واحات

أتت لتلثم قبراً .. أتت لتشكو هماً

بقلم / مريم المدحوب

marayem2@hotmail.com

تزاحمت المواقف.. تألقت المشاهد، تعرض نفسها في مخيلة النساء.. فتجسدت على صفحات العيون، فانهملت الدموع .. وتألمت القلوب .عندما جاء صوت الشيخ يدعو للرسول.. نحن الآن على مشارف المدينة .. فلتتوجه القلوب .. وتنظر العيون إلى القبة المحمدية والمنارات الهاشمية. فتعالت الأصوات .. السلام عليك يا رسول الله .. السلام عليك يا فاطمة الزهراء .. السلام عليك أيتها المظلومة .. المقهورة .. المغصوبة.. لم يهدأ أنينهن إلا حينما توقف السائق عند بوابة الفندق .. فترجلت النساء من مقاعدهن.. ورحن يحملن حقائبهن .. متوجهة كل واحده منهن إلى استلام رقم الغرفة التي ستحط رحلها فيها.. لم تمضي ساعة إلا وهدأت ثورة توزيع الغرف ، وكل واحده منهن توجهت لتتهيأ لزيارة الحبيب المصطفى محمد (ص) ، ومن بين هذه النسوة تبرز الحاجة أم حسن وفتاتها ذات التاسعة ربيعاً زاهرة ..

 

" في المسجد النبوي الشريف المبارك"

 جلست الحاجة أم حسن، وأجلست إلى جانبها فتاتها زاهرة.. وأخذت تسترجع في ذاكرتها الأحداث التي جرت بعد الرسول على بضعته الطاهرة .. فاعتصر قلبها ألما .. وكادت أن تصرخ في القوم.. أيها المجرمون ! يقطع عليها تأملها أسئلة زاهرة .. ماما ..لماذا تركتنا نجلس هاهنا .. لم نأتي لنجلس .. هيا قومي ، فأنا مشتاقة جداً للثم الضريح المبارك .. كم اشتاق إلى تقبيل ضريح مولاتي فاطمة الزهراء ، إنّ ضريحها هنا مع أبيها المصطفى أليس كذلك يا أمي ؟ هيا يا ماما .. تحركي .. لما لا تتحركين ؟ الم تخبري والدي انكِ مشتاقة لزيارة النبي وابنته الطاهرة ؟ تجيب الأم وقد تكسرت حشرجتها في صدرها .. نعم يا ابنتي مشتاقة .. وأيما اشتياق .. ولكن .. تشدها زاهرة من عباءتها وهي تقول ولكن ماذا ؟ !

لم يكن من الأم إلا أن تعتصر ألما ! ماذا تجيب فتاتها ! أتقول لها أنّ ليس ثمة ضريح يلثم هاهنا ؟ أم تقول لها أننا لا نعرف للزهراء قبرا ؟

تعود زاهرة تخاطبها بكلماتها البريئة .. ماما .. لعلك لا تعرفين الطريق إلى المرقد الشريف، فلنسأل هذه المرأة.. فهي تعمل هنا، انظري إلى عباءتها لقد وضعت عليها علامة تشير إلى ذلك.. سأذهب واطلب منها أن تأخذني على هناك .. أمسكت الحاجة بأذيال ابنتها .. لا يا ابنتي .. لا تذهبي .. ولما لا أذهب ؟ إذا فلتأخذيني أنتِ إلى قبر مولاتي . يا ابنتي لا تزيديني هماً فوق همي .. أننا لا نعرف قبراً محدداً ضم بين ثناياه الجسد الطاهر لسيدتنا ومولاتنا فاطمة (ع) .. قد تكون هنا مع أبيها محمد (ص) أو قد تكون هناك في البقيع الفرقد ! كيف يا أمي لا تعرفون موقع قبر الزهراء (ع) !؟ أليست مولاتكم ؟؟ حسناً .. قلت لكِ أنني سأسأل تلك المرأة لم تقبلي ! خذيني على هناك .. قلتي لا تعلمين ! أماه .. أود لقاء مولاتي .. .. أود لثم ضريحها المقدس .. أود أن أشكو لها جرم المجرمين .. أود أن اخبرها بما جرى على قبة العسكريين ..أفهميني ! وشرعت بالبكاء .. تمسح الأم دموع ابنتها بأناملها .. ادعي الله أن يعجل لوليه الفرج يا ابنتي .. فإنكِ لن تتمكني من لثم الضريح المبارك إلا إذا خرج المهدي المنتظر.. أخذت تدعو وتتضرع بأن يعجل الله فرج وليه .. ولكنها سرعان ما عادت لبراءتها .. ماما هذه المرأة حتماً تعلم موقع المرقد .. فهي تعمل هنا .. كيف أفهمكِ يا ابنتي هؤلاء لا يعلمون.. ولو كانوا يعلمون لما سمحوا لنا بلثمه.. فهم لا يحبون محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.. أن قلوبهم امتلأت بحقد علي وفاطمة .. فلا سبيل يا ابنتي إلا ظهور حفيدها المنتظر .. فلتتوجهي يا فتاتي بقلبك الطاهر وحبك الفاطمي العلوي لله تبارك وتعالى .. وتطلبي منه تعجيل الفرج .. لتتمكني من لثم الضريح المقدس في زيارتكِ القادمة .

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com