من قنينة الحليب إلى الملعقة

كوثر الكفيشي

kawtharamer@yahoo.com

من قنينة الحليب إلى الملعقة، لاتوجد سوى يد صغيرة. فقبل أن يعرف طفلك كيف يمسك ملعقته، يفضل الأكل بواسطة الأصابع. إنها مرحلة تقتضي بعض الصبر والبشاشة لأن لقمة طفلك تكون مزدوجة في هذه الحالة وتساعده بالتالي على النمو. أضيفي إلى ذلك أن استعمال الأصابع لتناول لتناول قطعة لحم مثلاً يتطلب من طفلك جهوداً كبيرة لكنها تجلب له السرور الكبير وتفتح شهيته.

نشير أولاً إلى أن الأطفال يحبون مراقبة الأم عند تحضيرها لوجباتهم. وينصح الإختصاصيون بإشراك الأطفال في هذه العملية قدر الإمكان لأن ذلك يفتح شهيتهم على الأكل.

يبدأ الطفل محاولاته إمساك الملعقة في سنته الأولى بصورة عامة. إنها مرحلة إنتقالية يفقد فيه الغذاء أهميته الكبيرة في حياته.إذ يصبح الطفل بحاجة مستمرة لللهو حتى أثناء تناول الوجبات. ولهذا السبب نرى بعض الأطفال يحضرون لعبهم على طاولة الطعام. ولايجب ردع الطفل في هذه الحالة لأن اللعب ـ وعكس ما تظنون ـ يفتح شهيته. وهو لايستطيع ـ على أي حال ـ التركيز طويلاً على نشاط واحد. لكن يتوجب الحذر لأن الأطفال يحبون كثيراً تغميس أطراف الدببة مثلاً في الشوربة وقلب صحونهم.

وفي عمر السنة يبدأ الطفل أيضاً بإبداء رغبته بالشرب من الكوب دون أن ينجح طبعاً من المرة الأولى كما يبدأ الطفل بإظهار ميله وتفضيله لأطباق معينة. لكن الطفل قد يأكل عند المساء ما يرفضه عند الظهر لذا قد تتعلق المسألة بالوقت أكثر من الذوق. وينصح الأطباء بتنويع مأكولاته لتفادي الروتين ولتعويده على مختلف أنواع الأغذية.

ومع الأيام يبدأ الطفل المشاركة بنشاط في وجباته وهكذا تبدأ محاولاته مع الملعقة. ففي البداية يضع الملعقة في وسط الصحن ثم يبدأ شيئاً فشيئاً التصويب بدقة محاولاً إيصالها إلى فمه والمشكلة تكمن في أن الطفل يميل في البداية إلى إمساك الملعقة مقلوبة.

وعندما يبلغ الطفل الخمسة عشر شهراً تقريباً يتمكن من إحكام السيطرة على ملعقته فيبدأ بالميل بالميل إلى بدء الطعام لوحده دون مساعدة أحد. وهو يتمكن في هذا العمر من إيصال نصف المعالق إلى فمه، ويستطيع إمساك الملعقة بالإتجاه الصحيح ولايقلب صحنه بصورة تلقائية لكن الجرة لاتسلم دائماً. وإذا تباطأ في الأكل فلا ينبغي توبيخه فهو سيتابع حتماً شرط أن يلهو قليلاً.

والواقع أن مزاج الطفل في هذا العمر يتغير حسب فترات النهار ولايتعلق الأمر بنزوة ما دوماً. فهو قد يرضى مثلاً أن نطعمه عند الغداء ثم يصرخ ويزعق إذا رفضنا أن يتدبر أمره بنفسه عند العشاء. هكذا فلكل وجبة تصرف مختلف وهنا ينبغي الحفاظ على هدوء الأعصاب حتى لو أصر على إطعامك من صحنه وهو على كل حال أكثر مهارة عند إطعام الآخرين.

عندما يبلغ طفلك الثمانية عشر شهراً يبدأ بالتحكم تماماً بملعقته وكوب مائه لكنه رغم ذلك قد يطلب قنينة الحليب فلا تحرميه منها خصوصاً إذا كانت الطريقة الوحيدة ليشرب الحليب. وفي هذا العمر يتجدد ذوق الطفل أكثر فأكثر.