مقالات في الدستور

 

ضمانات احترام القواعد الدستورية في العراق

 

بحث للدكتور مازن ليلو راضي

كلية القانون / جامعة القادسية

lilo70@maktoob.com

تمهيد:

من المبادئ المسلم بها في النظم الديمقراطية إن يمثل الدستور الوثيقة القانونية العليا واجبة الاحترام من السلطات الأساسية الثلاث في الدولة. بحكم إن الدستور يتضمن المبادئ القانونية التي تتعلق بشكل الدولة ونظام الحكم فيها وعلاقته بالمواطنين وينظم السلطات العامة في الدولة وحقوق وحريات الأفراد ويعد الدستور أعلى التشريعات في الدولة ويقع في قمة الهرم القانوني ويسمو على القواعد القانونية الأخرى جميعا. مما ينبغي إن تلتزم سلطات الدولة جميعها بالتقيد بأحكامه وإلا عدت تصرفاتها غير مشروعة. فالسلطة التنفيذية تلتزم بقواعد الدستور ولا يحق لها مخالفتها في أعمالها إذ إن ذلك يعرض أعمالها للإلغاء والتعويض عما تسببه من ضرر. كما إن السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان تتقيد هي الأخرى بأن تحترم تشريعاتها القواعد الدستورية وإلا كانت عرضه للإلغاء استنادا إلى مخالفتها لمبدأ المشروعية. ومن الجدير بالذكر في هذا المجال إن نؤكد انه ليس المهم إن يسجل الدستور المبادئ العامة التي تحكم السلطات الأساسية في الدولة. إنما يجب العمل على كفالة احترام الدستور وتقدير الضمانات التي إلى تعزيز هذا الاحترام وفي هذا البحث الموجز نتناول الضمانات القانونية والواقعية لاحترام القواعد الدستورية في العراق.

 

 مضمون القواعد الدستورية:

يختلف محتوى الدستور من دولة إلى أخرى حسب التنظيمات الدستورية السائدة فيها لذلك ليس من السهولة التحديد الدقيق لما يحتويه الدستور غير إن الخطوط الرئيسية المجمع عليها من فقهاء القانون الدستوري تقوم على تقسيم القواعد الدستورية إلى جزئين: يتعلق الجزء الأول منها بدراسة القواعد المنظمة لممارسة السلطة. أما الجزء الثاني فيتعلق بدراسة الحقوق والحريات.

 

أولا: القواعد المنظمة لممارسة السلطة

 يتضمن الدستور القواعد التي تنظم ممارسة نشاط السلطات الحاكمة في الدولة والعلاقة بينها وحدود عمل كل سلطة حتى لا تطغي سلطة على الأخرى وفق مبدأين أساسيين هما فصل السلطات والتوازن بينهما.

 فقد درج الفقهاء على تقسيم وظائف الدولة القانونية إلى ثلاث ( تشريعية، تنفيذية، قضائية) ويقوم التوازن بين السلطات بان لاتطغي السلطة التنفيذية على الشعب ممثلا بالبرلمان ولا يطغي البرلمان على السلطة التنفيذية وهذا الأمر يحتاج إلى ضابط حازم يؤدي إلى الحفاظ والثبات في النظام السياسي القائم.

وفي هذا المجال تثار مشكلة تتصل بتنظيم هذه السلطات والعلاقة بينها وهو ما يتكفل به الدستور باعتباره الوثيقة القانونية الأعلى في الدولة.

وقد كان لفكرة توزيع السلطات في الدولة قبولا لدى واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية عام 1787 ورجال الثورة الفرنسية فورد النص عليه في إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام1789 الملحق بدستور عام 1791، ويتفق معظم الدستوريون اليوم على إن هناك نموذجين أساسيين لتوزيع السلطات احدهما يتمثل بالنظام البرلماني والآخر بالنظام الرئاسي يأخذ الأول بالفصل المعتدل بين السلطات بينما يعتمد الثاني على الفصل شبه المطلق.

من جانب آخر تتضمن الوثيقة الدستورية القواعد التي يرجع إليها في أسلوب تقلد السلطة وانتقالها( الوراثة، الانتخاب )، كما يتضمن شكل الدولة ما إذا كان بسيطا أم مركبا، وإذا كان فدراليا فان الدستور يبين تقسيم السلطة بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات.

 

ثانيا: القواعد المنظمة للحقوق والحريات

 يحدد الدستور في الجزء الثاني من أحكامه تلك القواعد المنظمة لحقوق الأفراد وحرياتهم.

فقد حرصت الوثائق الدستورية المختلفة على أن تتضمن في جانب منها الحقوق والحريات التقليدية لاسيما تلك المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية. وفي جانب آخر الحقوق والحريات ذات المضامين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 ولم يقف المشرع الدستوري عند حد تسجيل هذه الحقوق والحريات بل عمل على كفالة احترامها وتقدير ضمانات ممارستها ووضع القيود التي تحد من تقييد السلطات العامة لها. بشرط إن تبقى في حدود عدم مساسها بحقوق وحريات الآخرين وعدم الأضرار بالمصالح الأخرى للمجتمع.

وهذا التقييد الضابط للحرية من الخطورة بحيث لايمكن تركه لتقدير الدولة ولا يمكن التعويل على نبل مقاصدها. ومن اجل إن لا تتجاوز السلطة على هذه الحقوق والحريات كان لا بد من وجود ضابط لتلك السلطة يتمثل في نص الدستور على احترام تلك الحقوق والحريات وان يتم إدراج المبادئ الرئيسية التي تنظم الحريات العامة في صلب الوثيقة الدستورية وان لا يترك للسلطة التنفيذية أن تنضمها عن طريق المراسيم فتتوغل في تلك الحريات وتجعل ممارستها استثناءا من المنع.

 ولم يتبع المشرع الدستوري العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية أسلوب تقرير الحقوق والحريات العامة في إعلانات الحقوق أو في ديباجة دساتيره ولعل في ذلك تجنب لما قد يثار بشأن القيمة القانونية لهذه الإعلانات.

كما لم يتبع ما نصت عليه بعض الدول من تقرير هذه الحقوق في قوانينها العادية كما هو الحال في انكلترا وما قد يؤدي إليه هذا الأمر من إمكانية المشرع العادي في تعديل هذه الحقوق بالزيادة أو النقصان.

 إنما تبنى الأسلوب الذي اتبعه الدستور الأمريكي في تقرير الحقوق والحريات العامة في نصوص وردت في صلب الوثيقة الدستورية مما اسبغ عليها من القوة ما للنصوص الدستورية الأخرى.

 وفي ذلك ورد من المادة الثانية من دستور جمهورية العراق لعام2005 (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور)). كما ورد في الباب الثاني منه الخاص بالحقوق والحريات جمع من الحقوق المدنية السياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المواد ( 14 – 34 ). ونص في المواد ( 35 – 44 ) على الحريات العامة.

 غير انه مما يسجل على هذا الدستور انه وفي المادة(44) منه قد منح السلطة التنفيذية الحق في تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة فيه في الوقت الذي يجب ان لا يملك الحق في ذلك سوى البرلمان ممثل الارادة العامة.

 

 المبحث الأول الضمانات القانونية لتطبيق القواعد الدستورية

 

ينتج عن مبدأ سمو الدستور على القواعد القانونية الأخرى بمختلف مراتبها - سواء كانت تشريعاً عادياً صادرا من السلطة التشريعية أو تشريعا فرعياً صادراً عن السلطة التنفيذية - إن تعلو أحكام الدستور على كل أعمال السلطات في الدولة، اعتباره المعبر الوحيد عن الإرادة الشعبية وتكون هذه الأعمال لاغيه وباطلة إذا ما خلقته.

ولكن السؤال هو من الذي يقرر ما إذا كانت تلك الأعمال الصادرة من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية تتناقض مع الدستور وما هي الإجراءات الواجب مراعاتها لضمان تطبيق القواعد الدستورية.

أولاً: الضمانات في مواجهة السلطة التشريعية ( الرقابة على دستورية القوانين ).

 الدستور يقيد المشرع العادي في الحدود التي رسمها له ومن ثم تمنع السلطة التشريعية عن إصدار التشريعات التي تتعارض مع نصوص الدستور وفق ما يسمى بمبدأ دستورية القوانين. ولضمان التزام السلطة التشريعية بتلك الحدود من الضروري فرض الرقابة عليها.

 والملاحظ إن الدساتير مختلفة في إتباع الطريقة التي تحقق بها تلك الرقابة وسلكت في هذا المجال سبل مختلفة أهمها ما يلي:

 

1. الطعن في دستورية القوانين أمام لجنة أو مجلس دستوري

تباشر الرقابة على دستورية القوانين في بعض الأحيان من قبل هيئة أو لجنة ذات صيغة سياسية غير قضائية.

 وقد انفردت فرنسا منذ أواخر القرن الثامن عشر في الدعوة إلى إيجاد هيئة سياسية يكون من اختصاصها إلغاء جميع القوانين التي تسن مخالفة لأحكام الدستور. ولم تعهد بهذه المهمة إلى القضاء بسبب السمعة السيئة له في ذلك الوقت (1)

 وقد أخذت العديد من الدول عن فرنسا هذا النوع من الرقابة مع اختلاف بين دستور وآخر. فاخذ الاتحاد السوفيتي السابق بهذا الأسلوب في دستور عام1977 وجعل الرقابة من اختصاص السلطة التشريعية كما اخذ به دستور ألمانيا الديمقراطية في دستورها لعام 1949 و بلغاريا في دستورها لعام1947 والصين في دستورها لعام1954.

 وقد أناط الدستور الفرنسي الحالي الصادر عام 1958 مهمة الرقابة إلى هيئة اسماها المجلس الدستوري تتكون من نوعين من الأعضاء: تسعة أعضاء يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ. كما يضم المجلس رؤساء الجمهورية السابقون للاستفادة من خبراتهم السياسية التي اكتسبوها من سني خدمتهم من ناحية أخرى. أما رئيس المجلس فيعين من بين أعضاء المجلس من قبل رئيس الجمهورية. (2)

ويتميز هذا النوع من انواع الرقابة على دستورية القوانين في انه يمارس رقابه وقائية على القوانين غير الدستورية وهي في مرحلة تشريعها قبل ان تصدر، لكنه بالرغم من ذلك تعرض للانتقاد من حيث إن تحريكه يعود أما للسلطة التشريعية أو التنفيذية مما يقيم الرقابة على اعتبارات سياسية أكثر من إقامتها على اعتبارات قانونية وموضوعية(3) بحكم ان جهة الرقابة غالباً تتكون من هيئة يتم تعيينها أو اختيارها من إحدى هاتين السلطتين ولا شك إن الطابع السياسي يتدخل في هذا التعيين مما يفقدها الاستقلال والحياد الأمني في ممارسة دورها الرقابي.

 

2. الرقابة القضائية على دستورية القانون:

بموجب هذا النوع من الرقابة يمارس القضاء مهمة الفصل فيما إذا كان القانون دستوريا من عدمه ويتم ذلك في الغالب بإتباع طريقين هما:

أ‌. رقابة الامتناع أو الدفع الفرعي:

 ويتم ذلك بان يهمل القضاء القانون غير الدستوري ويمتنع عن تطبيقه في القضية المعروضة. وقد اتبعت هذه الطريقة من طرق الرقابة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتتم من خلال نزاع قضائي يدفع فيه احد الخصوم بان القانون المراد تطبيقه عليه غير دستوري فتنظر المحكمة في هذا الدفع فإذا ثبت لديها انه مخالف للدستور امتنعت عن تطبيقه وإذا ظهر العكس استمرت في نظر النزاع.

 ومن الجدير بالذكر انه ليس في الدستور الأمريكي نص صريح يرجح أو يقر مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين. لكن نص المادة السادسة من الدستور قد أكد إن (( هذا الدستور وقوانين الولايات المتحدة التي تصدر طبقا له.. تكون هي القانون الأعلى للبلاد، ويكون القضاة في جميع الولايات ملزمين به،ولا يعتد بأي نص في الدستور أو قوانين أية ولاية يكون مخالفا ًلذلك)). (4)

 وقد ذهب الرأي الراجح في الفقه الدستوري الأمريكي إلى القول بان الرقابة على دستورية القوانين هي بطبيعتها من اختصاص السلطة القضائية بحكم إنها تمتلك ميزة البعد عن التأثير السياسي فضلا عن الخبرة(5)

 مع إن البعض قد ذهب إلى إن إسناد هذه السلطة للقضاء فيه اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية ويجعل منها سلطة سياسية أعلى من سلطة الأمة الممثلة ببرلمانها. (6)

ووفق هذا النوع من الرقابة وعندما تحكم إحدى المحاكم في دعوى أمامها بعدم دستورية قانون ما فإنها لا تلغي القانون وإنما تمتنع عن تطبيقه ويضل القانون سليما على الرغم من ذلك ويجوز لمحكمة أخرى إن تطبقه كما يصح إن تطبقه ذات المحكمة التي امتنعت عن تطبيقه في قضية أخرى إذ إن حجية الحكم بعدم الدستورية نسبية يقتصر أثرها على طرفي النزاع. ما لم يكن الحكم الصادر بعدم الدستورية صادرا من المحكمة الاتحادية العليا.

ويعد هذا الطريق الأسلوب الأكثر نجاحا في فرض الرقابة على دستورية القوانين في الدول التي تخلو دساتيرها من النص صراحة على حق القضاء في الرقابة على دستورية القوانين، إذا ما دفع أمامه – أثناء نظر دعوى مرفوعة – بعدم دستورية قانون ما واجب التطبيق. ومن ذلك ما درج عليه القضاء المصري في ظل دستور عام 1956 ودستور عام 1958 رغم خلوهما من نصوص تنظيم الرقابة.(7)

ب‌. الطعن في دستورية القوانين بطريق الدفع الأصلي أو رقابة الإلغاء.

يجيز هذا النوع من الرقابة لبعض المحاكم إلغاء القانون غير الدستوري وإنهاء العمل به وقد يكون هذا الحكم قبل صدور القانون فتسمى رقابة الإلغاء السابقة أو بعده فيسمى رقابة الإلغاء اللاحقة. وبسبب خطورة الأثر المترتب على هذا الحكم والمتمثل بإلغاء تشريعات البرلمان، حرصت الدول على إن تمارسه محاكم دستورية عليا متخصصة أو أعلى درجات القضاء في الدولة، كما لم تجز كثر منها للأفراد إن يطعنوا مباشرة في دستورية القوانين بينما أجاز بعضها ذلك بطريق غير مباشر بان يتقدموا بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام بعض المحاكم، فان اقتنعت هذه المحكمة بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية. (8)

ومن الدول التي أخذت بهذا الأسلوب من طرق الرقابة، العراق في ظل القانون الأساسي عام 1925 حيث أناط فحص دستورية القوانين بمحكمة عليا وجعل حق الطعن في دستورية القانون من اختصاص السلطة التنفيذية دون الأفراد.

وهذا الامر منتقد لأنه حرم المواطنين من ضمانة أساسية لكفالة احترام الدستور وما يتضمنه من حقوق وحريات.

كما اخذ الدستور الايطالي لعام 1947 بتشكيل محكمة دستورية من خمسة عشر قاضياً تمتلك سلطة إلغاء القانون غير الدستوري اعتباراً من تاريخ صدور الحكم.

واخذ به الدستور المصري الحالي الصادر في 11 سبتمبر 1971 بان جعل الرقابة على دستورية القوانين من اختصاص المحكمة الدستورية العليا بعد إن نبذ المشرع الدستوري نظام الرقابة السياسية على دستورية القوانين.

على انه بالرغم من مزايا الرقابة القضائية بطريق الدعوى المباشرة إلا إنها لم تسلم من النقد من جانب من الفقه باعتبار إنها تمثل خروجا على حدود مهمة القضاء وتؤدي إلى إقحامه في المجال التشريعي وإهداره لعمل السلطة التشريعية، مما يعتبر مساسا بمبدأ الفصل بين السلطات. كما إن إعطاء المحكمة سلطة إلغاء القانون، يعطيها مركزا قويا ونفوذا كبيراً باتجاه سلطات الدولة الأخرى لاسيما السلطة التشريعية. (9)

 

3. الرقابة على دستورية القوانين في العراق

لم يكن تاريخ العراق الدستوري مشرفاً في مجال الرقابة على دستورية القوانين. ومن ذلك ان القانون الاساسي العراقي الصادر عام 1925 قد اناط مهمة الرقابة على دستورية القوانين بالمحكمة العليا التي تؤلف من ثمانية اعضاء عدا الرئيس ينتخب مجلس الاعيان اربعة من بين اعضائه واربعة من حكام محكمة التمييز او غيرهم من كبار الحكام وتنعقد برئاسة رئيس مجلس الاعيان او نائبه.

 واذا ما وجدت المحكمة ان قانون ما غير دستوري فلها الحق باصدار حكمها بالغاء هذا القانون من تاريخ صدور قرار المحكمة، على ان تقوم الحكومة بما يكفل ازالة الاضرار المتولدة من تطبيق الاحكام الملغاة. غير ان مما يؤخذ على الرقابة في ظل القانون الاساسي هو انها لم تسمح للافراد بالطعن في القوانين غير الدستورية وجعلت الحق في الطعن محصوراً بالسلطة التنفيذية.

 ولم يتضمن الدستور العراقي المؤقت لعام 1958 ولا الدستور المؤقت لعام 1963 وعام1964 نصوص تتعلق بموضوع الرقابة على دستورية القوانين. غير ان الدستور المؤقت لعام 1968 وفي المادة ( 87) منه قد نص على ان تشكل بقانون محكمة دستورية عليا تقوم بتفسير احكام الدستور والبت في دستورية القوانين وتفسير القوانين الادارية والمالية والبت بمخالفة الانظمة للقوانين الصادرة بمقتضاها ويكون قرارها ملزماً. وعلى اثر ذلك صدر القانون رقم 159 الخاص بتكوين المحكمة الدستورية العليا والتي سمحت بالطعن بعدم الدستورية لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير العدل والوزير المختص ومحكمة تمييز العراق عند النظر في القضية المعروضة عليها، واذا قررت المحكمة ان قانون ما قد خالف الدستور فانه يعد ملغياً من تاريخ صدور الحكم.

 ومن ثم لم يكن للافراد في ظل هذا الدستور الحق في ان يتقدموا بطعن الى هذه المحكمة وبذلك فقدت ضمانة اساسية لكفالة حقوق الافراد وحرياتهم من الاعتداء عليها.

 وعلى العموم لم تمارس المحكمة الدستورية العليا أي شكل من اشكال الرقابة على دستورية القوانين طول مدة نفاذ هذا الدستور اما الدستور المؤقت لعام 1970 فد جاء خالياً من الاشارة للرقابة وكذلك فعل مشروع دستور جمهورية العراق لعام 1990.

 وعلى الرغم من هذا النقص الدستوري الخطير لم يتجرأ القضاء العراقي على الاخذ بأسلوب الدفع بعدم الدستورية والامتناع عن تطبيق القانون المخالف لاحكام الدستور اثناء النظر في دعوى مرفوعة للوقوف بوجه مشكلة التعارض بين القوانين والدساتير ولعل ذلك كان راجعاً لخضوع القضاة للسلطة التنفيذية في تعيينهم ونقلهم ومعاقبتهم ولم يكونوا مستقلين استقلالاً يمكنهم من النهوض بهذا الامر.

 وقد جاء دستور جمهورية العراق لعام 2005 مقرراً للرقابة على دستورية القوانين والانظمة واوكل هذا الاختصاص الى المحكمة الاتحادية وقد ورد في المادة 89 من الدستور (( اولاً:- المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة مالياً وادارياً.. ثانياً:- تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة، وخبراء في الفقه الاسلامي، وفقهاء القانون، يحدد عددهم، وتنظيم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة بقانون يسن باغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب)). وفي المادة (90) اورد الدستور اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا ومنها:

الرقابة على دستورية القوانين والانظمة، وتفسير نصوص الدستور، والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الافراد وغيرهم حق الطعن المباشر لدى المحكمة.

 ويتبين من هذا النص ان المشرع الدستوري قد تلافى النقص الحاصل في القانون الاساسي لعام 1925 والدستور المؤقت لعام 1967 من حيث انه قد سمح للافراد الطعن في دستورية القوانين مباشرة لدى المحكمة العليا. كما ان هذه المحكمة تمارس الى جانب الرقابة على دستورية القوانين اختصاصات اخرى من قبل النظر في المنازعات الحاصلة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية المجلة والمنازعات التي تحصل بين حكومات الاقاليم والمحافظات الى جانب الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.

 كما تتمتع هذه المحكمة بسلطة الفصل في تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية في الاقاليم والمحافظات وبين الهيئات القضائية في الاقاليم والمحافظات.

 ومن الجدير بالذكر ان تشكيل المحكمة العليا قد جاء من نوعين من الاعضاء قضاة وغير قضاة من فقهاء قانون وخبراء في الفقه الاسلامي. واذا كنا نؤكد على ضرورة احتواء المحاكم الستورية على اعضاء متنوعين في هذا المجال واكثر ادراكاً وفهماً لطبيعة القضايا المطروحة وخاصة فقهاء الشريعة الاسلامية، بحكم ان الدستور قد اعتبر ثوابت احكام الاسلام جزءً من الدستور بنص المادة (2) منه ولا يجوز اصدار قانون يتعارض معها.

 إلا إننا نجد ان هؤلاء الاعضاء من غير القضاة سيشكلون عبئاً على المحكمة عندما تنظر في المنازعات غير المتعلقة بدستورية القوانين وتفسير الدستور، وهي منازعات قضائية بحتة كالنظر في تنازع الاختصاص بين هيئات القضاء المختلفة او تلك المتعلقة بالفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء.

 وكنا نتمنى ان يتم تشكيل محكمة دستورية عليا متخصصة تحتوي على قضاة محترفين وآخرين من القانونيين والفقهاء المسلمين للنظر في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين وتفسير الدستور حصراً وان تترك المنازعات الاخرى للمحكمة العليا لينظرها القضاة حسب اختصاصهم.

 

ثانياً:- الضمانات في مواجهة السلطة التنفيذية

 مما لا شك فيه ان السلطة التنفيذية عندما تمارس وظيفتها قد تنتقص من حقوق وحريات الافراد خلافاً لما هو مقرر في الدستور. لذلك يجب ان لا تترك لها هذه السلطة دون ضابط يرسم الحدود التي لا تتجاوزها ويعرض تصرفاتها للبطلان.

 ويفرض ذلك وجود ضمانات ووسائل تراقب عمل السلطة التنفيذية. وتختلف هذه الضمانات باختلاف الدولة والنظم القانونية المتبعة فيها. غير ان المستقر في اغلب الدول ان الضمانات القانونية في مواجهة السلطة التنفيذية تتمثل برقابة البرلمان لاعمال السلطة التنفيذية ورقابة القضاء وأخيراً رقابة الهيئات المستقلة.

 

1- رقابة البرلمان لاعمال السلطة التنفيذية:

 يتمثل هذا الطريق من الرقابة برقابة البرلمان على اعمال السلطة التنفيذية وذلك عن طريق الشكاوى المقدمة من الافراد والمتضمنة طلباتهم التي قد يجد البرلمان انها على قدر من الوجاهة مما يدعو الى مواجهة الوزراء بحق السؤال او الاستجواب او سحب الثقة من الوزارة كلها(10).

 ويتحدد شكل الرقابة بما هو مرسوم في الدستور. وهي تختلف من دولة الى اخرى وتكون الرقابة البرلمانية اقوى في النظم النيابية منها في النظم الاخرى، حيث تكون الوزارة مسؤولة امام البرلمان مسؤولية تضمانية ناهيك عن المسؤولية الفردية لكل وزير عن اعمال وزارته.

 وقد كفل الدستور العراقي الحالي رقابة البرلمان على اعمال الحكومة احتراماً لمبدأ المشروعية عن طريق توجيه السؤال الى رئيس مجلس الوزراء والوزراء في أي موضوع يدخل في اختصاصهم، كما يجوز لخمسة وعشرين عضواً في الاقل من مجلس النواب طرح موضوع عام للمناقشة لاستيضاح سياسة واداء مجلس الوزراء، ولعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً، توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء، لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم.

 وقد ورد في المادة 58/ ثامناً من الدستور ان لمجلس النواب سحب الثقة من احد الوزراء بالاغلبية المطلقة، ويعد مستقيلاً من تاريخ قرار سحب الثقة، كما يملك المجلس بناءً على طلب خمس اعضائه وبالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بعد استجواب وجه له.

 لكن مع ما تتمتع به الرقابة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية من اهمية في مجال احترام وسيادة القانون فان دورها مقيد غالباً بالارادة الحزبية السائدة في البرلمان التي تكون في احيان متوافقة مع ارادة الحكومة لو صادف انها من الحزب نفسه فتكون الحكومة الخصم والحكم(11).

 كما ان عدم نضج الوعي السياسي لدى اعضاء البرلمان وافتقارهم الى الخبرة وضعف المعارضة قد تؤدي الى ضعف هذه الضمانة ويختفي دورها الحقيقي في حماية حقوق الافراد وحرياتهم.

 

2- رقابة القضاء لاعمال السلطة التنفيذية:-

 تعد رقابة القضاء على اعمال السلطة التنفيذية ممثلة واحد عنصر الرقابة واكثرها ضماناً لحقوق الافراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وحياد. وما تتمتع به احكام القضاء من قوة وحجية يلتزم الجميع بتنفيذها واحترامها والا تعرض المخالف للمسائلة وما في ذلك من تبني لشرعية دولة القانون.

 ومن المستقر وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على اعمال الادارة هما نظام القضاء الموحد ونظام القضاء المزدوج.

 

أ- نظام القضاء الموحد:

 يسود هذا النظام في انكلترا والولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الاخرى ومقتضاه ان تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الافراد انفسهم او بينهم وبين الادارة او بين الهيئات الادارية نفسها.

 وهذا النظام يتميز بانه اكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعية اذ يخضع الافراد والادارة الى قضاء واحد وقانون واحد مما لا يمنح الادارة أي امتيازات في مواجهة الافراد(12). بالاضافة الى اليسر في اجراءات التقاضي.

 

ب- نظام القضاء المزدوج:

 يقوم هذا النظام على اساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الافراد او بينهم وبين الادارة عندما تتصرف كشخص من اشخاص القانون الخاص ويطبق على هذا النزاع احكام القانون الخاص. وجهة القضاء الاداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الافراد والسلطات الادارية عندما تظهر بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الافراد ويطبق القضاء الاداري على المنازعة قواعد القانون العام، وتعد فرنسا مهد القضاء الاداري ومنها انتشر الى كثير من الدول كبلجيكا واليونان ومصر والعراق.

 ومن المهم القول بان هذا النظام قد نشأ اساساً على مبدأ الفصل بين السلطات ومقتضاه منع القضاء العادي من النظر في المنازعات التي تكون الادارة طرفاً فيها احتراماً لاستقلال السلطة التنفيذية.

 وقد اتسم القضاء العادي بسرعة الفصل في المنازعات الادارية والبساطة في الاجراءات ضماناً لحسن المرافق العامة.

 وان وجود قضاء متخصص يمارس الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية يمثل ضمانة حقيقية لحقوق الافراد وحرياتهم في مواجهة تعسف الادارة، وتتجلى اهمية وجود قضاء اداري متخصص للفصل في المنازعات الادارية في ان رقابة القضاء على اعمال الادارة تعتبر الجزاء الاكبر لمبدأ الشرعية والضمانة الفعالة لسلامة تطبيق القانون والتزام حدودة وبه تكتمل عناصر الدولة القانونية وحماية حقوق وحريات الافراد من جور وتعسف الادارة.

 وتعد محكمة القضاء الاداري في العراق التي تم انشائها بصدور القانون رقم 106 لسنة 1989 (قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لسنة 1979 ) ركناً مهماً من اركان احترام القانون فتختص بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الادارية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والتعويض عنها.

فقد ورد في المادة السابعة / ثانياً من القانون اعلاه:

(( يعتبر من اسباب الطعن بوجه خاص ما يلي:-

1- ان يتضمن الامر او القرار خرقاً او مخالفة للقانون او الانظمة والتعليمات.

2- ان يكون الامر او القرار قد صدر خلافاً لقواعد الاختصاص او معيباً في شكله.

3- ان يتضمن الامر او القرار خطأ في تطبيق القوانين او الانظمة او التعليمات او تفسيرها او فيه اساءة او تعسف في استعمال السلطة ويعتبر في حكم القرارات او الاوامر التي يجوز الطعن فيها رفض او امتناع الموظف او الهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي عن اتخاذ قرار او امر كان من الواجب عليه اتخاذه قانوناً )).

غير انه مما يسجل على رقابة القضاء الاداري في العراق ان المشرع قد اخرج من اختصاصات محكمة القضاء الاداري الطعون في القرارات الاتية:-

1- اعمال السيادة واعتبر المشرع من اعمال السيادة المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية.

2- القرارات الادارية التي تتخذ تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية وفقاً لصلاحياته الدستورية.

3- القرارات الادارية التي رسم القانون طريقاً للتظلم منها او الاعتراض عليها او الطعن فيها.

وفي ضوء ذلك يتبين ان اختصاصات المحكمة محدودة جداً فهي علاوة على حصر اختصاصها بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الادارية دون النظر في المنازعات الادارية الاخرى كتلك المتعلقة بالعقود الادارية. نجد ان المشرع قد استثنى الكثير من القرارات الادارية من قبيل المراسيم والقرارات الصادرة من رئيس الجمهورية والتي اعتبرها من اعمال السيادة. وهو امر يتنافى مع مبدأ المشروعية وضرورة خضوع الادارة للقانون ويفتح المجال امام تعسفها وانتهاك حقوق الافراد وحرياتهم.

 وعليه نجد انه من الضروري دعم استقلال القضاء الاداري العراقي وتفعيل دوره بالغاء الاستثناءات الواردة على ولاية محكمة القضاء الاداري في الغاء القرارات الادارية واعتبار القضاء الاداري صاحب الولاية العامة في نظر طلبات الافراد في الغاء القرارات الادارية لما في بقاء هذه الاستثناءات من تجاوز على مبدأ المشروعية وخضوع الادارة للقانون، ويفتح المجال امام تعسفها وانتهاك حقوق الافراد وحرياتهم.

 

3- رقابة الهيئات المستقلة لاعمال السلطة التنفيذية:

 من الوسائل الجديدة التي اعتمدتها بعض الدول للرقابة على اعمال الادارة استحداث هيئات مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية لتمارس وظيفة الرقابة على تصرفات الادارة والبحث في مدى موافقتها للقانون(13).

 ومن النماذج على هذه الهيئات نظام الامبودسمان Omboudsman او المفوض البرلماني وهو شخص مكلف من البرلمان بمراقبة الادارة والحكومة وحماية حقوق الافراد وحرياتهم(14).

 وقد استحدثت السويد هذا النظام في دستورها لعام 1809 ليكون وسيلة لتحقيق التوزان بين سلطة البرلمان والسلطة التنفيذية وللحد من تعسف الاخيرة في استخدامها لامتيازاتها في مواجهة الافراد. وقد انتشر هذا النظام من السويد الى الكثير من دول العالم فأخذت به فلندا عام 1919 والدانمارك بمقتضى دستورها 1953 وانتخب اول امبودسمان فيها عام 1955 والنروج عام 1962 والمملكة المتحدة وكندا عام 1967 واخذت فرنسا بنظام مشابه اسمته الوسيط Le med-iateur عام 1973 كما اخذت به بعض الولايات في الولايات المتحدة الامريكية.

 وعموماً تملك هذه الانظمة الحق في التدخل من تلقاء نفسها أو بناءً على شكوى تتلقاها من الافراد او بأي وسيلة اخرى يعلم من خلالها بوقوع مخالفة فيعمل على توجيه الادارة الى وجوب اتباع اسلوب معين في عملها لتتدارك اخطائها، كما تملك استجواب أي موظف في هذا الشأن ولها اقامة الدعوى على الموظفين المقصرين في اداء واجباتهم ومطالبتهم بالتعويض لمخالفة ضرر من جراء التصرف غير المشروع(15).

 ويبدو ان المشرع الدستوري العراقي قد اخذ لاول مرة بهذا الاسلوب من الرقابة فقد ورد في نص المادة (99) منه ((تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النزاهة هيئات مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم اعمالها بقانون )).

 وحتى يصدر القانون المتعلق بالمفوضية العليا لحقوق الانسان لا يسعنا إلا ان نرجو ان تعوض في اختصاصها الاستثناءات الخطيرة التي شابت ولاية القضاء على اعمال الادارة والعيوب الكثيرة التي اكتنفت الرقابة البرلمانية اذ نجد ان الانسان العراقي بحاجة الى المزيد من الحماية وان في استحداث المفوضية العليا لحقوق الانسان الضمانة الاكيدة لتوفير ذلك.

 

المبحث الثاني الضمانات الواقعية لتطبيق القواعد الدستورية

 

 الى جانب الضمانات القانونية لتطبيق القواعد الدستورية هناك ضمانات واقعية غير منظمة تعزز دور الضمانات القانونية التي قد تعجز احياناً عن توفير الحماية اللازمة للدستور واحترام حقوق الافراد وحرياتهم وتتمثل هذه الضمانات في رقابة الرأي العام ومقاومة الطغيان.

 

اولاً:- رقابة الرأي العام.

 يراد بمصطلح الرأي العام مجموعة الآراء التي تسود مجتمع معين في وقت ما بخصوص موضوعات معينة تتعلق بمصالحهم العامة والخاصة (16).

 ان رقابة الراي العام تعد في الواقع العامل الرئيس في ردع الحكام واجبارهم على احترام الدستور وما يتضمنه من حقوق وحريات للافراد فكلما كانت هذه الرقابة قوية كلما كان التقيد بالدستور قوياً. وكلما كانت رقابة الرأي العام ضعيفة او منعدمة كلما ضعف تبعاً لذلك احترام الدستور.

 إذ إن احترام القواعد الدستورية انما يرجع الى مراقبة الافراد لحكامهم، إلا ان هؤلاء لا يمكنهم التأثير على تصرفات الحكام ما لم يكن رايهم مستنيراً ناضجاً ومنضماً من جهة اخرى.

 ومن الواضح ان هذا النوع من الرقابة له الاثر البالغ في الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية ومنعها من التعسف في استعمال السلطة غير ان هذا الطريق لا يتسع تأثيره إلا في الدولة التي تكفل حرية التعبير والتي يبلغ فيها الرأي العام من النضج ما يؤهله القيام بواجب الرقابة وعدم الخضوع لمصالح فئات معينة تسخر الارادة الشعبية والرأي العام لتحقيق اهدافها ومصالحها الخاصة فتفقد بذلك حقيقة تعبيرها عن المصلحة العامة.

ويشترك في تكوين الرأي العام مختلف الهيئات والتنظيمات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب عن طريق طرح افكارها والدعوة اليها في مختلف الوسائل التي تؤدي الصحافة والوسائل السمعية والبصرية دوراً كبيراً في نشرها وتعبئة الجماهير وتوجيههم من خلالها.

 

 أ- مؤسسات المجتمع المدني

 برز مفهوم المجتمع المدني في اطار افكار ورؤى بعض المفكرين والفلاسفة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر والتي تعتمد افكارهم اساساً على ان الانسان يستمد حقوقه من الطبيعة لا من قانون يضعه البشر وهذه الحقوق لصيقة به تثبت بمجرد ولادته. وان المجتمع المتكون من اتفاق المواطنين قد ارتأى طواعية الخروج من الحالة الطبيعية ليكون حكومة نتيجة عقد اجتماعي اختلفوا في تحديد اطرافه.

 والمفهوم المستقر للمجتمع المدني يقوم على اساس انه مجموعة المؤسسات والفعاليات والانشطة التي تحتل مركزاً وسطياً بين العائلة باعتبارها الوحدة الاساسية التي ينهض عليها البنيان الاجتماعي والنظام القيمي في المجتمع من ناحية والدولة ومؤسساتها واجهزتها ذات الصبغة الرسمية من جهة اخرى(17).

 وبهذا المعنى فان منظمات المجتمع المدني تساهم بدور مهم في ضمان احترام الدستور وحماية حقوق الافراد وحرياتهم وتمثل الاسلوب الامثل في احداث التغيير السلمي والتفاهم الوطني مع السلطة في سبيل تعزيز الديمقراطية وتنشئة الافراد على اصولها وآلياتها. فهي الكفيلة بالارتقاء بالفرد وبث الوعي فيه وتعبئة الجهود الفردية والجماعية للتأثير في السياسات العامة وتعميق مفهوم احترام الدستور وسيادة القانون.

 ومن الجدير بالذكر ان العراق قد اهمل دور هذه المؤسسات في وقت سيطرت فيه السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية اعتباراً من تأسيس الدولة العراقية وصدور القانون الاساسي العراقي عام 1925 رغم ما منحه هذا الدستور من ضمانات في تأسيسها. وكان للمراسيم التي تصدرها الحكومة اثر بالغ الجسامة في إلغاء دور هذه المؤسسات لاسيما المرسوم رقم (19) الصادر في ايلول عام 1954 الذي الغت فيه الحكومة كافة الجمعيات والنوادي ودور التمثيل المجازة في العراق في ذلك الوقت والذي بلغ عددها (468) جمعية وناد في كافة انحاء العراق(18).

 كما ان نص المادة (26) من القانون الاساسي قد منحت الملك حق تقييد الحريات بمراسيم اثناء عطلة البرلمان او فضه او حله وكان للمراسيم الصادرة عام 1954 الخاصة بالمطبوعات والجمعيات والاجتماعات العامة دليلاً على ما تعرضت له هذه المؤسسات من عسف وجور.

 واستمر الوضع على ما هو عليه في ظل النظام الجمهوري رغم ما تحويه الدساتير الجمهورية من ضمانات تأسيس هذه المؤسسات. غير إنه وبعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 دخل العراق مرحلة جديدة انتشرت فيه مؤسسات المجتمع المدني غير ان انتشارها لم ينعكس بقوة على المجال السياسي ولعل ذلك عائداً الى عدم النضج والوعي اللازمين لادارتها.

فقد اورد دستور جمهورية العراق الحالي في المادة (37) منه:(( اولاً:- حرية تأسيس الجمعيات والاحزاب السياسية او الانضمام اليها مكفولة وينظم ذلك القانون. ثانياً:- لا يجوز اجبار احد على الانضمام الى أي حزب او جمعية او جهة سياسية او اجباره على الاستمرار في العضوية فيها )).

 

2- وسائل الاعلام.

 تلعب وسائل الاعلام دوراً سياسياً مهماً يساهم في تعبئة الرأي العام الشعبي من خلال كتابات واقوال المفكرين والصحف والفضائيات المرأية والمسموعة والاجتماعات والندوات التي تساهم في اطلاع الجماهير على المشاكل الاكثر إلحاحاً والتي يتعرض لها المجتمع وتكون مراقب جماعي لصالح الشعب من خلال انتقاد سياسات الحكام وكشف فضائحهم وفسادهم وانتهاكهم لسيادة القانون(19).

 

3- الاحزاب السياسية.

 من اساسيات العمل الديمقراطي ان تسعى الاحزاب السياسية الى تحقيق الاتصال الجماهيري. فالدور الاساسي الذي تقوم به الاحزاب السياسية هو السعي للحصول على تأييد الافراد لبرامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعد بتنفيذها اذا ما وصلت الى السلطة عبر الانتخاب. وحتى تحقيق ذلك تبقى الاحزاب مراقبة لعمل الحكومات لضمان احترامها للدستور وسيادة القانون.

 ومن الجدير بالذكر ان هذه الفرصة لم تتح للاحزاب السياسية في العراق فقد ضمن القانون الاساسي العراقي لعام 1925 التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة. غير ان الواقع العملي لطبيعة النظام السياسي في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى عام 2003 يخلو من ضمانة وجود احزاب سياسية قوية ومعارضة، قادرة على مراقبة السلطة وردها الى الصواب اذا ما انحرفت عنه احتراماً للدستور وحقوق وحريات الافراد.

 فمنذ عام 1925 حفل تاريخ العراق بسيطرة السلطة التنفيذية على سائر السلطات في الدولة ولم تكن الاحزاب افضل حالاً من غيرها فقد حفلت الانتخابات البرلمانية بالتزوير ففي خطاب لرئيس الوزراء نوري السعيد لبعض النواب عام 1944 يقول ملخصاً لدور الاحزاب في تلك الفترة: (( نظام الحكم يقضي باجراء انتخابات في المملكة وللشعب ان ينتخب من يعتمد عليه ليراقب ويسيطر على امور الدولة وهذا هو اساس الحكم، ولكن بالنظر الى قانون الانتخابات الموجود بأيدينا، هل بالامكان – اناشدكم الله – ان يخرج احد نائباً مهماً كانت منزلته في البلاد ومهما كانت خدماته في الدولة، ما لم تأتي الحكومة وترشحه، فانا اراهن كل شخص يدعي بمركزه ووطنيته فليستقيل الان ويخرج ونعيد الانتخابات ولا ندخله في قائمة الحكومة، ونرى هل هذا النائب الرفيع المنزلة الذي وراءه من المؤيدين يستطيع ان يخرج نائباً)).(20).

 ولم تكن الاحزاب السياسية باحسن حالاً في ظل النظام الجمهوري رغم ما حققته ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 من منجزات عن طريق منح الاحزاب السياسية حرية العمل وتشكيل حكومة ائتلافية ضمت كافة الاحزاب الوطنية القائمة.

 اذ ان الصراع بين الشيوعيين والبعثيين ادى الى حصول الكثير من التجاوزات والعنف المبالغ فيه الذي بدأ منذ ذلك الوقت ليدخل العراق عقب انقلاب 8 شباط 1963 مرحلة مظلمة على مختلف الصعد انفرد فيها حزب البعث العربي الاشتراكي بالسلطة وغابت الاحزاب السياسية لتبرز بعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 في اكثر من مائة حزب وكيان سياسي منها الاحزاب ذات التاريخ العريق وتلك التي ظهرت بعد الاحتلال.

 ولا زالت هذه الاحزاب في مجموعها بعيدة عن الدور الحقيقي الذي من الممكن ان تؤديه في مراقبة عمل الحكومة وانتقاد سياستها والقرارات التي تتخذها وفرض سيادة القانون عندما تكون خارج السلطة، اما بسبب ضعفها او طمعاً في التحالف مع الحكومة مستقبلاً ويتضح ذلك من عدم مطالبة أي من الاحزاب السياسية بأجراء تحقيق في المخالفات المالية التي حصلت من بعض الوزراء في الحكومات الانتقالية التي اعقبت الاحتلال رغم كثرتها، مما حال بين الاحزاب وبين ان تكون ضمانة سياسية واقعية من ضمانات احترام الدستور.

 

 ثانياً:- مقاومة طغيان السلطة.

 قد لا تؤدي الضمانات القانونية دورها في حماية حقوق الافراد وحرياتهم ويتمادى الحكام في انتهاك الدستور اما لضعف المؤسسات القانونية او لسيطرة الحكام عليها. مما يستدعي رد فعل شعبي لردع السلطات عن تعسفها وجورها.

 وقد حفل تاريخ الشعوب بكثير من الثورات والانقلابات فما مدى مشروعية مقاومة الطغيان لضمان احترام القواعد الدستورية وحقوق الافراد وحرياتهم ؟

1- موقف الفكر السياسي من حق مقاومة الطغيان.

 كان الخضوع للسلطة يمثل فضيلة وواجب في الديانة المسيحية، ففي رسالة ( بولس الرسول) الى اهل روما يقول (لتخضع كل نفس للسلطات العليا، فما السلطان إلا لله والسلطات القائمة على الارض انما هي من امره، فمن يعص السلطات الشرعية فأنما يعصي الرب ومن يعصها حلت عليه اللعنه..))(21).

 وان التزام المسيحي بطاعة الحكام مبدأ راسخ لا يمكن انكاره إلا إن هذه الطاعة قد تدرجت من كونها طاعة عمياء مطلقة حتى اصبحت مشروطة بفعل الاراء التي قال بها الفقهاء ورجال الدين المسيحيون(22).

 وكان اول من خرج على نظرية الطاعة العمياء الفقيه ورجل الدين ((جون نوكس)) الذي ذهب الى ان من واجب المسيحي تصحيح وقمع اي خروج من الملك على كلمة الرب وشرفه ومجده، ((فهو يقول ان القول بأن الله امر بطاعة الملوك عندما يفتقدون التقوى والصلاح لا يقل تجديفاً عن القول بأن الله بسنته هو المبدع والمحافظ على كل جور)).(23).

 وبذلك دافع جون نوكسن عن حق مقاومة الطغيان والخروج على طاعة السلطان الظالم بل انه جعل ذلك واجباً دينياً واخلاقياً يلتزم به المسيحي فالحاكم يكون مطاعاً ما كان قائماً بواجباته الدينية والدنيوية وفق ما تمليه عليه العدالة والايمان فأذا انحرف عن ذلك كان الافراد في حل من طاعته واصبح واجباً عليهم ان يخلعوه.

 اما في الشريعة الاسلامية فقد اكد القرآن الكريم على واجب طاعة الله ورسوله واولي الامر قال تعالى (( يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ))(24) ويظهر من هذه الاية الكريمة ان طاعة اولي الامر واجبه. وفي حديث للرسول (( من اطاعني فقد اطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن اطاع اميري فقد اطاعني ومن عصى اميري فقد عصاني)).(25)

لكن السؤال ما حدود هذه الطاعة وهل هي مقيدة ام لا ؟

 ذهب الجانب الاكبر من الفقهاء المسلمون الى القول بان الاسلام حينما اوجب على الرعية ان تطيع اميرها لم يأمر بان تكون هذه الطاعة عمياء، وانما حددها في اطار دائرة معينة لا تخرج عنها، فطاعة الامير واجبة ما دام مؤمناً محافظاً على المصالح التي يحميها الاسلام.(26)

 والاصل ان يأمر الحاكم المسلم الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر وينشر العدل والفضائل بينهم فان فعل ذلك استحق الطاعة من رعيته، اما اذا خالف ذلك حرمت طاعته.

ضوابط مقاومة الطغيان في الشريعة الاسلامية.

 اذا وجبت طاعة الحاكم القائم بأمور الحكم في الشريعة الاسلامية فان مقاومته وبلا سبب ظاهر يعد جريمة (( حرابة)) لان ذلك يعد افساداً في الارض. وعليه فيحرم على الرعية او أي فرد من افرادها ان تعص امر الحاكم المسلم اذا كان هذا الامر اجتهادياً وان كان يخالف رأيه.

 اما اذا خرج الحاكم عن اصول الحكم وعاث فساداً في امور الدين والرعية فان طاعته غير واجبة وتجوز مقاومته وفق قيود معينة حفاظاً على اقامة الامن والاستقرار في المجتمع، وانقاذه من الفتنة وما تجره على الامة من ويلات.

 فقد تدرج الفقهاء في كيفية الخروج على الامير ودرجة مقاومته بحسب كل حال وحسب التدرج الآتي:-

أ‌- انكار القلب من الاعتزال: اول رد فعل على المنكر هو انكار القلب ولا يعذر المسلم بتركه لقول الرسول "ص" ( من راى منكم منكراً فليغره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان).

ب‌- انكار اللسان: من اكبر الجهاد عند الله الكلمة عند السلطان والسكوت على هذه الكلمة مشاركة في المعصية.

ج‌- اسقاط حق الطاعة والامتناع عن تنفيذ الامر: اذا لم تجد الوسيلتان السابقتان يمتنع المسلم عن تنفيذ امر الحاكم تبعاً لقدر المعصية التي ارتكبها الحاكم.

د‌- الخروج على الحاكم: بعد استنفاذ الوسائل السابقة يكون من الواجب الثورة على الحاكم والخروج لعزلة بشرط الاستطاعة على الخروج والقدرة على النجاح.

 

2:- موقف الوسائل الدستورية القانونية من حق مقاومة الطغيان: من الصعب ان تتضمن الدساتير والقوانين الاعتراف للافراد بحق مقاومة السلطة على الرغم من اعتراف بعض نصوص اعلانات الحقوق بذلك ومنها العهد الاعظم في انكلترا سنة 1215 واعلان الحقوق الامريكي 1776 والاعلانات الفرنسية لعامي 1789 (المادة2) ولعام 1793 في المواد 33و34.

 بل نجد ان من النظم الوضعية قد جرمت الثورة ومحاولات الانقلاب باعتبارها عنف سياسي غير مشروع. لشل ارادة الجماهير في السعي للتغيير السياسي والاجتماعي. فقد يلجأ الافراد الى المقاومة بقصد اقصاء الحكومة وتولي السلطة او تصحيح مسارها فيقعون تحت طائلة القانون الذي يجرم ذلك باعتباره جريمة سياسية في منظور القانون الداخلي.

إلا إنه واستثناءً من هذا المنع هناك بعض المظاهر المشروعة لمقاومة الطغيان من قبيل:

أ‌- المظاهرات العامة: وتكون لمطالب محددة او احتجاجاً على وضع معين وقد اعترفت الكثير من الدساتير بحق الافراد في التظاهر السلمي ومنها الدستور العراقي لعام 2005 الذي ورد في المادة 36 منه (( تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب... حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون )).

ب‌- حق الاضراب: وهو حق العمال او الموظفين بالامتناع عن تأدية عمالهم او وظائفهم بصفة مؤقتة تعبيراً عن عدم الرضا عن امر من الامور او لحمل السلطة على تلبية طلباتهم دون ان تنصرف نيتهم الى ترك العمل نهائياً

وحق الاضراب من الحقوق السياسية التي اعترفت بها بعض الدول إلا انه ليس هناك موقف موحد بشأنه ومدى مشروعيته فهنالك من الدول التي تسمح به بحدود ضيقة ومنها فرنسا وكندا والمكسيك ومن الدول التي تحرمه بريطانيا والولايات المتحدة وسويسرا وبلجيكا.

 ومن الدول العربية التي تحرمه جمهورية مصر العربية التي تجرم الاضراب وتجعل عقوبته الاشغال الشاقة المؤبدة(26).

 

 

 الهوامش

1- د. اسماعيل مرزة – مبادئ القانون الدستوري والعلوم السياسية – النظرية العامة في الدساتير – الطبعة الثالثة، 2004، ص169.

2- د. احسان المفرجي، نظرية الدستور، ص173.

3- د. احسان المفرجي، المصدر السابق، ص175.

4- جيروم. بارون و س. توماس دينس، الوجيز في القانون الدستوري، المبادئ الاساسية للدستور الامريكي، الجمعية المصرية لنشر المعرفة، 1980، ص51.

5- جيروم. بارون، المصدر السابق، ص52.

6- د. اسماعيل مرزا، المصدر السابق، ص180.

7- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا، النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف بالاسكندرية، 2000، ص756.

8- د. اسماعيل مرزا، المصدر السابق، ص93.

9- د. احسان المفرجي، المصدر السابق، ص182.

10- د. محسن خليل، القضاء الاداري ورقابته لاعمال الادارة، القاهرة 1968، ص77.

11- د. عبد القادر باينه، القضاء الاداري الاسس العامة والتطور التاريخي، دار توبقال للنشر، المغرب، 1985، ص40.

12- د. مازن ليلو راضي، القضاء الاداري، دراسة الاسس ومبادئ القضاء الاداري في الاردن، دار قنديل، عمان – الاردن، 2005، ص60.

13- د. مازن ليلو راضي، نظام الامبودسمان او المفوض البرلماني ضمانة لحقوق الافراد وحرياتهم، مجلة القادسية، المجلد 3، العدد 2، 1990، ص249.

14- د. حمدي عبد المنعم، نظام الامبودسمان، مجلة العدالة، ابو ظبي، العدد 23، ص61.

15- د. محمد انس قاسم جعفر، نظام الامبودسمان السويدي مقارناً بناظر المظالم والمحتسب في الاسلام، مجلة العلوم الادارية، القاهرة، عدد 1، 1975، ص77.

16- للمزيد ينظر:

- د. محمد الشافعي ابو راس، التنظيمات السياسية الشعبية، 1974، ص51.

- د. سامي جمال الدين – القضاء الاداري والرقابة على اعمال الادارة، دار الجامعة الجديد، ص182.

- د. مازن ليلو راضي، القضاء الاداري، المصدر السابق، ص50.

- لاري الويتز، ترجمة جابر سعيد، نظام الحكم في الولايات المتحدة الامريكية، الجمعية المصرية لنشر المعرفة، 1996، ص46.

17- د. عبد الحميد اسماعيل الانصاري، نحو مفهوم عربي اسلامي للمجتمع المدني، دار الفكر العربي، القاهرة، 2002، ص18.

18- د. ابراهيم خليل احمد، موسوعة حضارة العراق، ج13، بغداد 1985، ص178.

19- للمزيد ينظر: لاري الويتز، المصدر السابق، ص66.

20- د. عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ج2، ص215.

21- رسالة بولس الرسول الى اهل روما، الاصحاح 13، الكتاب المقدس.

22- ول ديورنت، قصة الحضارة، الجزء الثالث، المجلد الثالث، قيصر والمسيح، ترجمة محمد بدران، ص370.

23- جورج سباين، تطور الفكر السياسي، دار المعارف، مصر الكتاب الثالث، ص512.

24- سورة النساء، الآية 59.

25- د. صبحي عبده سعيد، الحاكم واصول الحكم في النظام الاسلامي، دار الفكر العربي، 1985، ص191.

26- د. محمد عبد القادر ابو فارس، النظام السياسي في الاسلام، ط3، 1986، ص561.

27- د. ماجد راغب الحلو، القانون الاداري، 1988، ص30 -31.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com