزيارة وعنوانا لها فيقصد المؤمن التقرب إلى الله سبحانه ونيل الثواب بزيارة قبور المؤمنين والمسلمين أو قبر بعينه وذلك لما إنطوت عليه الزيارة من فضائل ومستحبات لا تنفصل عنها أما زيارة قبر النبي(ص) والأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين والصالحين فهي من القربات الأكيدة إذا كان للمؤمن العادي لها هذه القربى والثواب فكيف للنبي وآله (ص)
فضل الزيارة وفائدتها عن رسول الله (ص) قال: [ مارأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه ] مستدرك الحاكم ج 1 ص 526 لهذا كان رسول الله (ص) يحثنا على زيارة القبور لأن فيها أثرا كبيرا وهي تذكرة المرء بحاله وما سيؤول إليه وذكر الموت والآخرة وهناك أمر آخر وهو إحترام حقوق المؤمنين لما لها من أثر مترابط وإحترام لهم أحياءا وأمواتا وزيارة الأنبياء والأئمة (ص) تزيد وتعمق روح الارتباط بهم والإقتداء بهم وإحياء سننهم الجليلة وهناك أمر لابد للإلتفات إليه وهو أن الزيارة تضيف هدافا وبعدا آخرا وهو تعاهد قبور الأنبياء والأولياء وعمارتها والإعتناء بها لأنها تحقق أشياء كثيرة وتبقي هذه القبور معلما للأمة عبر التاريخ وإمتداد الحياة وتعاقب الأجيال وتبين مدى إتصال الماضي بالحاضر وتجدد ذكرى التضحيات التي قدمها الأنبياء والأولياء وحتى على الجانب الفردي فإن المرء عندما يزور قريب له أو والديه فإنه يتذكر مآثرهم وأعمالهم بل ويمكن أن يستعيد
ذكريات له معهم وذلك ناهيك عن الثواب الذي يعود على الزائر من زيارته وتعاهده لهذه الزيارة - عن رسول الله (ص)[ من مر على المقابر فقرأ قل هو الله أحد إحدى عشر مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات ] كنز العمال حديث رواه الدارقطني . - وعن رسول الله (ص) قال:[ من زار قبر أبويه أو أحدهما كل جمعة غفر له ] مجمع الزوائد ج 3 ص 59 وأخرج بن أبي شيبة عن الحسن البصري أنه قال: من دخل المقابر فقال: اللهم رب هذه الأجساد البالية، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل بها روحا من عندك وسلاما مني، إستغفر له كل مؤمن مات منذ خلق الله آدم
ما تعود به الزيارة على الأموات هناك آثارا تعود على الميت في حال زيارة الحي له وطلب المغفرة له وطبعا شرط النية الصادقة وقد حث رسول الله (ص) أصحابه على زيارة القبور والدعاء للميت والإستغفار له وقد كان يفعل هو ذلك - عن حديث أنس بن مالك قال:قال رسول الله (ص):[ من دخل المقابر وقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ العذاب ورفعه] وعن أنس أيضا: أنه سئل رسول الله (ص) [ فقيل يا رسول الله إنا نتصدق عن موتانا ونحج عنهم وندعوا لهم فهل يصل ذلك إليهم؟ فقال (ص) نعم ليصل ذلك إليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه ] - وعن عثمان بن عفان قال: مر رسول الله (ص) بجنازة عند قبر وصاحبه يدفن فقال: [ إستغفروا لأخيكم وسلوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل ] صححه الحاكم والذهبي، المستدرك ج 1 ص 526 وهذا ينتج عنه أيضا أن هناك حياة بالبرزخ وقد إتفق المسلمين قاطبة عليه أن الروح بالبرزخ تعيش نصيبها من الآخرة إما نعيم وإما شقاء وذلك منذ لحظة نزول القبر والمساءلة وحتى البعث والنشور وقد إستفاض القرآن الكريم بذكر حال الشهداء بعد موتهم فقال [ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون ] سورة آل عمران.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |