|
رغباتنا بين الخفاء والعلن !!
د.اسعد الامارة - السويد
يعد العنصر النفسي عنصرا مهما وحاسم في دراسة افعال الانسان وما يصدر عنه من سلوك سواءا كان هذا السلوك مرئي "مادي – ملموس " او تخيلي " غير مرئي – غير ظاهر " ، اذن هو نتاج عملية تفكير، عملية تفاعل مجموعة عوامل نفسية داخلية تنتج فعلا يتحقق في الواقع فيَقيم الفرد على ضوءه وازاء ذلك يقول العلامة الدكتور" فرج احمد فرج" الحكم فعل من افعال العقل يتجسد في "قول" في نطق ينطلق به اللسان "لغة" ولا قيمة لهذا القول والنطق لولا وجود الغير ، الآخرين السامعين ، فالانسان منا يرى نفسه في الاخرين وفي ما يصدر عنه من تصرفات او سلوك او افعال واقعية او على مستوى المتخيل نستدل عنها بالعديد مما ندركه ومنها الرغبة وتحقيقها . تعرف الرغبة في موسوعة علم النفس والتحليل النفسي بانها احساس الفرد بأن شيئاً ما سوف يشبع حاجته أو يسبب له الرضا والارتياح مثل رغبة الجائع في تناول الطعام بينما تشير الرغبة في التحليل النفسي غالبا الى احد قطبي الصراع الدينامي بين الرغبة اللاشعورية التي تنزع للتحقق ونقيضها ( بسبب قوة الضمير) وترى ادبيات التحليل النفسي ودراساته المتعمقة ان الرغبات الممنوعة تجد سبيلا للإشباع في شكل هلوسي بديل كما نرى في الاحلام على سبيل المثال او في اشباع الرغبة في مستوى تفعيلي في الانحرافات او في اشباع متخيل بديل كما نرى في الامراض النفسية . وخلاصة القول يقول( د. حسين عبد القادر)الرغبة بعامة تشير الى ذلك الدافع الشعوري او اللاشعوري لبلوغ هدف ما وليس من الضروري ان تكون الرغبة مصحوبة بنزوع لتحقيق هذا الهدف . نحن البشر تتملكنا الرغبات الجامحة منها الرغبة في الامتلاك المفرط او الرغبة في التدمير(العنف والسلوك العدواني) او الرغبة في اثبات الذات من خلال التفاخروالتباهي ( عقدة النقص ) لغرض اظهار التفوق او الرغبات الجنسية المحرمة (الانحرافات الجنسية لدى الرجل والمرأة بانواعها مثل : الرغبات السادية والمازوخية والتلذذ بمختلف الممارسات الجنسية غير السوية لكلاهما ، او رغبات النساء في ممارسة الخيانة او سلوك المومس ... الخ وتطول القائمة) ورغبات اخرى تدميرية تجاه الاخر مثل النميمة والغيبة وتناول الاخرين في خصوصياتهم او الرغبة في ايجاد الوسائل المتنوعة والمختلفة في اخضاع من يحب او من تحب بوساطة ما يسمى بافعال السحر والشعوذة ، هذه الرغبات تنم عن ذات تختلط بها انفعالات المرض والانحرافات النفس – جنسية .
ان البشر الاسوياء لا يبرأون من هذه الرغبات والتشبث بها لانها تعود باللذة لديهم ، هذه اللذة مهما كانت آنية او وقتية لكنها تترك فعلا قويا في النفس وهي بنفس الوقت تجنب الآلم الناجم عن التفكير بها او حتى طرده بشكل مؤقت ، هؤلاء الناس يمارسون الخداع مع انفسهم وهو خداع النفس لنفسها وكلنا يعلم اننا حينما نمارس هذه الرغبات المجنونة نحس باللذة ولكن يحاول الاسوياء منا استنكارها او استبعادها عن حيز الشعور بطردها ونتفق مع قول الفيلسوف "نيتشه" قوله : إن ذاكرتي تقول إني فعلت ذلك ، ولكن كبريائي يقول : لا يمكن أن أكون قد فعلت ذلك ، وفي النهاية تذعن ذاكرتي . ويقول (د. مصطفى زيور) وهي عبارة يستطيع كل انسان ان يجد لها صدى في نفسه . ان دوافع الرغبات الممنوعة حينما يمارسها البعض من الاسوياء ربما تعبر عن وجود طاقة نفسية غير منصرفه تحاول ان تجد لها منصرفا في مثل هذه الرغبات الجامحة غير المقبولة في بعض الاحيان ، اما غير الاسوياء من البشر فانهم يمارسون رغباتهم هذه بتلذذ خصوصا عند شريحة من المنحرفين ممن يختارون الممارسات الجنسية مع الاطفال او ممن يمارسون الجنس مع الجثث في ثلاجات الطب العدلي او ممن يمارسون رغبات الغيبة والنميمة بشكل فاضح او ممن تستهويه في الرغبة أمرأة صديقة لزوجته او زوجة صديقه او اخت زوجته او من المحرمات ، او ممن يتلذذ بايقاع الالم بالآخر ، هؤلاء الناس تدل شخصياتهم بأنهم يتسمون بالجمود فضلا عن ان دواخلهم تتميز في صراع شديد بين عواطف متناقضة وان حياتهم الانفعالية(الداخلية) تكون دائما في صراع مستمر غير محسوم ، فأذا احبوا لا يخلو حبهم من الكراهية الشديدة . ان الانسان هو رغبة في رغبة آخر ، هذا الاخر يكافئه في السلوك وفي التوازن وفي العلاقة ، ان الآخر اذا جاز لنا التعبير ان نعده شئ اشبه بجهاز المناعة النفسي ، اذا اختلت هذه العلاقة او غاب مضمونها الانساني السوي صار التدهور والانحراف وربما حتى المرض النفسي لذلك فان التدهور في معادلة الجانب الانساني في الرغبة يجعل منها مجرد غرائز حيوانية وهي تنعكس بذلك على كل وظائف النفس الاخرى بل والجسد ايضا في نهاية المطاف ، واقصد به هنا ( الجسد) هو ان لايكون رغبة في الاستعراض لاجل المكسب المادي وتحقيق اللذة(رغبات المومسات في ممارسة الدعارة لغرض الانتقام) حتى اذا ما تقدم الانسان بالعمر وهزل جسده اصبح مثل حصان السباق حينما تكسر رجله فيقتل رأفة به ، اما الانسان فيتحول الى مجرد تضاريس خدشه على عكس النظر الى الانسان في وحدته وكينونته ، في فاعليته وايجابيته ، في سعيه الدائم ومداومته على البناء واعادة البناء في جيله او الجيل الذي يليه . وخلاصة القول لنا ان نستنتج بأن الرغبات الخفية او المعلنة انما هي دوافع ونوايا محجوزة او مكبوتة .
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |