|
مقالات في الدستور
أراء حول الدستور والعملية السياسية د. إبراهيم إسماعيل جامعة علوم الحياة السويدية
تبوءت مهمة إستكمال العملية السياسية باعداد دستور دائم وإنتخاب برلمان تنبثق عنه حكومة شرعية، الموقع الأرأس في خطاب النخب السياسية العراقية منذ سقوط الدكتاتورية، فجرت المفاوضات السرية والعلنية ودبجت المقالات وعقدت الندوات والحلقات الدراسية وأُقحمت المرجعيات الدينية وأقحمت هي نفسها في هذه الجهود السياسية الخالصة، وتدخل الأجانب علنا ومن وراء الكواليس للتأثير على ذلك، وأدلت منظمات مجتمع مدني، جادة ومحتالة، وكتبة عارفون وجهلة بدلوهم، كل ذلك والمواطن العراقي الذي يعد غاية الدستور والتحول الديمقراطي وضمانتهما، مستبعد ومستنكف عن هذا الهرج! فهل يمكن بدونه أن تبنى دولة مدنية تضمن الحريات وحقوق الإنسان؟ وكيف يمكن لهؤلاء المسحوقين، المتأرجحين بين عبودية الخوف ومشاعر الثأر ورماد الخيبات، الذين يسلب الأرهاب أرواح ذويهم وينخر الجوع أجسادهم ويملأ اليورانيوم المنضب رئاتهم ويمتهن غياب السيادة كرامتهم الوطنية ويأد اللصوص وأساطين الفساد الأداري وسياط الميليشات ما تبقى لهم من حلم، أن يتبنوا دستورا يعيد اليهم آدميتهم ولبلادهم مجدها الغابر؟! قبل الأجابة على هذه التساؤلات لا بد من الحديث عن الشروط اللازمة لنجاح العملية السياسية والدستورية والمتمثلة بـ:
إن نظرة متأنية لما يجري في العراق تظهر لنا بوضوح: اولاً. غياب التوافق على شكل الدولة بين: - فيدراليات عربية وكردية، وشيعية سنية كردية، وفي كل محافظة. - فيدرالية كردستان مع لامركزية. ـ لا مركزية في العراق كله. - نظام المحافظات. إن نجاح الشكل الفيدرالي للحكم يتطلب في تقديري أمور جوهرية:
لماذا الشكل الفيدرالي للحكم في العراق: · حل للمشكلة القومية وليست حلاً لمشاكل الإدارة فقط. · تجسيد لمفهومي الوحدة والتنوع وتنظيم العلاقة بين القوميات · إعادة بناء وحدة البلاد على اساس الخيارات الحرة للمواطنين · تحقيق ادارة ناجحة ومقبولة لدى السكان. المصاعب التي تعترض الشكل الفيدرالي للحكم: v الحاجة لبناء نموذج عراقي خاص. v مواجهة النزعات القومية المتطرفة مهما كانت. v مواجهة الفيدرالية الطائفية لأنها تنذر بالتقسيم في ظل غياب الدولة عن إداء دورها، وشمول الخراب إقتصادها وحياتها الاجتماعية، ووقوعها أسيرة فوضى شاملة إثر حكم أستبدادي قلّ نظيره، وأشتداد حدة الأستقطاب الطائفي وشيوع أكثر الأشكال العشائرية تخلفاً، إضافة الى ما توفره من مناخ ملائم للأستبداد. ثانياً. غياب التوافق على نظام الحكم حيث يغيب مفهوم واضح للديمقراطية ويشمل ذلك: - غياب التوافق حول النظام الأنتخابي (نسبي، دوائر، دائرة ..الخ). - هل الديمقراطية تداول سلمي للسلطة أم آليات للقفز اليها؟ - كيف تتم المواؤمة بين ديمقراطية الليبراليين وولاية الفقية، بين الأقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية!! ثالثاً. غياب التوافق حول مفهوم الدولة المدنية وحقوق وواجبات المواطن. إن الشرط الأساس لقيام أي نظام ديمقراطي هو تبني مفهوم واضح للدولة المدنية التي أثبتت التجارب العالمية المختلفة بطلان الأدعاء بتعدد مكنوناتها الأساسية رغم تعدد أشكالها. وتتمثل شروط قيام الدولة المدنية الحديثة بما يلي: 1. وجود قاعدة من التشكيلات الاجتماعية والانسانية والخدمية والنقابية المستقلة 2. وجود مواطنة حقيقية متحررة من الاملاءات والضغوط وسياسة الاكراه والاغواء 3. تنظيم العلاقة بين الدين والدولة. 4. توفير الخدمات والحماية والضمانات الأجتماعية. 5. المساواة بين المرأة والرجل على أساس انهاء التمييز، دستوريا، ضد النساء وتحريم استخدام القوة والاكراه ضدهن وتيسير فرص العمل والمشاركة في جميع مرافق الادارة لهن، والتزام لائحة حقوق الانسان بصدد حقوق المرأة. 6. حماية التنظيمات الاجتماعية والانسانية والخدمية المستقلة، واعتبار حرية التعبير والاجتهاد والبحث والابداع الثقافي والفكري خارج المراقبة والهيمنة. 7. ضمان المعارضة السياسية للحكومات وتوفير الفرص للمعارض دستوريا للمشاركة السياسية والتعبير عن رأيه والتعبئة له. 8. ويلعب تنظيم العلاقة بين الدين والدولة أمراً رئيسياً في بناء الدولة المدنية، بما يعنيه من : · منع إنفراد معتقد ما بالسيطرة على الدولة. · ضمان حرية العقيدة وتحقيق المساواة بين البشر. · فك الأشتباك بين الدين كمعتقد وكمكون أساسي لثقافة وشخصية الفرد العراقي وبين الأيديولوجيات الدينية الشمولية التي هي محض تفسير بشري سياسي للدين. أن الدين كظاهرة تاريخية شديدة المرونة في تغيير أشكالها، ركن من اركان العالم الروحي الذي يختاره الإنسان، ومكون رئيسي من مكونات ثقافة شعبنا. ولهذا فإن بأستطاعته أن يؤدي وظائف إجتماعية متميزة وأن يكون أحد مراجع الديمقراطيين في التعبئة نحو الحرية والعدالة، وفي فضح الجوهر اللاإنساني لأية قوة شمولية تحاول إستخدامه لفرض اجندتها. ويمكنني أن أزعم بأن هذه القوى أدركت هذه الحقيقة مبكراً وراحت تسعى لأيقاع خصومها الديمقراطيين في أوار صراع أيديولوجي لا معنى له الأن يرتكز الى ثنائية إما الإسلام والعلمانية. فهل هو صراع بين العلمانية والأسلام أم بين الديمقراطية والشمولية؟ إن أعتماد الإسلام كمصدر وحيد للتشريع أمر لا عقلاني بسبب: · تعددالطوائف والأديان · تنوع المذاهب الإسلامية وإختلافها في المحرمات والواجبات الشرعية · عدم وجود نظام حكم إسلامي تأريخي ومعاصر يثبت كمرجعية · عدم تطور الفقه لتوفير تفسيرات عصرية علمية مناسب للكثير من المفاهيم المتعارضة مع الدولة الحديثة كمفهومي أبناء الفرقة الناجية وأهل الذمة، مبدأي الأمامة في قريش وولاية الفقيه، ومصطلح كتب الضلالة، وواجب تغيير المنكر باليد والقلب واللسان والنقص في عقل المرأة ودينها والخ. رابعاً: المشاركة الشعبية الفاعلة وتنمية الوعي الديمقراطي للناس، أهم ضمانة لحماية الدستور: إن المتتبع لواقع الحال يستنتج بدون عناء ضعف المشاركة الشعبية وتراجع الوعي الديمقراطي لدى الناس، والذي يشتد مع ما يسمى تطور العملية السياسية. وتكمن أسباب ذلك في:
مــا العمـــل:
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |