مقالات في الدستور

 

 

رسائل الى لجنة كتابة الدستور العراقي .. الرسالة الاولى (السلام الطائفي الوقتي)

 

محمد الموسوي

باحث قانوني

almosawy1967@yahoo.com

 

لايتحقق السلم الاجتماعي في العراق الا اذا احس كل فرد فيه من انه جزء مهم وفعّال في المجتمع وان هذا المجتمع لايلغي هويته او يتجاوز على حقوقه لاسباب تتعلق بالدين او العرق او الفكر فمتى اطمئن الى حريته استقر وابدع ومن الخطأ ان نتصور ان ذلك يتحقق بضمان المحاصصة لان الجميع يعلم ان هذا الاسلوب لايؤدي الا الى استئثار فئة محددة بكل شيء واستبعاد الاخرين ، حتى من نفس الفئة ، من كل شيء وهو ما ينبيء بكوارث مجتمعية عديدة سيغلي فيها المواطن الى ان ينفجر او تنحسر فيه المواطنة الى حد التلاشي وسيكون المستقبل اما الثورة او الاجنبي الطامع ولكي يستفيد العراقيون من الدرس الصدامي الاستبدادي والدخول الامريكي لابد ان يكون دستورهم واعيا تماما لطموحاتهم وان لا ينكفأ السياسيون العراقيون على مصالحهم الحزبية او الشخصية او الطائفية والا فمصير الظلم معروف لمن صدّق الله وكتابه .

ان دستورا حضاريا عادلا صادقا هو الضمانة الوحيدة للحياة في العراق وبعكسه سيكون الدم انهارا خاصة اذا اضفنا القوات الانتخابية الصامتة الان بانتظار النتائج فمن خرج من بيته بدون سلاح حاملا الورقة الانتخابية فقط امام مفخخات الارهابيين واسلحتهم الفتاكة سيكون سهلا عليه جدا حمل السلاح ومواجتهم لا بل ان العملية بالنسبة له ستكون اكثر امانا واسرع تحقيقا للهدف .

ان محاولة تحقيق الرضا السريع لبعض الطوائف العراقية للحصول على سكوت نسبي او تخفيف توتر مؤقت من خلال المحاصصة او الابقاء على النظام المركزي بحجة ضمان وحدة العراق وتركيز الثروات بيد الحكومة المركزية او خلق حكم محلي صوري وتحويل الدولة وامتيازاتها الى الاحزاب او الاقارب سوف لن يكون الا تسونامي العراق القادم ولا يتخيل البعض انه قد يكون بنفس قوة الاعتراض اللبناني على المحاصصة او غيرها فالعراقيون ليسوا كاللبنانيين تماما .

ان اهم ما تعانيه المكونات الاجتماعية العراقية هو عدم الثقة بفعل سنوات الاستبداد والسياسة الاعلامية الطائفية التي استخدمها الحكام للسيطرة على البلاد ونهب ثرواته وهو الامر الذي لايمكن النظر الى زواله بين ليلة وضحاها فعدم الثقة هذه نتجت من دماء سالت وحقوق ضاعت وعقول نشات على الكراهية ولا تعود بالتصريحات  بل بالاعمال ومع الوقت وعليه كل او اغلب الدماء التي تسيل الان هي بسبب ذلك وما الزرقاوي او الامريكان الا عناوين مستفيدة فقط  دون التقليل من خطورتها وامكانية انتصارها حتى مستقبليا اذا ما استطاعت ان تقود عقول الرجال الى المحاصصة او غيرها من حالات التقوقع الفكري او الفساد المالي او الاداري او السياسي ، ونعتقد ان الحل الامثل الذي يمكن ان تتبعه لجنة كتابة الدستور لحل هذه المسالة بصورة واقعية تؤتي نتائج  سليمة وسريعة وتؤسس الى مجتمع امن ومتطور هو ان  تكون ادارة العراق فيدرالية  ليقوم كل تجمع سكاني بادارة شؤونه بنفسه  مع وضع الضوابط القانونية الكافية لحماية حقوق الاخرين من خلال قانون السلطات الاقليمية الذي يفترض فيه ان يوفر السلطات الحقيقية للمحافظات او الاقاليم وعلى الصعد  السياسية والاقتصادية والثقافية كافة وان لاتكون هذه الاقاليم كما يقول المثل الشعبي (باكة لا تحلين وكرصة لا تثلمين واكلي لمن تشبعين) فتركيز السلطة هو السبب الاكبر الذي يمكن ان يحرق العراق بنفس النسبة التي تؤدي اليها المحاصصة  من تجزئة واقعية للبلاد قد تؤدي الى التقسيم مستقبلا.

قد علمنا شيوخنا وابائنا ان افضل حل لانهاء الخلافات بين الاخوة المتزوجين من الذين يسكنون بيتا واحدا وياكلون بقدر واحد هو( العزال) وهو مصطلح لا يراد به القطيعة او الاستقلال التام بل هو الابعاد المكاني والاقتصادي للمتناكرين وتحقيق الهوية العائلية لهم وهو ما يمكن ان نقايس به الفيدرالية في العراق اليوم بين مختلف الطوائف خصوصا الشيعية والسنية والكردية ونحن على ثقة اكيدة من انه بمرور الوقت فكما يحصل بين الاخوة العازلين من  تجيد للمحبة والثقة والتعاون سيحصل هذا لكل اقاليم العراق او محافظاته ولكن بعد ان يمر الوقت الكافي ولكن بعد ان نحقق الشروط العادلة للعزال او الفيدرالية كما تسمى الان واهم هذه الشروط هي التوزيع العادل للثروات القومية وحسب نسبة السكان ودرجة الاضرار التي لحقت بكل محافظة ليكون الجميع بعد وقت على مستوى شروع واحد للتطوير اضافة الى عدم قيام الحكومة المركزية بسرقة اية صلاحية او سلطة من سلطات الاقاليم او عدم منحها اصلا .

اما مايتعلق بالسلطة الاتحادية فارى انه لكي تكون ناجحة وتتعامل بواقعية مع الموروث المتشنج في علاقات الطوائف  وحتى تبتعد من المحاصصة الانانية والتي هي بحق ما يمكن تسميتها باللصوصية السياسية  ان تقرر بصدق مبدا الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) ومبدا الرقابة الدستورية من خلال المحكمة الدستورية العليا ومبدا الرقابة الادارية الاتحادية من خلال مفوضية النزاهة والمحكمة الادارية العليا  ومبدا احترام حقوق الانسان من خلال مفوضية حقوق الانسان ومحكمة حقوق الانسان ومبدأ سيادة القانون من خلال محكمة التمييز والمحاكم المختصة( المدنية والجنائية ومحكمة العمل) ، اضافة الى ضمان مبدا  اعتماد الكفاءة والوطنية في تولي الوظائف العامة في الدولة  ومن خلال سنّ القوانين  التي تهيء الارضية المناسبة لتحقيق هذه المباديء التي يجب النص عليها بوضوح في الدستور كمباديء دستورية عامة .

وما يتعلق بالسلطة التنفيذية والتي نعتقد انها ستكون السلطة الاكثر سخونة في التعاطي من قبل المكونات العراقية بسبب ما يعتقده الكثيرين من ان هذه السلطة هي مفتاح كل شيء وهو ما تعلمه العراقيون واصبح جزءا من عقلية التصرف لديهم بسبب استئثار هذه السلطة على كل السلطات الاخرى في الحقب الاستبدادية التي عرفها الشعب العراقي فانه نرى ان تكون هذه السلطة اولا محددة الصلاحيات وفقا لقانون السلطات المحلية الذي اشرنا اليه وثانيا  ارى ان تتكون  من مجلسين مجلس رئاسي بصلاحيات محدودة ومجلس وزراء  يتولى العملية التنفيذية ، وحيث لاثقة الان بين الناس وقد لاننجو من المحاصصة على كل البلاد فيمكن اللجوء الى المحاصصة  الوقتية فقط في المجلس الرئاسي الذي تختاره الجمعية الوطنية بمجلسيها بالاغلبية البسيطة مع التاكيد علة محدودية الصلاحيات ،اما مجلس الوزراء - ولكي لاتتوقف عجلة الدولة بسبب الاختلافات الحزبية والتوافقات-  فيجب ان يتكون من القائمة الانتخابية او الكتلة التي حققت اكثر الاصوات وهي التي ترشح رئيس الوزراء الذي يلتزم باختيار وزرائه على اسس ثلاث نتمنى ان يحصل عرفا دستوريا عليها بين متعاطي مهنة السياسة وهذه الاسس هي الكفاءة والنزاهة والوطنية وتكون حكومته مسؤولة امام البرلمان مع  بعض المسؤوليات البروتوكولية امام مجلس الرئاسة .

ان تمكين الشعب من ان يحكم نفسه من خلال الفيدرالية وتحديد صلاحيات الحكومة الاتحادية امام الاقاليم  والنص على المبادي الدستورية انفة الذكر وتشكيل السلطة التنفيذية بالطريقة المشار اليها هو ما نعتقدة صمام امان العراق وخلاصه من الاستبداد والارهاب وسبيلا لاعادة الوطنية العراقية والولاء للدولة وبعكسه ستكون العواقب وخيمة وسيندم السياسيون الجدد لانهم بالتاكيد سيلاقون مصير صدام عاجلا ام اجلا والعاقبة للمتقين،

واخيرا ارجو من  مقاتلي كتابة الدستور ان يتذكروا ماضي الفتن التي صوّرها الامام علي بن ابي طالب ونعيش شاكلتها اليوم(...... والناس في فتن انجذم فيها حبل الدين وتزعزعت سواري اليقين واختلف النجر-المرجعيات والاصول- وتشتت الامروضاق المخرج  وعمي المصدر-لعدم وجود البيّنة واتباع الاهواء والاوهام- فالهدى خامل والعملى شامل، عصي الرحمن ونصر الشيطان وخذل الايمان فانهارت دعائمه وتنكرت معالمه ودرست سبله وعفت شركه، اطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه ووردوا مناهله بهم سارت اعلامه وقام لواؤه في فتن داستهم باخفافها ووطئتهم باظلافها وقامت على سنابكها فهم فيها تائهون حائرون جاهلون مفتونون في خير دار وشر جيران) اليس هذا هو واقع العراقيون اليوم فهل نتعلم الدرس الذي قاله الامام (ايها الناس شقوا امواج الفتن بسفن النجاة وعرجوا عن طريق المنافرة وضعوا تيجان المفاخرة، افلح من نهض بجناح او استسلم فاراح ،هذا ماء اجن ولقمة يغص بها اكلها ومجتني الثمرة لغير وقت ابتياعها كالزارع بغير ارضه ).

ارجو ان يكون السلم الاجتماعي الدائم في العراق همكم الوحيد واعلموا ان المكاسب الوقتية ان استفدتم منها الان ستوقفكم كثيرا امام الله وكل من عليها فان  وحسبكم قول الامام ( ما زلت انتظر بكم عواقب الغدر واتوسمكم بحلية المغترين سترني عنكم جلباب الدين وبصّرنيكم صدق النية) وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون..والعاقبة للمتقين...اللهم هل بلغت ....اللهم فاشهد

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com