أعيد إلى الأذهان صباح الأربعاء الدامي الذي سقط على إثره قبل أسابيع العشرات من الأطفال الأبرياء في منطقة بغداد الجديدة ليتكرر هذا المشهد الأليم ليكون أربعاءاً دامياً آخر وهذه المرة في مرآب النهضة الذي يتواجد فيه شرائح عديدة من المجتمع العراقي فمنهم من توجه إلى عمله ومنهم المسافر والسائق والساعي لكسب رزقه بالحلال تاركاً ورائه عائلته التي تنتظره مساءً محملاً بما من الله عليه من قوت ، فالأربعائين يختلفان من ناحية الموقع والتوقيت ولكن نفذت العمليتان الجبانتان بنفس الوحشية والهمجية وكان الإستهداف نفسه ، العديد من الأرواح الطاهرة تتناثر في الجو جراء إنفجار ثلاثة سيارات يقودها نفس أولئك المجرمين القتلة الذين يتلذذون بأنهار الدم العراقية الشريفة ،وقد تم التخطيط لهذه العملية الدنيئة بكل مالديهم من جبن وخسة ليقتلوا أكبر عدد ممكن وليقللوا من العزيمة العراقية المتلاحمة بين الحكومة والشعب سيما وتشهد هذه الأيام المراحل الأخيرة والنهائية لوضع مسودة الدستور والمصادقة والتصويت عليه ليثبت هؤلاء الإرهابيين بأنهم ضد كل معاني وقيم الشرف والأخلاق والإنسانية وليبرهنوا أيضاً بأن العملية السياسية تتقدم يوماً بعد يوم وهذا السلاح الوحيد الذي يجابههم به الشعب العراقي الأبي فكلما تتقدم العملية الديمقراطية إلى أمام كلما تزداد وحشيتهم وهمجيتهم ، فمرآب النهضة وساعة ولحظة وقوع الإنفجارات لم تكن تتواجد فيه لاقوات الجيش ولا الشرطة ولا حتى القوات الأميركية ، فلتنقل الفضائيات صور الجثث المتناثرة ولتري العالم أجمع حقيقة( المقاومة الشريفة) التي تريد إخراج المحتل من العراق وكم تمنينا أن تعطي بعض هذه الفضائيات ولو جزءاُ بسيطاً من ساعات بثها لعرض المشاهد المؤلمة كما أعطت المزيد والمزيد لمحمد الدرة وأحداث سبتمبر وإنفجارات لندن ومدريد وشرم الشيخ ولازالت تتحث عنها رغم مرور السنين على البعض منها ،ولكن لانريد أن تدنس أرواح الأبرياء بسبب عرضها على هذه الشاشات والفضائيات المأجورة ووفاءً منا للأرواح البريئة سوف نزداد إيماناً بحب الوطن ونقسم بأرواحهم بأننا سنكمل المشوار ونكمل دستورنا بأيدينا ونصوت ونبصم عليه بدمائهم الطاهرة لتتكلم الأجيال القادمة عن هذا الدستور الذي كتب بهذه الدماء الزكية.