مقالات في المجتمع المدني

 

 

منظمات المجتمع المدني العراقي الجديدة..

مؤسسات تسعى لخلق مجتمعنا المدني الجديد أم نماذج مصغرة لهيئات لم تغادر الفكر الدكتاتوري وتسير في طريق العودة نحوه؟

 

 

أحمد الفهد

ـ ان مجتمعاً مدنياً لن يتحقق بالعراق والمنظمات المدنية بعيدة كل البعد عن النظام المؤسساتي، فاغلب تلك المنظمات الآن تدار بطريقة غير ديمقراطية، تتربع فيها بعض الوجوه على المنظمة وتتصرف بها وكأنها ملك خاص، ومن هذا المنطلق تتصرف اكثر تلك المنظمات خلال هذه المرحلة بالذات.

ـ يتسبب مثقفون ينتمون لمؤسسة مدنية بخلق دكتاتوريات صغيرة حدودها لا تتجاوز المؤسسة نفسها، لكنها رغم ذلك ذات تأثير خطير على عموم المجتمع العراقي، لان تلك المؤسسة ليست كيان اعتيادي إنما هي تشكيل وجد للإسهام في تكوين مجتمعنا المدني المرجو، وعندما تتحول منظمات المجتمع المدني لسبب أو لأخر إلى كيان غير ديمقراطي سنقرأ على المجتمع المدني السلام ونرضخ لمفهوم الاستبداد في شتى ميادين الحياة الأخرى كون المنظمات التي خلقت لإحلال مفهوم التعددية والديمقراطية في عقول الناس لم تستطيع تطبيق ذلك على نفسها حتى.

قد لا يكون للمسميات فائدة ترجى عندما يكون الموضوع بحجم خلق الدكتاتوريات داخل مؤسسات المجتمع المدني، وهذا موضوع حديثنا في هذا التحقيق، فبعض منظمات المجتمع المدني الجديد في العراق ورغم إنها للتو تأسست وللتو ابتدأت رحلة خلق هذا المجتمع فأنها لم تستطع التخلص من أخلاقيات مؤسسات النظام الصدامي رغم خروجها من رحم الثورة والرفض لأخلاقيات الدكتاتورية والفاشية والشوفينية الصدامية.. لذا سنتطرق للظاهرة بعيداً عن أسماء الشخوص والمنظمات العراقية التي وان كانت تعتبر اللبنة الأساس للمجتمع المدني، لكنها ابتدأت بأفكار تتعارض جوهرياً مع فكرة ذلك المجتمع، كي يتسنى للمعنيين بالأمر إعادة النظر بحالهم وحال مؤسساتهم(المدنية).

النظام المؤسساتي غائب..

(ح . ع) عضو منظمة مدنية تعنى بشؤون الثقافة يقول: انخراطنا في منظمات مدنية بعد سقوط النظام السابق مباشرةً، كان مستنداً على أساس الرغبة في الإسهام الفعلي بإنشاء منظمات تتبنى مواقف حقيقية للدفاع عن فئات المجتمع العراقي المتعددة، وكنا نحلم بان يؤدي أفراد تلك المنظمات دورهم على اكمل وجه وبطريقة لا تتعارض مع الهدف الحقيقي الذي شكلت من اجله وهو تكوين مؤسسات تمثل الشارع وتتحدث نيابة عنه، لكني رأيت من خلال تواجدي المستمر وحتى هذه اللحظة في منظمة مدنية إن أياً من هذا الكلام لم يحصل، وان مجتمعاً مدنياً لن يتحقق بالعراق والمنظمات المدنية بعيدة كل البعد عن النظام المؤسساتي، فاغلب تلك المنظمات الآن تدار بطريقة غير ديمقراطية، تتربع فيها بعض الوجوه على المنظمة وتتصرف بها وكأنها ملك خاص، ومن هذا المنطلق تتصرف اكثر تلك المنظمات خلال هذه المرحلة بالذات.

الدعم المالي نعمة أم نقمة؟.

الأستاذ (س . ك) عضو سابق في ورشة فنية تندرج تحت خانة المنظمات المدنية، صاحب تجربة مريرة مع ورشته وعنها يقول: ورشتنا أنشئت بعد سقوط النظام السابق مباشرة بفكرة من رئيسها الحالي وأنجزت مشاريع مسرحية وفنية متنوعة وبنشاط قل نظيره وبهمة كل أعضاء الورشة الكثيرين.. لكن أداء الورشة تغير وإنجازاتها أصبحت من وحي الماضي فقط بمجرد حصولها على الدعم المادي من قبل إحدى المنظمات الإنسانية العالمية، فرئيس الورشة اصبح الآمر الناهي وأعضائها تحولوا إلى عبيد عنده يسيرهم كيف يشاء، لأن الصرفيات صارت بأوامره وبالتالي تحول الرئيس إلى متسلط كبير وبوسيلة هي ابعد ما تكون عن الدكتاتورية ألا وهي مؤسسات المجتمع المدني.

وما حدث للورشة آنفة الذكر حدث داخل أسوار عشرات المنظمات الأخرى، فالأستاذ (ت . ع) شاهد على إحدى تلك الحالات في منظمة مدنية تحول فيها رئيسها المنتخب من قبل الأعضاء إلى صاحب القرار والأفكار والاقتراحات في آن واحد، والسبب كما يقول هو حصر صرف المبالغ المتأتية من دعم منظمة إنسانية بشخص الرئيس دون سواه ويضيف: في هكذا حالات يتسبب مثقفون ينتمون لمؤسسة مدنية بخلق دكتاتوريات صغيرة حدودها لا تتجاوز المؤسسة نفسها، لكنها رغم ذلك ذات تأثير خطير على عموم المجتمع العراقي، لان تلك المؤسسة ليست كيان اعتيادي إنما هي تشكيل وجد للإسهام في تكوين مجتمعنا المدني المرجو، وعندما تتحول منظمات المجتمع المدني لسبب أو لأخر إلى كيان غير ديمقراطي سنقرأ على المجتمع المدني السلام ونرضخ لمفهوم الاستبداد في شتى ميادين الحياة الأخرى كون المنظمات التي خلقت لإحلال مفهوم التعددية والديمقراطية في عقول الناس لم تستطيع تطبيق ذلك على نفسها حتى.

التنظيم بالاتجاه الخاطئ ..

أن تـنتظم المنظمات المدنية، تحت لواء مجالس عامة تجمع كل المؤسسات المتشابهة بالاتجاه أو المنحى، خطوة إيجابية باتجاه توحيد الصفوف لأجل تفعيل العمل وتنظيمه خدمةً للمواطن العراقي ، لكن أن تتحول تلك المجالس إلى مجرد قيادات ميدانية تسعى للكسب وفرض السلطة بحق المنظمات سيصب بالتأكيد في خدمة قياديي تلك المجالس ويتعارض مع مفهوم الاستقلال، وهذه الظاهرة موجودة اليوم على الساحة العراقية، كما يقول (ك . ح) والذي ساهم عملياً بتأسيس واحد من تلك المجالس لكنه تركه بعدما خرج عن الطريق المرسوم له، كما يقول بفعل تسلط بعض أفراده عليه.

مكمن الخلل..

تحول مؤسسات المجتمع المدني لهيئات تسير وفق نظام استبدادي وفرداني ينم عن خلل كبير في المنظومة الفكرية للمثقف العراقي، ودليل واقعي على إن سنوات التغييب والاضطهاد خلال العقود الثلاثة الماضية أتت ثمارها في المنظومات الفكرية للمثقفين (مع بعض الأستثناءات بالتأكيد) وجعلت من مبدأ التسلط والاستبداد هو القانون الثابت وما غيره قابل للتحول والتغيير.. بهذه الكلمات عبر الأستاذ في علم النفس، الدكتور مدحت الأوسي عن رأيه، معتبراً إن مكمن الخلل هو زرع نظام صدام لمبدأ الاستبداد في العقل الباطن للفرد العراقي بفعل سياسته الاستبدادية التي استمرت عقود.

وعن سبل محاربة هذا الفكر، يقول: على وزارة التخطيط متابعة عمل تلك المنظمات، ووضع خطط منظمة للحيل دون تحول تلك المؤسسات إلى مراكز نفعية وهيئات تبحث عن الربح والسلطة دون النضر إلى المصلحة العامة والهدف الأسمى الذي أنشئت لأجله تلك المؤسسات.

غير إن الحل الذي يفضل تدخل وزارة التخطيط بالشؤون الداخلية لتلك المنظمات لا يمثل الحل الأمثل لمشكلة ذات أبعاد خطيرة كمشكلتنا هذه، لأنه يتعارض تماماً مع مبدأ المؤسسات المدنية المستقلة، ويعطي فرصة لأجهزة الحكومة كي تتدخل بعمل المنظمات وبالتالي ستعود إلى سابق عهدها حينما كان النظام السابق يتحكم بكل المنظمات المجتمعية والمدنية، بهذا الرأي يرفض الأستاذ محمد عيدان كلام سابقه، معتبراً إن بقاء الوضع على ما هو عليه من الحلول الناجعة خلال هذه المرحلة، كون الوضع العراقي العام قلق وما تمر به مؤسساته المدنية ما هو إلا ظرف طبيعي وجزء من الحالة العامة سينتهي مع انتهاء الوضع غير الطبيعي، وعندها سنجد إن تلك المنظمات بدأت بالخطوات الصحيحة نحو خلق مجتمع مؤسساتي حقيقي، كما يقول الأستاذ محمد

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com