مقالات

ارحموا من في الارض ..!

 

سارة الطائي

الرحمة صفة انسانية عامة وربانية خاصة وضعها رب العباد في خلقه لكي يتحابوا ويساعد بعضهم بعضاً فالرحمة هي ما يميز الانسان عن باقي المخلوقات ويرتقي به الى مصاف الملائكة فلماذا يفرط البعض منا بإنسانيته ..؟ ويتحول الى وحش بشري همه الوحيد السعي وراء المادة وتحصيل السلطة بشتى انواع الطرق -المشروعة وغير المشروعة- هذا السعي المرير جعل الانسان ينهش في جسد اخيه الانسان دون أي رادع ديني او اخلاقي. نرى الانسان يظلم ويسلب الحقوق بل حتى يقتل من اجل تحقيق مصلحة دنيوية زائلة متناسي عين الله التي لا تغفل ولا تنام وهي له بالمرصاد فما من كبيرة ولا صغيرة تخفى عليه جل شأنه.

وامثلة ظلم الناس لبعضهم وانعدام الرحمة بينهم كثيرة ولكن اشد انواع الظلم ذلك الذي يقع من ذوي القربى اذ يكون اشد وقعاً من وقع الحسام المهند فكم من اب ترك اطفاله وزوجته لاهثاً وراء سراب قد يتحقق وقد لا يتحقق تركهم دون ان يرق له قلب او تدمع له عين لفراقهم دون ان يسأل عنهم مجرد السؤال كأنهم ليسوا من صلبه بل يصل الامر بالبعض ان ينكروا وجود ابنائهم اصلاً.

في حين نجد ان البعض الآخر يتنكرون لآبائهم وامهاتهم متغافلين عن قوله عز وجل: ((وبالوالدين احسانا)) كأن هذه الام لم تحملهم تسعة اشهر ولو ترضعهم حولين كاملين وكأن الاب لم يتكفل بهم يوماً ولم يذق الويلات في سبيل تحقيق رغباتهم الغير منطقية في اغلب الاحيان نجد ان هؤلاء الابناء ان صح وصفهم بأنهم (ابناء) ينفضون آبائهم عن كواهلهم كأنهم حمل ثقيل ليرموهم في احد دور العجزة -هذا ان لم يرموهم في احدى الطرقات- ولا يكلفون انفسهم بعدها عناء زيارتهم او السؤال عن احوالهم.

وهناك البعض من الناس نراهم يتنكرون لدينهم ولوطنهم ولمعتقداتهم نراهم يفخخون الشوارع والمدارس والمساجد والكنائس ويذبحون الناس ويهجرونهم من مناطق سكناهم الى مناطق اخرى دون ان تأخذهم رحمة ولا شفقة بهؤلاء الناس ليس لشيء معين سوى انهم ينتمون لهذا المذهب او تلك الطائفة فكم من طفل راح ضحية سيارة مفخخة وضعت بالقرب من مدرسته وكم من عائلة انتظرت عودة معيلها لكنه لم يرجع لانه استشهد بشظايا انتحاري مجنون وكم من عائلة استيقظت في صباح يوم من الايام لتجد في حديقة دارها رسالة تهديد ليجبروهم على ترك دارهم ومنطقتهم ليجدوا انفسهم في لحظة يفترشون الشارع ويتلحفون الفضاء ترى هل يعرف امثال هؤلاء الانتحاريين والذين يفخخون المدارس ويقتلون الاطفال ويعبدون المادة امثال هؤلاء من الناس وغيرهم هل يعرفون معنى الرحمة؟ او معنى الحب؟.

وغير هذه الامثلة هناك الكثير في حياتنا قصص تدمي القلب وتؤرق العين تروي انعدام الرحمة والحب والوفاء في قلوب البشر.. اين ذهبت الرحمة من قلوب هؤلاء الناس؟ ولماذا اختفت؟. لا أعلم!.

لكن الامر العجيب ان هؤلاء الناس المختفية الرحمة من قلوبهم نجدهم يتضرعون لله طالبين منه الرحمة والعفو: (ربي ارحمني .. اني ضعيف فأعني). والاعجب من ذلك انهم ينتظرون تحقيق دعوتهم ينتظرون وقوع الرحمة عليهم هذه الرحمة التي يمسكونها عن الناس الاضعف منهم وهي في ايديهم تُرى امثلة هؤلاء الناس هل يستحقون الرحمة؟!.

الشيء الطبيعي في حياة البشر والقاعدة الاساسية في تعاملاتهم هي قاعدة (خذ وهات) أي لا اعطي شيء الا مقابل شيء اخر آخذه منك فمن لا يعطي لا يأخذ اذاً كيف نطلب الرحمة ونحن لا نعطيها؟!.

سادتي نحن في امس الحاجة الى التراحم فيما بيننا والتعاون على البر والتقوى لكي تستمر الحياة ولكي نعيشها بالشكل الامثل لنرحم اليتيم والطفل الصغير والشيخ كبير السن ولنرفق بالقوارير ولنصل الرحم ولنضع الرحمة عنواناً لانسانيتنا ولنتذكر دائماً ان نرحم من في الارض ليرحمنا من في السماء.
 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org