النور يخترق ابواب الحكمة في مالمو

 

تحقيق: احمد الصائغ

تصوير: ابراهيم العكام

حينما وجهت دعوة لمركز النور من احد الاحبة الاصدقاء لزيارة مدرسة الحكمة في مدينة مالمو السويدية لم يدر في خلدي حينها اني سأرى هذا الصرح الجميل من المحبة والالفة وهذه الروح التي تذوب في خدمة الاسلام والمسلمين من خلال تعليم الاولاد والبنات اللغة العربية ودروساً من القرآن الكريم وتحصينهم بكتاب الله العظيم سيما انهم يعيشون في بلاد الغرب وسط اختلاف الحضارات ومناهج حياتية وثقافية لم يالفها مواطننا الشرقي.

دخلت الى مدرسة الحكمة وانا اتوقع اني سارى عدداً قليلاً من الطلبة والمعلمين و لكني فوجئت بعدد كبير من الاولاد والبنات جاوز المائة وهم يلعبون في باحة المدرسة حيث تزامن دخولنا المدرسة مع وقت استراحة الطلاب حينها علمت ان صاحبي اراد لي هذه المفاجأة حينما لم يخبرني بهذا الحجم الكبير للمدرسة او لربما ارادني ان ارى ذلك بعيني خير من ان يزوقه بكلمات قد لا توصف ما يريد هو او قد لا تشبع فضولي الصحفي.

ومدرسة الحكمة التابعة الى جمعية الحكمة التي تاسست عام 1996 بعشرة طلاب ومعلم واحد نجدها اليوم تحتوي على اكثر من مئة وثمانين طالباً وطالبة واكثر من عشرين معلماً توزعوا على اثني عشر صف مدرسي. ان هذا التطور في الاعداد و الذي رافقه تطور في المناهج وطرق التدريس هو مؤشر ايجابي لنجاح هذا المشروع ( الحلم) الذي يتمناه كل ابناء الجالية في دول الغرب.

 

العمل في المدرسة تطوعي ولا نتقاضى عنه اي اجر

بداية توجهنا الى السيد فاضل هلال مدير المدرسة فكانت لنا معه هذه الوقفة

- ما هي طبيعة العمل في المدرسة ؟

- ان العمل في مدرسة الحكمة هو عمل تطوعي ولا نتقاضى عنه اي اجر انما هي رسالة انسانية وخدمة نقدمها لأبناء الجالية نبتغي من خلالها مرضاة الله تعالى

- هل هناك اي دعم مادي من موسسات اسلامية او احزاب سياسية عراقية او جهات حكومية؟

- ليس هناك اي دعم من اي جهة او حزب وهذا يؤكد استقلالية في مدرستنا ومشروعنا التربوي

- إذن كيف تسير امور المدرسة المادية؟

- من اشتراكات طلبة والتي هي بمقدار خمسين كروناً سويدياً شهريا اضافة الى دعم مدرسة تعليم الكبار السويدية التي هي الراعي الوحيد لهذا المشروع وجاءت رعايتهم بعد اطلاعهم على برنامجنا و تلقينا منهم ترحيبا كبيرا في المواصلة وقد قاموا بزيارات كثيرة الى مدرستنا

- اي الاعمار تقبلون في صفوفكم؟

- الاعمار من ست سنوات الى ستة عشر سنة

- ما هي اهم الدروس التي يتلقاها الطالب في مدرستكم؟

- هي دروس في اللغة العربية والقرآن الكريم وعقائد اهل البيت

- هل هنا مناهج دراسية مخصصة ومن اين تاتون بها؟

- لقد قمنا بشراء مناهج دراسية من فرنسا وهي سلسلة متكاملة لمؤلفها الاستاذ الدكتور الحبيب العطاس والتي هي مخصصة للطلبة العرب الذين يسكنون في الغرب وهذا المنهج على ست مراحل من المرحلة الاولى الى المرحلة السادسة وقد رأينا تقبلا جيدا من الطلبة لهذه المناهج

