دنيا الطفل

العناد

الهام باقر

إن العناد مشكلة تعاني منها اكثر الامهات .. وهو مصدر تعب وند لهن .. والأم تحرص دوماً على طاعة ولدها لها .. ولذا تظل متحيرة حيال رفضه لما تريد منه .. ولا تدري كيف تتصرف إزاء عناده.

ومع إن العناد ليس غريزة تولد مع الطفل كما تتصور بعض الأمهات .. بل هو مؤشر على خلل في نفسية الطفل نتيجة سوء التعهامل مع غرائزه الفطرية النامية في المرحلة الاولى من عمره .. فالطفل حين بلوغه السنتين تبرز استعداداته الفطرية التي تحتاج الى رعاية واهتمام لبناء شخصيته المتزنة .. وأي خطأ او انحرالاف عن الطريق الصحيح والسليم يجعله معانداً .. فالعناد اشارة خطر تدل الوالدين على ضرورة تقويم وتعديل سلوكهم.

 

اشباع حاجة الطفل الى الحب والحن

إن الطفل في المرحلة الاولى من عمره (من عمر 1 الى 7 سنين) يحتاج الى الحب والحنان لتنمية قدراته النفسية، كما يحتاج الى الطعام والماء لتنمية قدراته الجسدية .. وكل فرد يحتاج الى قوة النفس لممارسة نشاطاته الحياتية، وتعتبر حجر الاساس في النجاح في الممارسات اليومية .. فالطالب في المدرسة يحتاج الى قوة النفس مع المذاكرة لتحقيق النجاح، لأن المذاكرة مع ضعف النفس لا تنفع شيئاً .. والمعلم يحتاجها ايضاً، كذلك الطبيب وكذلك الزوجة والأم.

 

الاهتمام بوجود الطفل

إن الطفل بحاجة ايضاً في السنع سنوات الاولى من حياته الى شعوره بأنه يحتل في قلوب والديه مكاناً مهماً سواء أكان ذكراً أو أنثى، ذكياً او بليداً، جميلاً أو قبيحاً، وينبغي للوالدين الانتباه الى هذه الناحية، مثل الاصغاء اليه حين يتحدث .. وأخذ مشورته في القضايا العائدة اليه .. واحترام رأيه حين يختار..

ان من المؤسف ان نجد بعض الامهات لا يهتمون بوجود الابناء يتجاهلونهم في وجود الضيوف، فلا يقدّمون لهم الطعام ولا تعطى لهم فرصة في الحديث.

 

تمتع الطفل بالحرية الكافية

ولابد ان يحصل الطفل على الحرية في المرحلة الاولى من حياته، فلابد ان يجد الكان المناسب له في لعبه وحركته وترتيب لوازمه دون تدخل الكبار.. ولابد ان يجد الحرية في الحركة دون تحذير.. وأن لا يجد من يعيد ترتيب ممتلكاته بعد ان رتبها بنفسه.. وأن يجد الحرية في ارتداء ما يعجبه من الملابس واختيار الوانها .. فما دام هو السيد في هذه المرحلة وهو الأمير فلابد ان يكون ترتيب البيت بشكل يتناسب مع حركته ووضعه كذلك يجدر بالوالدين التحلي بالصبر للحصول على النتائج الحسنة.

 

كيف يكون التعامل خاطئاًَ؟

إن نفسية الصغير حين تصطدم بجملة من التصرفات الخاطئة في تعامل الأبوين معه .. يبرز العناد كوسيلة للدفاع عن شخصيته واثبات هويته وذاته .. ومن هنا يمكن تلخيص ابرز معالم التعامل:

 

التدخل في شؤون الطفل

إن الطفل في المرحلة الاولى من عمره قد لا يحسن انجاز العمل بنفسه، مثل ان يرتدي ثيابه او يتناول الطعام وحده أو يسير في الشارع دون ان يأخذ بيد أمه أو غير ذلك من الأعمال .. ويجدر بالأم ان تتركه وشأنه مع أعماله وتتدخل في الوقت الضروري فقط .. حين تجده متحيراً بإدخال يده مكان الرأس في الثوب الذي يرتديه أو تغيير الملعقة التي يعجز عن حملها وايصالها لفمه، وهكذا في الأمور الأخرى.

 

السخيرية من قدرات الطفل

إن قدرات الطفل في المرحلة الاولى من عمره ضعيفة ومحدودة ولكنه يرغب في انجاز بعض الأعمال الكبيرة لمثل عمره .. وعلى الوالدين التصرف بحكمة معه والحذر من السخرية من قدراته فيما لو أصر على فعل شيء، مثل محاولته حمل الصحون الى مائدة الطعام او اصلاح لعبته المكسورة او ارتداء حذائه.

 

تثبيط الطفل عن العمل

يود الطفل ان يعتمد على نفسه في الأعمال التي يرغب في انجازها، فيرفض ابتداء تدخل الكبار.. وهنا نلحظ ان البعض من الامهات يثبطن اولادهن بقولهن للصغير مثلاً حين يحاول حمل الاطباق: إنك لا زلت صغيراً لا تقدر على ذلك .. أو تقول له: لا تحاول اصلاح لعبتك فلا يمكنك ذلك .. وهكذا.

 

تحقير الطفل

إن تحقير الطفل فيما لو أخطأ او رفض طاعة والديه من الأمور الخطيرة التي سوف نأتي اليها بشيء من التفصيل في باب العقوبة .. إن قول الوالدين للطفل: حيوان، جبان، كسلان .. أو اجباره على فعل شيء لتحقيره مثل ارتدائه الفوطة بعد ان تخلص منها او ضربه امام الآخرين او حبسه .. تؤثر على نفسيته وتجعله معانداً .. ولذا ينهي النبي (ص) المربية التي قرصت الحسين وهو رضيع في حضن جده (ص) لتبوله .. مؤكداًَ صلوات الله عليه بأن الثوب اذا تنجس يطهره الماء، ولكن النفس لا تعالج بهذه السهولة.

 

الطفل المعاند كيف نتعامل معه؟

بعد أن اصبح واضحا كيف نتعامل مع الطفل حتى نقيه الامراض النفسية مثل العناد وغيره .. نأتي الى الطفل الذي أصيب بهذا المرض نتيجة سوء التعامل معه .. وهل له علاج؟

الطفل المعاند يحتاج الى اسلوب خاص في تربيته يختلف تماماً عن الطفل السويّ .. وهي كالتالي:

(لا تفعل) و(افعل)

كيف تتصرف الام مع طفل يمارس عملاً لا ترضاه؟

إن الطالب منه ان لا يفعل هذا .. لا يجدي معه شيئاً ما دام معانداً، وسيرفض حتما كل ما تريده منه .. والأولى في مثل هذه الحالة ان تستبدل الأم كلمة لا تفعل بكلمة افعل حتى تخرجه من العناد بإسلوب لطيف مثلاً:

حين تجد الأم طفلها يكتب على الحائط .. فبدل ان تقول له لا تكتب على الحائط .. تقول له: تعال وارسم بهذه الاقلام الملونة على هذه الورقة .. بشرط ان لا يظهر على وجه الأم اية علامة رفض لفعله، بل لابد ان تتظاهر بعدم اهتمامها بما يقوم به من عبث وان كان في قلبها مذعورة مما يصنع .. كذلك حين تريد الأم المحافظة على حاجة ثمينة .. فلا تقول له: لا تلعب بهذه الحاجة لأنها خاصة بي .. إنها في مثل هذه الحالة تغريه على العبث بها من دون ان تشعر.

 

ذكر عناد الطفل أمام الاخرين

إن ذكر مساوئ الطفل امام الآخرين خطأ فادح تقوم به بعض الأمهات في محاولة لتفريغ شحنات غضبهن وألمهن من عناد أطفالهن المؤذي .. إن سماع الطفل لمثل هذه الأحاديث تزيد من عقدة الحقارة عنده، الأمر الذي يزيده عناداً وحقداً لمن حوله .. ولذا تجد الأم طفلها اكثر اصراراً وعبثاً وعناداً بعد سماعه ذكر تصرفاته السيئة للآخرين.

 

حاجة المعاند الى مزيد من الاستقلالية والحرية

إن الطفل الذي يفتقد الى الحرية في المرحلة الاولى من طفولته يكون كالنبات الفاقد للهواء النقي فينمو ضعيفاً مصفراً لا يعجب الناظرين .. والأجدر بالوالدين ان يتحلوا بالصبر امام عبث الطفل المعاند وطريقة أكله ولعبه ومشيه ما عدا ايذائه الآخرين .. إن التصرفات غير المرضية في حركته وسلوكه، نتيجة طبيعية لفقدانه الحرية الكافية لنمو غرائزه في جو سليم .. لذا يكون علاجه بالسكوت عن سلوكه وعدم التحذير والتدخل في شؤونه ريثما يرجع الى الوضع الطبيعي ..

وإن الاصرار عليه في تغيير سلوكه يزيد الطين بلة، لأن الاصرار يعني سلب حريته في الحركة، لذا يزيده عناداً بشكل لا ينفع معه بعدئذ أي علاج.

 

استخدام المنافسة

إن الطلب من الطفل المعاند في مرحلة الطفولة الأولى في أن يعمل كذا أو كذا، يواجه عادة بالرفض وعدم الاستجابة .. وحتى نحمل الطفل على انجاز بعض الأعمال الضرورية ينبغي استخدام اسلوب المنافسة .. فمثلاً إن أرادت الأم من صغيرها أن يسرع في مشيه معها في الشارع، وطلبها منه ذلك لا معنى له مادام معانداً .. والأولى ان تقول له: لنرى من يصل الى البيت أولاً أنت أم أنا.

وحين تريد الاسراع في تناوله للطعام تقول:

لنرى من الفائز الأول في الانتهاء من افراغ الصحن من الطعام.

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com