مقالات في الدستور

 

 

ملاحظات على مسودة الدستور العراقي

 د.هادي نعيم المالكي

 hdk72@yahoo.com

 

 بعد الإطلاع على مسودة الدستور العراقي الذي نشرته جريدة الصباح العراقية تكونت لدينا بعض الملاحظات على هذه المسودة والتي نود أن نضعها بين يدي لجنة صياغة الدستور الموقرة و عرضها على القراء الكرام، وهذه الملاحظات هي على النحو الآتي:

 1- المادة الرابعة فقرة ب من الباب الثاني المتعلق ب " الحقوق الأساسية والحريات العامة " والتي تنص على انه: " العراقي هو كل من ولد لأب أو لام عراقيين ويحق لغير العراقية المتزوجة من العراقي طلب الحصول على الجنسية العراقية بعد الإقامة في العراق لمدة لا تقل عن خمس سنوات مستمرة من تاريخ زواجها ".

 هذا النص يجب أن يحذف من الدستور لان محله قانون الجنسية وليس الدستور.

 2- المادة 17 من الباب نفسه والتي تنص على انه: " يتمتع العراقي فضلا عن الحقوق المذكورة في هذا الدستور بجميع الحقوق المنصوص عليها في المعاهدات الدولية التي يكون العراق طرفا فيها بما لا يتعارض مع أحكام الإسلام ".

 عبارة مع " أحكام الإسلام " الواردة في أخر النص يجب أن تقيد بالأحكام الثابتة قطعيا أو الأحكام المتفق عليها بين المذاهب الإسلامية المختلفة كي لا تكون مجالا للتعسف على حريات المواطن وحقوقه الأساسية أو مجالا لهيمنة احد المذاهب أو التفسيرات الإسلامية على المذاهب أو التفسيرات الأخرى.

3- المادة 18 من الباب الثالث الخاص ب " مؤسسات الحكومة الاتحادية "، الفصل الأول الخاص ب " السلطة التشريعية " والتي تنص على انه: " تصادق الجمعية الوطنية على المعاهدات التي يوقع عليها العراق أو التي يقرر الانضمام إليها والاتفاقيات الدولية والانضمام إليها ".

 هذه المادة مضطربة الصياغة ويمكن إعادة صياغتها على النحو الآتي: " تصادق الجمعية الوطنية على المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي يوقع عليها العراق أو التي يقرر الانضمام إليها ".

 4- المادة 20 من الباب نفسه من الفصل نفسه والتي تنص على انه: " توافق الجمعية الوطنية على تعيين كل من:

أ- رئيس وأعضاء هيئة أركان الجيش العراقي بناء على اقتراح مجلس الوزراء.

ب-رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى بالأغلبية المطلقة بناء على اقتراح مجلس الوزراء.

ج- أعضاء المحكمة الدستورية (بأغلبية الثلثين) بناء على اقتراح مجلس الوزراء...... ".

 الفقرة أ من هذه المادة لا تنص على النصاب المطلوب من أعضاء الجمعية الوطنية لتعيين كل من رئيس وأعضاء هيئة أركان الجيش العراقي، و هذا النصاب سيكون الأغلبية البسيطة بحسب نص الفقرة ب من المادة 14 من الباب نفسه، الباب نفسه، والتي تنص على انه: " تتخذ القرارات في اجتماعات الجمعية الوطنية بالأغلبية البسيطة إلا في الحالات التي ينص عليها الدستور خلافا لذلك ". في حين الفقرة ب تنص على الأغلبية المطلقة والفقرة ج تنص على أغلبية الثلثين، والتي يبدو إنها غير متفق عليها بعد. نقترح أن تنص على الفقرات الثلاثة من هذه المادة على أغلبية موحدة وهي الأغلبية المطلقة لتعيين الأشخاص التي تنص عليهم كل فقرة من هذه الفقرات. وترك أغلبية الثلثين لاتخاذ بعض القرارات بصدد رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء. كما نقترح أن توحد المصطلحات التي تطلق على المدلولات نفسها في جميع نصوص الدستور فلا أن ينص مرة على " الأغلبية المطلقة " كما هو حاصل في اغلب نصوص الدستور ومرة " الأغلبية البسيطة " كما هو حاصل في الفقرة ب من المادة 14 المذكورة أعلاه. ونقترح أن يزاد في توضيح الفقرة ب من المادة 14 المذكورة في أن تكون الأغلبية المطلقة التي تنص عليها هي أغلبية الأعضاء الحاضرين المصوتين وليس الأغلبية المطلقة لمجموع أعضاء الجمعية الوطنية، وذلك لان الفقرة أ من المادة نفسها والتي تنص على نصاب انعقاد جلسات الجمعية الوطنية قد جعلت هذا النصاب للانعقاد هو نصف العدد الكلي + 1.

