البكاء عند الأطفال
انواع البكاء:
ان
انواع البكاء لا تدل في كل الاوقات على مبتغى وهدف واحد، بل ان لها اهدافاً ومقاصد
مختلفة، وهي عبارة عن بكاء الفراق، وبكاء الخوف، وبكاء الشوق والفرح، وبكاء الألم
والجوع.
كما يتفاوت الافراد فيما بينهم من حيث مقدار وحدود البكاء. وعلى سبيل المثال فان
بكاء الاطفال المتخلفون قليل أو انهم يتأخرون في البكاء امام المسائل المؤلة. في
حين ان بعض الاطفال يتسمون بكثرة البكاء.
من الممكن أحياناً ان يعبر البكاء عن الألم أو الحاجة وأحياناً اخرى عن الاختيار إذ
غالباً ما يلاحظ ذلك بالنسبة للاطفال في عمر 6 ـ 12 شهراً وقبل لحظات من نومهم إذ
يريدون مثلاً ان يختبروا امهاتهم وهل انها تبقى الى جانبه أم لا.
ومن الممكن أيضاً ان يكون البكاء هادئاً بل وحتى خفياً، بحيث يعتصر القلب ألماً
وتسيل معه الدموع وأحيانا اخرى يمكن ان يكون علنياً جداً وشديداً، والذي يدل على
قلة فعالية غدة التيروئيد الوراثية، إذ ينقطع هذا النوع من البكاء في حالة معالجته
أيضاً.
وعلى أي حال سيصل اليوم الذي ينقطع فيه البكاء لدى الافراد تقريباً، ويفصح الانسان
عن ألمه وحاجته باسلوب آخر في المستقبل.
اسباب وعوامل البكاء:
ان البكاء يرسم دائماً علامة استفهام في ذهن المشاهد والسامع، فيسألون
انفسهم لماذا يبكي الطفل؟ هل هو جائع؟ أم مريض؟ أم لغرض لفت الانظار إليه والدلال؟
أم يشعر بألم ما؟ هل يشعر بالتعب والانزعاج؟ أم لماذا؟ و... الخ.
ومن المسلم به أن البكاء يدل دائماً على التحول والتغير، إذ ان اساس ذلك ومنشأه لا
يكون معروفاً في بعض الأحيان حتى للشخص نفسه. وبمرور الوقت وفي ظل المعايشة
والمراقبة يمكن التعرف على طبيعة بكاء الطفل والوقوف على اساسه ومنشأه.
ولو تفحصنا الأمر بدقة سنكتشف ان البكاء أحياناً يدل على الاضطراب، واخرى علامة على
الغضب، وفي بعض الموارد علامة على الألم، أو الافصاح عن الجوع، والعطش و... الخ.
ولغرض توضيح القضية نحاول فيما يلي ان نصنف اسباب ذلك وعوامله:
الف ـ الاسباب الحياتية ـ البدنية:
وهنا يمكننا التطرق الى ذكر مجموعة من الاسباب والعوامل وأهمها ما يلي:
1 ـ التنفس الحر:
البكاء حين الولادة دليل على أول استخدام لعملية التنفس، وقبل أن يحظى بأهمية
نفسية، يمتلك اهمية فسيولوجية ودليل على التنفس الحر للطفل.
2 ـ الافصاح عن الجوع:
أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء لكونه جائع، أو بسبب طول الفترة الفاصلة بين وجبتي
إطعامه ولا يطيق الانتظار والهدوء. ولو أطعم في هذه الحالة فانه يهدأ وهذا بحد ذاته
يعد انذاراً.
3 ـ الافصاح عن الألم:
وأحياناً يبكي الطفل من الألم، كأن يعاني من المغص المعوي، سواء بسبب الاصابة
بالبرد أو بسبب التخمة أو عدم هضم الغذاء.
ان الامهات الواعيات يمتلكن القدرة على سرعة الحدس، ومعرفة السبب الذي يبكي الطفل،
وكيف ينبغي علاجه.
