هو (الأعلى) هي (الأدنى)!!

عن جريدة المدى

علياء الانصاري

 

من الأسس المهمة التي تقام عليها السعادة الزوجية، الاحترام المتبادل بين الزوجين، ذلك الاحترام القائم على النظرة المتكافئة لكلا الطرفين.

فالحياة الزوجية قبل ان تكون مؤسسة حياتية لانجاب الاطفال وامداد حركة الحياة بالذخيرة والوقود، هي نسيج متكامل من العواطف الانسانية والمشاعر المتدفقة النابعة من احساس الطرفين بحيوية بعضهما وأصالة ذاته.

ولكن للأسف الشديد، نرى الكثير من الازواج يبني حياته الزوجية على أساس الرجولة والأنوثة. فالرجل هو السيد المطلق في البيت وهو الذي يحمل كل مقومات التفوق والسيادة، والمرأة في مرحلة ادنى من مرحلته وتحمل انسانية ناقصة ومتخلفة عن انسانيته.

في هذا الصدد تقول السيدة زهراء الحكيم ماجستير حاسبات الكترونية:

(الرجل في تصوره هذا لم يتعمد في رأيي، الظلم والاجحاف، فقد جاء تصوره هذا من الواقع الذي جاء منه وتربى فيه. كنا انه استمد هذا التصور من تصور المجتمع ونظرته الى المرأة، ذلك التصور الذي هو نتاج تفاعلات تاريخية وثقافية عديدة لعصور متباينة متلاحقة كونت النظرة الدونية للمرأة).

السيد ابو فراس خريج كلية الزراعة وأب لثلاثة أولاد حدثنا قائلاً: (أظن ان الامر عائد الى محيط الأسرة الذي تربينا فيه، فأنا مثلاً نشأت في عائلة تحترم الولد وتعطيه الشأن الكثير، والكثير بل غالبية عوائلنا هكذا، فالولد له الحق في الخروج الى حيث يريد ويفعل ما يشاء بينما الفتاة تعيش في جو ضيق، اعمال المنزل للفتاة أما الولد فلا يعمل شيئأً.. الأكلة الجيدة للولد .. وأحياناً الكلمة الجميلة ايضاً للولد).

الأعراف والتقاليد التي تحكم المجتمع لها دور كبير في رسم نمط معين لحركة المرأة لا يمكنها الخروج عنه، والرجل ابن المجتمع الذي يرى بعينه ويسمع بأذنه، يعكس انطباعات البيئة التي نشأ وتربى فيها ...

وهو بنظرته هذه الى المرأة يضع حجراً امام مسيرة حياتهما الزوجية سرعان ما سيكون عائقاً أمام حركتها ورقيها الى السعادة، فيا ترى كيف ستعيش المرأة مع هكذا رجل؟!

تقول السيدة (ف. ع): (كان زوجي ينظر الي كما ينظر الى أية قطعة منزلية، ولا يرى مكاناً يناسبني افضل من المطبخ، كان هذا التصور الذي يحرك واقع زوجي يبعث في نفسي الألم والحسرة، وأحياناً يوقد في نفسي الثورة.. أريد أن أثور على الزمن وعليه وعلىمن جاء به الي، وبمرور الوقت ايقنت أن الواقع الذي نحياه سيدمرني ويدمر بيتي، ففي الحقيقة أنا احبه واحب بيتي وأولادي، لذلك عزمت على تغيير التصور الذي يحمله زوجي وذلك بتغيير الواقع الذي أعيشه، شمرت عن ساعدي وتوكلت على الله ... أخذت بالبحث عن نقاط ضعفي، عن مكامن النقص في شخصيتي وبدأت بتقوية الضعيف وتنمية الناقص... كان زوجي مثقفاً ويحب المطالعة فعمدت الى الدرس والقراءة وأخذت اناقشه في كل ما يقرأ وأسأله في كل ما أقرأ، وسعيت الى تربية ابنائي بالشكل الحسن الذي يرفع مكانتي لدى زوجي، كان في السابق يتخذ القرار بمفرده ويفرض رأيه علي .. أما الآن فهو يستشيرني ويشاركني اراءه وأفكاره .. مضى على ذلك عشر سنين، رأيت ثمارها الآن).

وعندما قلت لها: (مدة طويلة يا سيدتي).

ابتسمت وهي تقول: (في حساب الزمن طويلة، أما في حساب التجربة فهي لذيذة ومثمرة).

وعندما عرضنا حديث السيدة (ف. ع) على الاستاذة سهام العميد وهي باحثة اجتماعية، أومأت برأسها موافقة وهي تقول: (نعم، يمكن للمرأة أن تغير نظرة الرجل عنها، المرأة الواعية تستطيع ذلك إذا عرفت كيف تصل الى عقله وقلبه).

أما السيدة ام دنيا، معلمة وأم لثلاث بنات، فهي قد أصرت على ما تقول: (لا يمكن للمرأة أن تغير نظرة الرجل اليها، لأنه نشأ وكبر وهو يختزن هذه النظرة الدونية في عقله وقلبه وروحه، لا يمكن ان ينسلخ عن واقعه، لو قطعت المرأة نفسها ارباً أرباً لن تنال رضا سيدها أبداً).

أعود وأقول، إن الحياة الزوجية (سكن)، ولا يمكن للنفس ان تسكن وتطمئن الا بالاحترام والمحبة والتعاون.

الحياة الزوجية، نسيج متكامل من العواطف الانسانية والمشاعر المتدفقة.

 

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com