التعديلات على الدستور بعثية قُحْ فارفضوها رجاء!!
طارق حربي
tarikharbi@chello.no
http://www.summereon.net/
لاشك
ورد في الدستور العراقي العديد من الأخطاء والثغرات، لاسيما المتعلق
منها برؤية واضحة لمستقبل العراق، أو المشروع السياسي للعراق الجديد،
لكنه الأفضل بعد طول مخاض وعهود قمع، وقبل أن يرفع الدستور إلى الجمعية
الوطنية لتتم المصادقة عليه، وفي خطوة لاحقة تقوم الأمم المتحدة
بطباعته، كم كنت أتمنى أن تلتفت اللجنة المكلفة بصياغة الدستورإلى تلك
الأخطاء، ويتم تداركها وتصحيحها برؤية وطنية عراقية صادقة، باعتبار ان
الدستور شرعة وطنية ومنهاج عمل لمستقبل الشعب العراقي، القريب والبعيد،
لكن ظهر للأسف الكثيرمن التجاذبات داخل اللجنة نفسها، حتى أصبح الدستور
تتنازعه إرادتان : شيعية وسنية (ومايتبع ذلك من مرجعيات طائفية
وإقليمية!!)، وليس الإرادة الوطنية المحض!
ولعل الطريق الصعب الذي نهجه العراقيون خلال حكم الأنظمة السابقة،
سيكون له التأثير المباشر على المشاريع الوطنية التي تولد اليوم وغدا،
سيلحق بها من النقص والثغرات ماتحتاج إلى المعالجة والتصويب وطبعا أخذ
العبرة، فمجيء علاوي إلى الحكم مثلا بديمقراطية التصفيق التي ابتكرها
الأخضر الإبراهيمي، ستتذكرها الأحزاب والقوى الوطنية، ليس اليوم على
أية حال، لكن بعدما تهدأ الروح العراقية من هذا المخاض الصعب، الملىء
بالدم والدموع!
وبدلا من أن يعالج الأعضاء السنة الثغرات في الدستور، رأوا عدم التوقيع
عليه دون شروط منهم وإضافات، هي بمجملها إن شئت الحقيقة، لم تكن لوجه
العراق، لكن لإرضاء الدول العربية، لاسيما الإقليمية منها، بمعنى أنهم
يريدون ومن ورائهم القومجيون، تعويضا في الدستورعن البعث البائد،
إشارات واضحة على أن الخطاب العروبي والإرادة العربية موجودان بقوة في
الدستور، فيكون للتسلط في المستقبل، على ثروات البلاد حجة وسند دستوري،
يرسمون من خلالها له سياسات ترتهن إلى منظومة سياسية ملزمة عربية
جماعية متخلفة تكبله، في مؤتمرات قمة مضحكة يحلب فيها الأموال حلبا،
وتقودها الجامعة العربية ومؤسساتها، التي لاهم لها سوى كدية المزيد من
الأموال لجيوب فقهائها ودهاقنتها!!
مقابل ذلك يحصل السنة على دعم من القومجيين العرب : سياسيا وإعلاميا
وفي المحافل الدولية!
ويالله صبوها الكهوة وزيدوها هيل..
لكن هيهات فقد ولى زمن البعث الأسود!!
هل أتاكم أحد الأشياء المضحكة في تكتيك الأعضاء السنة السياسي في لجنة
صياغة الدستور، إنهم في الوقت الذي يرفعون فيه شعارات مقاومة المحتل
الأجنبي والموت لأمريكا وماإلى ذلك من شعارات وخزعبلات زرقاوية
قرضاوية!!، يجتمعون مع السفير الأمريكي ببغداد خليل زاده!!، ويتوسلون
منه التدخل بحذف فقرات من الدستور، وإضافة أخرى إرضاء لأهواء العرب
والجامعة العربية التي هلل رئيسها قبل قليل، للتعديلات المزمع إجراؤها
على الدستور.
والنقاط التي يرون تعديلها في الدستور هي :
*العراق وحدة وطنية مستقلة.
*ان تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية في اقليم كردستان اضافة الى
اللغة الكردية.
*ترحيل الفيديرالية الى الجمعية الوطنية المقبلة.
*رفع كلمة اتحادية اينما وردت في المسودة.
*تعديل قانون الجنسية ليقتصر على منحها الى الشخص المولود من اب وام
عراقيين حصراً على ان ينظم بقانون.
*توزيع الثروات عن طريق الحــــكومة المركزية.
*الغاء قانون اجتثاث البعث، وحذف مصطلح البعث الصدامي من المسودة.
*اعتبار العراق جزءاً من الامة العربية.
النقاط أعلاه هي لإرضاء الأمة العربية لاسيما المحيطة بالعراق، ومليئة
بحنين عروبي شوفيني للعهد الساقط، وفيها طلبات تعويضية عن امتيازات
مفقودة هي السلطة والجاه والمال، فلكي يكون العراق وحدة وطنية مستقلة
برأيي، يجب أن يفهم ذلك ضمن سياق الأمة العراقية، المتآلفة في
فسيفسائها المعروف، وغير خاضعة لإملاءات القومجيين العرب ممن يتربصون
بالعراق شعبا وخيرات ومستقبلا!!
ولاأفهم معنى أن تفرض اللغة العربية في إقليم كردستان، إلا من باب جعل
رضوخ الشعب الكردي أمرا محسوما للسلطة المركزية، وهومالايصح، وواضح أن
هذا الفرض اللغوي، لايخرج عن سياق منظومة التفكير البعثي، في أذهان
وعقول الأعضاء السنة في لجنة كتابة الدستور، ومن ورائهم عرابوهم المطلك
والضاري وولده بهي الطلعة!، يعني التلويح للأكراد بإمكانية إعادة نظام
الحكم الشمولي، وفرض اللغة العربية جزء من أدوات هذا الحكم الكريه!!،
وما محاولة تمييع مبدأ الفيدرالية بترحيله إلى الجمعية الوطنية
المقبلة، إلا لكسب المزيد من الوقت، وكذلك إلتفاف من بقايا البعث في
العراق الجديد، على حقوق الناس في ثرواتهم وإدارة شئؤونهم بأنفسهم،
سيتبعه لاحقا تضييع حقوق الجنوبيين الفقراء في تملك ثرواتهم، التي
طالما حرموا منها، وإدارة مناطقهم وإعادة الإعمار فيها وتحديثها وسوى
ذلك مما تتطلبه التحديات في العراق الجديد.
هذا استحالة طالما تحكم العراق اليوم أحزاب متآلفة في برلمان عراقي حر
ضمن بناء سياسي جديد، ولو كره الكارهون رؤية رصيد له وتطبيقات على أرض
الواقع.
وتبقى قضية اجتثاث البعث مسألة المسائل، فلاتراجع عن تثبيت هذا المبدأ
في الدستور، لكي يبدأ هذا الشعب حياته الصحيحة ومستقبله المشرق، بعيدا
عن الماضي البعثي بكل مارشاته العسكرية وحروبه وجوعه وظلمه ومطاميره
ومشرديه، ومالذلك كله من تأثيرات جهنمية عميقة في بنية الشعب العراقي.
هذه تعديلات بعثية قح فأرفضوها رجاء!