 5- تنص المادة 20 فقرة واو على انه: " استجواب رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وأي مسؤول آخر اقل منهم مرتبة في السلطتين التنفيذية والقضائية والتحقيق وطلب المعلومات منهم بحضورهم الشخصي أمامها بناء على طلب ثلثي أعضائها ".

 هذا النص غير منطقي، إذ انه قد اشترط أغلبية الثلثين لاستجواب كل من رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وأي مسؤول آخر أقل منهم مرتبة في السلطتين التنفيذية والقضائية. فهذا النص يساوي بين رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الوزراء وبين الوزراء وأي مسؤول أخر في السلطتين التنفيذية أو القضائية، وعلى هذا النحو ستكون أغلبية الثلثين لازمة لاستجواب أي من الوزراء أو حتى مدير عام في أي من الوزارات أو الدوائر أو أي قاض أو قاضي تحقيق أو أي موظف أخر في السلطة في السلطة القضائية، وهذا غير معقول وغير منطقي بالمرة. لذلك يجب التفريق بين الطائفتين من الأشخاص واشتراط أغلبية الثلثين لاستجواب رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس مجلس الوزراء فقط أما الوزراء وبقية الأشخاص الذين تنص عليهم الفقرة فيشترط لاستجوابهم الأغلبية المطلقة.

 6- الفقرة زاي من المادة 20 نفسها لم تنص على النصاب المطلوب لاقتراح عزل رئيس الجمهورية وسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء مجتمعين أو منفردين بأغلبية الثلثين التي تنص عليها هذه الفقرة، وهو ما سيتعارض مع نص المادة 23 / أ / 1 والتي تنص على انه: " للجمعية الوطنية سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لمجموع عدد أعضائها وبناء على:

1 _ طلب خمس(5/1) أعضاء الجمعية بسحب الثقة.... ".

 فهذه المادة الأخيرة تشترط الأغلبية المطلقة لسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء إذا طلب خمس أعضاء الجمعية ذلك، في حين تشترك المادة الأولى أغلبية الثلثين دون أن توضح النصاب المطلوب لطلب ذلك أو لاقتراحه؛ فضلا عن ذلك فالمادة 20 فقرة زاي قد اشترطت أغلبية الثلثين لسحب الثقة حتى من الوزراء منفردين، وربما كان من الأنسب اشتراط الأغلبية المطلقة لسحب الثقة من الوزراء كل على انفراد.

 7- المادة 4 من الباب الرابع الخاص ب " مؤسسات حكومات الأقاليم "، والتي تنص على انه: " تتشكل الأقاليم من محافظتين أو أكثر ويحق لأكثر من إقليم أن ينتظم في إقليم واحد "، تكرر نص المادة 2 من الباب نفسه والتي تنص على انه: " تتشكل الأقاليم من محافظتين أو أكثر، ويحق لإقليم أو أكثر أن ينتظم في إقليم واحد ". لذلك يجب حذف إحداها رفعا للتكرار.

 8- المادة 14 من الباب نفسه والتي تنص على انه: " يمثل رئيس الإقليم إقليمه في الخارج وأمام السلطات الاتحادية وهو يبرم الاتفاقيات مع الأقاليم الأخرى في جمهورية العراق الاتحادية في حدود ما سمح به دستور الاتحاد بعد مصادقة المجلس الوطني للإقليم ". يجب حذف عبارة " في الخارج " الواردة في هذه المادة لأنها قد تغري بعض رؤساء الأقاليم على الانفصال لاحقا، ولأنها واحدة من المظاهر الاستقلالية التي قد يفرزها الاتحادي الفدرالي والتي لا ضرورة لها، وهي تتجاوز حدود استقلالية الإقليم عن المركز أو اللامركزية التي تتمتع بها الأقاليم في مواجهة المركز لتمثل واحدة من الملامح الانفصالية للأقاليم.

 9- المادة 15 من الباب نفسه والتي تنص على انه: " يحدد دستور الإقليم صلاحيات وواجبات رئيس الإقليم وكيفية انتخابه ومدة ولايته ". ربما من الضروري أن تضاف إلى نهاية نص المادة عبارة " بما لا يتعارض مع الدستور الاتحادي "، ليصبح نص المادة على النحو الآتي: " يحدد دستور الإقليم صلاحيات وواجبات رئيس الإقليم وكيفية انتخابه ومدة ولايته بما لا يتعارض مع الدستور الاتحادي ".

 10- المادة 13 فقرة 8 من الباب الخامس الخاص بالضمانات الدستورية، الفص الخاص بمفوضية الانتخابات، والتي تنص على انه: " التصديق على نتائج الانتخابات ". لم تنص المادة 13 بفقراتها الثمانية على إعلان نتائج الانتخابات، لذلك ربما من الضروري إضافة عبارة " إعلان " إلى نص الفقرة 8 من المادة المذكورة ليصبح النص على النحو الآتي: " إعلان نتائج الانتخابات والتصديق عليها ".

 11- المواد 4 و 5 من الفصل الثالث الخاص بالسلطة القضائية من الباب نفسه والتي تنص على انه: " تتألف السلطة القضائية من المحاكم وجهاز (دوائر) الادعاء العام في الأقاليم والمحافظات من محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف وهيئات التحقيق والمحكمة العليا مكونة من هيئتين:

أ- الهيئة القضائية.

ب- الهيئة التمييزية. ".

م/5: تتألف السلطة القضائية الاتحادية من المحكمة الاتحادية العليا بهيئتين.

أ- الهيئة القضائية.

ب- الهيئة التمييزية. ".

 يبدو إن هناك تكرار أو اضطراب في الصياغة مما اقتضى التنويه.

 12- لقد نصت المواد 1 فقرة باء و جيم والمادة 5 من باب الأحكام الختامية على " مصادقة رئيس الجمهورية " سواء بالنسبة لتعديل الدستور أو لنفاذه ابتداءً.وهذا يتعارض مع المبادئ الدستورية التي تعد الشعب هو مصدر السلطات ولا سلطة فوق سلطة الشعب، لذلك يجب أن تحذف مصادقة رئيس الجمهورية هذه واعتبار الدستور أو التعديلات التي ستجري عليه نافذة اعتبارا من تاريخ تصديق مفوضية الانتخابات على إعلانها عن إرادة الشعب التي عبر عنها في استفتاءه سواء على قبول الدستور ابتداءً أو تعديله لاحقا.

 13- نصت المادة الأولى فقرة ب من باب الأحكام الختامية على تعديل المواد غير الأساسية، أما الفقرة جيم من المادة نفسها فقد نصت على تعديل المواد الأساسية من الدستور. بيد إن لا هذه المادة ولا غيرها من مواد الدستور قد وضحت الفرق بين المواد الأساسية أو المواد غير الأساسية ولا وضعت آلية تمكن من التمييز بينهما، ومن الواضح إن الأحكام الأساسية في الدستور أوسع من تلك الأحكام الخاصة ب " الحقوق الأساسية والحريات العامة " للمواطن التي تضمنها الباب الثاني. لذلك من الضروري أن تميز لجنة صياغة الدستور بين هذين النوعين من الأحكام أو تضع آلية لذلك. فعلى اللجنة إما أن تضع قائمة تتضمن سردا على سبيل المثال لا الحصر بتلك المواد التي تعد أساسية في الدستور و تترك للجمعية الوطنية أن تحدد بالأغلبية المطلقة طوائف المسائل الإضافية أو المستحدثة أو الأخرى التي تعد أساسية أيضا؛ أو أن تترك لجنة صياغة الدستور للجمعية الوطنية الأمر برمته لتقرر الأخيرة بالأغلبية المطلقة تلك المسائل التي تعد أساسية في الدستور أو غير أساسية فيه.

 14- باب الأحكام الختامية تضمن أيضا بعض الأحكام الانتقالية سواء ما تتعلق منها بأعمال المحكمة المختصة بالجرائم ضد الإنسانية أو الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث أو تنفيذ متطلبات المادة 58 من قانون إدارة الدولة الخاصة بكركوك. لذلك ربما من الضروري تغيير تسمية هذا الباب من الدستور لتصبح " أحكام ختامية وانتقالية ".

 15- وهناك بعض الملاحظات المتعلقة بأخطاء طباعية أو لغوية وردت في مسودة الدستور، منها المادة 16 فقرة أ من الباب الثاني الخاص بالحقوق الأساسية والحريات العامة والتي تنص:" تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ودعمها وتطويرها وتمكينها من التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني الدولية بما ينسجم مع الأهداف المشروعة والوسائل السليمة ". الوسائل السلمية وليس السليمة؛ والمادة 10 من الباب الثالث الخاص بمؤسسات الحكومة الاتحادية، الفصل الأول، الخاص بالسلطة التشريعية، والتي تنص: " تعقد الجمعية الوطنية اجتماعها الأول في دورتها الأولى خلال 15 يوم من نتائج الانتخابات العامة بناء على مرسوم جمهوري.... ". الأدق أن تكون " خلال 15 يوما من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات العامة ".والمادة 8 من الباب الخامس الخاص بالضمانات الدستورية، الفصل الثاني الخاص بالسلطة التنفيذية، والتي تنص على انه: " ترتبط الأجهزة الأمنية العراقية بمجلس الوزراء وتقدم له المسودة في المسائل الأمنية وتخضع لرقابة السلطة التشريعية وتعمل وفقا للقانون ومبادئ حقوق الإنسان ". وتقدم له المشورة وليس المسودة.

 وفي الختام نرجو أن تكون هذه الملاحظات ذات فائدة للجنة صياغة الدستور الموقرة ولأبناء شعبنا الحبيب.

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com