|
مقالات في الدستور
المواطنة والطائفة .. بم يختلف دستور الشيعة عن دستور السنة؟
علي الشلاه كاتب وأكاديمي عراقي يتصاعد هذه الايام جدل بيزنطي حول الدستور ولجنة كتابته في العراق، وبلغت وتيرة هذا الجدل حداً بات يتهدد مهمة اللجنة ووجودها وبالتالي هدفها وهو الخروج بدستور عراقي عصري يخرج بالعراق من قوانين القرون الوسطى ونظرية الحق الالهي الصدامية التي جرت العراق الى راهنه المعتم . لقد تحولت منابت اعضاء اللجنة لا كفاءاتهم الى موضوع رئيس يشغل ليس اللجنة ومشكليها فحسب بل صار موضوعاً عراقياً عربياً عالمياً ملتهباً حد ان وزيرة الخارجية الأمريكية- وبترحيب ممن يزعمون عداوة أمريكا في العراق والعالم العربي - قد حضرت الى بغداد للقاء رئيس الوزراء العراقي لتطالبه بضمان مشاركة أكبر للسنة العرب في كتابة الدستور ، ولم يقل أحد هذه المرة ان هذا تكريس للمحاصصة الطائفية - اذا كنا نعتقد ان العراقيين جميعاً شعب واحد كما نزعم - لكن يبدو ان القول بالمحاصصة يتصاعد فقط عندما يجري الحديث عن ضرورة اعطاء الآخرين من غير السنة العرب حقوقهم او حتى اقل من حقوقهم في العملية السياسية. لقد حكم العراق بانظمة طائفية محضة غيبت المكونات الرئيس للشعب العراقي أكثر من ثمانين عاماً وحكمت بلون واحد دون ان يقول احد بطائفيتها ، ولكن القول بالطائفية صار مألوفاً عندما صارت الحكومة مكونة من كل أطياف الشعب العراقي ، فهل الطائفية ان تشرك الجميع ام ان الطائفية ان تقتصر على طائفة وعنصر بعينهما ؟ هل الخطأ في المصطلح أم فهمنا له ؟ هذا سؤال لا أطمح الى سماع رد عليه لأننا للأسف لم نبرأ بعد من أمراض القرون الوسطى ، فلم تكن مشكلة غالبية العراقيين مع نظام صدام التكريتي لأنه كان سنياً بل لأنه كان مجرماً ، ولو كان شيعياً وبالمواصفات ذاتها لثار الناس عليه بالدرجة نفسها ، ولا أدري لماذا يقال اليوم مع كل عملية تجري ضد الارهاب في العراق بأنها عملية ضد السنة وكأن السنة لدى أدعيائها وأدعياء زعامتها هي رديف للاجرام والارهاب، وهو مالم يقل به غير الرؤوس الطائفية التي تٌصرف هذا القول مناصباً ونفوذاً لهم ولأبنائهم وبناتهم أيضاً. كنت أتمنى أن أسمع من المعترضين على لجنة الدستور انهم يعترضون عليها لأنها ليست كفأً ً أو لأنها استثنت هذا الخبير القانوني العراقي او ذاك المختص الاستثنائي ، لكن ان يجري الاعتراض لأن عدد الاعضاء السنة ( العرب ) ليس كافياً فهذه هي الطائفية بعينها ، لقد قاطع السنة العرب الانتخابات بملئ ارادات زعاماتهم ثم عادت هذا الزعامات وخلافاً للديمقراطية تريد أخذ حصة الأسد من خلال ارهاب الآخرين بالمقاطعة والقول بعدم شرعية الحكومة لأن عدد السنة فيها قليل، رغم ان المتحدثين باسم السنة لايحملون اية صفة شرعية ولم ينتخبهم السنة وانا واثق بأن الانتخابات القادمة لن تأتي بهم وفاقد الشيئ لايعطيه ، لكن الحكومة استجابت للابتزاز المدعوم من وراء الحدود ، حتى بت اخشى ان يستمر الطائفيون من ساسة السنة العرب بالمقاطعة في الانتخابات القادمة لأنها ستمنحهم أكثر مما تمنحهم الانتخابات وبذا يستمرون في السلطة والنفوذ ويتهربون من افتضاح ثقلهم الحقيقي في الشارع العراقي . ان الدستور المراد كتابته ليس كتاب فقه ولا تاريخ ولن يميز بين عراقي وآخر ولن يعطي لأية طائفة أفضلية في أي شيء والذي يحرص عليه السنة العرب سيكون موجوداً بصوت عال جداً اذا كان من ناحية العروبة فالشيعة وهم غالبية عرب العراق ورهان عروبته لن يفرطوا بها واذا كان الحس الطائفي هو الذي سيغيب فأنا وان كنت ارحب بذلك الا انني اطمئنهم ان السنة الموجودين في اللجنة عرباً وأكراداً وتركماناً قادرين على فعل ذلك وأكثر منه غير انني ازعم ان المزايدين من الطرفين بينهما من المشتركات في كتابة الدستور أكثر من أي شيء آخر ، لكنني آمل ان نتعلم جميعاً ان نكتب دستور المواطنة لا دستور الطائفة .
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |