|
مقالات في الدستور
مسودة الدستور المعجزة!!! كريم الربيعي ناشط في حقوق الانسان
ملاحظة: يرجى الانتباه لارقام المواد قد يختلف بعض الشيء من مسودة الى اخرى حسب اليوم والاصدار والتعديلات!!. بداية يمكن القول ان العراق شهد سن دساتير مؤقته عديده وكانت تواريخها كالتالي: القانون الاساسي العراقي 1925 قانون تعديل القانون الاساسي في العراق قانون التعديل الثاني للقانون الاساس لسنة 1925 الدستور المؤقت لعام 1958 قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة رقم 25 لسنة 1963 4 نيسان 1963 الدستور المؤقت لعام 1964 دستور 21-9-1968 المؤقت دستور 16-7- 1970 دستور عام 1980 مقترح دستور عام 30-7-1990 لم يجري العمل به حيث كان مطروحا للمناقشة وحصلت عملية احتلال الكويت. ان ابر السمات التي تميزت بها هذه الدساتير هي: ترسيخ الانظمة الفردية،عدم تحديد الفترة الزمنية لهذه الدساتير، عدى دستور 1964 الذي حدد العمل به لعام واحد ووعد باجراء انتخابات، ولكن ذلك لم يحصل، تركز جميع السلطات بيد رئيس الجمهورية وتحويل جميع السلطات الاخرى الى كورال مرددا ومصفقا لمعجزات الرئيس وانعدام الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية. و رغم ان تلك الدساتير كانت تحتوي على الكثير من الحقوق والحريات المثبتة بنصوص جميلة، الا انها بقيت حبرا على ورق، لا بل جرى مصادرة ابسط حقوق المواطن العراقي والذي تعرض الى اشرس حملة منظمة للقمع والترهيب اليومي، على امتداد تلك الحقبة التاريخية. وعلى الرغم من ان العراق قد وقع وانظم للمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان الا ان ماجرى على ارض الواقع هو معاكسا لتلك النصوص والمعاهدات، وهذا ما اشترك فيه قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت الذي صدر في عام 2004 . حيث بقيت التعهدات الخاصة بحقوق الانسان خصوصا، نصوص فقط وكانها كتبت على لوح من الرمل. يبين الجدول ادناه بعض الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق والتي لها علاقة بحقوق الانسان:
ناهيك عن الكثير من الاتفاقيات ذات العلاقة منها اتقاقية رقم 29 – اتفاقية العمل الجبري والالزامي وتم التصديق عليها عام 1930 واتفاقية رقم 98 اتفاقية حق التنظيم والمفاوضات الجماعية وتم التصديق عليها عام 1962 واتفاقية رقم 100 اتفاقية المساواة في الاجور وتم التصديق عليها عام 1963 واتفاقية رقم 105 اتفاقية الغاء العمل الجبري وتم التصديق عليها عام 1959 واتفاقية رقم 111 اتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة وتم التصديق عليها في عام 1959 واتفاقية رقم 138 اتفاقية الحد الادنى للسن وتم التصديق عليها في العام 1985 واتفاقية 182 اتفاقية اسوء اشكال عمل الاطفال وتم التصديق عليها في العام 1999 ويشكل العراق طرفا متعاقد اصليا في عدة معاهدات دولية لحقوق الانسان منها اتفاقيات جنيف الاربع للعام 1949 واتفاقية لاهاي بشان حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام 1954 . انظر وثيقة رقم 2005/023/14 لمنظمة العفو الدولية. وهنا لابد من التاكيد ان العبرة ليس بوجود الدستور وتضمينه ذلك الكم من الحقوق وما شابهه، بل العبرة في الضمانات الفعلية لصيانة تلك الحقوق من قبل الدولة ووعي المواطن لحقوقه . وعلى قاعدة تغييب الحقوق الانسانية للمواطن العراقي طيلة الفترات الماضية وتدني ان لم يكن انعدام الوعي القانوني في الشارع العراقي وفي ظل سلطة الاحتلال والتوتر الدائم الذي يحكم الحياة اليومية، وفي ظل تعميق الصدع في المجتمع على اسس طائفية ودينية وحزبية ضيقة، ومحاولة تديين العملية السياسية في المجتمع، وضمن سياسات التحاصص الطائفي في الوزارات والمراكز، وهيمنة المليشيات الحزبية المسلحة على الشارع العراقي وعملها الحثيث لتطبيق حكم الشريعة والعشيرة، وتسخير امكانيات الدولة والمؤسسات الامنية وخصوصا الشرطة لخدمة مصالحا، وفتحها السجون الخاصة بها،مدعومة بصمت كلا من قوات الاحتلال وما تخلفه هذه القوات من مشاكل يومية، والاجهزة التنفيذية العراقية، وتفاقم الفساد، جرت المطالبة وبضغط من القوى الدينية ومراجعها بضرورة اجراء انتخابات عامة ينتج عنها تشكيل جمعية وطنية " برلمان عراقي" على ان تشكل هذه الاخيرة لجنة لكتابة مشروع الدستور الدائم . ترافق ذلك مع تصريحات اطلقتها القوى السياسية، على ان اجراء الانتخابات وسن الدستور هما حلان كفيلان باعادة الامن والقضاء على الارهاب في الشارع العراقي!! في محاولة تدل على استخفاف تلك القوى بعقل المواطن العراقي. وبدلا من ان تضع تلك القوى في اولويات جدول عملها عملية اجتثاث الاثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي خلفها الحكم الدكتاتوري في المجتمع العراقي اولا واعادة بناء مؤسسات الدولة ثانيا والتي ستساهم بحل لمشكلة البطالة التي وصلت الى 70%، خلطت تلك القوى، وبمباركة خارجية وداخلية عبر الفتاوي والبيانات السياسية، جميع الاوراق، مصرة على ان لا حل لمشكلة الارهاب واحلال الامن الا بالانتخابات. ولكن الواقع للاسف لم يثبت صحة شعاراتها ووضعت هذه التقديرات العراق في عملية عدم استقرار على المستوى التنفيذي من خلال اربع تغييرات وزراية منذ سقوط النظام أي خلال ثلاث سنوات فقط، واليوم تمارس هذه القوى ذات الاسلوب تحت شعار حل مشاكل العراق يمر عبر التصويت لمسودة الدستور الدائم بنعم، مثيرة الرعب بين المواطنين متذرعة بان رفض هذا الدستور سيبقي البلد في دوامة العنف وربما سيقود الى الحرب الاهلية، لا بل انها تعمل بكل ما لديها من امكانيات وصلاحيات لتتغير قوانين الانتخابات كي تقلل قدر ما تستطيع امكانية التصويت بـ لا للدستور، ولان هذه القوى ومن خلفها مالك القرار اثبتت اليوم وبشكل لايدعو للشك انها عاجزة عن حل المشاكل التي يعاني منها المجتمع العراقي، وعلى انها احزاب قدمت مصالحها الحزبية الضيقة والطائفية وشوفينيتها القومية على المصلحة الوطنية المشتركة، وهذا ما يؤكده واقع الحال سلطة المليشيات، تهريب الثروات برعاية القوى النافذة، تقاسم المناطق بين المليشيات الحزبية، الانتهاكات الفضيعة لحقوق المواطن العراقي والتي وصلت الى اسوء حال والعمل المنظم لتعميق الحس الطائفي وخلق كانتونات مذهبية عملوا لدعمها في مسودة الدستور الدائم بالعديد من المواد التي ساتناولها لاحقا. والتي من اجلها لا يكفون من ارهاب الناس تحت شعار التصويت بـ لا سياتي بالحرب الاهلية!! ان اقرار هذه الدستور هو تحقيق حلم الموالي ورؤساء العشائر " في زمن اصبح فيه لافرق بين الحزب والعشيرة والطائفة " في ولايات تكتسب شرعيتها من الدستور . وتجتهد المرجعيات الدينية واحزابها والاحزاب الاخرى على تكوين التحالفات من اجل دفع المواطن العراقي للتصويت بنعم على هذه المسودة، ومحاولة الغالبية من تلك القوى بتجريم من يقول لا لهذا الدستور على انه من فلول البعث!! وهكذا يصبح الاتهام القديم صالحا اليوم ايضا، حيث كان من ينتقد نظام صدام معادي للحزب والثورة واليوم معاديا للعراق الجديد!! دون ان تكلف الاحزاب المنظوية في الجمعية الوطنية نفسها أي جهد بالاستماع الى الملاحظات والدراسات العديدة والقيمة التي قدمها خبراء ومهتمين حول عملية كتابة الدستور لا بل ودون عقد الاجتماعات الجماهيرية لسماع اراء ومقترحات قطاعات الشعب، ودون ان تحترم وتدقق ما سنته من قرارات ترفض بها النفس الطائفي الذي حول مشكلة العراق من مشكلة سياسية الى سنة وشيعة واكراد وعرب وتركمان ومثلثات ودوائر... الخ. متناسين انهم ذاتهم من وقع على قانون ادارة الدولة المؤقت والذي نص في " المادة الثالثة عشر " ب" على" الحق في حرية التعبير مصان"، ناهيك عن تصريحاتهم اليومية حول الديمقراطية الجديدة في العراق؟؟؟؟. كل هذا ياتي والمسودة لم يجري توزيعها!! بل تشهد يوميا تعديل!! ولطالما فتاوي المراجع والاحزاب اوصت بالتصويت بنعم عليها!!فما ضرورة توزيعها واعطاء الوقت الكافي لمناقشتها شعبيا!!.
مقدمة المسودة: ان الملاحظة الاساسية على نص المسودة يمكن وصفها بنص انكليزي ترجم على يد مترجم ليس لدية اية امكانيات لفهم اللغة الاصل بل كان لدية قاموس، فترجم كل كلمة بما يقابلها وبالتالي تكون لديه نص اخر باللغة العربية، ناهيك عن اعتماد الذين اجتهدو بكتابة تلك المسودة على الاقتباس من دساتير اخرى ومزجها مع تلك النصوص مما زاد من تشويه تلك المسودة. لقد ارادو ان يحددوا وضع اقليم كردستان فوصلوا لاقاليم لاتوجد على الخريطة وبالتالي سيجري التصويت عليها من قبل الشعب بطريقة تشبة "على ذمة الراوي" . ان المقدمة التي ارادت الجمعية الوطنية التغني بها ما هي الا اللمسات الاولى التي تشير الى عملية التمييز بين ابناء الشعب والتي يريدنا البعض ان نتجرعها قطرة بعد قطره . "عرفاناً منّا بحقِ الله علينا، وتلبيةً لنداء وطننا ومواطنينا، واستجابةً لدعوةِ قياداتنا الدينية وقوانا الوطنية واصرارِ مراجعنا العظام وزعمائنا وسياسيينا، ووسطَ مؤازرةٍ عالمية من اصدقائنا ومحبينا، زحفنا لأول مرةٍ في تاريخنا لصناديق الاقتراع بالملايين، رجالاً ونساءً وشيباً وشباناً في الثلاثين من شهر كانون الثاني سنة الفين وخمس ميلادية، مستذكرين مواجع القمع الطائفي من قبل الطغمة المستبدة ومستلهمين فجائعَ شهداءِ العراق شيعةً وسنةً، عرباً وكورداً وتركماناً، ومن مكونات الشعب جميعاً، ومستوحين ظُلامةَ استباحة المدن المقدسة والجنوب في الانتفاضة الشعبانية ومكتوين بلظى شجن المقابر الجماعية والاهواروالدجيل وغيرها، ومستنطقين عذابات القمع القومي في مجازرِ حلبجةَ وبرزانَ والانفال والكورد الفيليين، ومسترجعين مآسي التركمان في بشير، ومعاناة اهالي المنطقة الغربية..الخ " من مقدمة مسودة الدستور. اذا كانت كل مكونات الشعب العراقي دفعت ثمن سياسات النظام الدكتاتوري، فلماذا هذا الغمز والحصحصة ومحاولة اضفاء الطابع المذهبي والقومي على ضحايا العراق! ولماذا لا تكتفي المقدمة بمكونات الشعب جميعا . ان العجب، ان ياتي نص التقسيم على اساس مذهبي" شيعة وسنة " ويتبعه اخر على اساس قومي " عربا وكوردا وتركمانا" وثالث مناطقي " الدجيل واهالي المنطقة الغربية!! كل هذا والمقدمة تؤكد على ان" عراق المستقبل،من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولا تمييز، ولا اقصاء". ان تعريف الانتهاكات بالشكل الذي احتوته المقدمة ماهو الا تجني دستوري على ارواح ضحايا الشعب العراقي، فالانتهاكات لا يمكن اختصارها على انتفاضة اذار ولا على حلبجة بل هي تمتد ابعد من تلك التواريخ والمجازر والتي لازالت تحصل ليومنا هذا، وكان الاجدر وكونه دستور وليس بيان سياسي التاكيد فيه على ضحايا الشعب العراقي بكل مكوناته. كي يتناسق النص على سبيل المثال مع المادة 14 من الباب الثاني الفصل الاول الحقوق "" العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس والعرق والقومية والاصل واللون والدين والمذهب والمعتقد والرأي والوضع الاقتصادي والاجتماعي."" فاذا كنا متساوون امام القانون، والسيادة للقانون كما تنص المادة 5 من المسودة، لماذا اذن تفرقون بين الاموات على اساس المذهب والقومية والمنطقة؟؟؟.
ان الاشكالات الاساسية في هذه المسودة يمكن تقسيمها الى ثلاث:
اولا: الدولة والدين، وهي تشمل جميع المواد والفقرات التي حددتها المسودة بما يتعلق بدين الدولة والتشريع وقوانين الاحوال الشخصية . ثانيا: الحقوق والحريات، ثالثا: الاقاليم والسلطات الاتحادية وتقاسم تلك السلطات .
الجزء الثاني اولا: الدين والدولة: ان القاء نظرة سريعة على هذه المادة وكيف جرت معالجتها في الدساتير المؤقتة السابقة منذ عام 1925 ولحد يومن هذا. سيساعد القاريء لتكوين نظرة موضوعية على المبالغة التي حاولت القوى السياسية فرضها في قانون ادارة الدولة المؤقت ومسودة الدستور الدائم بخصوص علاقة الدين والدولة والمواد العديدة التي جرى تضمينها لمسودة الدستور. القانون الاساسي العراقي لعام 1925 المادة الثالثة عشرة: الإسلام دين الدولة الرسمي، وحرية القيام بشعائره المألوفة في العراق على اختلاف مذاهبه محترمة لا تمس، وتضمن لجميع ساكني البلاد حرية الاعتقاد التامة، وحرية القيام بشعائر العبادة، وفقاً لعاداتهم ما لم تكن مخلة بالأمن والنظام، وما لم تناف الآداب العامة. . القانون المؤقت عام 1958 المادة (4) ـ الإسلام دين الدولة المادة (12) ـ حرية الأديان مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها على أن لا تكون مخلة بالنظام العام ولا متنافية مع الآداب العامة.
الدستورالمؤقت لعام 1968 وهو ذات النص ايضا في دستور 1970 المادة الرابعة: الإسلام دين الدولة والقاعدة الأساسية لدستورها واللغة العربية لغتها الرسمية. المادة الثامنة: الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية. المادة الثلاثون ـ تصون الدولة حرية الأديان وتحمى القيام بشعائرها على أن لا يخل ذلك بالنظام العام وينافي الآداب.
قانون الادارة المؤقت للمرحلة الانتقالية عام 2004 المادة الثالثة: (ا) - إن هذا القانون يعد القانون الأعلى للبلاد ويكون ملزماً في أنحاء العراق كافة, وبدون استثناء. ولا يجوز تعديل هذا القانون إلا بأكثرية ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية الوطنية, وإجماع مجلس الرئاسة, كما لا يجوز إجراء أي تعديل عليه من شأنه أن ينتقص بأي شكل من الأشكال من حقوق الشعب العراقي المذكورة في الباب الثاني وأن يمدد أمد المرحلة الإنتقالية إلى مابعد المدد المذكورة في هذا القانون, ويؤخر إجراء الإنتخابات لجمعية جديدة ويقلل من سلطات الأقاليم والمحافظات ومن شأنه أن يؤثر على الإسلام وغيره من الأديان والطوائف وشعائرها. المادة السابعة: (أ)-- الاسلام دين الدولة الرسمي ويُعد مصدراً للتشريع ولا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية يتعارض مع ثوابت الاسلام المُجمع عليها ولا مع مبادىء الديمقراطية والحقوق الواردة في الباب الثاني من هذا القانون، ويحترم هذا القانون الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية. مسودة الدستور الدائم ايلول -2005
المادة (2):
ب
ـ لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
المادة” 39: العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب
دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم واختياراتهم وينظم ذلك بقانون".
المادة98: يجوز بقانون، انشاء مجلس دولة يختص بوظائف القضاء
الاداري، والافتاء، والصياغة، وتمثيل الدولة وسائر الهيئات العامة
امام جهات القضاء الا ما استثني منها بقانون .
ثانياً ـ تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية وتهتم
بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون وتعزز قيمها الانسانية
النبيلة بما يسهم في تطوير المجتمع وتمنع الاعراف العشائرية التي
تتنافى مع حقوق الانسان. لقد اثبتت السلطات التنفيذية في بلداننا قدرتها على تجاوز جميع النصوص الدستورية وبالتحديد ما ينص منها على الفصل بين السلطات والحقوق والحريات، وبذلك كان المواطن ولازال اول الضحايا لذلك الاستحواذ. وان تسطير المواد الخاصة بحقوق الانسان في دساتيرنا اصبح عملية تجميل لا غير ودفعا للانتقادات الدولية، وثبت هذا الامر عراقيا كثبوت رؤوية الهلال!! في كل الفترات منذ عام 1925 حين سن الدستور الاول في العراق الى قانون ادارة الدولة المؤقت، وسيشمل حتما الدستور الدائم . ان القوى التي صاغت تلك المسودة ليس لديها الايمان والقناعة بقضية الديمقراطية وحقوق الانسان، وانما التاكيد عليها هو نتيجة الضغوط والمحاباة، وقد اثبتت السنوات الثلاث المنصرمة بان هذه القوى لاذت بالصمت امام ماارتكبته ولازالت مليشياتها المسلحة من انتهاكات وتصفيات تضاهي ما ارتكب على يد النظام الدكتاتوري. ان تثبيت دين الدولة الرسمي في الدستور ليس بالامر الغريب ولا اعتقد انه يعد مصادرة لحق احد، هناك العديد من الدول التي لايوجد في دساتيرها نصا على دين الدولة والعكس ايضا صحيح، فمثلا الدنمرك وهي من الدول ذات نظام برلماني، يحدد دستورها اسم الكنيسة الرسمية التي تدعمها الدولة. ولكن الدستور يحدد بنصوص عديدة تمنع الكنيسة ورجال الدين والسياسة الاعتداء والتجاوز على الحريات الفردية للمواطن من جانب ومن جانب اخر تعرض كل من يتجاوز على تلك الحقوق للمسائلة القانونية ولكن المشكلة لدينا هي ان يصبح الدين هو مصدر للتشريع!!. ان المواد التي خصت الدين في مجالات مختلفة في مسودة الدستور يمكن احصائها على اقل تقدير بسبع مواد تبداء في التشريع وتنهي في المحكمة الاتحادية العليا. وهي المرة الاولى التي يتناول بها دستور عراقي الدين بهذا الحجم من المواد والتركيز والتفصيل. ورغم ان الدساتير السابقة اكدت على الدين الرسمي للدولة، الا ان الحكومات السابقة " باستناء الحملة الايمانية" لم تمارس وتسمح لاحد باجبار النساء على التحجب كما هو الحال اليوم، ومنع حلاقة اللحي وتفجير محلات الحلاقة، والدعوات للفصل بين الجنسين على مستوى الجامعات ..الخ . ان الذين ساهموا بصياغة المسودة هم ممثلي لاحزاب واعضاء في الجمعية الوطنية وهم واحزابهم كانوا بالامس ايضا في مجلس الحكم وفي المرحلة الانتقالية الاولى وساهموا في صياغة قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية، ولم يلتزم بنصوصه أي حزب خصوصا الاحزاب صاحبة المليشيا المسلحة والدينية منها على الخصوص والتي طبقت ولاية الفقية في اجزاء كبيرة من العراق وتجاوزت على حرية ابناء الشعب العراقي الى درجة حرمت بها حلاقة اللحي. وربما ياتي التزامهم هذا بناءا على توصيات المرجعية الدينية في رسالتها" وجهة نظر المرجعية الدينية في الدستور العراقي الدائم" والمنشورة في صوة العراق بتاريخ 14-6-2005 والتي تحمل ختم السيد اية الله الفياض في 30-صفر 1426 والتي جاء فيها" وقد سمحت الشريعة للدولة الحاكمة ان تملاء الفراغ على ضوء متطلبات الوقت واحتياجاته والظروف المناسبة بالقيام بسن تشريعات وقوانين في هذه المنطقة في كافة مجالات الدولة من المجال الاقتصادي والتعليمي والاداري بكل اشكاله وانواعه والمخابراتي والامني والجيش والشرطة وغير ذلك على اساس المصالح العامة للبلد". وتضيف الرسالة " وعلى اساس ذلك فعلى المسؤولين في الدولة واعضاء الجمعية الوطنية ان ياخذوا هذه الخصوصيات المميزة بعين الاعتبار في كتابة الدستور الدائم لانهم المسؤولون بالدرجة الاولى عن ذلك ومسؤوليتهم امام الله وحده لاشريك له وامام شعبهم المسلم تفرض عليهم ان لا يقوموا بالتشريع في منطقة الفراغ على اساس مصدر اجنبي فانه استخفاف بالاسلام وتهميش لدوره كما انه استخفاف بالهوية الاسلامية للشعب العراقي......" هذه هي الخلفية التي وضعت على اساسها مواد المسودة، وان ما يتعلق بمواثيق حقوق الانسان فهذه الاتفاقيات اجنبية وبالتالي لا يحق لمن كتبوا المسودة العودة اليها والا كان ذلك استخفاف بالهوية الاسلامية. ان ما قاله السيد جواد المالكي، وهو احد الاعضاء في اللجنة البرلمانية لكتابة الدستور العراقي، يؤكد اصرار هذه القوى المسبق لاضفاء الشريعة الاسلامية على المسودة المقترحة، حيث قال " ان مسودة الدستور التي تطرح اليوم الاثنين على الجمعية الوطنية ستجعل الاسلام مصدرا اساسيا للتشريع وتمنع اي قوانين تتعارض واحكام الشريعة. بغداد 22 أغسطس اب /رويترز/. ان نص المادة 2 "أ" و" ب " أي بعدم جواز سن قوانين تتعارض مع احكام الاسلام من جهة ومن جهة ثانية بعدم جواز سن قوانين تتعارض مع الديمقراطية، يدل حقيقة على عمق الشرخ وغياب روح الحوار الذي تحكمه الروح الوطنية وجهود كل طرف لتثبيت مطالبه بغض النظر عن ان تلك المطالب تتعارض ولا تنسجم مع ما يليها! ان مفهوم الديمقراطية اليوم لم يبقى محصور كما كان في الامس على الاغلبية والاقلية، ان حقوق الانسان والحريات الفردية اصبحت حجر الاساس في العملية الديمقراطية، ولهذا ان وجود هذين النصين المتناقضين يذكرنا " بحكاية تزامن عاشورا مع اول ايام العيد فكان الناس يلطمون بيد ويطكون اصبع باليد الثانية" . وعدى عن ان هذه المادة تمهد مع المواد الاخرى الى بناء دولة دينية وبالتالي افغنة وطلبنة العراق، فان نصوص هذه المسودة لاتخرج عن اطار ما سبقها من الدساتير العراقية التي اعتمدت على طريقة ابقاء الحبل ملفوفا حول عنق المواطن من خلال تغييب حقوق الانسان سوى عبر الادلجة لها واضفاء الطابع الديني عليها. ان النصوص المتضاربة والناقضة لبعضها البعض كثيرة حقا في هذه المسودة، وربما يعد هذا الجهد والاهتمام من السياسيين العراقيين لخلق حالة من الانفصام الشخصي لدى المواطن العراقي . يقول المفكر الاسلامي المستقل السيد اياد جمال الدين في لقاء منشور في صفحة القاسم المشترك الالكترونية بتاريخ 25-9-2005 مايلي" مسودة الدستور تؤسس لنظام ولاية الفقيه من نوع جديد، وذلك اذا قرأنا المادة الثانية من الدستور التي تنص على ان الدين الرسمي الاسلام، والاسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع والفقرة الثالثة من هذه المادة هي ان لا يسن أي قانون يخالف ثوابت احكام الاسلام. وفي الفصل الثالث الذي يتعلق بالسلطة القضائية حول المحكمة الاتحادية العليا والمتكونة من خبراء في القانون وخبراء في الفقه الاسلامي، هذه المحكمة سيكون لها حق النقض على قوانين البرلمان العراقي لتمييز ما هو موافق ومخالف لأحكام الاسلام، وهذا بالضبط مستنسخ عما هو موجود في الدستور الايراني بما يعرف بمجلس صيانة الدستور الذي يضم 6 من الفقهاء و6 من القانونيين لتمييز ما هو اسلامي وما هو غير اسلامي في القوانين. وهذا يعني ان هناك اشخاصا غير منتخبين لهم حق النقض(الفيتو) على اشخاص منتخبين. في تصوري ان العراق لا يستوعب نظاما مثل نظام ولاية الفقيه (المتبع في ايران)." ويقول السيد هادي فريد التكريتي بدراسة له حول المسودة نشرت على الانترنت" فالشيعة فرق وطوائف والسنة والسلفية والوهابية مثلهم، وكلهم يختلفون فيما بينهم على الحكم الواحد، والبعض يلغي البعض منهم، فاي طائفة لها القول الفصل والحكم الصحيح في الاسلام؟" ويضيف " اختلفت طوائفهم منذ 1400 عام فهل هم قادورن على التوحد؟ اذن ليتوحدوا اولا وليتحدثوا باسم الاسلام ثانيا ومن لا يصدق ما اقول فليرجع الى كتاب الملل والنحل للشهرستاني وسيرى العجب العجاب من الفرق والطوائف الاسلامية وكلها تقول بالشهادة وكلها تؤمن بالقران وما حوى وكلها تقاتل بعضها وتنكر عليها ايمانها فهل اصحابنا من غير هؤلاء". والسؤال هنا هل بايع السادة الذين اصرو على هذه النصوص ولاية الفقيه في ايران قبل ان يدخلوا العراق وبالتالي كان عليهم ان لا يخونوا هذه البيعة؟ تنص المادة 5 على ان:السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية. عن أي قانون يتحدثون؟ هل قانون الشريعة، ام القانون الوضعي؟ ان هذه المادة تعطي الشعب الحق بتشريع قانونه وان يكون الشعب مصدر السلطة والتشريع كما تنص المادة رقم 5، واذا كان الشعب مصدر السلطات! فهذا يعني ان السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية مصدرها الشعب وبيد الشعب!! واذا اتفقنا على هذا النص فاين سيصبح ما نصت عليه المادة 2 في الفقرة " أ " بالاضافة الى المقدمة!! اليس الاجدر هو حذف المادة 5 اصلا كي يتناسب محتوى المسودة مع مصدر التشريع الاساس!!! وعليه يوكل الشعب امره الى اولياء الامر، فهم من يقولون لنا " متى نقول نعم ولا ومتى نفعل هذا وذاك " ويكون الحال كما ذكر السيد علي عباس الموسوي في دراسة له على الانتر نت "وفي الاسلام شعائر اساسية يجب على المسلمين اقامتها والحفاظ عليها، وهي تتجاوز الحالة الفردية للمكلفين الى المجتمع المسلم؛ وذلك كما تقدم في مسالة الحث على صلاة الجماعة، وان من يغيب عن جماعة المسلمين يجب على الامام ان يحذره، بل ورد في روايات اخرى عن الامام الصادق (ع) ان رسول الله (ص)هم باحراق قوم في منازلهم كانوا يصلون في منازلهم ولا يصلون الجماعة" . الحر العاملي، وسائل الشيعة، باب 11، من ابواب صلاة،الجماعة، حديث 13، ج 8، ص 317. اما الملاحظات الاخرى فتتركز على المادة 2 الفقرة2 والتي يضمن بها الدستور الهوية الاسلامية لغالبية الشعب؟؟ اعتقد ان وجود أي نص تتطلبه ضرورة ما، فلو كانت هذه الهوية مهددة بسبب حروب دينية وبقوة السلاح يمكن للمشرعين ان ياتوا بنص يوجب على السلطات فيما بعد العمل على تحقيقه، ولكن الامر الغريب انه حتى الدكتاتورية في عهدها حافظت لا بل عمقت وبطريقتها هذا الامر عبر نشر المدارس الدينية وبناء الجوامع وهذا ما عرف بالحملة الايمانية. والمادة 41 والتي تنص على حق ممارسة الشعائر الدينية وهي مادة مكررة اكثر من مرة في نصوص المسودة واضيف لها "بما فيها الشعائر الحسينية "! والسؤال هل هذه الشعائر ليس دينية كي تضاف الى النص؟؟ ولماذا لاتحدد ممارسة تلك الشعائر بنص "ما لم تكن مخلة بالأمن والنظام والاداب العامة!!
الجزء الثالث
ثانيا: الحقوق والحريات: ان ميثاق الامم المتحدة يعد من ابرز
المعاهدات بين الدول التي تضمن احكام حقوق الانسان الاساسية، ونصوص
المواد 1 و55 و56 و103 من الميثاق تؤكد على ذلك وكما نصت المادة 55
"" رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام
علاقات سليمة ودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي
بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها،
تعمل الأمم المتحدة على: وحين صدقت الدول المنظمة تحت لواء منظمة الامم المتحد، على الميثاق نصت المادة 56 منه على"" يتعهد جميع الأعضاء بأن يقوموا، منفردين ومشتركين، بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع الهيئة لإدراك المقاصد المنصوص عليها في المادة 55"" وبهذا يعطي الميثاق الزامية للدول الاعضاء والعراق واحد منها في العمل على ضمان حقوق الانسان. ووفقا للمادة 27 من اتفاقية فينا الخاصة بقانون المعاهدات، لا يجوز للدولة الطرف التذرع بنصوص قانونها الداخلي كمبرر لتقاعسها من مراعاة واجباتها الدولية. وهذا تعززه المادة 2 الفقرة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ان " تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، اذا كانت تدابيرها التشريعية وغير التشريعية القائمة لا تكفل فعلا اعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بان تتخذ، طبقا لاجراءاتها الدستورية ولاحكام هذا العهد، ما يكون ضروريا لهذه الاعمال من تدابير تشريعية وغير تشريعية". انظر وثيقة رقم 2005/023/14 لمنظمة العفو الدولية. ان العلوية في هذا المجال تعد للقانون الدولي وليس القانون المحلي والذي يجب ان يؤكد عليه الدستور كاحد مصادر التشريع. فاذا كانت المادة 44 في المسودة والتي جرى حذفها قد ضايقت البعض لانها تؤكد على الاتفاقيات الدولية بخصوص حقوق الانسان وكون من وقعها ليس منتخب، فماذا يقول السادة في ميثاق الامم المتحدة وميثاق الجامعة العربية وغيرها من المعاهدات والاتفاقيات، فمن وقع على تلك المواثيق ايضا لم يكن منتخب؟؟ ان تبريرات حذف تلك المادة كان من السذاجة السياسية،حيث جرى وضع كل ماحدث بالعراق تحت يافطة الغير منتخب؟؟ فاذا كان هذا هو العقل السياسي، فعلى الحكومة العراقية والجمعية الوطنية الحالية هدم كل ما تبقى من البنية التحتية والغاء كل المعاهدات التي صدق عليها العراق لان من وقع عليها غير منتخب، وبالتالي وضع قرار التوقيع على هذه المعاهدات واعادة بناء البنى التحتية باسم الحكومة المنتخبة؟؟ واذا كانت كذلك لماذا اقتبست المواد التالية من الدستور المؤقت لعام 68 وهي المادة 9 ب وثانيا، المادة 16 المادة 17 الفقرة 2، المادة 19 الفقرة 7و8، المادة 27 و28 والمادة 71و 86 و124. انها حقا جهالة سياسية ستقود حتما الى ذات الارضية التي بنى عليها الدكتاتور سياسته. لماذا هذا الكذب؟؟ لماذا لا تصارحوا الشعب بالحقيقة بان تلك المعاهدات بالاضافة الى الكثير من المواد الفضفاضة حول حقوق الانسان التي زينت بها المسودة لا تنسجم مع المادة 2 وسوف لن تتمكن أي محمكة اتحادية كانت وغيرها من حل التعارض والتناقض بين الرؤى التي كتبت بها المسودة وتلك المعاهدات!. ان المراجع الدينية لاتريد الاعتماد على التشريعات الدولية وبهذا تمهد هذه المواد بالاضافة الى المواد الواردة في سلطات " الاقاليم الافتراضية" الطريق امام دولة الولايات وجيوش الوالي على طريقة ما يحصل يوميا في جنوب العراق بشكل خاص وما حصل بالبصرة في اذار السابق، خصوصا وان قضية نشر ثقافة حقوق الانسان وكفالة وصيانة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لم يجري تاكيدها بنص واضح وصريح على انها من الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية، ولطالما ان الاقاليم من حقها ان تضع دساتيرها ولها سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا ما تنص عليه المادة 111: " كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية تكون من صلاحيات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما ." وعلى الرغم من محاولة الجمعية الوطنية وضع ابواب وفصول، كونها هي صاحبة المشروع، الا ان تلك الحقوق تلبسها الطابع الديني ايضا والانتقائية وغياب حقوق المراة والالتزام بالمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان والتي كانت مثبتة في المسودة تحت المادة 44 والتي حذفت. ان المباهاة في تاريخنا القديم كما نصت عليه المقدمة، يفرض على من كتبوا المسودة ان تكون نصوص هذه المسودة اكثر ترتيبا وتسلسلا وان تكون اثراء لذلك التاريخ، لا ان تكون انتقاصا له. ان من يقراء فصول الحريات والحقوق يجد وكانها نظمت بطريقة القرعة وليس بطريقة تشريعية تفترض المنهجية . لقد كان الاجدر ذكر الحقوق السياسية بما تنص عليه من حق الاشتراك في الانتخابات، الاقتراع والترشيح، وعلى اساس المساواة بغض النظر عن الجنس والمهنة والاصل الاجتماعي والدين الخ والاسهام في الحكم وتولي الوظائف على قدم المساواة. اما الحقوق المدنية فيمكن ايجازها بحرية الاقامة داخل حدود الدولة والسفر والجنسية والتزوج واختيار الزوج وحق التملك والارث والفكر والعقيدة وحرية الراي وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتكوين الجمعيات والنقابات والانتماء اليها والحياة الامنة واستخدام وسائل الاتصالات والمعلومات . وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيمكن ان اوجزها بالحق بالعمل، اختيار نوع العمل وشروط العمل المرضية والحماية من البطالة والاجر المتساوي وحق تشكيل النقابات دون تدخل من السلطات التنفيذية والحق في السكن وحق التمتع بخدمات الصحة العامة والرعاية الطبية والضمان الاجتماعي والتعليم والتاهيل والتدريب وحق الاسهام على قدم المساواة في النشاطات الثقافية وحق الراحة واوقات الفراغ وخصوصا في تحديد ساعات العمل وفي الاجازة الدورية المدفوعة الاجر وحق دخول أي مكان ومرفق عام مثل وسائل النقل والفنادق والمقاهي والمطاعم والمسارح والحدائق العامة الخ.. كان الاجدر ترتيب تلك الحقوق والحريات الواردة بشكل افضل وترحيل بعض الفقرات الواردة الى الفصول التي تختص بها،فهل جلسات المحاكم من الحقوق المدنية والسياسية،الم يكن الافضل ترحيل الفقرة هذه الى الباب الخاص بالقضاء، ومثلها سحب الجنسية فهذاه فقرة اجرائية يمكن ادراجها تحت بند خاص بالجنسية ومثلها المادة 24 و25و 26 و27 المادة 34 ثالثا ورابعا الخ. الامر الاخر كيف يمكن لنا ان نتساوى حسب المادة 14 امام القانون دون تمييز بسبب الجنس والعرق والقومية واللون والدين والمذهب ..الخ مقارنة بالمادة 39 " العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم ومذاهبهم... الخ" امام أي قانون سنتساوى بالارث والزواج واثناء الزواج والطلاق وغيره!! ان المادة 39 تلغي عمليا القانون المدني للاحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، ولو كان حقا من شرعوا هذه المسودة ومن يدعمهم صادقين بما كتبوا وخصوصا بالمادة رقم 5 بان السيادة للقانون والمادة 14" العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس والعرق والقومية والاصل واللون والدين والمذهب والمعتقد والرأي والوضع الاقتصادي والاجتماعي."، فان الواجب كان يفرض عليهم اولا تشريع قانون مدني للاحوال الشخصية يحمي حقوق المواطن وخصوصا النساء في الزواج والطلاق والارث ..الخ ويعطي الحق لمن يريد ان يتبع اعرافه المذهبية باتباعها، على ان تحدد تبعيات ذلك الامر بقانون. تنص المادة 19 الفقرة 6 على " لكل فرد الحق في ان يعامل معاملة عادلة في الاجراءات القضائية والادراية ." ولكن هناك نص في المادة 90 الفقرة 3 يقول" ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشان من الافراد وغيرهم حق الطعن المياشر لدى المحكمة" . ان نص لكل فرد الحق، واضح وصريح يفهمه المتعلم وغيره انه فرد من هذا الشعب وله حق، اما ان يجري التقسيم على ذوي الشان من الافراد ومجلس الوزراء .. وغيرهم " ما المقصود بغيرهم ومن هم ذوي الشان!! ولماذا هذا التقسيم لطالما هناك نص المادة 6،وهل يتنافى هذا النص في المادة 90 مع نص المادة 14 " العراقيون متساوون امام القانون...الخ"؟؟ ام هي محاولة لادخالنا دور الانفصام!!!.
اما المادة 29 وبغض النظر عن التعليق عن القيم الواردة في، اود
تسليط الضوء على الفقرة " ب " والفقرة 2: تكفل الدولة حماية
الامومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشىء والشباب وتوفر لهم
الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم. هناك الكثير من المواد التي تعمل على اضعاف العملية الديمقراطية التي يوعدنا بها الدستور ومنها المادة 47 والتي تحدد نسبة تمثيل اعضاء الجمعية الوطنية الى نسبة نفوس الشعب العراقي بـ مقعد واحد لكل 100 الف نسمة، وباعتقادي هذا سيكون حاجز كبير امام الكثير من التجمعات والاحزاب في المشاركة بالعملية السياسية، أي كلما كانت شروط التمثيل اسهل كلما كانت هناك تمثيل واسع لشرائح الشعب العراقي وهذا يعزز بالتاكيد استتباب واستقرار العملية السياسية وتعميق الممارسة الديمقراطية كون ان احد جوانب هذه الديمقراطية المنشودة هو سعة المشاركة وتعدد الاراء. وكذلك ماورد في المادة 57 – ثانيا - " ب" مقترحات القوانين تقدم من عشرة من اعضاء مجلس النواب ومن احدى لجانه المختصة. وهذه تعد خصوصية عراقية حقا! لماذا يجري انتخاب اعضاء بالاسم الى البرلمان؟ واين حق النائب في الاقتراح والانتقاد .. ان هذا النص عدى على انه تعدي صريح على حقوق ومهام النائب المنتخب، يعد بالجانب الاخر تقزيم لامكانيات النواب واطلاق طاقاتهم في تقديم المقترحات التي بالتاكيد سيكون عليها تصويت فيما بعد في البرلمان، فاما تدعم من اغلبية واما تسقطها الاغلبية؟ أي بعملية حسابية بسيطة كي يقدم اقتراح في البرلمان يشترط بممثلي مليون مواطن تقديمه وليس 100 الف مواطن تقديمه عبر ممثلهم . ومن المواد التي تساهم الى جانب هذه المادة في اضعاف الممارسة الديمقراطية تلك التي تشترط بممثلي البرلمان والوزراء والتي نصت عليها بعض المواد، على سبيل المثال تحدد المادة 65 الشروط الواجب توفرها في رئيس الجمهورية ومنها ان يكون قد اتم الاربعين؟ لماذا لايكون 35 عام مثلا!!! وربما هناك اعتقاد لدى لجنة الصياغة بان سن الرشد هو 40 عام وليس 18 عاما وبالتالي عليهم افادتنا وتغيير نظام الخدمة العسكرية بدلا من ان تكون الزامية الخدمة من سن 18 تحول الى 40 عام واعتقد بهذا سيدخلون التاريخ! وتاتي بعدها المادة 74 اولا التي تشترط ".. في رئيس الوزراء ما يشترط برئيس الجمهورية وان يكون حائزا الشهادة الجامعية وما يعادلها واتم الخامسة والثلاثين من عمره" اما ثانيا " يشترط في الوزراء ما يشترط في مرشحي مجلس النواب وان يكون حائزا الشهادة الجامعية وما يعادلها " ويكرر الامر ذاته ايضا في المادة 134 الفقرة ثالثا " يشترط في اعضاء مجلس الرئاسة ما يشترط في عضو مجلس النواب على ان يكون ..... انظر المادة 134. لقد خلى الدستور من نص واضح يؤكد على: ان العراقي الذي بلغ سن الرشد والسن القانوني 18 عام يحق له الترشيح والترشح لمجلس النواب! كما ان التاكيد على سن الاربعين والخمسة والثلاثين والشهادة الجامعية استهانة اولا بالكثير من الكفاءات والطاقات وثانيا عملية تحجيم واهمال للطاقات الشابة ونشاطها لاسيما وان معدل الاعمار لدينا يقع بين 60-70 عام أي ان فترة النشاط والمبادرة والطموح لدى الشباب يجري اهماله وبنص دستوري! ولكن ما وراء ذلك التحديد للعمر هو جانب ديني ربما مرتبط بقضية النبوة!!.
السلطات الاتحادية لم يغيب التعارض والتكرار من هذا الباب، فعلى الرغم من وجود نصوص تختم بانها ستنظم بقانون الا ان واضعي المسودة ياتون على تفصيلها وهذا ما ورد في المادة 65 و64 الخاصة في اختيار مجلس الرئاسة . اما المادة 98 والمادة 100 الفقرة 3 والخاصة بالاوقاف والتي يمكن ترتيبها ان كانت الدولة تريد رعاية الديانات، عبر وزارة الاوقاف والتي عليها ان تقوم برعاية جميع الديانات في العراق وتقع تحت مسؤولية مجلس الوزراء، بدلا من كل تلك الهيئات ودواوين الوقف . وعلى خلفية ان ما يحتاجه العراق اليوم هو العمل الجاد من اجل اعادة البناء وضبط الامن والحكم العادل وليس كثر اللجان رغم اهمية الكثير منها، ففي ظل الفساد المتزايد يعد تشكيل تلك اللجان عمل داعم لهذا الفساد ولزيادة البطالة المقنعة في الدولة، وعليه ورغم ان الكثير كتب على ان ثروات العراق ليس الغاز والنفط، كان يمكن للجنة صياغة الدستور ومن خلفها الجمعية الوطنية والاحزاب المشتركة فيها، لو كان الهدف نبيلا حقا في التوزيع العادل ان توجد هيئة واحدة مستقلة عن الحكومة ومرتبطة بالبرلمان ويمثل بها مجلس الرئاسة والوزراء مهمتها ادارة الثروات وتوزيعها، بما يتناسب مع النهوض بمجتمع حضاري يسهاهم ذلك التوزيع بالحد من الهجرة الداخلية تجاه المدن ورفع المستوى المعاشي للمواطنيين. لقد شكلت المادة 107 الفقرة 2 والمادة 117 الفقرة 5 ايضا اخطر المواد في هذا الباب، وتعد هذه المواد الارضية الدستورية لتاسيس جيش الوالي مدعومة بالمادة 2 من المسودة، فالمادة 107- 2 تمنح الدولة الحق في انشاء الجيش وحماية وضمان امن حدود العراق . والمادة 117 الفقرة 5 تعطي الاقاليم الحق والاختصاص " بانشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم كالشرطة والامن وحرس الاقليم" وكون غالبية مدننا هي مدن لها حدود مع الدول المجاورة فسيكون هناك جيش الدولة وحرس الاقليم، ناهيك عن انتشار حرس الاقليم على حدود الاقليم وهكذا لم ينقص اعلان الدولة الا نص قانوني يطلب من المواطن الحصول على تاشيرة سفر!! والخطر لا يكمن هنا تحديدا وانما يكمن في الصلاحيات التشريعية والتنفيذية والقضائية للاقاليم وتبادل الصلاحيات بين سلطة الاقليم والسلطة الاتحادية، والمشكلة اما ان هناك ازمة قراءة لدى من كتبوا المسودة واما ان هذه الهيئات حقا ليس مهم لديها شكل الدستور وما يحتوي، وانها تظمر اجندة اخرى تعمل عليها.
ان المادة 117 فقرة 2 " يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون
الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض وتعارض بين القانون
الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسالة لا تدخل في الاختصاصات
الحصرية للسلطات الاتحادية" على الرغم من تعارض هذه المادة مع
المادة 13 الفقرة 1 " يعد هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في
العراق، ويكون ملزما في انحائه كافة وبدون استثناء". ان الصلاحيات
الحصرية التي حددتها المسودة تمنح سلطة الاقاليم ما ورد في الفقرة2
من المادة 117، فالمادة 107: تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات
الحصرية الاتية: اولا: رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي
والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض
والتوقيع عليها وابرامها ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية
الخارجية السيادية . ان هذه الصلاحيات الحصرية تخلو اطلاقا من أي بند ينص على حماية الحريات والحقوق المدنية والسياسية والثقافية للمواطنيين، ويخلوا من أي مادة تنص على ان التشريعات في هذا المجال ملزمة ولايمكن التجاوز عليها في دساتير الاقاليم " الافتراضية " . ان خلف ذلك الاهمال طموح لدى البعض باعطاء الاقاليم " الافتراضية " صلاحيات قانونية لبناء دويلاتها حسب الشريعة وعلى نهج الفقية، وهذا ما يجري تطبيقه الان في الكثير من اجزاء العراق.وياتي كل هذا معززا بالمادة 117 الفقرة 4 التي تعطي صلاحية للاقاليم والمحافظات في تاسيس مكاتب لها في السفارات والبعثات الدبلوماسية العراقية. كل هذا مدعوما بالمادة 134 الفقرة 5 أ – والتي تنص على " أ. ترسل القوانين والقرارات التي يسنها مجلس النواب الى مجلس الرئاسة لغرض الموافقة عليها بالاجماع واصدارها خلال عشرة ايام من تاريخ وصولها اليه باستثناء ما ورد في المادتين (114) و(115)من هذا الدستور المتعلقتين بتكوين الأقاليم." ان هذا الدستور يعد حقا مجزرة العراق القادمة والتي ستحول العراق الى ولايات طالبانية ارضيتها قائمة الان والكثير من سلطاتها يمارس على الارض ولكنه ينتظر ان تعلنه الصحف البريطانية والاميريكية كي يصدق به الاخرون.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |