مظلومية البصرة
د. أحمد عبدالله sultan_10002003@yahoo.co.uk
حين يذكر أسم البصرة فأن أول مايرد في البال الشعر والأدب والثقافة والفكر والفلسفة ، فمن أيام الجاهلية كان سوق عكاظ المعروف حينئذ يعج بالشعراء ومتذوقي الشعر. وبعد الأسلام ظهرت في المدينة حركات فلسفية معروفة وبرزت أسماء لامعة في العلوم والنحو والطب والعلوم الدينية (الحسن البصري والأصمعي والجاحظ وأخوان الصفا وغيرهم كثيرون). ومن مدينة البصرة أنطلقت حركة الشعر الحديث على يد الرائد الكبير بدر شاكر السياب ومعه محمود البريكان لتظل المدينة تنبض بالشعر والقصة القصيرة والفن الجميل على يد أدباء كبار من أمثال محمد خضير ومحمود عبدالوهاب وكاظم الحجاج وغيرهم من المبدعين. هذه المدينة التي تمثل رئة العراق وعاصمته الأقتصادية والثقافية دون منازع عانت الأمرين في حقب تاريخية مختلفة من تاريخها فقد عمها الخراب والدمار مرارا وطحنت أبناءها الأمراض الفتاكة وسخط عليها (زعماء) البلاد وأكثرهم حقدا صدام حسين الذي حوّل البصرة الى أنقاض بفعل سياساته الرعناء وتطلعاته التوسعية. بعد سقوط البعث المريع في عام 2003 توسم أهل البصرة الخير وهفت نفوسهم للخلاص والعيش الكريم سيما بعد أن أورد الدستور العراقي الدائم أدارة المحافظات من قبل حكومات محلية منتخبة من المناطق ذاتها. اليوم وبعد خمس سنوات تبدو مدينة البصرة خربة كأنها عصقف مأكول!!أهذه حقا تلكم المدينة التي تذكرها كتب اللغة والأدب والتاريخ عربيا وعالميا؟! لماذا كل هذا الدمار فيها مع وجود سلطات محلية من أهلها تنتمي الى أحزاب تدعي السعي الحثيث لعمل الخير وأسعاد الناس؟! ماذا تحقق في المدينة من خدمات في أعقاب (صولة الفرسان) التي قوضت خطط المجرمين في المدينة ووضعت حدا للتدخلات السافرة في شؤونها من جانب دول الجوار المجرمة ؟ لماذا يعمل المسؤولون المؤتمنون فيها على نهب خيراتها والأستحواذ على كل مايريح النفس وترك الناس عامة أسرى العذاب وضحايا للمآسي اليومية؟! ثم أحقا هذه مناطق العشار والمعقل والجنينة وأبو الخصيب وغيرها التي كانت في الخمسينيات والستينيات قبلة للناظرين ومحجة للسواح؟! ألم يسأل أعضاء مجلس محافظة البصرة والمحافظ نفسه والمسؤولون عن الخدمات في المدينة عن بصماتهم فيها؟! تساؤلات كثيرة يحملها المواطن البصري المظلوم دمما في ثنايا صدره! مطلوب من الحكومة المركزية في بغداد أن لاتنسى البصرة وأن يعمل ممثل السيد رئيس الوزراء في البصرة بجدية أكبر بكثير من الآن للنهوض بالمدينة وتخليصها من الأوساخ وتنظيف أنهرها الخالدة ودعم الثقافة فيها بشكل ملموس وتشييد الدور السكنية لمئات الآلاف من المحرومين من سكانها. أنها المهمة الصعبة في الزمن الصعب لكنها الضرورة الملحة هذه الأيام فقد يأس الناس من المسؤولين المحليين غير الكفوئين وأحبطوا من الوعود الفارغة. ولم تبق أمامهم سوى رحمة الله تعالى والقلة القليلة من مسؤولي الدولة المخلصين. أما أهل البصرة فتنتظرهم مهمات جدية وهامة في انتخابات المحافظات القادمة أذ يتعين عليهم عدم أرتكاب الخطأ السابق الذي أرتكبوه والذي أوصل الكثيرين الى دفة المسؤولية مع أفتقارهم الى أبسط مقومات الأداء الحضاري والأبداع المطلوب.
العودة الى الصفحة الرئيسية
في بنت الرافدينفي الويب