|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]()
المرأة العراقية .. عين على أسرتها والاخرى على بلادها
اعداد: سارة خيري / التفات حسن
الفتيات في كل انحاء العالم تنصب اهتماماتهن على امور تتناسب واعمارهن ومن هذه الامور الخروج مع الصديقات.. مطالعة الكتب وغيرها من الامور اما في العراق فالامر مختلف بالنسبة للفتيات كما هو مختلف بالنسبة الى كل شيء.. فالفتاة في العراق هي المعيل لافراد اسرتها اذا ما غاب المعيل وحتى ان وجد من يعيل العائلة غير الفتاة فهو لا يكفي بل يجب على كل فرد من افراد العائلة ان يعمل ليوفر احتياجاته واحتياجات اسرته. ولكثرة متطلبات النساء كان على المرأة ان تعمل لتوفر احتياجاتها واحتياجات اطفالها. والاعمال التي تمارسها المرأة كثيرة ومن هذه الاعمال مهنة الخياطة وللوقوف على ما تعانيه المرأة في هذه المهنة التي تأخذ من وقتها وصحتها الشيء الكثير.
ولكن التقينا بواحدة من فتيات المشغل وهي ميعاد حسن من مواليد 1982 و قد تخرجت من اعدادية التجارة وقد قمنا بسؤالها عن السبب الذي دفعها الى العمل فاجابت: (لدي اخوة صغار انا المسؤولة عن اعالتهم) وسألناها عن الاجور التي تأخذها من المشغل هل هي كافية لسد احتياجاتها وما هي نظرتها الى المستقبل فاجابت: (الاجور غير كافية لسد احتياجاتي الشخصية فكيف بي وانا اعيل اسرة بحالها. اما عن تطلعاتي الى المستقبل فلا توجد اي تطلعات نحو المستقبل). علما ان ميعاد تعمل من الساعة السابعة صباحا الى الساعة السابعة مساء وهي الان مريضة تعاني من الالام في الكلية اضافة الى اعراض فقر الدم العام الواضحة في بشرتها الصفراء وعينيها الذابلتين، والماساة التي تعيشها هذه الفتيات وامثالهن انه في حالة المرض او العجز عن العمل او تصفية صاحب العمل لمعمله لا تعطى العاملات اي مكافأة او تعويض او ضمانة صحية، بل ترمى هكذا لتفتش من جديد عن عمل آخر يستنزف قواها وشبابها.
بعد ذلك انتقلنا الى مشغل محمود المصري والذي يديره هو بنفسه وقد رحب بنا واكرم قدومنا وكان لطيفا في حواره معنا متجاوبا مع اسئلتنا عكس المشغل الاول، ويبدو ان اخلاقه مع العاملات ايضا جيدة، وكان هذا اللقاء الذي بدأناه بالسؤال عن عدد العاملات لديه في المشغل وكيف يتم توزيع الرواتب او الاجور عليهن فاجاب: (لدي اربع عاملات داخل المشغل وتسع عاملات يعملن داخل منازلهن اما عن الاجور فتكون حسب انتاجية المعمل)، ثم سالناه عن ساعات العمل، فاجاب: (يبدأ الدوام في الساعة الثامنة والنصف صباحا وينتهي في الساعة الخامسة عصرا).
فقلنا له: برأيك ما هو الحل؟ اجابنا: (الحل هو بيد الحكومة، الامتناع عن استيراد البضاعة الاجنبية واعتماد البضاعة الوطنية، حتى نتمكن ايضا من تشغيل ايدي عاملة اكثر وفسح المجال لفتح معامل اخرى وتطوير الانتاج الوطني... حيث ان البضاعة الان في السوق اجنبية وبسعر رخيص ارخص من بضاعتنا) قلنا له: (ولماذا لا تبيعون بسعر ارخص من البضاعة الاجنبية) قال: (لا نستطيع ذلك لاننا نأخذ المادة الاولية بسعر مكلف، اضافة الى المكائن والمولدات الكهربائية وما تتطلب من بنزين وعطلات واجور العاملات وما الى ذلك لا نستطيع الا ان نبيع بهذا السعر).
والسيدة وفاء امراة قد هجرها زوجها دون سبب، ولم يترك لها اي مورد للانفاق منه ولا يسأل عنها ولا عن اولادها، قالت لنا بعيون تفيض بالدمع: (ظروفي صعبة جدا، ابنتي الصغيرة تركت المدرسة بسبب المصاريف لا استطيع تلبية طلباتها ترى زميلاتها في المدرسه وتريد ان تلبس وتاكل مثلهن ولا استطيع توفير ذلك لها). محطتنا التالية كانت السيدة بتول غضبان حمزة وهي متزوجة ولديها اربعة اطفال، سالناها عن سبب عملها فاجابت: (يجب ان اعيل نفسي واطفالي اضافة الى زوجي المريض الذي يحتاج الى مصاريف الدواء والطبيب).
اما الانسة خولة محمد، خريجة اعدادية التجارة ومسؤولة عن اعالة والديها واخوتها وقد سالناها عن سبب عملها في المشغل وهي تملك شهادة الاعدادية فاجابت: (قدمت الكثير من طلبات التعين لكن جميع طلباتي التي قدمتها لغرض العمل باءت بالفشل مما اضطرني الى العمل داخل المشغل لاعالة عائلتي). وقد قمنا بسؤال جميع العاملات في المشغل عن الاجور هل هي كافية لسد احتياجتهن ؟ فكان جوابهن بالاجماع ان الاجور لاتكفي لسد تلك الاحتياجات وسالناهن عن نظرتهن للمستقبل وكان اصدق جواب قالته عاملة في المشغل حيث قالت (في الماضي كنا نجمع الاموال ونشتري الذهب لتكون لنا حصيلة مادية جيدة تنفعنا في المستقبل. اما اليوم وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها فنحن لانفكر الا في يومنا ففي اي لحظة ممكن ان تنفجر سيارة مفخخة او عبوة ناسفة نكون نحن ضحيتها.....). كانت نظرة العاملات الى المستقبل متشائمة بصورة عامة.
السيدة سوسن ابراهيم تعمل في مشغل للخياطة في جنوب الحلة، قالت لنا: مشكلة المراة في مجتمعاتنا انها تسحق بسهولة لضعفها ولعدم ضمان الحصول على حقوقها، نحن نعمل هنا نستهلك كل طاقاتنا لاجل مبالغ لا تكفي لابسط مقومات الحياة... لا صاحب المعمل ينصفنا ولا الدولة تحمي حقوقنا، ولا مؤسسات اخرى تدافع عن حقوقنا، نحن الشريحة الاكثر مظلومية، الاكثر نسيانا). زميلتها هدى الفتاة البالغة من العمر 18 عاما تعمل 10 ساعات في اليوم منطوية على نفسها ما بين ما كنة الخياطة الصماء والقماش الملون الذي ينتظر ابرتها، لتقضي ساعات وساعات في خياطته بصمت... فترى وجهها ذابلا، وابتسامتها شاحبة، وبقايا امل يحتضر في عينيها قالت لنا ونحن نسألها عن المستقبل باعتبارها فتاة شابة: (اظن انه من الحمق التحدث عن المستقبل، لان واقعي لا اكاد اتحسسه فعن اي مستقبل تتحدثين). ام مهند قالت لنا: (اعود الى البيت منهمكة القوى، متعبة فلا اتحمل اي احد حتى اطفالي، لان اعصابي تكون متعبة ولا اتحمل اي صوت او اي مضايقة، اعود للنوم لانهض في الصباح الى العمل وهكذا، عمل عمل عمل دون اي تحسين او تطور في حياتنا). الملفت للنظر ان كل من نسأله عن المستقبل، ينظر الينا بعتب، ويفضل الصمت، فهو خير جواب لسؤالنا الذي يبدو انه لا معنى له في واقعنا. تامل بنت الرافدين ان يصبح المستقبل اكثر اشراقاً في ظل حكومة جديدة ودستور جديد يؤمن حقوق المراة ولاسيما المراة العاملة.
|
![]() |
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |