|
مقالات التصريح الإعلامي .. متى يصبح احترافاً؟ .. جريمة الصالحية انموذجاً
د.كامل القيمّ أستاذ الإعلام والاتصال /جامعة بابل مركز حمورابي للأبحاث للدراسات الإستراتيجية يشكل التصريح الإعلامي أداة أساسية لتمرير الأفكار والسياسات والمواقف لمعظم السياسيين وأصحاب الشأن والتأثير، ويمدنا تاريخ الصراع الدعائي بالكثير من التصريحات التي عملت كبديل لآلات الحرب والدمار تارةً وتارةُ أخرى كجزء من التنفيس النفسي الاجتماعي، كما زخرت سياسات العالم وبالأخص في الحرب الباردة بأعتى وأجمل فنون الصياغة اللفظية للتسريبات الإعلامية على شكل أوصاف او دلالات كانت من الحبكة والقوة سبباً في صدامات مسلحة او تقارب أممي او إقليمي او محلي . وان كان هذا الموضوع فيه الكثير من الكلام بحكم التنوع وفنون الاستخدام وتزاوجها مع طبيعة الوسائل الإعلامية وطبيعة الظاهرة التي يتشكل منها التصريح، إلا إنني سأختزل الموضوع بما يتناسب مع الواقع العراقي الحالي .والخطأ القاتل في التصريحات التي احياناً تصل الى كلمات جوفاء لا معنى لها بما تحمله من ضعف البناء والمعنى، فضلاً عن التناقض الذي يتولد نتيجة الجهل في فنون الإطلاق، سواء ما تعلق منها بالزمن ...ام بالطريقة ...ام بمصدر التسريب وجمهوره .وما يزيد الطين بلة ان بعض المراسلين لا يفرقون بين طلب التصريح وبين الإجابة على تفسير..وبذلك اختلطت التفسيرات التي قد تصيب أو تخيب، وبناء على ذلك يمكن لنا ان نستوضح من خلال تحليلنا لإلية إطلاق التصريحات وقنواتها في أزماتنا ومصائبنا الأخيرة كانت تتسم بالاتي : 1- الكثيرمن يخرج على الفضائيات سواء في المقابلات او نقل الأنشطة أو تقدير المواقف،يأخذ زمام المبادرة بالتصريح، في حين ان التصريح (من الفنون الإعلامية الرسمية التي توضح موقف أو سياسة حزب أو دولة تجاه قضية تهم الرأي العام بطريقة مختزلة ومحكمة ومنتجة). 2- إذا كان هناك تصريح من احد المسؤولين فانه يأخذ الجانب البطولي لشخصه أو كتلته أو وزارته أو بشكل يميل الى الشرح والدوران حول ايجابيات الفعل وليس تقدير الموقف,أو الإجابة عن تساؤلات حدث أو طاهرة أو أزمة. 3- لحد الآن وعلى الرغم من الكم الهائل من اللقاءات اليومية التي تضطلع بها فضائياتنا مع المسؤولين، لم يحسنوا العلاقة مع الميكرفون، ولم يحسنوا الإجابة الدبلوماسية بما يبتغيه المحاور أو من يجري اللقاء، ولعلنا نلحظ كم من المرات تعاد كلمة باختصار رجاء ...وهذا متأتي من عدم إحكام المعنى مع القدرات الترميزية التي تطلق من قبل بعض السياسيين، فهو يتصور ان المتلقي يمكن ان يهضم او يصبر على كل ما يقول ...متناسيا رد الفعل الفوري لتغيير القناة في حالة اللف والدوران . 4- البعض الآخر علمنا من خلال التكرار ما سيقوله قبل القول .. لان تصريحات الكلايش هي السمة الأساسية التي توسم بها بحكم التجهيز المسبق للأهداف .. سواء أكانت الشخصية منها و المهنية او الحزبية ..لذا فلا جمال نتلمس في تصريحات المسؤولين إلا ما ندر .. والسياسة لها جمال وفطنه وهيبة أجلّها حُلوّ القول ومسبكه. وبناء على ذلك ومن المنطق والواجب ان ينهض السياسي بشكل يومي بعملين أساسيين الأول ما تعلق بحراكه الفني في المؤسسة او الحزب، والثاني حرفية التعامل مع وسائل الإعلام، وإحكام صناعة فن القول والجمال على التعامل مع الكاميرا والصوت بكلمات جديدة وبمؤشر يتغير بحسب الخبرة والظاهرة ..فليس من المعقول ان يمطرنا بعض المسؤولين بجملة من الكلايش التي حفظها حتى أطفالنا على ظهر قلب (الوحدة الوطنية ..العملية السياسية .. لنيل من وحدة العراق .. حصول خرق امني .. تجاذبات .. بناء دولة المؤسسات .. أجندة خارجية .. التخندق الطائفي .. في الوقت الذي لم تذكر كلمة التنمية الاجتماعية والثقافية في خارطة القول والتصريح) وغيرها التي لا يلزمنا في أحيان عديدة سماع صوتها بقدر ما نتوقع القول .وآخرون وحينما يتعلق الأمر بحقائق إخفاق او مؤشرات مرة خانعة .. ينعتون وسائل الإعلام بالمحرضة والدخيلة .. والى آخره من الأوصاف حينما تريد منه حقيقة أو رقما أو حلاً يمثل طلباً واستفهاماً توضيحياً للرأي العام .. بعضهم يريد التمجيد والعظمة دون مقابل .. كونه مسؤول ليس إلا.. على السياسيين وبعض المسؤولين أن يرفعوا من ثقافة العملية السياسية بالمفردة والحكمة وفن التأثير المبتكر، كونهم قادة رأي ومصادر أساسية لتصدير الثقافة وإحدى ماكينات مصادر التغيير ...فكفى دوائر مغلقة ..تحكمها العشوائية وضعف الذاكرة ....وكلنا شاهدنا كيف كان هذا الأمر يتكرر دون حياء في تفجيرات الأحد الدامي ....فكان من توارى عن الأنظار ...ومنهم من عزف سيمفونية التكرار لمفردات يمكن ان تدخل على كل عصف إرهابي ألم بالعراقيين (قارن الأربعاء الدامي بالأحد الدامي نفس سيناريو التصريحات) ومنهم من راح باللائمة على قنوات الإعلام الفاعلة التي تنقل وتستكشف ملابسات الاختراق وأسبابه (كما حدث مع مراسلي البغدادية) التي كانت من الروائع في الاستقصاء والتغطية الى جانب فضائيات جريئة كالفيحاء والاتجاه، ودائما كان الحل (بالتصريح) .. سيخضع من كان مسئولا عن السيطرة للمحاسبة .. وكأن أفراد شرطة السيطرة وحدها من ترسم الخطط الأمنية في العراق .. ستظل الأجهزة الأمنية تراوح في نجاحاتها مادام المسند العلمي غائب، وما دامت المعالجة بعيدة عن آفاق العلم والتفسير المنطقي الرحب، ولعل ...عليكم أيها المسئولون احترام فن التفسيروالاقناع .. والإشارة إلى الظواهر بحسب قوانين التطور والحتمية التقنية.
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@brob.org |