4 ـ الانزعاج:
أحياناً ينجم بكاء الطفل بسبب الانزعاج من طبيعة الملابس، مثلا قد يبلل ثيابه أو
يشعر بعدم الارتياح لتعكر مزاجه. ثم ما يلبث ان يهدأ ويسكن بعد تغيير ملابسه. كما
يمكن ان تكون ملابسه قليلة أو كثيرة، إذ إنه ينزعج ويتألم في الحرارة والبرودة
الشديدتين.
5 ـ مقدمة للمرض:
من الممكن أحياناً ان يكون البكاء مقدمة لظهور المرض. كأن يكون بكاؤه بسبب تألمه
الناجم عن ظهور بثور أو حبيبات الجدري أو لاصابته بحمى شديدة أو أنه في حالة معاناة
من الألم.
6 ـ الشعور بالتعب:
وهذا العامل يعتبر أيضا من اكثر الاسباب والدلائل شيوعاً على البكاء، إذ ان الطفل
لا يميل الى النوم بسبب ممارسته اللعب قليلاً، واستحواذ التعب عليه. ان الأرق وعدم
النوم يعد بحد ذاته عاملاً متعباً جداً، ويتحول فيه وضع الطفل من سيء الى أسوأ. 7 ـ
تغيير الحالة:
ان تغيير الوضع أو الحالة يمثل احدى اسباب بكاء الطفل. كتغيير محل نوم الطفل ، أو
طبيعة نومه كالحركة من اليمين الى اليسار وبالعكس، أو تغيير ملابسه لغرض الاستحمام،
أو إلباسه ملابس ضيقة.
8 ـ عدم الشبع:
أحيانا يرضع الطفل ثدي امه أو يرضع الحليب من العلبة، وبسبب قلة حليب الام أو ضيق
مجاري الثدي، يقوم الطفل بمص الثدي لفترة من الوقت ثم يتعب، دون ان يشبع. وهذا
الأمر يؤلمه جداً، ويجري دموعه ويمثل بالنسبة للطفل نوع من الحرمان.
وهناك موارد اخرى في هذا المجال تستحق الاشارة لها واهمها عبارة عن: الطعم الغير
لذيذ، الرائحة الكريهة،التقيء، الصوت المرتفع، الانعكاس المباشر لضوء المصباح أو
الشمس،تنظيف الاذن أو الانف، عدم انسجام الجهاز العصبي مع الجهاز الدموي.
ب ـ الاسباب النفسية:
المجموعة الثانية من الاسباب التي يمكن ذكرها حول بكاء الطفل هي الاسباب
النفسية، ويمكننا بهذا الصدد ان نذكر مسائل واسباب عديدة نشير فيما يلي الى بعضها:
1 ـ الشعور بفقدان الامن:
أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء لانه يرى ان أمنه معرض للخطر، ان ظروف نموه وحياته
تستوجب ان يعيش دائماً في محيط بعيد عن الضوضاء والخطر. فعندما يعلو الصراخ أو يصل
الى الاسماع صوت الانفجار فانه يشعر ان وضعه غير آمن فيبكي.
2 ـ عدم الرضا عن الاوضاع:
انه يشعر بحاجة ما ولديه طلب معين ويريد أن ينفذ طلبه بالشكل الفلاني. فعندما يرى
المسألة بخلاف ما يريد يشرع بالتأوه والعويل. انه لم يرغب مثلاً بأن يمنع عن عمل
معين أو ان يتسبب له بمشكله معينة.
3 ـ العقدة النفسية:
أحياناً يصدر البكاء للتعبير عن نوع من تفريغ العقد وحلها. كأن يتذكر الطفل ان امه
ضربته قبل ساعة أو أهملته ولم تعتن به والآن يشعر بعدم الارتياح من تلك الاوضاع
فتنهمر دموعه ويخفف عن نفسه بهذا الاسلوب.
4 ـ عدم الرضا عن نفسه:
ويلاحظ أحياناً انا لطفل يتجه الى انجاز عمل معين ولكن لا يفلح في ذلك. كأن يحاول
ان يدخل علبتين في بعضهما ولكن لا يتيسر له ذلك. ولهذا السبب لا يرضى عن نفسه فتجري
دموعه بل وحتى من الممكن في السنوات اللاحقة ان يتذكر هذا الامر ويبكي.
ج ـ الاسباب العاطفية:
في الكثير من الموارد توجد بواعث عاطفية للبكاء، وفي هذا الصدد يمكننا ان
نذكر بعض الجوانب المتعلقة بذلك، واهمها عبارة عن: 1 ـ الشعور بالوحدة وفقدان
الملاذ:
انه يبكي لانه لا يرى والدته الى جواره. ولانه يأنس بوالدته فلا يطيق فراقها. ففي
مثل هذه الحالة لو حضرت والدته عنده فانه يهدأ ويسكن ولو لاعبه شخص آخر فانه يسكت.
2 ـ الحاجة الى الملاطفة والحنان:
انه يبكي لانه يفتقر الى الحنان والعواطف، ويريد من الآخرين ان يلاطفوه ويلاعبوه،
ويستميلوا قلبه. وفي هذه الحالات من الممكن أحياناً ان يعمد الطفل الى الدلال ويدلل
نفسه إلا انه لا معنى لهذا الأمر بخصوص الاطفال تحت عمر ثلاثة أشهر.
3 ـ علائم الغضب:
أحياناً ينم البكاء على الغضب والعصبية. سواء أكان بسبب كونه عصبي المزاج أو بسبب
كونه منزعج. ففي الحالة الاولى يصدر البكاء بعد الاستيقاظ من النوم ويستغرق فترات
طويلة، إذ يتسبب في خلق اجواء غير مريحة بحيث يفقد معها الانسان صبره.
4 ـ الخيبة واليأس:
من الممكن ان يكون بكاء الطفل بسبب شعوره بالخيبة واليأس. كأن يتمنى تأمين شيء ما
ولم يفلح في ذلك. كالرغبة في ان تؤدي له والدته مسألة معينة ولم يوفق في ذلك.
5 ـ تفريغ ثروته:
أحياناً يلجأ الطفل الى البكاء ليفرغ شحناته وثورته وعادة ما تحدث هذه الحالات من
البكاء عند وقت الغروب، وقد يكون للارهاق اليومي دور استثنائي في هذا البكاء.
وقد ذكروا لذلك دوافع اخرى منها الهيجانات الدورية للجهاز العصبي، حملات الآلام
المعوية و... ومن الممكن أحياناً ان يستمر هذا البكاء لفترة ساعة أو ساعتين.
6 ـ الخوف:
ومن الممكن أحيانا ان يصدر البكاء عن الخوف. سواء الخوف من شخص غريب، أو رؤية
الاحلام المرعبة إذ تتجلى هذه الحالة عادة في حالة الامراض الشديدة والحمى
المرتفعة.
د ـ الاسباب الاجتماعية:
تتصف حالات البكاء أحياناً بان لها منشأً وجذوراً اجتماعية، وفي هذا الصدد
بوسعنا ان نشير الى جوانب متعددة أهمها ما يلي:
1 ـ التقليد:
من الممكن أحياناً ان يصدر بكاء الاطفال عن حالة التأسي. وعلى سبيل المثال قد يبكي
الطفل لسماعه صوت بكاء طفل آخر أو يبكي عندما يرى ان والدته أو والده أو غيرهما
يبكون.
2 ـ التمرن على الصوت:
نه يعمل خلال بكائه على اصلاح مجرى الصوت، ويقلد اداء الآخرين عند البكاء وبين هذا
المزاح وتلك الحقيقة يبكي هو الآخر تدريجياً ويسكب دموعه.
3 ـ الاخبار عن اضطرابه:
أحياناً ينجم بكائه للاخبار عن حضور شخص غريب لم يألفه فهو لم يألف هيئة الشخص
الغريب، وليس له علاقة صميمة به، وبكاؤه في هذه الحالة يمثل نوعاً من الافصاح عن
عدم الارتياح لهذه الاوضاع. تجدر الاشارة الى ان هذا النوع من البكاء يعود لمرحلة
ما بعد الثلاثة اشهر من العمر