المعادلة الحياتية للكون تجري وفق النظام الإلهي الذي رسمه الله تبارك وتعالى للحياة على هذه الأرض، فكل شيء في هذا الكون له برنامجا خاصا يسير عليه.. فالورود لا تعلن عن ابتسامتها إلا حين يطل الربيع.. وذلك محبة .. تقديراً.. وفاءاَ منها لما يمددها به من الأشعة الذهبية اللامعة والمواد الغذائية القيمة.. وتتجلى أبهى صور المحبة حينما تذبل هذه الوردة لحظة قطفها من تربتها الأم وعدم توفير لها الرعاية التي كانت تحضى بها فيها ..

 هذه الأم الرءوم التي احتضنها بين دفتي ذراعيها فأكست سيقانها بأفضل المياه المعدنية والأملاح الغذائية .. حتى اشتد عودها واخضّر ثمرها ..

 وما فتئت تقدم لها الدعامة التي تجعلها صلبة و قوية، لا تنجرف بسهولة وراء الأعمال التخريبية التي تمارسها عليها التيارات الهوائية والرياح العاتية ،محاولة منها لإفساد روعتها وجمال منظرها .. بل جعلت منها كائناً صلباً يستطيع أن يتعايش مع أقسى الظروف وأمرها _وذلك حسب التكوين الإلهي الذي جعله الله فيها _.. فكلما نمت جذورها تركتها تنحني أكثر فأكثر نحو باطنها.. حتى تشبثت فيها بكل قوة ..

 ولكن ..

هذه النباتات تعرف قيمة العطاء .. تعرف كيف ترد الجميل .!. ففي موسم الحصاد تأتي بالأُكل الطيبة .. فكما زودتها هذه التربة بكل ما تحتاجه من مواد أولية .. زودت هي التربة بالثمار الجيدة وذلك عرفانا منها لعظمة العطاء الرباني الزاخر لها على يد هذه التربة المباركة  ..

 وان كان هذا هو سلوك النباتات مع الحضن الرءوم العطوف الذي احتضنهن ..

  فحريُ بنا ونحن نعيش أجواء هذا اليوم المصادف الواحد والعشرين من مارس أن نحني هاماتنا لنقبل ما بين تلك العيون الباكية في ظلام الليل من جراء ألمنا .. نقبل تلك الجفون المسهدة في الليالي الملاح من جراء مرضنا ..

 نقبل تلك الراحتين المتعبتين من عناء توفير اللقمة الهنيئة التي تسد رمق جوعنا ..

أن نرسل تحياتنا إلى الأمهات الرساليات اللاتي علمننّ حب علي وفاطمة وأبنائهم النجباء ..

إلى صاحبات القلب الكبير .. في العراق الجريح ..إلى الأمهات المجاهدات المضحيات بالغالي والنفيس .. بالزوج والابن والطفل الرضيع ..

أن نعمل على رضاهن .. لترضى عنا سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (ع) ..وبالتالي نحضى بالرضا الإلهي العظيم ..