مقالات في الدستور  

 

 

الدستور العراقي ،وحقوق الآخرين ((الأيزيدين نموذجاً))

 

سالم رشو ألمانيا 30/3/2005

الدستور:- هو عبارة عن قانون وعقد سياسي بين مكونات مجتمع ما، ينظم العلاقة بين الأفراد،وبين الأفراد وا لمجتمع، وبين الأفراد والتشكيلات السياسية((السلطة)) على أساس المواطنة بما يتضمن وذلك من حقوق وواجبات والشىء ألأهم في الدستورهو تنظيم العلاقة بين المؤسسات الثلاث.التشريعية والتنفيذية والقضائية.بحيث يضمن لكل سلطة عدم أخضاعها للاخرى.

والدستور بالمفهوم الحديث للدولة ،يضمن لكافة أطياف المجتمع من تنوع ديني أو قومي أو مذهبي الحرية الكاملة وإحترام خصوصية كل منهما بقانون حقوق المواطنة.

وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى، وإنتصار الحلفاء بقيادة فرنسا وبريطانيا على ألمانيا وحليفتها التقليدية الدولة العثمانية، ثم توزيع الغنائم الحرب وممتلكات الدولة العثمانية على الدول المنتصرة بالحرب فذلك تم رسم وتشكيل دول في المنطقة وفقاً لمصالح الدول المنتصرة وتم القفزعلى حقيقة دولة تسمى كردستان وتجاوز حقيقة أن هناك شعب يسمى الشعب الكردي له كافة مقومات الدولة كما يحق للآخرين.

ونذكًرهنا معاهدة سيفر في 10-آب 1920 وفيها البنود 62، 63، 64 التي تضمن حقوق القومية للشعب الكردي التي تم القضاء عليها بمعاهدة لوزان في 24 حزيران 1923بالأتفاق مع كمال مصطفى أتاتورك،وإنسلاخ البنود المتعلقة بحقوق الأكراد في معاهدة سيفر.

مع كل هذا تشكلت الدولة على حساب شعوب وقوميات في المنطقة،تأسست الدولة العراقية وتحت الإنتداب  البريطاني سنة 1921م وفي ظل نظام ملكي ودستوري وبرلماني.

وفي عام 1925م قررت (عصبة الأمم ) ببقاء ولاية الموصل تحت سيادة العراق وإعتبارها جزءً لايتجزء منه وجدير بالذكر أن ولاية الموصل هي كردستان الجنوبية.

وفي عام 21-3-1925 صدر الدستور العراقي(القانون الأساسي العراقي) وينص فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ولكن كان هذا نظرياً، أما فعلياً فكانت السلطة الحقيقية في يد الحاكم (الملك)، وعندما قامت ثورة 14 تموز عام 1958 وأصبح نظام الحكم في العراق جمهورياً،ألغت السلطة الجديدة القانون الأساسي في العراق .وصدر 27 تموز 58 دستوراً مؤقتاً وإعترف بالواقع القومي العراقي في المادة( 3) من الدستور العراقي المؤقت وينص على أن العرب والكرد شركاء في هذا الوطن، ويقر هذا الدستور حقوقهم  القومية ضمن الوحدة العراقية .

ولكن هذا الدستور لم يكن حاله أفضل من سابقه ولا من لاحقه، وخاصةً في مايتعلق بحقوق القوميات والأديان ونذكر هنا القوانين الصادرة بعد إنقلاب 8 شباط 1963 ودستور 21 أيلول 68 الذي صدر بعد أنقلاب 17-30 تموز عام 68 وكذلك الدستور المؤقت الذي صدر من قبل نظام حزب البعث الحاكم في 16 تموز عام 1970, وحتى الأن نعيش في ظل قوانين ودساتيرمؤقتة وأحكام عرفية وحالة طوارىء في البلد.

وبعد سقوط نظام الطاغية صدام في التاسع من نيسان 2003 تم تشكيل المجلس الإنتقالي المؤقت ،وتم إعداد قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية، وفي 8 آذار 2004 وقع جميع أعضاء المجلس الإنتقالي المؤقت والبالغ عددهم (25) عضواً على هذا القانون وفي مراسيم التوقيع قال الرئيس (مسعود البارزاني) في كلمته القيمة بأننا الآن نشعر ولأول مرة نحن عراقين متساوين في الحقوق والواجبات.وإحتوى هذا القانون على 62 مادة تعالج كافة القضايا التي تم التغاضي عنها في ظل الحكومات العراقية السابقة .ويكون هذا القانون اساساً للدستور العراقي الدائم والذي نص في المادة الرابعة منه أن نظام الحكم في العرا ق جمهوري إتحادي (فيدرالي) ديموقراطي تعددي ويجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الإتحادية والحكومات الأقليمية والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية. ويقوم النظام الإتحادي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية والفصل بين

السلطات ليس على أساس الأصل والعرق أو الاثنية أو القومية أو المذهب .

هنا أود ان اشير،ولكي لانقع في الإشكاليات التي سبق وذكرناها ولكي يتمتع كل المواطنين بحقوق المواطنة الكاملة بغض النظر عن الطائفة أو الدين أو المذهب أو القومية،لابد لي أن أسجل ملاحظاتي هنا مع وضع أساليب وطرق حلها بشكل حقيقي ومنطقي .

في قانون أدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية المادة رقم (30) الفقرة ج تنص تنتخب الجمعية الوطنية العراقية طبقاً لقانون الإنتخابات وقانون الأحزاب السياسية، ويستهدف قانون الإنتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن الربع من أعضاء الجمعية الوطنية وتحقيق تمثيل عادل لجماعات العراق كافة وبضمنها التركمان والكلدآشورين والآخرين.

السؤال هنا يطرح نفسه و بقوة ،هل الآخرين في الوطن هم الأيزيدين والمسيحين والصابئة والكاكائين والشبك نرى هنا أن هناك إشكالية في سياق النص, إذ أن التركمان والكلدوآشورين تشكيلات قومية. بينما الآخرين هنا توجد بها تشكيلات مذهبية أو دينية وهنالك لبس في فهم هذه الفقرة علماً أن ما ذكرنا من هذه المذاهب والأديان هم من أقدم المكونات الأساسية في تكوين حضارة وادي الرافدين وهم دافعو وناضلوا مع كل أطياف الشعب العراقي في كل المحن والويلات التي ألمت بالوطن العراق العزيز ولهم خصوصياتهم الدينية الخاصة.فلماذا لا يسمون الأسماء لمسمياتها الحقيقية بعيداً عن كلمة الآخرين لأن الموضوع يتعلق بوجود بشري وكائنات إنسانية لا أشياء بلا شعور .أضن أن الموضوع يستحق أن تسمى بدلاً من كلمة الآخرين الغير مفهومة ،ونحن على أعتاب كتاب مسودة دستور دائم يحترم الجميع. وأيضاً ذكر في المادة رقم (53) الفقرة/ د/ تنص يضمن هذا القانون الحقوق الإدارية والثقافية والسياسية للتركمان والكلدوآشورين والمواطنين الآخرين كافة.

نجد هنا أشكالية غيرواضحة أيضاً فما هو القصد من كلمة الآخرين في هذه الفقرة. حتى في الحقوق الإدارية والثقافية والسياسية هذه الأديان والمذاهب هم الآخرين دون أن يتم تسميتهم ,هل هذا! ينسجم مع العراق الجديد الذي هو لكل مواطنيه دون إستثناء . أم أن تسمية هذه الأديان لاينسجم مع المادة السابعة من قانون إدارة الدولة المؤقتة الفقرة/ أ/ والتي تنص صراحةً (الإسلام دين الدولة الرسمي ويعد مصدراً للتشريع ولايجوز سن قانون خلال المرحلة الإنتقالية هي يتعارض مع ثوابت الإسلام المجمع عليها ولا مع مبادىء الديمقراطية والحقوق الواردة في الباب الثاني من هذا القانون ويحترم هذا القانون الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، ويضمن  كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسات الدينية ).

أن في عصر صدر الإسلام وعندما وصلت طلائيع الجيش الإسلامي في عهد الخليفة الراشدي عمر إبن الخطاب (رض) الى مشارف قلعة آكرى وباعذرى .كتب قائد الجيش الإسلامي الى الخليفة الراشدي (نحن وصنا قوماً  يؤمن بالله فكيف نعامله) فأجاب الخليفة الراشدي (عاملوهم معاملة أهل الكتاب )وهذا يدل على أن الساكنين في  هذه المنطقة والذين أحفادهم الى الآن موجودون ويسكنون جنباً مع جنب إخوانهم المسلمين والمسيحين وهم من الديانة الأيزيدية وأهل التوحيد.إذن فكيف يعامل أحفاد هؤلاء الديانة العريقة التى يعود جذورهم الى آلاف السنين ونحن في القرن الواحد والعشرين بحيث يسمون بالآخرين.

أن النظام الدكتاتوري ولى بلا رجعة ، وإنهار جدار برلين ،وإنتهت الحرب الباردة ،والعالم كله يتجه نحو الديمقراطية والمفاهيم الراسخة لحقوق الإنسان ، هكذا مجرداً بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق، ونجاح الشعب العراقي بكافة أطيافه في ثورته البنفسجية المشاركة في الإنتخابات الجمعية الوطنية وبرلمان كردستان  ومجلس المحافظات في 30/1/2005 وإنتصاره على الإرهاب ودعاة الظلام،يتطلب أن نستبدل كلمة الآخرين بأسمائها الحقيقة ودون خجل . لأن الجمعية العراقية المنتخبة والمتكونة من (275) عضواً وفيها ممثلين من  كافة شرائح المجتمع العراقي ،وسوف تشكل لجنة لإعداد وكتابة المسودة للدستور الدائم والإستفتاء عليه من قبل الشعب العراقي لإقراره .ونرجو من اللجنة المذكور أن تلغي كلمة الآخرين وتسمي الأسماء بمسمياتها الحقيقية ، وأن تدون صراحةً الأيزيدين والصابئة والكاكائين في الدستور الجديد لكي يشعر الجميع بالمواطنة الكاملة.

ونقترح هنا أن يقوم الممثلين الأيزيدين في الجمعية الوطنية العراقية والممثلين في البرلمان الكردستاني تشكيل لجنة خاصة من الحقوقين والمحامين ومن لهم الخبرة في هذا المجال لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية  للأيزيدين وعرضها على سمو (الأمير تحسين بك) والمجلس الروحاني الأيزيدي. والإستفادة من مشروع مركز لالش الثقافي والإجتماعي في دهوك الذي أنجزته اللجنة القانونية المتكونة من(1-المحامي دندار شيخاني 2- المحامي خضر رشو 3- المحامي هاشم عبدال 4-المحامي بركات عمر). وبعد إنجاز هذا المشروع الكبير ندعوا الى رفعه للجنة إعداد الدستور العراقي الدائم وليتم إدراج بنوده في الدستور العراقي الدائم،ويتم تطبيقه في المحاكم على قضايا الأحوال الشخصية الخاصة للأيزيدين من(ميراث-زواج-طلاق) وغيرها من الأعياد والمناسبات والطقوس الدينية وتثبيت لالش من الأماكن المقدسة في العراق وإنشاء مديرية لشؤون الدينية للأيزدين في الحكومة المركزية الإتحادية وحكومة أقليم كردستان،وهذا سوف يشكل مرحلة جديدة وحضارية في إعادة إحترام شريحة كبيرة من الشعب العراقي التي كانت دائماً مهضومة الحقوق في ظل جميع الحكومات السابقة في العراق ,ولا تؤخد مشاعرها وأحاسيسها بعين الإعتبار. ولكي يشعر ألأديان والطوائف في العراق مواطنين عراقين يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة وليس بالإشارة إليهم (بالآخرين) وشكراً.

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com