- هذا بالنسبة لتعلم اللغة العربية وماذا عن القرآن الكريم؟

- نقوم بتدريس القرآن الكريم ابتداءا من المرحلة الاولى (للقراءة والحفظ) ونبدا بالسور الصغار و ثم نتدرج الى السور الاكبر فعند وصول الطالب الى المرحلة السادسة يكون قد انتهى من حفظ الجزء الثلاثين من القران الكريم اضافة لتدريس الترتيل والحركات

- ماهي اوقات دوام المدرسة؟

- ان المدرسة تبدا مع بداية الدوام الرسمي للمدارس السويدية في شهر اغسطس / اب ويكون بمعدل ثلاث ساعات كل يوم سبت

- وماهي كيفية التسجيل في المدرسة؟

- يتم التسجيل بحضور الطالب مع ولي امره شخصيا الى المدرسة وهناك استمارات خاصة لبعض البيانات عن الطالب تتم تعبئتها

 - ما هي المشاكل التي تواجهونها او معوقات العمل؟

- هناك مشكلة كبيرة وهي عدم تعاون بعض الاباء مع المدرسة مع عدم اهتمامهم بجدية للمشروع وقد نشعر بالاحباط احيانا حينما نرى ان اهتمام بعض الاباء لايوازي جهود المعلمين الذي تركوا اعمالهم من اجل تدريس الطلاب. و هناك مشكلة اخرى وهي مشكلة المكان حيث اننا كنا في ضيافة مدرسة روزنكورد Rosengهrdskolan ولوجود صيانة فيها انتقلنا الان الى مدرسة Apelgهrdsskolan حيث لا يوجد مكان خاص بنا..

- هل هناك مشاريع قادمة؟

- هناك مشروع لتدريس اللغة العربية الى السويديين من خلال دورات تقام في مالمو وايضا هناك مشروع مخصص للعراقيين كبار السن من الاميين لتعليمهم اللغة العربية لتسهيل عملية تعلمهم اللغة السويدية حيث كما هو معروف ان تعلم اللغة الام هي انطلاقة لتعلم اللغات الاخرى

- هل هناك نشاط من خلال الدوام؟

- هناك بعض النشاطات منها زيارة حديقة الحيوان وبعض السفرات الى بعض الحدائق ونحن ندعوكم لمشاركتنا احتفالية توزيع نتائج امتحانات السنة الدراسية المنتهية على الطلبة والتي ستقام في حدائق Bulltofta في الاسبوع القادم ....

 

احتفالية خاصة في حديقة عامة

في الاسبوع الثاني حضر مركز النور احتفالية توزيع النتائج النهائية للعام الدراسي الحالي والذي اقيم في احدى الحدائق الكبرى في مدينة مالمو ووسط اجواء المرح واللعب والفرح وزعت شهادات تقديرية على الطلبة وهناك حيث الهواء الطلق والخضرة التي كست الارض، وزرقة السماء التي حملت بعض الغيوم الخفيفة كانت لنا بعض الوقفات مع اساتذة و طلبة واولياء امور للحديث عن هذه التجربة.

 

طموحنا ليس تعيم اللغة العربية حسب انما خلق جو قريب من اجوائنا الشرقية و الاسلامية

 علي ملحم معلم و عضو هيئة ادارية

اقوم بتدريس الصفوف الاولى في مدرسة الحكمة منذ سبع سنين و مازلت, رغم ان تخصصي المهني ربما يكون بعيداً عن اللغة العربية حيث اني مهندس وطالب دراسات عليا ولكن لربما سنوات التدريس التي قضيتها في المدارس الفنية هي التي اكسبتني بعض الخبرة اضافة الى قراءاتي في الدين واللغة.

وان ما اطمح له ليس تعلم الاولاد اللغة العربية حسب انما خلق جو قريب من اجوائنا الشرقية والاسلامية ويأتي هذا من خلال جعل الطالب يحب لغته ودينه الحنيف وبهذا نكون قد ساعدناه على التمسك بالقيم الاسلامية من باب التحبب وليس الفرض مع الاخذ بنظر الاعتبار اختلاف الحضارات والمجتمع الذي يعيش فيه الاولاد حاليا . واني اهيب باولياء الامور مؤازرة المدرسة من اجل تحقيق هدفها في الاخذ بيد ابنائنا الاحبة الى المستوى المطلوب.

 

سندس هرندي طالبة 13 سنة

تعلمت من مدرسة الحكمة اشياء كثيرة منها تربوية و منها اجتماعية اضافة الى تعلمي اللغة العربية حيث انني مولودة في السويد ولم يسبق لي الدخول الى المدارس العربية كذلك حفظت بعضا من سور القرآن الكريم و قصص الانبياء.

كما تعايشت بمحبة مع اخوتي و اخواتي و اساتذتي في المدرسة و كأننا نعيش في نطاق اسرة شرقية واحدة .

زيد علي طالب 15 سنة

قدمت الى السويد منذ اربع سنوات ودرست في مدرسة الحكمة سنتين تعلمت فيهما الكثير رغم دراستي السلبقة في المدارس العربية ولكن مدرسة الحكمة اضافت لي الكثير فقد حفظت الجزء الثلاثين من القران الكريم .

ربما هناك ثمة ملاحظات منها عدم جدية بعض الطلبة وتغيير المعلمين بين فترة واخرى يسبب ارباكا لدى الطالب رغم معرفتنا بظروف المدرسة الصعبة ولكننا كطلبة نطمح من اساتذتنا المزيد والمزيد.

 

فراس كاظم والد الطالبة رنا

ابنتي رنا عمرها ثمان سنوات دخلت مدرسة الحكمة في بداية العام الدراسي الحالي وبدأت تقرأ وتكتب حروف اللغة العربية بشكل جيد وحفظ آيات من القران الكريم. اضافة الى تحسن ملحوظ في تحدثها اللغة العربية مع زملائها.

اتمنى دوام النجاح لهذه المدرسة وبارك الله بجهود الهيئة التدريسية لهذه المدرسة التي رعت ابناءنا وسعت للحفاظ على اللغة العربية لغة القران الكريم.

 

جواد كاظم والد الطالب كاظم

عمر كاظم سبع سنوات ودخل هذه المدرسة بداية هذا العام و اني ارى تحسن واضح في قراءته وكتابته وحتى في شخصيته, ابارك عمل هذه المدرسة والسادة اعضاء الهيئة التدريسية. ونتمنى تشجيع الاهالي اكثر لمثل هكذا مشروع يخدم الجالية العربية.

 

علي مسلم جبر والد الطالب حسين

حسين عمره ثمان سنوات انظم الى المدرسة منذ سنتين تعلم منها الكثير كما اننا نساعده في البيت على مراجعة دروسه و الاهتمام المستمر بها. كما انه يضيف ان تغيير المعلمين بين فترة واخرى يسبب ارباكا لدى الطالب لكننا نعرف الامكانية المحدودة للمدرسة و عمل الاساتذة التطوعي.

 

اللغة هي مفتاح لكل الافاق التي تقودنا للالتصاق بحضارتنا وديننا الحنيف 

 د. علاء الحداد والد الطالبة نور

عمرها ثمان سنوات انهت سنتها الثانية في مدرسة الحكمة تعلمت خلالها القراءة والكتابة من خلال جهود السادة اعضاء الهيئة التدريسية وحرصهم الشديد على تعلم الاولاد للغة العربية حيث ان اللغة هي مفتاح لكل الافاق التي تقودنا للالتصاق بحضارتنا وديننا الحنيف.

ان أوقات الدوام غير كافية لانها قليلة اذا ما قورنت بدوام الاولاد في المدارس السويدية كذلك اتمنى ان تكون هناك تغذية داخل المدرسة رغم معرفتي بضعف امكانيات المدرسة المادية.

 

حيدر عبد الله معلم و عضو هيئة ادارية

لكل تجربة معوقات ولكننا في مدرسة الحكمة نحاول دوما ان نذلل تلك المعوقات ونعمل بجهد مضاعف كي نتمكن من سد النواقص الكثيرة في المدرسة منها عدم وجود دعم مادي وعدم وجود مكان ثابت للمدرسة وغيرها من الامور ولكن ارادة الانسان هي كفيلة بأن تحقق نجاحات اذا ما وجدت الادوات التي تتجسد من خلال النفوس المخلصة التي تقود العمل اما الشيء الاخر الذي احب ان اذكره وهو من وحي تجربتي في المدرسة هناك افكار خاطئة قد يتعلمها الطالب في المدارس السويدية وهذا يتأتى من اختلاف الحضارات والمعتقدات ونحن بدورنا ايضا نصحح الخطأ اينما وجد بطريقة لا تسيء الى الجانب السويدي لاننا نحترم معتقداتهم وافكارهم.

 

منتظر الجابري اقدم طالب في المدرسة 22 سنة

كنت من الطلبة القدامى في هذه المدرسة حيث دخلتها بداية تأسيسها عام 1996 و لغاية 2002 وانا حاليا طالب في جامعة لوند السويدية. في البداية كنا قليلين جدا لم يتعدى عددنا العشرة طلاب وكانت الدراسة بدون مناهج دراسية وقد تعلمت منها الكثير وحفظت جزءين من القران الكريم . بعدها بدأ عدد الطلاب يتزايد حتى وصل الى ما وصل اليه الان و هذا اعتبره مؤشراً عظيماً في مدرستي التي اتمنى العودة الى صفوفها للدراسة او التدريس فيها .

 

 نحتاج الى من يتابعنا وينتقد عملنا كي نحسن من أدائنا

محمد رضا الناصري (أبو مالك) مشرف وعضو الهيئة الادارية لجمعية الحكمة

صاحبت المدرسة منذ بداية التأسيس كمساعد للهيئة الادارية للمدرسة. واني اعتبرها من التجارب الناحجة ويمكن لكم ان تروا ذلك من خلال الاعداد المتزايدة التي تتوافد على المدرسة وهذا لم يأت مصادفة انما هو عمل متواصل ودؤوب من قبل جميع السادة اعضاء الهيئة التدريسية والادارية والاصرار على تعليم الاولاد وتقديم خدماتهم الطوعية لابناء الجالية ليس فقط من اجل تعليمهم اللغة العربية ولكن من اجل تعرف الاولاد على بعضهم وتحاببهم. بالرغم من ان زيادة عدد الطلاب سبب ارباكا وجهدا كبيرا بالنسبة لنا ولكننا ولاجل فائدة ابنائنا نتقبل هذا العدد مهما زاد ولربما هناك ثمة حل يتمثل بفتح فروع اخرى للمدرسة في مناطق متعددة في مالمو وهذا لربما طموح ولكن اتمنى ان يتحقق. من معوقات عملنا هو ضعف الامكانيات المادية حيث ليس هناك دعم مادي سوى ما تدفعه لنا مدرسة الكبار والتي لا تسد جميع احتياجات المدرسة وانما جزء قليل منها اضافة الى اشتراكات الطلبة.

كما اننا نعاني من عدم تفاعل بعض اولياء الامور مع المدرسة بشكل جدي وعدم حضورهم الى المدرسة والوقوف على مسيرة ابنائهم او تعاونهم مع ادارة المدرسة في تقييم المستوى الدراسي لابنائهم او حتى تقييم ومحاسبة المدرسة في حالة وجود تقصير او اهمال في العمل. نحن نحتاج الى من يتابعنا وينتقد عملنا كي نحسن من أدائنا فليس هناك عمل متكامل فالاخرون هم القادرون على انجاح مشرونا التربوي والتعليمي من خلال تواصلهم و تفاعلهم.

نحن نطمح أيضا بأن نقدم للطالب اكثر واكثر كتوفير مكتبة خاصة بالطفل لتنشيط معلوماته وكذلك اقامة مخيمات و سفرات الى اماكن ترفيهية و حضارية يتعرف من خلالها ابناؤنا على الحضارات و الثقافات المختلفة . في النهاية لا بد ان نشكركم على اهتمامكم و زيارتكم لنا.