الأسرة العراقية والغرق في دوامة الذهب الاسود

ازمة النفط الابيض .. اقوى ازمات الموسم

استطلاع: زينب الشمري

عضوة في بنت الرافدين / بابل

z_alshemary@yahoo.com

ان الحالة التي يمر بها البلد اليوم جعلت ابناء الشعب يعيشون واقع (بلد التناقضات).. واهم هذه التتناقضات هي الكنوز الطبيعية الهائلة المستقرة تحت اقدامهم وهم واطفالهم يفترشون الارض ويلتحفون السماء.. وكلما مر يوم يتمنى العراقيون ان يكون اليوم القادم افضل من قبله ولكن انى للرياح ان تسير بما تشتهي سفنهم.

وبين برد الشتاء القارص وامطاره الغزيره وتلبد السماء بالغيوم اخذت عقولنا تهرول بنا الى عالم الهموم من جديد.. هذا العالم الذي اصبحنا نعيش كل تفاصيله الدقيقة لحظة بلحظة فأصبح المواطن العراقي يمني نفسه بقادم جديد من الايام تحمل في طياتها صباحات مشرقة تطوي صفحة قاتمة.. ففي فصل الصيف انحصرت معانات المواطن بانعدام الطاقة الكهربائية والتي سحبت بدورها على جميع مرافق الحياة العامة في البلاد ولم تنقض تلك الايام الا بعد ان اخذت مأخذاًَ كبيراً من راحة المواطن ورزقه وصحته ومع حلول فصل الشتاء اصبح الاهتمام بالطاقة الكهربائية امراً ثانوياً واتجهت الانظار نحو مشتقات (الذهب الاسود) الذي نقف فوقه واكثر هذه المشتقات تماساً مع حياة الأسرة العراقية هو (النفط الابيض) والذي تحتاجه غالبية ابناء الشعب للتدفئة خصوصاً بعد انعدام التيار الكهربائي وحرمان الاسرة العراقية من عنصر التدفئة الكهربائية (هيترات).

بنت الرافدين وانطلاقاً من مبدئها الوطني والاخلاقي في عكس الصورة اليومية للمعانات العراقية استطلعت آراء عدد من النساء العراقيات (هذا الصوت الذي غيب لسنين مديدة) حول ازمة النفط الابيض في محافظة بابل.

 

التدفؤ على وعود وزارة النفط؟!

تقول السيدة (ام امجد) دعونا الله طويلاً ان تنقضي ايام فصل الصيف بسلامة وخير لنتخلص من انقطاع التيار الكهربائي المستمر متأملين خيراً بفصل الشتاء لا سيما بعد الوعود الكثيرة التي سمعناها من وزارة النفط حول تجهيزنا بمادة (النفط الابيض) إلا اننا لم نرى شيء من تلك الوعود.. فهل نتدفأ أنا واطفالي الاربعة على وعود وزير النفط؟

 

أين تبخر باعة النفط الجوالين؟!

من جهتها تقول السيدة (ام سامر) بالنسبة لنا وفرنا من العام الماضي النفط ونقتصد به قدر الامكان الا ان نستلم حصتنا من النفط.

وتضيف في حديثها لبنت الرافدين.. العام الماضي والذي قبله كنا نشتري النفط من الباعة الجوالين على الرغم من ارتفاع ثمنه وعدم نقاوته وهو خيار يعتبر بالنسبة لنا (اضعف الايمان) ولكن حتى هؤلاء لم يعودوا موجودين ولا اعرف (اين تبخروا)

والى الآن لم تستلم اغلب العوائل البابلية حصتها من (النفط الابيض) والبالغة (200 لتر) للعائلة الواحدة متذرعة شركة المنتجات النفطية بأنه لا يوجد خزين كافٍ لهذه المادة مما جعل احياءً كاملة في بابل لم تستلم حصتها المقدرة رغم التصريحات الرنانة من وزير النفط حول وصول كميات كبيرة من هذه المادة الى المستودعات.

 

هم أولى منّا!؟

واثناء تجوالنا في عدد من الاحياء سمعنا من السيدة (ام زهراء) ما اقشعرت لها الابدان ونسفت لكلامها الرقيق والمؤثر كل حسابات المراهنين على فرقة اعضاء الجسد الواحد حيث قالت لبنت الرافدين بمشاعر جياشة ولهجة حادة اقطعوا عنا نحن اصحاب المدينة الاصليين فنستطيع تدبر امورنا فالحمد لله بيوتنا عامرة بالاثاث وبأهالها ومحكمة النوافذ والابواب ولكن لا تنسوا مئات العوائل التي هجرت عن ديارها ظلماً وعدواناً وسكنت المدارس والخيام المشرعة النوافذ والمفتوحة السقوف فهؤلاء يستحقون العناية والاهتمام اكثر منا.. فهم يستحقون كمية مضاعفة من النفط لسوء احوالهم وبسعر مجاني فهو اقل ما تستطيع ان تقدمه الوزارة لهذه العوائل المظلومة.. فهم يعيشون تحت اغوار البؤس والحرمان ويفتقدون ابسط حقوق ومقومات العيش الآدمي (انتهى).

وكانت بنت الرافدين قد قامت بعدة زيارات ميدانية الى بعض مما يطلق عليه المجمعات السكنية للعوائل المهجرة واطلعت على الواقع المأساوي الذي تعيشه هذه العوائل المسكينة التي لا ذنب لها سوى انها تعشق العراق ووثقت المنظمة هذه المعانات بالصور والافلام ساهمت بمالديها من امكانيات بسيطة في مد يد العون الى ابناء جلدتنا وفاتحت العديد من دوائر الدولة عبر مخاطبات رسمية حول ضرورة الاهتمام الاستثنائي بهذه العوائل.

 

استقبال استثنائي؟!

لكي يكون استطلاعنا شاملاً توجهنا بسؤال الى السيد (ابو فراس) حول رأيه بهذا الموضوع (ازمة النفط الابيض) فأجابنا والابتسامة العراقية المملوحة ترتسم على شفتيه:

اعود من العمل منهك القوى فتستقبلني (ام فراس)‘ بموالها ايومي الذي شرخ اذنيّ.. والمفردات الرئيسية هي (غاز، نفط، بنزين، كهرباء، مولدة) وجميع هذه المفردات تضاف اليها اما كلمة (ماكو او خربت) ويضيف عن اي ازمة تتحدثين اصبح الاساس في حياتنا هي الازمة والاستثناء هو توفر هذه المواد بسهولة ويسر... انا استفهم من السادة المسؤولين في وزارة النفط اين كنتم في فصل الصيف ولم تملؤا مستودعاتكم بهذه المادة الحيوية (النفط الابيض) التي لا يمكن بأي حال الاستغناء عنها في فصل الشتاء. (انتهى)

 وكالعادة بعد كل استطلاع نجريه نعود الى مقر المنظمة محملين بحقيبة هموم ومشاكل وآهات وحسرات الامهات العراقيات اللاتي لم يجدن الى الآن من يخفف عن كاهلهن ويؤمن لاسرهن ابسط مقومات الحياة الانسانية البسيطة فالام العراقية تحملت الكثير في السنوات السابقة وهي الآن بحاجة الى شيء من الانصاف ولو بصورة غير مباشرة عبر تحقيق بعض وسائل الراحة الى اسرتها وهو اقل ما يمن للحكومة ان تقدمه للعائلة االعراقية والام العراقية والبيت العراقي.

وكما قال الامام الصادق (ع): ((عند فناء الصبر يأتي الفرج))

نسأل الله ان يكون الفرج في القريب المنظور. 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com