حكايات من ذاكرة الريف.. (19)

خنجر عيّال

حسين الهلالي

huseinalhilaly@yahoo.com

عرب الشيخ شعلان عرب جوالة وراء العشب والماء لكنهم يستقرون بضعة اشهر في البر لنمو العشب في فصل الشتاء والربيع ويقتربون من مياه الأنهر ومخلفات الحصاد في الصيف (المرجه) والشيخ شعلان غير متعصب وتعاملة مع افراد عائلته وقبيلته سلسل ومريح وهو كريم،التقى مع كثير من الشخصيات الأجتماعية في المدن والعشائر الأخرى، يفرح لأي مشروع تقوم به الدولة لصالح الناس، وتقدمت الحكومة بمشروع المدارس الجوالة لمحو الأمية وفي المستقبل تصبح مدارس رسمية نظامية متحركة، ذهب الفريق المتكون من المدير ومعلمين الى عرب الشيخ شعلان.

لكبر هذه القبيلة  في المنطقة  وعندما وصلوا الى هناك رحب بهم الشيخ شعلان وانزلوا خيامهم وسبوراتهم وكل ماتحتاجة المدرسة في التدريس، اكرم الشيخ وفادتهم وحدثوه بمهمتهم، رحب بالفكرة وقدم خدماته لهم ومايطلبونه لهذه المدرسة ،فرد عليه المدير ان يقنع ويحث افراد القبيلة لأرسال اولادهم الى المدرسة التي سوف   ترافقهم في حلهم وترحالهم وان اول الذين سجلوا اولادهم هو الشيخ شعلان، سجل ابنه عامر وسجل روية وسجل الباقون اولادهم في المدرسة،

نصب المدير خيمتين كبيرتين واحدة للأدارة ومنامهم وواحدة للتلاميذ  وهما يبعدان اربعمائة متر عن الفريج، وعندما علم الشيخ شعلان ان الخيمتين لاتكفيان لهما وان الخيمة الثانية هي ادارة ومنام تبرع بخيمة لتكون سكناً لهم، استقرت هذه المدرسة المتجولة واخذت تستقبل التلاميذ يومياً الا عيّال الذي رفض ابوه ان يرسله اليها رغم الحاح المدير وتعهد بان يخلق منه تلميذاً سوياً اضف الى ذلك هو غير مرحب به من قبل الأطفال الذين يلعب معهم لتخلفه العقلي وعدم العناية بهندامه حتى من قبل اهله، والصبية الوحيدةالتي كانت تجامله وتعطف عليه وتقدم له الأكل هي رويّة، فأصبح متعلق بها جداً، بقى يومياً يجلس على التل الذي يقع بين المدرسة والفريج ينتظر رويّة متى تذهب الى المدرسة ومتى تعود منها ليعود معها    ويلعب في ساحة الفريج وعندما يجن الليل ينام قرب مراح الغنم قبالة خيمتها رغم البر القارص،يتغطى بسجادة عتيقة من اهله  كان عين  على مراح الأغنام وعين على خيمة رويّة، استمرت رويّة في المدرسة هي واخوها عامر وقد  حذرها ابوها وكذلك اخوها من عدم  الأقتراب من هذا المجنون

كان ردها: (يبوي حنه اذا مانعطف عليه منهو اليعطف عليه؟، تر نص سوادين المسودنين من الناس اللي قسم منهم  يهمل هؤلاء وقسم يصيح عليهم

يبنتي ماهو مكطوع من شجرة ابوه بالوجود وخوانه وامه

يبوي هم اللي سودنوه مايديروله بال ولايهتمون بيه وهذا اذا ياخذونه للطبيب  ما يمكن يصير زين.

ودوه العرب  اللي تعرف السويده وتجويه مايفيد؟

 اجابت رويّة لامايفيد...)

انهت الصف السادس هي واخوها ،تحدث ابوها مع مدير المدرسة بأن يفتح لهم متوسطة

قال المدير:- (هاي ينرادلهه معاملة مع ذلك قدموا عريضة  الى  مديرية التربية لفتح مدرسة متوسطة هذي المسالة ماتخلص لابسنة ولابسنتين وانصحك اتوديهم لأقرب مدرسة في الناحية.)

كانت احدى النواحي قريبة قريبة منهم أي تبعد خمسة عشر كيلو متر

في اليوم التالي ذهب الشيخ شعلان ومعه ولداه وسجلهما في المتوسطة للبنات وللبنين واجّر لهم بيت وامر امهم تكون معهم وتبقى الزوجة الثانية هناك في الفريج  كبرت رويّة واصبحت في دور المراهقة وكان اشد المعارضين لفكرة اكمال رويّة دراستها ابن عمها جراد وابوه فالح، جراد يريدها زوجة له ودائما يتحين الفرص للأيقاع بها وبأ خيها عامر الذي بلغ مبلغ الرجال، وفي احدى الأيام من يوم  شتائي وفي نهاية الأسبوع

عاد عامر ورويّه وامهما الى العشيرة ليقضّون الجمعة في الفريج وتأخذ امهما ماتحتاجه من مواد غذائية ويعودون في اليوم التالي الى المدرسة

نصب جراد  كميناً لهم واطلق النار على عامر الذي يقود سيارته  واصابه بيده، صرخت رويّة وامها واعتقد جراد انه قتل عامر فهرب بأتجاه الصحراء وقف عامر وشد يده وهرعت القرية  على السيارة وعرضوا على عامر البقاء عندهم شكرهم  وطلب من احدهم ان يقود السيارة الى الناحية ففعل وذهب الى الشرطة وسجل اخبار حتى يحصل على تقرير

الى المستشفى فتم له ذلك وذهب معه احد شرطة المركز وتم تدواويه

ورجع الى البيت ليجد امه هناك ورويّة

قالت له امه:- (يمه لزوم تنطي خبر لبوك واترك المدرسة اليوم انت وختك)

(اشلون يمه اترك المدرسة انا رايح آخذ اجازة لي ولأختي ونرد لهلن ويصير خير انشا ء الله)

ذهب الى المدرستين وعاد  بالأجازتين وركب السيارة وقادها بيد واحدة واخذت رويّة المسدس بيدها استعداداً للطوارىء  انطلقت السيارة في طريق العودة و وصل الى هناك وجد الخبر منتشر في الديوان واستقبلهم ابوه قلقاً ، سارعامر مع ابيه ومجموعة من رجال الفريج الى الديوان

 وجلسوا يتداولون في هذا الأعتداء وقرر الشيخ شعلان ان يستدعي فالح ابو جراد وجاء فالح الى الديوان وحدثت مشادّة بينهما

قال الشيخ شعلان :- (هاي زينه يفالح جدام الرايح والجاي ابنك يرمي اولدي عامر ويصوبه وعليمن اريد اشوف؟!)

قال فالح:- حنه من زمان مارضين اوماعندنا بنت تدرس مع اولاد والشي اللي غاضنه انت خليتهه انوب تدرس بالولاية، وحنه نبيهه زوجة صالحة لولدي جراد)

رد الشيخ شعلان قائلاً:- (من ناحية البنت تدرس مع الأولاد انا الردتها بأول الأمر هم كلهم صبيان اوردناهم يفكون اعيونهم ويعرفون الدنيا الجديدة موش مثلنا عميان الطبيب مانندله، وانا الآمرت بالمدرسه هان وانا الشيخ موش انت  يخوي اذكر رب العالمين انت وابنك تر والله العظيم ما اخليلكم ذجر وابنك مطلوب لي ومطلوب للحكومة)

اجاب فالح (حنه عارفين رب العالمين وحنه مارضين بهذا الشي ونبيك تعطينه البنت زوجة لجراد ابن عمها)

رد عليه شعلان)وانت جاي اتطالب بالبنت زوجه لجراد الخسيس كبل ماتعتذر عن فعلته، لك اليوم او باجر ان ترحل عن الديرة بعيد عنا  وان شفتك نازل كريّب من هان والله لحرج البيت عليك انت واللي فيه ياماعندكم غيرة، يو ادفنك انت وابنك بالمجان يالله اخرج)

خرج  فالح من الديوان منكسراً .

علم عيال بالحادث وجاء الى رويّة يبكي (ها رويّة مابيج شي؟!)

لاعيال ماكو شي...

خاف مصيوبه اوماتكولين؟

كتلك مابيه شي

زين عامر مصيوب وانت مامصيوبه؟

 عيّال الاّ انزعلك هدومي؟!

ل.لا رويّه آنه اصدكج عيب اتنزعين هدومج)

هدأت رويّة بعض الشىء وقالت له:- (آنه جبتلك دشداشه)

صدك رويّه؟ اضمهه للعيد

لا هس كوم اسبح ولبسهه وبالعيد اجبلك غيرهه

الله ايطول عمرج ويخليج ليه آنه دوم اذكرج ..وانت عايشه دوم ابكلبي

عسى كلبك سالم)

ناولته الثوب واخذ ينظر اليه ويضحك ثم نظر اليها نظرة طويلة وخرج من الخيمة،كانت امها تنصحها بالأبتعاد عنه لأنه  مجنون ويشكل خطر عليها وان لاتقربه اليها حتى بالكلمات

قالت لأمها:-(انا مطمأنة منه وكلبي يرقله،وهذا مدارته بيهه ثواب ... بني آدم يمه، انسان)

امها مستهزأة بها (ابكيفج يمه ظلي انت ومجنونج حتى الوادم اتكول هاي مجنونه ومدنيه المجنون)

خرج فالح من بيت اخيه شعلان غاضباً (. وفي الليل اخبر ابنه جراد بما قاله شعلان  وكيف  اجبره على الرحيل غداً

قال ابنه:- (هسه شدوا غراضكم والليله ارحلوا والله يبوي الليلة الآّ   اذبحهه بخنجري هاذ)

رد عليه ابوه (لايولدي هاي بنت عمك وهي مره وعار تذبحلك مره ..اذبح ابوها الهاني جدام الديوان يواخوهه)

(لايبوي مايشفي غليلي ولااخليهه ياخذهه غيري)

(هذا مايصير عند العرب يولدي  وهي ماهي زانية يجراد)

ينهض جراد غاضباً ويذهب في الليل الى خيمة رويّة هي وامها يسير متلصصاً بين البيوت، كلاب الفريج تتنبه لذلك ويتصاعد نباحها يصل الى خيمتها عيّال ينتبه لذلك  وهو الذي لايفارق خيمتها في حفرة قرب مراح الأغنام، رأى جراد يسير بهذه الصورة التلصصية انتبه اليه جيدا  ًوعندما اتجه الى الخيمة سار خلفه الى ان اقترب من الخيمة واستل خنجره وبدأ يمزق  قماش الخيمة بهدوء اقترب منه عيال وهومنشغلاً في الخيمة وانقض عليه وطعنه بقوة بيده حتى سقط الخنجر من يده وصرخ صرخةً افزعت من في الخيمة والبيوت المجاورة لها واستطاع ان يفلت من يد عيّال وهرب، جاء الشيخ شعلان وعامر وسكان الفريج راكضين  وصلوا الى مكان الحادث ووجدوا  خنجره في الأرض ووجدوا عيّال ماسك خنجره وفيه قطرات من الدم  روية وامها هربتا  الى خيمة اخرى  مذعورتين

عيّال يصيح (آنه جيت اكتله لكن فلت من ايدي ياحيف والله ..جراد الخنيث يريد يكتل رويّه) احتضنه الشيخ شعلان وقبله في جبهته واخذه معه االى المضيف واجلسه بجانبه

قال الشيخ شعلان والله انت سبع الديرة  يعيّال ريت الزلم كلهه مثلك امك ماخابت من جابتك اشلون ابجنونك؟

قال عيّال:- (عمي آنه مامجنون الوكت هو الخبلني والوادم اوياه عليه بس رويّه ماتصيح عليه وتداريني)

قال الشيخ شعلان:- (والله لوما اجنونك ماكو غيرك يستاهله)

عمي تنطيني رويّه؟!

كلتلك لوما اجنونك يعيال... باجر لزوم آخذك للطبيب

مجموعة من الرجال يتقدمهم عامر ركبوا خيولهم واخذوا اسلحتهم وتبعوا فالح وابنه جراد عادوا ظهراً واخبروا الشيخ شعلان انهم لم يجدوه في الجزيرة قال الشيخ شعلان:- (انشاء الله نظفره موش اليوم فباجر)

امر عامر بأن يجهز السيارة له ويذهب معه ليأخذوا عيّال الى الطبيب ويرافقهم  ابو عيّال وبعد الغداء جهز عامر السيارة ونادى على عيّال وابوه وركبوا السيارة وذهبوا الى المدينة.

قال لهم الطبيب ان مرض عيّال شاخ عليه والواجب معالجته من الصغر والآن اصبح مستعصي لكن تخلفه العقلي غير مؤذي وطبعه مسالم وسيكون اكثر هدوء اذا استعمل هذا الدواء من الحبوب والشراب .

رجع الجميع الى بيوتهم بعد ان اشترى الشيخ شعلان ملابس لعّيال وابيه

وصل ابوعيّال وعيّال الى خيامهم وامر زوجته ان تجهّز ماء ساخن وبدأ هو يحلقه واغتسل عيّال تساعده امه وارتدى الملابس فبدت عليه مسحة من الجمال خاصة عندما ارتدى الكوفية والعقال قال لأبيه:- (آنه عريس الليلة)

(لايبني عمك شعلان ايكول عيّال ازلمه مااخليه بدون هدوم وانه آخذه وياي لحمام السوك وكل عيد اكصله هدوم وهاي هدوم العيد)

اخذه معه الى المضيف وفي الطريق شاهدته رويّة بملابسه الجميلة وهندامه الجميل رقت لحاله و تمنت انه غيرمتخلف عقلياً حتى تتخذه حبيباً   وزوجاً لها وتحسرت وسقطت الدموع من عينيها

انتهت آخر سنه دراسية لهما في المدرسة الأعدادية وحصلت هي على معدل 98% في الفرع العلمي واخوها حصل 90 % ايضاً في الفرع العلمي، فرح ابوهما بهذه النتيجة السارة وطراحا عليه ان يكملا الدراسة في الجامعة فوافق بناءً على رغبتهما لاسيما ان عامر مرافقاً لأخته اين ما ذهبت  ادرجا اسميهما في الأنسيابية واول كلية اختاراها هي الكلية الطبية ومعها كليات علمية مثل كلية الصيدلة وكلية البيطرة ..لخ

وعندما ظهرت النتائج كان نصيب رويّة كلية طب بغداد واخوها كلية الطب البيطري في بغداد، حرص ابوهما ان يكون لهما بيت او شقة ليسكنا فيها على ان ترافقهما اهمهما مادام هو ميسور الحال ويملك اغنام وابل كثيرة

 اصبحا على استعداد للسفرالى بغداد وبعد ان حملوا كل شيء من مواد غذائية واغطية وامتلأت سيارة البيكب وكان يوم السفر ودع عامر اهله وكل الرجال وهي وامها ودعت النساء وودعت ابيها  وجاءت الى عيّال الذي يقف بعيداً عن المجاميع وقالت:- (اشوفك بخير يعيّال ودير بالك  على خيمتي اوصير ازلمه زين انا اوصيت امي الثانية ان تعطيك كل شي اللي تحتاجه) بكى عيّال وابكاها وتمتم بكلمات شعرية لم تسمع

فأجملنا لواعجه بهذا الموال عن لسانه:-

ياهيه اسيل ارحيلكم ناوين لاوين

ماترحمون هروش كلبي بيدكم لاوين

منهو السجت الكلب من بعدكم لاوين

                         انحب نحيب الفاجدة من انتحى خلها

                        واسهام من فكدكم بكصي الحشا خلها

                         لاتلجم اجروح   خلهه    نايمه خلها

                         انجان تكدر تشل بدل اجروح  ولاوين

بكت رويّة وبكت امها لكن عامر طمأن عيّال وقال له:-

(احنه رايحن للزيارة ويومين ونرد لهناه ونجيبلك صوغه ويانه هاه يرويّه موصحيح؟

اجابت روية:- (آنه اجيبهه بيدي)

فجأة استدار عيّال وركض هربأً باتجاه التل وصل الى التل واخذ يصرخ ويضع التراب على رأسه ويضربه وينتف شعره الى ان اعياه التعب فسقط مغشياً عليه ممدداً على التل  .

سافرت رويّة هي واخوها وامهم الى بغداد للألتحاق بكليتهما والأنتظام في الدراسة، بقى عيّال يسكن المغارة في التل ذهب اليه ابوه لكي يقنعه بالمجيء الى بيته ويحرس خيمة رويًة كما اوصته لم يصل معه الى نتيجة

فأضطر ان يجلب له الطعام لعند المغارة وقت الظهر واحياناً تأتي امه لتقنعه لم يجد ذلك نفعا ً، جاء اليه الشيخ شعلان بنفسه وتكلم معه وذكّره بأن خيمة رويّة لايوجد من يحرسها لم يقنعه واستمر ينام في مغارة التل 

لم ينسى جراد ثأره من عمه واولاده ومن عيّال المجنون الذي طعنه بيده

اخذ يتحين الفرص فيأتي من منطقتهم البعيدة ليلاً عسى ان يحضى بواحدِ من هؤلاء ويقتله، وعندما علم بعيّال ينام في مغارة التل جاء اليه ليلاً ليقتله فناداه وعندما خرج عيّال من المغارة بادره جراد بالضرب بالخيزران بعد عن عزله من الرجوع اليها قائلا:(انت ماتسوه اخسر عليك رصاصة وتموت ابساع الرصاصة للزلمة المامجنون انت اخس من الجلب)ويواصل ضربه على جسمه وعلى وجهه  حتى سقط على الأرض ثم نزل واوثقه من رجليه وشده الى الفرس وسحبه على الأرض ثم حل الحبل منه  وركب فرسه  واتجه الى الصحراء، وفي الصباح الباكر وعند خروج رعاة الغنم الى المراعي شاهدوا عيّال بهذه الحالة المزرية فرجع احدهم وخبّر اهله وجاء ابوه ورجال  معه وحملوه الى الفريج والدماء تسيل منه ، قال الشيخ شعلان:-(انا ادري بهاي الفعله منهو اللي سواها ما كوا غير جراد لاكت والله الظفرته الا لذبحه بخنجره)

تماثل عيّال للشفاء لكن بقيت آثار الضرب على وجهه، وتمر السنون ورويّة واخوها يدرسان في الجامعة  ببغداد واخيراً انهيا دراستهم بتفوق

وعادا الى الديار واستقبلهم رجال الفريج بالهلاهل والأهازيج ودخل الجميع الى خيامهم وكان في استقبالهم ابوهما وبقيت العائلة سلما عليه وقبلا يده وام رويّة تقدمت وسلمت على الشيخ واجتمع الجميع في البيت فرحين ن عيّال هو الآخر فرح فرحاً كبيراً ونظر الى رويّة التي ازداد جمالها وهي تنطر اليه بروح العطف والحنو سلمت عليه  ورد السلام عليها بأ بتهاج قالت له (جبتلك صوغتك يعيّال... صاير زين يعيّال .. لكن اشوف اجروح بوجهك .. هاي منين)

(اركض ورا الغنم وعثرت اوطحت على الحجار والصريم)

 نهضت وسارت الى خيمتها ونقلوا اغراضها الى هناك ونادت على عيّال واعطته الملابس وفرح بهذه الهدية واراد ان يرد الجميل ويشكرها  القى عليها قصيدة لم يصلنا نصها لكن كانت  احاسيس القصيدة واضحة بأتجاه رويّة  فحولنا هذه الأحاسيس الى قصيدة عن لسانه:-

          فاركتنا يازين والليل ارخى سدوله

                                    نتناك حنه بكينه ساهرين الليالي

        وشهود دمع العين تجري سيوله

                                    ولو شفتها عل الخد بيضه تلالي

      (ناح جما ناحت حمامه معلوله)

                                   مصيوبة الجنح صابها كثر الهزالي

     طبيتي ابديرتك يا زينة بنت الحمولة

                                  اقسم عليك بسهلها وكل الرما لي

  دوك انظري هذا العليل ونحوله

                           ابضامره علتن ما يبرى منها محالي

 بكت روية عندما سمعت هذا الشعر وناولته هديته والحقتها بعلبة من الحلويات اخذها وغادر المكان انقضى اسبوع على وجودها عند اهلها وبعد ذلك قامت هي واخوها بأجراءآت التعيين وطلبت ان تعين في الناحية القريبة من اهلها وان تخصص الصحة لها يوم تذهب به مع فريق طبي الى مضارب البدو في الصحراء لفحصهم واعطاء الدواء لهم وخاصة الأطفال منهم كذلك قام اخوها بجولة بين العرب الرحل من اجل صحة الحيوان اضافة الى دوامه في مقره في الناحية .

وبعد سنة من تعيينها تقدم اليها ابن عمها الثاني الساكن في منطقة اخرى على ان يسكن معها في الناحية، وهو شاب غني متزن الشخصية شجاع وثري ن وافق الأب بعد اخذ راي رويّة الا انها غير مرتاحة من هذا الزواج لو تم وتشعر انها اطلقت رصاصة الرحمة على عيّال ولكن ماذا تعمل؟ هل هناك تقارب او تشابه بين هذا الشاب ابن عمها وعيّال المجنون؟ لايوجد أي تشابه  لكن قلبها لايعترف بذلك ويميل الى عيّال ويعطف عليه كثيراً لذا عاشت ليلتها في صراع .

سمع عيّال بذلك وذهب لأحد اصدقائه ليكتب له القصيده لأنه عرف مصيره مقدماً وبعد ان كتب القصيدة اخفاها في جيبه وبقى يترقب الأحداث قلقاً

 وفي ليلة الزفاف عندما خرجت ببدلة الزفاف البيضاء الى السيارة التي تقلها الى عش الزوجية في الناحية، صرخ عيًال وركض بأتجاه التل ووصل الى هناك وبدأ يضرب رأسه ويشد شعره ويقذف التراب على رأسه

واشتدت الحالة عنده ولم يهدأ وسحب خنجره من حزامه وغرسه في صدره، اما هي فرجعت الى خيمتها وارسلت من يتقصى حقيقة عيّال وصل الرجال ووجدواعيّال ميتأ فرجعوا واخبروها فخرجت مهرولة بملابس الزفاف وامها  والنساء خلفها وصلت الى هنا ورمت بنفسها عليه حتى التصق فستان الزفاف بدم عيّال ورفعتها النساء منه واقمن العزاء عليه هناك وهي تصيح:- (انا اللي كتلته... آنه اعلم من افاركه يموت بهذي المأساة او بغيرهه) ثم رجعت الى الجثة ونظرت الى يده التي تمسك الورقة واخذت الورقة وبدأت تقرأ القصيدة مع نفسها وهي مايلي:-

كولوا الرفيجي امسامحو وعليه سلامات

                                من كلب ماطاعني ما سمع لومي

هاذا دليلي لصاحبي وهاذي الرسومات

                               مرسومتن تنبيه  كثر    العلومي

ما ساومت وركبت لجلو الصعيبات

                          ردت عشرتي حرتن امعا تدومي

ياراوي يلي رويت رمل المجفرات

                            دوك الكلب اغسلو من الدمومي

هاذ الكبر ابيه فيه العلامات

                        عيّال اسم الشاعر الغالي  السومي

بكت حتى سقطت على الأرض و قامت النساء برفعها واعادتها الى خيمتها

واقيمت له الفاتحة وحزن عليه (الفريج)

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com