مقالات في المجتمع المدني

 

 

نقابة المهندسين و المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العراق

 

المهندس الأستشاري / سلام ابراهيم عطوف كبة

s_i_kubba@yahoo.com

 

 نقابة المهندسين في العراق ، لا هي جمعية اختيارية ذات شخصية اعتبارية مستقلة لا يجوز للحكومة التدخل في شؤونها ولا هي تضم أعضاء متجانسين من حيث المصالح، بعكس نشأتها الأولى بعيد ثورة 14 تموز المجيدة عندما اقتصرت عضويتها على من مارس المهنة بشكل حر، إلى أن جاء انقلاب شباط الاسود   وألحقها بشكل أو بآخر بالأجهزة الحكومية مثلما فعل مع العديد من النقابات الأخرى.

 

·    نقابة المهندسين – مؤسسة مهنية اولا

     النقابات المهنية في العراق ومنها نقابة المهندسين ذات طبيعة مزدوجة : هي من ناحية جزء من الجهاز الإداري للدولة تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت إشرافها (تنظيم شؤون المهنة) وهي من ناحية أخرى تجمع لأصحاب المهنة الواحدة له دور نقابي في الدفاع عن حقوق أعضاءه فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني.

      يمتلك المهنيون الدور المهم في مواجهة التحديات التي يفرضها على بلادنا عصر العولمة ومشاكل الاعمار والتنمية والمشاركة في دراسة خطط التنمية والمشروعات الكبرى. والعمل النقابي ليس مجرد حق ديمقراطي أصيل يتيح للمهنيين إدارة شؤونهم وأموالهم، ولكنه أيضا ضمانة ضرورية لسير التنمية الاجتماعية في مسارها الصحيح المتوافق مع احتياجات الجماهير. وأداة المهنيين في لعب هذه الدور هي نقاباتهم المستقلة الديمقراطية. هكذا تبرز قضية تفعيل الدور المهني والوطني للنقابات المهنية بإسقاط كافة القيود التي تعوق ديمقراطية واستقلالية العمل النقابي، باعتبارها قضية وطنية فضلا عن كونها قضية ديمقراطية.

  إن جميع النقابات المهنية تعاني من التدخل الحكومي بكافة أشكاله وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الحكومة على النقابات، والمهنيون مطالبون بتوحيد صفوفهم لمواجهة هذه القوانين ، وإعادة الاعتبار للجمعيات العمومية للنقابات باعتبارها وحدها صاحبة الحق في إدارة شؤون النقابات ووضع قوانينها ولوائحها، وتفعيل دور النقابات المهني والوطني. ولكن تعثر النقابات المهنية عموما ووقوعها تحت سيطرة الجهات الحكومية وشلل المحترفين والمنتفعين والحرامية ، أو حتى تحت سيطرة اتجاه سياسي او طائفي او مافيوي من الولاءات اللاوطنية  يخضعها لحساباته الخاصة، يرجع أساسا لابتعاد أعضاء هذه النقابات عن المشاركة في العمل النقابي. وهكذا تبرز مهمة جذب قطاعات واسعة من المهنيين من مقاعد المتفرجين إلى ساحة العمل النقابي كمهمة ذات أولوية قصوى ويتطلب ذلك من نشطاء العمل النقابي السعي لتبني برنامج مطلبي في كل نقابة على حدة يستجيب للتطلعات المشروعة لجمهور المهنيين والدفاع عن مصالح أعضاءها ضد الاحتكار ورفع الأسعار وضد البطالة.

  والتجربة تؤكد أن الحكومة لن تتخلى طوعا عن سيطرتها على النقابات، والضغوط الخارجية وحدها لن تدفع الحكم إلا لتقديم تنازلات شكلية ، والمشاريع التي يجري طبخها اليوم عند النخب الحاكمة في بلادنا هي في أحسن أحوالها محاولة لترقيع قرار مجلس الحكم المبجل المرقم (27 ) في 25 / 8/2003 عشية انتخابات نقابة المهندسين بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... بينما المطلوب إلغاؤه. إن الضمانة الوحيدة لتحقيق مطالب المهنيين في استعادة نقاباتهم والحفاظ على استقلاليتها هي نبذ السلبية والتضامن فيما بينهم بما يحقق مصالحهم المشتركة.

   المهنيون مدعوون للتكاتف من أجل التصدي لكافة القيود على العمل النقابي، وعلى الأخص قرار رقم (27 ) وملحقاته و إعادة السلطة في النقابات لأصحابها الشرعيين، أي الجمعيات العمومية.  والنجاح في هذه المعركة يتوقف على قدرتنا على توسيع المعركة لتجذب إلى صفوفها  قطاعات واسعة من المهنيين والرأي العام. والنقابات المحررة، ولو نسبيا، مثل الصحفيين والمحامين، والأحزاب السياسية كلها مدعوة للمشاركة في هذه الحملة.

   إن إعادة الفاعلية إلى النقابات المهنية لها أهمية خاصة في تنظيم الجماهير الشعبية ودعم المجتمع المدني للخروج من حالة العزوف عن المشاركة في تغيير الواقع المرير الذي يعيشه الوطن. ومن ثم فيجب على كل المهتمين بالتغيير الذي يحفظ استقلال الوطن ويؤدي إلى تنميته وتقدمه ورفعته المساهمة في قضية تحرير وتفعيل النقابات المهنية والعمالية بالانخراط المباشر أو بدعم نضال الجماعات التي تناضل في سبيل هذا الهدف بتوصيل صوتها إلى كل من يمكنه أن يشارك في المعركة. 

   تواجه النقابات المهنية فى بلادنا  وضعا استثنائيا فى مستويين، الأول داخلي يرتبط بدرجة الاهتمام الحكومي بمؤسسات المجتمع المدني... فالنقابات لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام النسبي الذى تحظى به الجمعيات الأهلية. المستوى الثاني -  دولي يتعلق بموقع مؤسسات المجتمع المدني من العملية الديمقراطية. وانطلاقا من أن المنظمات الأهلية – التطوعية – غير الحكومية هى جزء من العلاقة الرابطة بين القطاع الأهلي على المستويين الاقليمي والدولي ، يمكن فهم المسعى الحكومي لتوفير الاجواء الأكثر ملاءمة لتنشيط آليات ومبادرات بعض التنظيمات الأهلية دون أخرى وفى بعض الأنشطة فقط.وعند التطرق الى هذه المنظمات لابد من تبيان ما يلي : يقاس مستوى التقدم فى العملية الديمقراطية عبر  تقييم أداء المؤسسات المدنية أو الأهلية وقدرتها على القيام بالمهام المنوطة القيام بها مثل التدريب على التنافس والمشاركة ، صعوبة قياس معدلات مساهمة المؤسسات المدنية فى الحد من النزاعات السلطوية فى الحكم أو حجم مساهمتها فى دمقرطة مؤسسات المجتمع وإشاعة القيم الديمقراطية ودعم عملية التطور الديمقراطي ،عدم قدرة التنظيمات الأهلية على التطور المستقل لأسباب تتعلق بالهيكل الاجتماعى والثقافة السياسية وطبيعة النظام السياسي ، تباين فاعلية المؤسسات المدنية بتباين نوع الجماعات التى تشارك فيها وكيفية تكوينها ونوعية قياداتها...هناك جمعيات رجال الأعمال ، وهي رغم قلة عدد أعضائها، فان وزنها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي يزيد من نفوذها داخل المجتمع .ان تغليب دور التنظيمات الأهلية وفلسفتها عند حدود التكافل الاجتماعي وتقديم الأعمال الخيرية، يمكن إرجاعه الى مجموعة من العوامل، منها: غلبة المكون الديني على ما عداه من عوامل دافعة للعمل الأهلي وانتشاره، بالإضافة لضعف الدور التنموي وغياب  الدور الثقافي..

   تبذل الدولة في بلادنا الجهد لاضفاء الإطار الوظيفي على المؤسسات المدنية والإشراف عليها ورقابتها والترحيب الحكومي بالدور الخدمي - التنموي لا السياسي للجمعيات الأهلية سواء كان ذلك من خلال الجمعيات الدينية الإسلامية أو بعض المؤسسات المدنية الدفاعية، لاسيما العاملة فى مجال حقوق الإنسان. ومن القيود والمشكلات التى تحول دون تفعيل النقابات المهنية في العراق هو قرار مجلس الحكم رقم (27 )  بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... وكذلك الأزمة التى تمر بها العديد من النقابات المهنية من ناحية القدرة على الدفاع عن مصالح أعضائها وحماية المهنة وتطويرها، أو نتيجة ضعف الممارسة الديمقراطية داخلها وتحولها الى حلبة للصراع السياسى والطائفي فى كثير من الأحوال والقصور عن مواجهة تلك الأزمة برؤية مستقبلية من جانب الجهات الإدارية والنخب النقابية معا ،واستمرار ظاهرة توقف الانتخابات بعدد من النقابات المهنية رغم انتهاء المدد القانونية لمجالسها منذ فترة . ان جمود العملية الانتخابية فى بعض النقابات التى تتسم بكبر عدد أعضائها وتأثيرها السياسي والاجتماعي، يمكن إرجاعه الى مجموعة من العوامل التى يتحمل الجميع مسؤوليتها، منها: حالة الصراع السياسي بين أعضاء مجالس بعض النقابات وتبادل الاتهامات بينها ، وإحجام اللجان الحكومية والقضائية التى يوكل لها القانون مهمة إجراء الانتخابات وتحديد مواعيدها عن القيام بدورها ،واتجاهها للتشدد فيما يتعلق بفحص كشوفات الناخبين، وتقاعس القطاع الأكبر من المهنيين عن المشاركة الفعالة فى الانتخابات، والحرص على عدم سيطرة تيار سياسي بعينه على النقابات المهنية، وتزمت القوى الطائفية وعرقلة الولاءات اللاوطنية...هذا هو حال نقابة المهندسين .. وهناك عامل آخر يرتبط بالدور السياسي للنقابات المهنية، وظهور هذه النقابات بوصفها منابر سياسية بديلة استطاعت اجتذاب - واستيعاب كافة القوى السياسية التى عجز الكيان الحزبي عن استيعابها، حتى كادت الفوارق بين النقابات المهنية والأحزاب السياسية أن تختفي. وهو الأمر الذى وإن نظرت له النقابات المهنية باعتباره دليلا على مزيد من الوعي السياسي الجماعي، فإن الجهات الإدارية تعتبره نوعا من خلط الأوراق وتداخلا بين الأدوار بما يؤثر على الاستقرار السياسي، والتى ترى ضرورة وضع الحدود والفواصل بين ماهو نقابي وماهو حزبي حتى لا تطغى الاهتمامات السياسية على النشاط النقابي.

الى ذلك ترفض القوى السياسية الوطنية وبالاخص اليسار العراقي تهميش دور النقابات او المساس بحقوق المهنيين، خاصة فى ظل تفاقم مشكلات سوق العمل وامكانية خلق احتكارات عالمية تضر بمصالح القوى العاملة العراقية ، وانتهاك اتفاقية العمل الدولية... ويؤكدون على ضرورة مشاركة المهنيين فى مناقشة القوانين التى تمس مصالحهم وإبداء الرأى فيها باعتبار أن المهنيين أقدر على التعبير عن مصالحهم والدفاع عنها ،والمطالبة بتفعيل العلاقة والتعاون بين الاتحادات المهنية والعمالية فى التصدى لمشكلات سوق العمل، حيث يوفر ذلك فى نفس الوقت قوة ضغط إضافية أمام صاحب العمل ، والعمل على استكمال تأسيس اتحاد النقابات المهنية .

ان دراسة واقع الحركة النقابية وأولوياتها ، وتحليل الاطار السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى يحكم نشاط الحركة النقابية ،ورصد القضايا موضع الاهتمام للحركة وعلاقة هذه الحركة بالنظام السياسى .... يساهم فى تحديد مقومات انطلاق العمل النقابى فى العراق .

يواجه دور النقابات كمؤسسات مدنية تحديا كبيرا، لاسيما وأن الاطار الاقتصادى والاجتماعى الذى نشأ فى ظله التنظيم النقابى يختلف عن الواقع الراهن. وهو ما انعكس  على اهتمامات النقابات وأولويات عملها، لاسيما فيما يتعلق بمواجهة ظاهرة البطالة وتدهور مستويات المعيشة والفجوة الواسعة بين الأجور والأسعار.ومع حسم بعض النقابات لخيار العمل من داخل النظام واللجوء الى وسائل وأدوات من شأنها دعم هذ ا الخيار ، تبقى أهمية توفير توافق عام على أسلوب التعامل مع المستجدات الجديدة التى يواجهها المجتمع . من هنا فالمطلوب على المستوى النقابى : تعميق الممارسة الديمقراطية الداخلية بحيث تجتذب القطاع الأكبر من أعضاء النقابات وتجاوز ان تلعب شخصية النقيب دورا حيويا فى تحديد فاعلية النقابات ،  زيادة الوعى النقابى والدفع نحو مزيد من استقلالية العمل النقابى ،تعديل هيكلية التنظيم النقابى القائم بما يتوافق والتحديات الجديدة ،الحرص على عدم الخلط بين العمل النقابى والعمل السياسى المباشر، بحيث لا تتحول النقابات الى ساحة خلفية للعمل الحزبى... وبالتالى يكون من الضرورى وضع ضوابط تفرق بين المطالب المهنية والمطالب السياسية ، الاستناد للعمل النقابى كأحد أهم مجالات التنسيق بين النقابات المختلفة لضمان وحدته وفاعليته والاستفادة منه فى تفعيل العمل النقابى العام ، ضرورة إعادة النظر فى الإطار التشريعى للتنظيم النقابى بما يضمن له حرية الحركة والنشاط وقوة التأثير ... وقيام هذه الجماعات بدورها كمؤسسات للمجتمع المدنى لزيادة مساحة الديمقراطية والدفاع عن القضايا الوطنية .

وبالتالى فالمطلوب من مؤسسات المجتمع المدنى حاليا العمل على تطوير آليات الحركة والاتجاه نحو تخليق صيغة جديدة توفر المشاركة فى صنع السياسات العامة والاختيارات الاستراتيجية للدولة وتستند لخدمة المجتمع من خلال خدمة مصالحها، فضلا عن القدرة على النقد الذاتى ، لتجاوز تلك المعوقات التى تحد من انطلاق المجتمع المدنى، وفى مقدمتها الاتفاق على آليات للصراع والخلاف الداخلى لتجنب تلك الصراعات الدورية التى تحفل بها المنظمات الأهلية التطوعية والتى تحول دون التفاعل الحى والمباشر بين تلك المؤسسات وبعضها البعض اوبينها وبين الناس ، ولكن يمكن القول أنه رغم سلبيات الصورة الحالية لغالبية مؤسسات المجتمع المدنى ، إلا أنها تظل المدخل الأكثر ملاءمة لتدريب المواطن العادى على الممارسة الديمقراطية، وإحداث الحراك الاجتماعى المطلوب لدعم استقلال ودعائم المجتمع بكل تناقضاته الاجتماعية .

 

·    نقابة المهندسين – مؤسسة مجتمع مدني

     ليست نقابة المهندسين امتدادا  لبعض الأحزاب والتيارات الدينية أو الطائفية أو الإثنية او واجهة  للحركات والتيارات السياسية والدينية والعقائدية والولاءات اللاوطنية كما يريدها البعض . وهي منظمة مهنية وحقوقية ومستقلة تضع مسافة بينها وبين الحكومات من جهة وبينها وبين المعارضات السياسية من جهة أخرى. .. وهي مؤسسة مجتمع مدني غير ربحية، تمتلك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى عبر الحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتمسك بمبادئ المساواة والتداول ونبذ ثقافة العنف والإقصاء والإلغاء والعزل، وتسهم في تعزيز الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي وعموم الوعي الاجتماعي ،وتعمل على كشف وفضح  العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن ! أي الهويات تحت الوطنية والعصبيات -  الولاءات المسبقة في التشرذم والتزمت والانتهازية والفساد ... إفرازات قمع السلطات وكلانية الدكتاتورية ، وتدعو للمبادرة على المستوى الفكري والعملي والتوجه إلى دراسة الظواهر الجديدة كالعولمة ، والثورة المعلوماتية ،والثورة العلمية والتكنولوجية ، والمجتمع المدني العالمي ، والتصدي للارهاب ..، وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ،والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي . وتسهم نقابة المهندسين كجمعية غير حكومية في تذليل السياسات التنموية والتشخيص المبكر للاختناقات ومواقع الخلل لدعم التخطيط المنهاجي والسياسات الاقتصادية الكلية المتماسكة وفي تعزيز المصلحة العامة والنفع العام !  وهي تعاني حالها حال بقية منظمات المجتمع المدني من أهلية القيادات التي شاخت وهرمت أعداد غير قليلة منها ... لكنها ظلت متشبثة بمواقعها وعملت على  تخليدها باعتبارها مكسبا أو ملكاً شخصيا ، اي تحويل النقابة الى مؤسسة شخصية وتجميع الأتباع  والمشايعين وعدم إجراء الانتخابات، أو إجراء انتخابات شكلية لتجديد الثقة  وفي ظل أوضاع استثنائية، وغياب الشفافية وضعفها. .. وبالتالي تبوء البيروقراطية الادارية- الحرس القديم مقاليد ادارتها الامر الذي هدد جاهزيتها الفكرية . وتصطدم  نقابة المهندسين بالضعف الهيكلي والمؤسساتي لبنيتها ،وضعف نظام المعلومات والإتصال والوسائل التقنية ،وهي تشهد المنافسات غير الشريفة بين المنظمات والأفراد الذين يتربعون على قمتها ، والمنظمات والقيادات الأخرى التي  تنبت مثل الفطر الحساسيات والمشكلات التي غالباً ما يكون طابعها شخصياً(...).

    يسهم تمسك  نقابة المهندسين بالاستقلالية والمهنية والمعايير الحقوقية في إيجاد طريقها الخاص إلى الأجواء السليمة الصحية الواعدة. الوطنية وحدها دون ديمقراطية قد تؤدي إلى الديكتاتورية والاستبداد، أما الديمقراطية دون الوطنية فقد تقود إلى التبعية . وتقوم  نقابة المهندسين كتنظيم غير حكومي على مبدأ انتشال التعاون القديم التقليدي في العمل والتنظيم والضبط التعاوني لحق العمل والحماية الاجتماعية ، ومبدأ جمعنة الأوضاع المتغيرة بسرعة غير منتظمة في فوضى السوق (Chaotic Market) . وهي تزاوج آيديولوجياً هذه التقليدية مع التعهد والمقاولة ومعمعان المنافسة. بينما تدعو نفعيتها  العامة  إلى وضع الفلسفة والآيديولوجيا في خدمة الإنتاج والاستهلاك معاً.  وعليه مفهوم المنظمات غير الحكومية انقلاب في التعريفات الماركسية الارثودكسية حول الحركات السياسية ويعبر عن الفصيل الأكثر تقدماً في المفهوم التأسيسي ـ الحركة الاجتماعية ـ في عصر العولمة رغم محاذيره والتي لا يمكن تجاهلها هي ايضا‍! وتحاول نقابة المهندسين عدم الوقوع في شرك  محاولات الغرب البائسة نفي الحركات الاجتماعية بالمنظمات غير الحكومية واحتواء تنظيمات الشبيبة والطلاب ، والنساء وحركة الحقوق المدنية لصالح القطاعات الاجتماعية المضطهدة، وحركات السلم والتضامن والرفض الاجتماعية، والنقابات العمالية والمنظمات المهنية اذ يبدو أن الاحتكار الرأسمالي المعاصر يتحرك في فضاء المجتمع المدني ويوظف المنظمات غير الحكومية في صراعه ضد الحركات الاجتماعية المناضلة.

  ظهرت نواتات  الحركة الهندسية  الديمقراطية  النقابية في العراق في الثمانينات من القرن المنصرم ردة فعل على ما حل بالمهندسين العراقيين عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسة الطغمة الحاكمة لتحويل أبناء الشعب إلى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمة الدكتاتورية والى بوق في الفيلق الميكافيلي الإعلامي المهلل للنظام.. وتعاظم خراب النقابات الهندسية وتآكل المراكز الأكاديمية الهندسية.. ومحاولات إذابة المهندس في الجسم السياسي الحاكم أو دمجه بالنشاط الإنتاجي اليدوي ليبتذل ويفقد استقلاليته...وتصاعدت فعالية الحركة الهندسية  الديمقراطية  النقابية الضاغطة على الدكتاتورية في العقد التسعيني مستثمرة الهامش الديمقراطي الذي وفرته منطقة الملاذ الآمن في كردستان العراق.. بينما انتظم نشاطها بعد التاسع من نيسان 2003 لدفع نقابة المهندسين باتجاه :

 

أولا: ديمقراطية ووحدة العمل النقابي

- عضوية النقابة اختيارية وطوعية، وتشكيل مجالسها يتم بالانتخاب الحر المباشر من جموع المهندسين على أساس برامج نقابية واضحة. ويحق لجموع المهندسين محاسبة ممثليهم في أي وقت من خلال ممارسة ديمقراطية تتسم بالشفافية والنزاهة.
-  العمل علي طرد رموز النظام السابق الهزيلة في نقابة المهندسين فورا، والمطالبة بإلغاء القوانين المعرقلة للديمقراطية النقابية وكافة القوانين الأخرى المقيدة للحريات العامة.

-  نقابة المهندسين رافد من روافد الحركة النقابية العراقية ، يجب أن تنسق وتتعاون مع النقابات الأخرى فيما يخص الحريات والقضايا النقابية العامة وقضايا الوطن والمواطن.

ثانيا: الالتزام بالمصالح  النقابية والمهنية والاقتصادية للمهندسين

-  رفع شأن مهنة الهندسة، وتحسين ظروف ممارستها علميا وعمليا، والارتقاء بكرامة المهندس العراقي.

-  الدفاع عن الحقوق الاقتصادية للمهندسين بكافة جوانبها، وتبني شعار ربط الأجور بالأسعار، ومكافحة انتشار البطالة في صفوفهم. وتطوير مستوى خدمات النقابة (الصحية – الاجتماعية – العلمية - المعاشات) لأعضائها
-  حشد طاقات المهندسين البحثية والعلمية، وتطوير إسهاماتهم في مجال التنمية والتطور التكنولوجي.

 ثالثا: هموم المهندس جزء من هموم الوطن

-  العمل  النقابي الحقيقي هو الذي يفهم ويمارس القضايا النقابية والمهنية باعتبارها جزء لا يتجزأ من قضايا المجتمع والوطن بكافة أبعادها الاقتصادية والسياسية والثقافية.

-  الالتزام بالموقف الوطني العام للنقابات والشعب العراقي  برفض الاحتلال الاميركي .

- الاستقلال الوطني في عالمنا المعاصر لا يمكن فهمه بعيدا عن قضايا التطور والتنمية التكنولوجية والمعلوماتية، ومظاهر عصر العولمة المتنوعة تطرح علي المهندس العراقي تحديات جدية ومتجددة وتطالبه بأن يقف في طليعة الصفوف المكافحة من أجل وطن حر .. متقدم .. مستقل الإرادة وشعب سعيد.

   إن الحركة الهندسية  الديمقراطية  النقابية هي تجربة هامة وناجحة للعمل بين قوى يسارية متنوعة، تثبت أن هذا العمل ليس فقط ممكنا بل وضروريا كأحد أهم شروط النجاح، وتثبت أن اليسار إذا عمل بروح الفريق يمكنه أن يكون النواة التي تلتف حولها القوى والعناصر الديمقراطية التي ترفض الحكم الاستبدادي والصدامية وتيار الإسلام السياسي معا.

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com