|
مقالات
البحث عن السعادة عماد فؤاد جاسم السعادة وعكسهاالتعاسة, تعني مفاهيم غير محددة فهي وصف للحالة النفسية التي يكون فيها الشخص في حالة اكتفاء مادي ومعنوي, ومن مظاهرها الشعور بالاسترخاء والراحة وسكينة النفس والأمان والاطمئنان, والحرية كأساس داعم لها, السعادة تعني جانب من الحالة الحياتية لكل شخص يجب الأعداد لها إعدادا متقنا, وإذا انطلقنا من مظاهر السعادة, كالتمتع بالحرية في تحديد المحيط المريح من زملاء وأصدقاء ذوي الاهتمامات المشتركة في الموسيقى مثلا أو أية اهتمامات أخرى رياضية كانت أم فنية كالصيد و الرحلات وإقامة المخيمات والمشاركة في الأعمال التي يتطلبها المخيم كنصب الخيم وإعداد وجبات الطعام وتهيئة أماكن المسابقات والأحتفالات وابتداع الألعاب وإشراك الأغنياء والفقراء ليختلطوا فيما بينهم ليتكون مجتمع يتراحم يتحاور ويتناغم وينسجم فتقل الفجوة النفسية ويشعر الغني باحتياجات الفقير الأساسية لكي يحسب حسابه في إمكانية التعاون مع المقتدرين ماديا لمساعدة وسد احتياجات الفقراء أو اعتماد صندوق للتبرعات ليمنح العاطلين عن العمل والتعاون في تشكيل لجان رعاية اجتماعية أهلية لتسهيل عملية حل المشاكل التي يواجهها الأفراد التابعين لصلاحية هذه اللجان ويكون أعضاء هذه اللجان من الناضجين والتربويين والناجحين في حياتهم بشكل عام على مختلف الزوايا والمحاور وذوي مقبولية لدى الأفراد ولهم تأثير ايجابي وفاعل في نفوس الآخرين. أن السعادة بحد ذاتها هدف الأهداف وغاية الغايات وأستمراريتها تعتمد على الثقة في القدرات الذاتية في تهيئة أجواء وبيئة هذا الهدف ومن أهم المداخل لتحقيقها هي اعتماد الفهم الإيماني وتبنيه من قبل أفراد المجتمع والتركيز على سلوكيات تعتمد على العناية بالآخرين انطلاقا من نظرة إنسانية تتناغم مع ما يأمر به الأيمان من عمل الخير ونشر المحبة والتراحم, فرسم البسمة على وجوه الآخرين, والمساهمة في توفير حاجة لمحتاج, أو التعاون من اجل حل مشكلة بين شخصين بشكل صادق وحيادي, أو تأمين مكان للتفاوض واللقاء مع الوجوه من الحكماء والمجربين للتحدث عن تجاربهم ونصائحهم في كيفية تجاوز المحن والنكبات, أو الالتقاء من اجل تكريم المميزين في مجال الخدمة المجتمعية وتخصيص الجوائز للمتفوقين من الطلبة وإعدادهم نفسيا للمنافسة الايجابية في مجالات العلم والرياضة والفن, وتشكيل لجان نسائية لتدريب الفتيات بشكل منهجي على إدارة المنزل وتدريبهم على صناعة عوائل مترابطة ومتماسكة ومؤطرة بالحب والمودة ومواجهة الضر وف الصعبة ورسم الأهداف للنهوض بهم ماديا ومعنويا. أن مجرد الانسياق في هذه الأعمال المجتمعية تجعل من العاملين فيها يعيشون حالة المحيط والتي يتوفر فيها البرنامج الشامل على كل المراحل فالعمل مع باقي الأفراد من اجل تحقيق غاية أو هدف معنوي عام يؤدي إلى التفاعل مع المحيط وينعكس ذلك ايجابيا على الحالة النفسية للعاملين. مما تقدم بشكل عام تناولنا تأثير وتفاعل البيئة والمحيط والآن ندخل إلى مسألة الاستعداد الذاتي للفرد الطبيعي واقصد بالطبيعي الاعتيادي الذي لا يعاني من أمراض وراثية جينية أو من لديه استعداد للجنوح وميل للتمرد والمشاكسة, أو العزلة, أن للفرد الطبيعي متطلبات وحاجات أساسية كالطعام والمسكن والملبس والزواج وتربية الأبناء ومتطلبات ثانوية كممارسة الهوايات وتحقيق الذات. فإذا كانت البيئة صحية فأن المتطلبات الأساسية تكون مكفولة إلى حد ما نسبة إلى الوضع العام للمحيط, فممكن للفرد العاطل عن العمل اللجوء إلى اللجان الراعية وطلب المساعدة في توفير فرصة عمل مناسبة لإمكانياته أو ألحاقة بدورات تأهيلية ليتسنى له التمتع بمهارات يمكن الأستفادة منها وتكون رافدا أساسيا لسد المتطلبات الأساسية للفرد وبنفس الوقت يشكل منفعة للمحيط, أن الأهتمام بالفرد في تحسين موارده يجعله بالنتيجة عاملا تلقائيا في مجال الخدمة والرعاية المجتمعية, فمن خلال تواصله مع اللجنة كموضوع ستنشأ علاقة تفاهم وتفهم من كلا الطرفين ويمكن أن يقدم معونة للجنة في عملها وبالتالي يخرج من أزمته وعزلته إلى فضاء التواصل والتفاعل مع المحيط, هذا من جانب ومن جانب موضوعنا الأساسي فأن اللجنة بأعضائها سيشعرون بالنتائج المتحققة والمثمرة لجهودهم وكتحصيل حاصل سيشعرون بالسعادة. أما من جانب الفرد نفسه فأنه وبسبب تفاعله الإيجابي مع المحيط وبعد اكتفائه بمساعدة اللجنة الراعية لابد من استجابة كرد فعل في تحقيق الهدف المرجو ألا وهو السعادة, وهكذا يتحول إلى عامل فاعل ومؤثر في التقصي والبحث عن الأفراد الذين هم بحاجة إلى خدمات اللجنة الراعية ليتذوق السعادة من خلال المنح أو العطاء بعد أن تذوقها من خلال الأخذ والأحتواء من قبل اللجنة الراعية, وهنا لابد من الإشارة إلى أن اللجنة الراعية تتكون من مجموعة من الأفراد تتبع منهجا محددا وواضحا لوضع البيئة المجتمعية للتأثير فيها وجعلها حاضن ملائم تتوفر فيه مستلزمات تحقيق السعادة, وعليه فلابد من وجود متخصصين في مختلف مجالات هذا التوجه ومن مختلف الأوساط العمرية. قد يتبادر إلى الذهن السؤال التالي كيف يتم تحريك هذا النوع من النشاطات؟ وماهي الدوافع والمحفزات لتجعل جزء من أفراد المحيط يهتم ويبذل جهدا لا يتناسب اوحتى بدون مقابل مادي؟, للجواب على السؤال الأول ممكن التوجه إلى النخب المجتمعية الدينية والعشائرية وحتى الشخصيات الفنية والرياضية المعروفة والمحبوبة لدى الأفراد بشكل عام والطلب منهم بالقيام بهذا الدور الإنساني المميز وبمقابل ما يحصل عليه من مردود معنوي واعتباري يركز لديه كفرد مفهوم الانتماء المجتمعي وكونه جزء فاعل ومؤثر في صناعة البيئة الحاضنة للسعادة وهذا هو الجواب على السؤال الثاني. كذلك التوجه إلى أجهزة الأعلام لدعم هذا النشاط من خلال الإشادة بالشخصيات السياسية والمعنوية والدينية لمواقفها وتبرعاتها أو للأنشطة التثقيفية التي تقوم بها ورعايتها للملتقيات والندوات وتغطيتها إعلاميا والقيام بتوثيقها وكتابة التقارير الأكاديمية لتهذيبها من اجل الحصول على أفضل النتائج المتوخاة ولأعتقادي المطلق بأن السعادة هي طموح إنساني فأن العمل في مضمارها يحقق للعامل القيم الأعتبارية على المستوى الإنساني بشكل عام وسيجد صدى أعماله تخترق الأفاق, فالأهتمام بالمرضى وذوي العاهات لدي المحيط الصحي في المجتمعات ذات البعد الحضاري والإنساني يحقق لدى العاملين والمتبرعين اكتفاءا نفسيا واحتراما ذاتيا وشعور بالرضا وحالة من النشوة لا يضاهيها شيء في هذا العالم المحدد بالقيم المادية القاسية المبنية على الربح والخسارة وكسب المعارك في مختلف مجالات الحياة لا تناظر هالة الزهو في تحقيق وبناء صيغة صحية أمينة ورحيمة ودافئة لمن هم بحاجة أليها ولا يستطيعون مساعدة أنفسهم, وهنا لا ادعوا الأفراد العاملين في مختلف الأعمال الصناعية والتجارية والعلمية إلى ترك أعمالهم, ولكني أقول لهم لابد لكم من تذوق نشوة تلقي ابتسامة الأمتنان من أخوة لنا في الإنسانية, تذوقوها مرة واحدة على الأقل وستجدون أن لا نظير لها إنها السعادة بعينها. وهناك مجالات أخرى لابد من ولوجها لتحقيق أفضل النتائج المرجوة ألا وهي الإنتاج التلفزيوني والسينمائي ودعوة كتاب السيناريو والمنتجين والمخرجين وكبار الممثلين إلى الإسهام في هذه الفعالية الإنسانية بالترويج للسعادة من خلال إنتاجهم للمسلسلات والأفلام التي تجسد هذه الفعاليات والنشاطات وما تتضمنه من معاناة وتضحيات وبالتالي تحقيق مفاهيم ندية للمفاهيم المبنية على أساس التقاتل والتدمير والسحق والإذلال, ولنشر مفاهيم التعاون والتراحم والمودة من خلال التأكيد على الشخصيات الإنسانية التي قدمت للعالم وسجلت أثرها في تحقيق الأمن والرفاهية من كتاب ورواة وفلاسفة وشخصيات سياسية ومجتمعية وعلماء وفنانين, وتكون حالة من الفهم الإنساني المشترك لمفهوم السعادة المبنية على أساس المشاركة والتفاعل والتناغم, والأهتمام بهذا الموضوع من منطلق الفعل ورد الفعل.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |