|
مقالات في المجتمع المدني
تحديات المجتمع المدني العراقي
تأليف: جمال جواهري المقدمة على العكس ما يعتقد فأن المجتمع المدني في العراق ليس جديدا تماما ، فمنذ بداية الأربعينات والى سنوات متعاقبة ومن خلال الصراع من أجل الاستقلال ضد الانتداب البريطاني ظهرت وبنشاط واضح الحركات الطلابية والشبابية والنسائية و النقابية ، وأظهرت هذه الحركات قدرة على التحريك و التنسيق والإصرار على لعب دور مهم كعنصر هام من عناصر المجتمع المدني ، إضافة إلى ظهور العديد من المؤسسات الخيرية المختلفة ، والتي عملت في مجال الأمومة والطفولة مثلا ، وأمتد عملها ليشمل حتى المجالين الثقافي والتربوي وازدادت فاعلية تلك المنظمات بعد ثورة 14 تموز من خلال تبنيها قضايا المجتمع وتشكيل قوة ضاغطة على السلطة . ومع تنامي سلطة النظام السابق ، فقد تم تأشير نهاية تطور المجتمع المدني العراقي ،بحرمان مؤسساته من العمل المستقل بعيدا عن سلطته ،وانتهاك الحقوق الأساسية للمواطنين ( نشاط رجال الآمن ، التعذيب وغيرها ) و الحروب المتعاقبة ، إضافة إلى دعمه لدور العشائر ، و خلق نوع من الفرقة في هيكلية المجتمع . وهذا ما يمكن ملاحظته في : 1- قطع الروابط الاجتماعية والقيم الأخلاقية في المجتمع . 2- تطوير الاتكالية . 3- بناء ثقافة الخوف والعنف النفسي و الجسدي .
دوافع المنظمات غير الحكومية العراقية وقد أدت هذه الخلفية إضافة إلى الاحتلال الأجنبي إلى افتقار المرجعية و السلطة القانونية، وهذا ما أدى إلي سلسلة من المشاكل والصعوبات التي يواجهها المجتمع العراقي ككل منذ انهيار النظام . وعليه فإن عملية إعادة الأعمار تعتبر أولوية حاليا ويفترض أن يكون الفرد العراقي محور هذه العملية وتشجيعه ليكون فاعلا في التغير الاجتماعي . غالبية المنظمات غير الحكومية العراقية ظهرت بعد الحرب ما عداه المنظمات الكردستانية والتي اتخذت من كردستان مرتكزا للعمل ، حيث اكتسبت هذه المنظمات الخبرة على مدى السنوات التي سبقت سقوط النظام ، وفي بلد مثل العراق حيث تم إبعاد المواطن عن العمل السياسي والعمل الاجتماعي أو أي تنظيم مستقل أو بعيدا عن سلطة النظام ، فإن دوافع الظهور الواسع للمنظمات غير الحكومية يمكن إن يكون : 1- المشاركة في الحياة العامة كجزء من استعادة حرية العمل بشكل عام ومستقل .. 2- انهيار المنظمات السياسية القائمة ، والفراغ الكبير الذي تركه هذا الانهيار . 3- الدافع في المشاركة في اختيار وبناء النظام السياسي الجديد . 4- معالجة التدهور في الوضع الإنساني وخاصة في مجال الإغاثة و الخدمات الأساسية كالماء والصحة وغيرها . 5- الدافع آو الوازع الديني . 6- التدفق الكبير للمنظمات غير الحكومية العالمية . 7- توفر مبالغ كبيرة للتمويل وإعادة الأعمار ، الهيئات والمنظمات الدولية تبحث عن شريك محلي ، وبحكم الانهيار ، فإن عمل هذه الهيئات سيكون صعبا جدا .
المستوى التنظيمي للمنظمات إن معظم المنظمات غير الحكومية تفتقر إلى الاستراتيجية الواضحة والهيكلية التنظيمية والية العمل وكذلك الخبرة اللازمة لبناء هذه المنظمات على أساس صحيح وسليم ، وعليه فأن معظم المنظمات وإن كان لديها نظام داخلي مكتوب فإن هناك خلطا في الأدوار فنرى إن شخصا ما يكون هو المؤسس والمدير والكادر وكل شيء . كما إن هناك افتقارا للمعرفة والخبرة في إدارة الهيكل التنظيمي ، وحيث لا توجد تقارير مالية أو إدارية أو غيرها. إلى هذا فإن عدد قليل جدا من هذه المنظمات لها تمويل ثابت ومستقل ، لذا فإن غالبيتها تفتقر إلى الاستمرارية ، وهي تعتمد على التبرعات الفردية وهذا ما يجعل أداءها منخفضا . العلاقة مع المجتمع إن علاقة المنظمات العراقية يبدو أكثر استقرار و استمرارية مع المجتمع منه في علاقة المنظمات الدولية والمجتمعات المحلية ، فالمنظمات المحلية أكثر صلة والتصاق بالمجتمع ، وعملها يلقى قبولا اكثر ، نتيجة لمعرفة طريقة التعامل وإلمامهم بعادات و تقاليد المجتمع ، كما إن المجتمع على علم بحصول المنظمات على التمويل ويفترض بها أن تمررها إليهم . إن فهم المجتمع للعمل الإنساني ولدور المنظمات غير الحكومية يبدو مشوشا ، فهو مرتبك ومتشابك ما بين الزكاة والخمس آو الصدقة ، معتقدين إنهم أقل إدراكا لدور المنظمات في المجال التنموي . ولكن يبقى الاستنتاج إن للمنظمات غير الحكومية العراقية الدراية والوعي والإحساس بالمسؤولية استنادا على الشعور الوطني ، والمشاركة في بناء بيئة جديدة لكل جوانب الحياة . كان للمنظمات الدولية تأثيرا على المنظمات المحلية وبشكل واضح ويرجع هذا إلى : 1- أن تقوم المنظمات الدولية بتزويدهم بالوسائل الضرورية ( العلاقات و التمويل) لتطوير فعالياتهم أو نشاطهم . 2- اكتساب الخبرة . ولكن هناك خلطا بين المنظمات غير الحكومية الأجنبية أو العالمية ، ومجموعات من القوات العسكرية وبعض المقاولين ،الذين يقومون بتنفيذ بعض النشاطات كتقديم المساعدات الإنسانية ، وهذا مالا يساعد على أدراك الاختلاف في الأدوار .
نقاط القوة والضعف في المنظمات غير الحكومية العراقية - القوة 1- المعرفة بالبيئة ( البلد ، الشعب ، الثقافة ،العادات .....) . 2- العلاقة الجيدة مع المجتمع . 3- وجود الدافع والقدرة على المشاركة في إعادة البناء . 4- المستوى العالي من التعليم عند الغالبية . 5- هناك تخصص بقدرات تكنيكية . 6- الرغبة في إبداء المساعدة .
- الضعف 1- الافتقار إلى رؤية إستراتيجية وأهداف واضحة. و ضعف المعرفة بمبادئ العمل الإنساني وطرق عمله . 2- ضعف الهيكل التنظيمي والافتقار إلى الخبرات السابقة والإدراك الضعيف لأهمية دوره. 3- الافتقار إلى الموارد المحلية وكذلك مشاركة المستفيدين في العملية . 4- عدم ثبات الوضع السياسي ، وتدهور الوضع الأمني . 5- ضعف الإطار القانوني . 6- عدم إمكانية العمل بدوام كامل بالنسبة للكادر كون معظمهم من المتطوعين . 7- عدم وجود علاقة واضحة مع الجهات الحكومية . 8- ضعف التنسيق و التشبيك بين المنظمات . 9- تأثير و تبعية بعض المنضمات للأحزاب السياسية و التيارات الدينية مما يفقدها الاستقلالية و المصداقية في العمل الميداني . 10- توجهات العمل وأساليبها يغلب عليها طابع العقلية الشمولية التي اتسم بها نشاط ما يسمى المنظمات غير الحكومية في زمن النظام السابق . 11- اتخاذ المنظمات غطاء لنشاطات تجارية وشخصية بحته لغرض الكسب المادي و التسهيلات الأخرى .
احتياجات المنظمات غير الحكومية - إن الاحتياج الأساسي الذي تتحدث عنه المنظمات غير الحكومية العراقية هو التمويل وزيادة التمويل . - هناك حاجة لوجود منابر للحوار والمناقشة لاعادة بناء الثقة بين المجتمع و NGO والمؤسسات المحلية . - التنسيق ، وتبادل المعلومات و المشاركة في الخبرات . - زيادة شبكة العمل على المستويين الإقليمي والدولي . - الاستفادة من خبرات المنظمات العاملة في كردستان والمنظمات العربية و الدولية - منح الامتيازات لتسهيل عمل المنظمات وعمل برامجها الأولية وبناء وزيادة الخبرات . كما إن NGOS العراقية تحتاج إلى دعم مادي ( أدوات اتصال، مقرات، وثائق، كتب، موارد لزيادة المعرفة ....) إن الاهتمام والتدريب المتواصل للكوادر هو أهم احتياجات NGOS العراقية ويفترض أن يشمل: - النظام الداخلي ، وكيفية تأسيس المنظمات . - البناء الديمقراطي للمنظمات . - إعداد التقارير وتهيئة المشاريع . - الميزانية والإدارة المالية والعلاقة مع المانحين . - الإدارة والقيادة . - استخدام تكنولوجيا الاتصال . - زيادة المعرفة في مجالات حقوق الإنسان ( الجندر ، حل الصراعات ، الصحة ،وحماية الطفل وغيرها ...) .
العلاقة مع السلطة - إن السلطة العراقية الحالية تحتاج إلى بناء القابلية بخصوص الديمقراطية وإعادة تأسيس السلطة على أساس العدالة وشرعية القانون . - تقوية علاقة تكامل بين NGOS العراقية والسلطات - بناء وتطوير هذه العلاقات بينهما وخاصة فيما يتركز على مساعدة NGOS المحلية وحماية بيئة عملهم والمساعدة في تأدية دورهم . - العمل على سن قانون جديد للمنظمات غير الحكومية العراقية يسد الثغرات التي خلفها القانون 45 الصادر عن الحاكم العسكري الأمريكي ، على الرغم من أن قانون إدارة الدولة العراقية المعمول به حاليا يكفل حرية التنظيم لمؤسسات المجتمع المدني العراقي عموما . وفي النهاية فقد أثبتت المنظمات النسائية على إنها تتمتع بمستوى عالي من التنسيق والكفاءة ، وهذا تجلى بالدور الذي لعبته هذه المنظمات من خلال هيئاتها التنسيقية وخاصة شبكة النساء العراقيات في إلغاء قرار مجلس الحكم 137 ، والحصول على مشاركة المرأة في السلطة السياسية التشريعية بنسبةلا تقل عن 25% . كما أثبتت المنظمات الدينية التي تتخذ شكل المنظمات غير الحكومية ظاهريا كفاءة وفاعلية مستفيدين من القبول الجيد لهم في المجتمع وتمكنهم من جمع الأموال عبر مصادر مختلفة .
|
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |