|
|
 |
 |
 |
 |
العراق كبير ..! د-مراد الصوادقي العراق كبير باسمه ودوره الإنساني ومسيرته المنيرة وعطاء أبنائه وفعله المعرفي، وصوته المعبر عن قيمة الحياة وأسباب تقدمها ورقي سبلها بالجد والاجتهاد والأعراف السامية. ففيه آثار البدايات ومعاقل المنطلقات التي أسست لمشاريع التقدم والارتقاء وتشهد أبدا بأن العراق كبير.
العراق كبير بمدارسه الثقافية والدينية عبر العصور وبطليعته في صناعة الحضارة الإسلامية وامتداد نور الدين في أرجاء الدنيا. ففيه جميع المدارس الفقهية والاجتهادات الفكرية . وتربته تضم رفات أئمة المسلمين بتنوعات تفكيرهم ومذاهبهم ووجهات نظرهم واقتراباتهم المتعددة من المسائل الدينية والدنيوية.
العراق كبير بالتعايش الخلاق ما بين جميع الأجناس والطوائف والمذاهب والديانات واللغات، لأنه بودقة حضارية تذيب عناصر الاختلاف وتنجبها سبيكة عراقية ذات قيمة إنسانية متميزة ومؤثرة في مسيرة البشرية عبر العصور.
العراق كبير بعزم شعبه وطاقاتهم الوطنية الفعالة التي ترفد مسيرته بقدرات التعبير الصحيح عن معاني الإبداع والصيرورة الأكمل . حيث يتجلى التفاعل الوطني في العديد من النشاطات والمحاولات والمشاريع الفردية والجماعية التي تهدف إلى بناءٍ متقدم واندماج وطني يليق بالعراق وتاريخه ومجده الحضاري وقيمته في الأرض.
العراق كبير بموقعه الجغرافي، فهو قلب الأرض وعنق ديمومتها ومنبع تألقها وتحقق أمانيها، ومنه انطلقت كل قوة لتأكيد أهدافها الإمبراطورية ونشر مفرداتها الحضارية. وتقل القوى الأرضية الكبرى التي لم تتخذ من العراق قاعدة للانطلاق ومسرحا للتعبير عن عقيدتها وأهدافها. وبسبب هذا الانجذاب التواق نحو ترابه، تأسست فيه مختصرات لكيانات البشرية وأصبح شعاره التنوع والاختلاف المتفاعل البناء، لأن الوجود الأكبر بحاجة إلى طاقات اختلاف كبيرة تستنهض طاقاته وتؤكد قدراته وتشيد معالمه.
العراق كبير بعراقته وقوة تماسك جذور أبنائه وتواصلهم في رحلة التألق والبقاء والارتقاء الفكري، الذي أوقد مشاعل الأنوار في طرقات المجهول وفتح أبوابا جديدة للانطلاق الإبداعي الرحيب الآفاق والمطلق الفضاء. ففيه تفجر الحب بأجمل صوره والفكر بأرقى حالاته والدين بأعظم سماته وآياته ودلالاته. وعلى ترابه تفاعلت أعلام الدنيا ورموز الصيرورة العظمى.
العراق كبير بإنسانه الحضاري صاحب الإرادة التاريخية والتطلعات السامية، الذي يرى بعيون العصور ويبصر بأفئدة الوعي والإدراك ويسمع بآذان روحه، ويعشق الحياة ويصنعها بكل ما يحويه من قدرات للخلق والإنجاب المتنامي. ذلك الإنسان الذي أبدع الحرف واخترع الكتابة والقلم والورق, وسطر أفكاره في رقم من طين وصحف من جريد الورق والقصب، واكتشف أبلغ وسيلة لتواصل الأجيال وتفاعل البشر لكي تكون حياتهم أفضل.
العراق كبير بوادي نهريه الذي اجتذب الأمواج البشرية من أطراف الدنيا، وسقاها وأطعمها ووفر لها الأمن والسلام، لكي تقيم حضارتها وتعبر عن نفسها وتترك أثرها للقادمين من بعدها. فدجلة والفرات من أكبر أعلام الدنيا عبر العصور، وأغنى شاهد على مسيرة التحدي الإنساني التي توفر دروسا غنية بحكمة التواصل واستثمار الطاقات لكي يكون الغد أقوى وأجمل.
العراق كبير بنفطه الذي يحكم العالم ويقبض على سياساته ويدير شؤون سلوكه العسكري والدبلوماسي ويؤثر على جميع خطط وخطوات دوله. فالنفط صنع حضارة القرن العشرين وبسببه تحققت الإنجازات الكبرى، ولولا النفط لما داهمت العراق الخطوب وازدحمت على آباره قدرات الدول القوية لكي تغنمه وتكون به أقوى. فالنفط العراقي أصل القوة وربان سفينة المدنية المعاصرة على مدى عدة عقود قادمة.
العراق كبير بمبدعيه وكتابه وشعرائه ومفكريه، وفيه أعمدة الشعر العربي وأعلام الأدب والفكر والثقافة الإنسانية، وفي أرضه صنعت ملاحم تاريخية تأكدت مع الأيام وتداولتها الأجيال بعد الأجيال. فلماذا لا نكون كبارا مثله ؟ فنحقق إرادته ، بالمحبة والأخوة والألفة والتعاون والتعاضد والرحمة والشفقة والغيرة على بعضنا، وبالإيمان بالوطن وقيمة المواطنة ودور المواطن في تحقيق السعادة الاجتماعية والعزة الوطنية. لماذا لا نؤكد إرادته الخيرة ونعبر عن طيبته وكرمه وحسن ضيافته وسماحته وقوته وقدرته على تجاوز العقبات، بالمثل الإنسانية الرحيمة وبالدين القويم والتفاعل الذي يعلي أبناء المجتمع ويجعلهم كالبنيان المرصوص. وننبذ التنابز بالألقاب والتقول على بعضنا بالاتهامات والمهاترات والتفاعلات السلبية المشحونة بالشك والخوف والبغضاء، والمكتوبة بحبر الغضب والكراهية وسوء النظر والتقدير. ولماذا لا نظن الخير فينا، ونفجره في أعماقنا بدلا من تأجيج الشر وإحراقنا بنيرانه التي لا تعرف إلا أن تحيل كل واحد منا إلى رماد. لماذا لا نحقق إرادة العراق، فنسموا ونترفع عن كل ما هو ضده، فنعانق بعضنا دون تمييز، ونساعد بعضنا بلا تردد أو كسل، فقوة الواحد منا هي قوتنا وقوة وطننا ومجتمعنا. لماذا لا نغسل قلوبنا بمياه النهرين، ونعود جميعا إلى حضن العراق والأمل يحدونا بأن نكون عائلة واحدة ومجتمع للخير والتحمل والمحبة والعرفان. لماذا لا نبتسم لبعضنا ونتعانق، وننكر أسباب الكراهية ووسائل تثمير الأحقاد بيننا، والتي تديرها جهات تريد أخذ وطننا وسحقنا وإلهائنا ببعضنا لكي نكون عن أطماعها غافلين. لماذا....؟ إذا كنا نحب العراق فعلينا أن نحب بعضنا، وإذا كنا نريد العراق فعلينا أن نؤازر بعضنا. وإذا كنا نريد الخير لأجيالنا فعلينا أن نكون مثلا للخير والتفاعل الإنساني الطيب الرحيم الذي يصب طاقاتنا في نهر سعادتنا وصيرورتنا الأفضل. فهل للحكمة والعقل دور في زمن النزال الانفعالي المحتدم, وهل صدق القلم أم أنه يحلم في يقظته؟! ولماذا نتناسى أن "حب الوطن من الإيمان"...؟!
|
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
