زوجيات

 

 

ليلانا ما عادت تعشق قيسها!

نزار جاف

 nezarjaff@gmail.com

إنها وفية الى درجة تفضل الموت على مجرد ذکر الزواج أو الارتباط بغيري! هذه الجملة قد لاأکون مبالغا إذا قلت إنها داعبت أو تداعب مخيلة کل رجل شرقي. ولطالما کنت شاهدا"وليس طرفا" في مناظرات غريبة من نوعها بين رجال يتحاججون فيما بينهم حول الزوجة الاشد وفاءا و إخلاصا لزوجها، وکان کل فرد منهم يصر على أن"ليلاه"هي القدوة التي لامثيل لها في الافاق! المثير و الملفت للنظر في الامر، هو أن الجانب المعاکس للموضوع لا و لم يشغل بال الرجال أبدا، بل أن البعض منهم يفاخر"الى درجة تجتاز حدود الصلافة" بأنه مع إهماله التام لزوجته لکنها ورغم ذلک"تموت فيه عشقا و هياما وليس في مقدورها الخلاص من جاذبية و سحر شخصيته"!! لم أجد رجلا يرهق نفسه ولو للحظة واحدة بالسؤال عن سبب حصر المرأة في زاوية محددة محاصرة بأسيجة الوفاء و محصنة بأشواک العشق الازلي لبعلها وفارس أحلامها"شاءت أم أبت". هذا الموضوع فرض نفسه على دائرة أفکاري و أنا أقوم"مع زوجتي" برد زيارة لجارتنا الالمانية التي تعيش لوحدها. وقد کانت زيارة في منتهى الشفافية، إذ طلبت منذ البداية أن نترک روتين المجاملات الشرقية"خصوصا وقد أخبرتنا فيما بعد بأنها زارت غالبية بلدان الشرق ودرست عاداتهم و تقاليدهم". هذه المرأة التي کانت تقارب الاربعين، کانت قد خاضت تجربة زواج سمتها"لطيفة" غير أنها"أي تجربة الزواج"، لم تکن جديرة بالاستمرار لأنهما"هي وزوجها"قد طفقا يشعران بالملل وأنهما کانا يغالبان في الکثير من الاحيان مللهما بمجاملات فيها الکثير من التصنع على حد وصفها. وقد قالت حين وصلنا أنا وشميدت"وهذا أسم زوجها طيب الذکر" الى هذه النقطة قررنا إنهاء التجربة و الاحتفاظ بروابط الصداقة بيننا کي لايتعکر صفوها بکدر الخلافات الزوجية التي کانت ستطل علينا من دون شک لو إستمرينا في تلک المجاملات المصنعة. والواقع أن هذه المرأة حين کانت تتحدث عن تجربتها کنا نبصر في ملامحها الکثير من الانشراح و الانبساط کما کان في وقع کلامها أکثر من نبرة صدق و وثوق بکلامها. وما إن غادرنا مضيفتنا حتى بدأت الافکار تقفز الى رأسي و شرعت أسأل نفسي"قبل أن أسأل غيري من الرجال"، ترى کم هي عدد المجاملات المزيفة و المصنعة التي واجهت بها زوجتي طيلة حياتنا الزوجية؟ وبالمقابل کم کلفت نفسها بذات الامر في سبيل التخلص من عناء الواجبات الزوجية؟ فکرت في الامر طويلا لکنني وکعادتي دوما أحببت أن أضع نفسي في الموقف الاکثر ضعفا ومامن شک أن موقف المرأة الشرقية قد کان دوما هو الاضعف قبالة موقف"السيد الزوج". وحينها رجعت بذاکرتي الى تلک الايام التي کنت هناک في العراق، وتذکرت سجال تلک المواضيع"الرجولية" حول وفاء الزوجة و عدم قدرتها إطلاقا على العيش من دون ظل الزوج العتيد!  الملل في الحياة الزوجية وإن کان قدرا لابد من مجابهته، فإن طريقة وأسلوب التصرف معه من قبل الزوجين قد تحمي الحياة الزوجية من وقوعها في شراک الروتين و سيرها بالنتيجة صوب کل إحتمالات الانهيار و الفشل، بيد أن عقلية الرجل الشرقي"المشرئبة بمبدأ سيادته على المرأة"، قد تجد التفکير في هکذا أمور نوعا من إشغال النفس بتوافه الامور سيما وأن زوجته المصون"تذوب فيه حبا!". إن کل فرد منا لو فکر بنفس سياق تفکير هذه المرأة لوجد أن من الافضل إنهاء تلک المهزلة المستمرة تحت يافطة الحياة الزوجية، لکن لارجل منا يمنح ذات الحق للمرأة أبدا بل يرى فيها کائنا ضعيفا ليس بمقدوره أي شئ سوى الوفاء و الحب و الطاعة لللزوج!

 

 

 

Google


    في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
  info@bentalrafedain.com