|
لقاءات الأديبة العراقية عالية طالب: أخترت الأبتعاد عن الوطن كي أستطيع تأمل المشهد المذبوح في العراق * أسمع هتاف الألهة وأعد نقطة الشروع الى نهايات التواجد * رسالة المثقف نراها في ذلك الصدر المثقوب بالرصاص حاورها: جواد كاظم اسماعيل كان عليها التلفت إلى ما وراء نظرة عابسة تملأ وجهها، وإن تسقط كل ذلك الإحساس باللاجدوى الذي يغلفها حاولت وحاولت، ألا أنها في النهاية اكتشفت أن كل ما كانت تقوم به إنما هو تكبير للطوق الذي ضرب حول ذات الإحساس، انها تكثف مشاعرها الباهتة ويزداد عمق الحزن المرسوم حول شفتيها والتخاذل المكبل لقدميها ورأسها، في رأسها وجع غريب يملأ كل مساماته، ثقل سنوات مركون داخل جمجمة ملونة بعينين ونظرة تائهة. لابد لها من تغيير ما، أيا كان لتشعر بأهميتها وباغراء البحث وراء الاكتشاف، وبذهول اللحظة المتوقعة، ربما حين تفعل تستطيع وقتها إيقاف ذلك النزف الصامت داخل عينيها، الذي يجعل المرئيات ضبابية لا لون لها، لاتشكيل لانتوءات ـ تسطحات مريعة لاشئ فيها يوقف الخطوة أو يحفز الوثوب.هي هكذا مثلما وصفت نفسها في قصتها ( الوهم) ولكن أي وهم ذلك الذي يستعمر عالية طالب لتسير بين ثنائية متناقضة تارة ومتحدة تارة أخرى وبين صراع هذه الثنائيات تقف لشكل أجزاءها وكأنها رغم كل ذلك واثقة من تداعيات مطلق يستحثها ويدعوها الى الأقدام بأتجاهه, رغم أن الوطن جرح غائر في أعماقها، بين جرح الوطن الغائر وبين تداعيات التشكيل الجديد لعالية طالب في المنفى كان هذا الحوار: من هي عالية طالب..؟ ولماذا تكتب..؟ ولمن تكتب..؟ عالية طالب: عالية طالب أنسانة تعبت من كثر ما حاورت واستمعت وانشغلت بابطالها، يطوحون بها مرة وتقذفهم مرات الى المجهول وتعود لسحبهم الى المستحيل ثم تسافر واياهم بحثا عن حلول. ليست الكتابة عندي ترفا بقدر ما هي ملاذي الخاص من نفسي احيانا وممن اراهم يعبثون بقدسية الحياة بقلب بارد، لذا اضعهم على سطوح الاشياء ليروا أنفسهم وكيف تفعل فعلها بالحيوات حولهم، واشعر بأننا بحاجة لكلينا، هذه التبادلية هي من خلقت جو القصص والحكايات وبدونها سيبقي الاثنان الكاتب والابطال على طرق مستقيمة لا تلتقي، لكنهما بهذه الطريقة يعادلان تكافىء الاشياء لتعيد صياغة الحقيقة أو الوهم ومنهما يخرج الكائن الجديد الذي هو البعد الرابع – الابداعي - ليقول كلمته اللذيذة في وجه القبح والاستلاب والتشظي والهمس العابث باصواتنا المبحوحة نتيجة الاستغراق في الصراخ المظلم. أكتب لاشعر أنني لست بحاجة للاخرين لكي يدرون خيبتهم بنظرة اشقفاق لمن يعيد الخلق من جديد، واكتب لاشعر بلذة الاشياء التي تنبع من حولي كالفراشات المضيئة، واكتب لانني موجودة على خارطة الاشياء، وكلما تراكمت سنوات كتاباتي كلما شعرت باهمية ان نكون محترفي الكتابة، ليس هنا اروع ولا احلى ولا ابهى من ان تكون قادرا على اعادة صياغة انفعالاتك وهواجسك ونقل ما تراه بعد ان تتمثله وجدانيا للاخرين، الكتابة هبة يعطيها الله لمن يحبه، هكذا ايماني بها ومن هنا اتعامل مع اصحابها ومع نفسي عبر هذه الزاوية النبيلة. لا تسالني لمن اكتب فأنا لا اوجه خطابا دراماتيكيا لنساء ورجال ومجتمع خارج الكينونة الحقيقية، كلنا نكتب ونتشاطر الحالة هم، من حولي يشاركوني لعبة الكتابة بدلق حيواتهم حولي وانا حين اصغي لصوت الاهات اعرف ان اللحظة التي انتظرها تحين وقت تشاء لتقول للانسان اينما يكون، اسمع هتاف الالهه وأعد نقطة الشروع الى نهايات التواجد وحين يسالني مثلك كيف افعلها، اقول له لا تبالي بالاوراق بقدر ما اغترف من الكلمة معاني الوجود الرائق في البحث عن الخلاص _ اتراه يتحقق فعلا ؟؟ ماذا تعني لحظة الكتابة لدى عالية طالب..؟ عالية طالب :لحظة الكتابة تعتاش ثوانيها معي حتى وانا في نومي – انت لا تدري كيف توقظني من نومي فجرا لتنهال صورا بلا حدود فوق وسادتي وداخل شعري وبين اهدابي، لا اكاد اجد وقتا لجمع كل هذا الازدهار العجيب الذي ينسج قصصه فوق عيني وداخل راسي وحين امتلك استيقاظي الكامل اتسائل اين غادرتني تلك الحالات والاحالات العجيبة التي راودتني عن نفسها فجرا، لكنني حين احتفي بجلوسي معها في لحظة صفا يكون بيننا حوار اخر أهيء له مستلزمات الاحتفاء كما يجب واحمل سجائري فوق صدري واحرر شعري من اية قيود تزعج راسي واداعب تقطيبات وجهي المتتالية واخلو الى عالية تناديني، ليتها تحقق دعواتها لي كل يوم، ربما لا اجد فيه فسحة من اتصال فيما بيننا، هذه الحياة تراوغنا فنفشل في تصدينا لمتطلباتها الحسية والرمسية – تريدنا ان ناكل ونلبس ونشاهد الاخبار ونركب السيارات ونرى الخلائق ونشارك في الحوارات المملة والممتعة و و و وهي في كل هذا الاستقطاع تحرمني من لذتي الكبرى، الا وهي الانزواء مع عالية لتقول لي ما تريد واسمع منها ما يعجبني دوما. أسلوب عالية طالب يسير بخط واقعي تعبوي في مرحلة معينة الى الواقعية السحرية هل هناك أسباب وتأثيرات وسمت كل مرحلة على حدة وماهي الأساب..؟ عالية طالب– أسلوب عالية طالب يحب ويدمن ويختص بطرق خاصة به، انه يستطيع ان يمزج بين الواقعية والواقعية السحرية والغرائبية والمتخيلة في وقت واحد، كتبت قصصا واقعية بحتة وكتبت فنطازية سريالية بمزج واقعي افاد النص ولم يؤذيه وكتبت سحرية سرمدية لا تقترب من الواقعية بقدر ما تعطي ثمارها التي اردت توصيلها بطريقتي الخاصة، قد لا تعجب الاخرين وقد يتلهون بها وقد لا يفهمونها وربما يصفونها بالغامضة المزعجة او المملة، واختلاف امزجة المتلقي تجعلني اعرف كيف اداوي جراح القصة ببراعة من يحمل الصخرة الثقيلة على ظهره ولا يقذفها على الاخر كي لا يرهقه كثيرا، لكنه يحتال عليه بان يجعله مشاركا في تحمل الثقل الظاهر فوق ظهر الكاتب ولا يغادره الا حين يتنتهي النص وتنهي الصورة التي ربما سيبقي القارىء يداعبها بخياله لايام او لساعات وحتى لو لدقائق – لا يهم الوقت بقدر ما تهم لحظة الايصال. حياتك موزعة بين العمل المؤسساتي والأعلامي والأدبي كيف توفقين بين ذلك.. وبخاصة أنك كاتبة قصة..؟؟ عالية طالب:- انا احب العمل الاعلامي بالاضافة الى العمل الادبي ولكن ذلك الحب جعلني افرط باوقات مهمة كانت مخصصة لعالية الاديبة على حساب عالية الاعلامية، لكنني ايضا استفدت من تلك العلاقات المتشابكة باقتناص تجارب تصلح لبنية القصة التي ادور بحثا عنها في كل ما يحيطني حتى ولو كان لحجر. العمل الاعلامي والمؤسساتي قربني من زاوية احبها في نفسي هي ان اقدم ما بوسعي لجعل الاخرين يحققون استفادة ما ومهما كان حجمها كبيرا او صغيرا المهم ان اكون انا سببا مساعدها في توصيلها للاخرين، وحين المح نظرة الامتنان بالوجوه اشعر بأنني فعلت ما يتوجب علي، وحينها يختفي ذلك التقريع المؤلم الذي تسلطه عالية الاديبة علي لانني اخذ حصتها من وقتي الاعلامي وابدو امامها وكأنني طالب مهمل لم ينه دروسه وواجباته المدرسية، ليتها تغفر لي انشغالي باهتمامي الاعلامي الذي هو لا يبتعد كثيرا عن المعنى الابداعي لكنه يختلف في طريقة تقديم ذلك الابداع وتوثيقه جيدا. فن القصة في العراق هو فن متأخر أذا ماقارنا ذلك مع فن الشعر ماهي وجهة نظرك في تلكؤ القصة وكيف السبيل للوصول بها لمكانة شبيهة بمكانة الشعر..؟ عالية طالب: – القصة التي تبلورت في العراق نضوجا منذ العشرينات بعد محاولات كانت خطوات تمهيدية منذ القرن التاسع عشر، ولم تستطع تلك المحاولات ان تجعلنا نولي ظهورنا عنها بسهولة لكنها فتحت الطريق لنكمل ما بداه ذوالنون ايوب ومحمود احمد السيد والعديد من الاسماء الرائدة، صحيح ان الشعر سبق القصة المدونة لكن هذا لا يعني انها لم تكن موجودة لكن وصولها بالتوثيق المطلوب لم يصل بسبب اختلاف طبيعة القصة عن الشعر الذي ينقل بالحفظ والتكرار اعتمادا على مبدا الشطرين والاختزال في المعنى بعكس القصة التي تحتاج الى السرد المكثف، لذا وصلتنا القصة بتحريف منقول لنسمعها مع اضافات تتحقق عند كل ناقل وهذا لم يحصل مع الشعر ولنا في تراثنا العربي العديد من الحكايات والروايات المهمة لكنها تعرضت لدخول الزيادات والحذف والاضافات التي نالت من متن النص فدخلت في الخرافة والاسطورة والخيال البحت. وان كانت قد خطت طريقها بعد العشرينات جيلا بعد جيل وصولا الى وقتها الراهن فأن هذا لا يعني بطئها بل يعني تواجدها على خارطة الاشياء بفعل البعد الزماني بينها وبين نقل الشعر، واعتقد انها بعمرها القصير اصبحت منافسا جيدا للشعر حتى انه قبل قبل عامين انه عام الرواية والقصة وليس عام الشعر بفعل انجازات روائية وقصصية مهمة. وسننتظر ان تكون اعوامها القادمات بامتيازات تفضيلية جيدة ايضا. ظهرت في الفترة الأخيرة عناوين ومسميات مهمة قسمت الثقافة العراقية الى ثقافة الداخل وثقافة الخارج أين أنت من هذا التقسيم..؟ عالية طالب :– هذا واقع لا مناص فيه – باعدت بيننا المسافات ونالت المنافي من مبدعينا واخذت من جرف الابداع الحقيقي العراقي فظهر ادب الخارج او ادب المنافي وكان مكملا لادب الداخل المقموع باسباب كثيرة اولها التسلط السياسي الرسمي ومحدداته الكثيرة التي جعلت العديد من الادباء لا ينشرون نتاجهم خوفا من البطش وينتظر فرصة اللوذ بالمنفى ليقول ما يريد، ولكن هذا لا يعني ان ادب الداخل كان بسيطا او هامشيا، لانه استطاع رغم كل قيوده ان يقول كلمته الترميزية وينجح في ايصال ما يقصده ببراعة المؤلف المحترف، لكنني اخشى من حجم الهوة التي وجدت ونمت بين الاثنين بعد سقوط النظام واخشى ايضا من ان تكون سببا في خلق تباعدات لا تفيد الابداع العراقي الانساني، وارجو ان ينتبه الاثنان الى اللعبة المميتة. لما تزل المرأة في العراق كائن هامشي ماذا قدمت الأديبة عالية طالب لأنتشال المرأة أو مساعدتها في أكتشاف ذاتها ألانسانية أولا والأنثى ثانيا..؟ عالية طالب:- من قال ان المرأة كائن هامشي – هذا كلام مرفوض تماما – انها كائن متجذر في حيواتنا وقدم ويقدم الكثير لكن النظرة المحددة له تجعله احيانا يبدو وكانه يقبل الوصف، لا توجد امرأة حتى في اقسى الظروف الاجتماعية السلبية عربيا ترضى بتسمية هامشي – انا كتبت للمرأة التي اعرف انها موجودة هي الانثى التي تريد ان تشعر الاخر بانوثتها وليس برغباتها وهي الحبيبة التي لا تقبل التسطح في المشاعر والافعال وهي المخلوق الذي يصرح بكل كنوزه المعرفية ما ان تضع يدك عليها وما ان تعرف كيف تحاور عينين يفيضان حبا وحنانا ويساهمان في ديمومة الكائنات السلبية والايجابية، في جلسة مصرية قبل اسابيع في ورشة ادبية قلت ان المرأة كائن ذكي يقود العالم في ذات اللحظة التي يشعر العالم انه ينتظر منه ان يقاد، وتلك براعة المرأة التي ايتدات قيادية في مجتمعها الانساني ولكن دورها تعرض للتناسخ فاقترن بقبول تراجع صوري لكنه تراجع وهمي اقنعت به مجتمعا ذكوريا يحب ان يقال عنه انه الاول فيما هو يتلقى تعليماته من حواء ليقول ما يريد ؟ المعروف عنك أن مشوارك الأدبي أنطلق من القصة ثم أتجهتي لكتابة الشعر والرواية هل تحاولين مغادرة جنس القصة نحو الشمولية الأدبية..؟ عالية طالب:- باستطاعة الاديب الدخول في عوالم الابداع المتعددة ان وجد اتساعه فيها وكتابة الشعر او الرواية عملية تكميلية مهمة كان لابد من الاقدام عليها ولكن هذا لا يعني مغادرة فن القصة بل هو انسجام وتواصل وتكامل افادني وافاد مشواري واعتقد ان اغلب الادباء يمارسون كل صنوف الابداع هذه بذات البراعة مع كل لون منها دون ان ياخذ احدها من الاخر او يقلل الاهتمام به. ذكرتي في لقاء سابق لك أن الأديبة العراقية في مرحلة التسعينيات هي أديبة توثيقية تسجيلية أكثر منها أديبة هل ينطبق هذا الوصف على عالية طالب..؟ عالية طالب:- انا قلت هذا الكلام بعد ان ظهرت كتابات متعددة لكاتباتنا وهن يكتبن الرواية التسجيلية بعد حرب الخليج الاولى في التسعينات امثال الاديبة الرائعة ابتسام عبد الله وارادة الجبوري ودنيا ميخائيل وميسلون هادي وغيرهن، وكذلك فعل الاديب الرجل ايضا كوارد بدر السالم وجواد الحطاب واسماء اخرى، انا لم اكتب في ذلك الوقت بهذه الطريقة لكنني افعل الان، اذ انني اعمل على رواية توثيقية تسجيلية للاحداث التي مرت بنا كعراقيين منذ عام 2003 وهي رواية تروي احداثا تقترب من التوثيق التاريخي المهم لمرحلة مهمة من تاريخ العراق المعاصر واعتقد ان الاديب يساهم بفعالية في كتابة التاريخ للاجيال القادمة التي عليها ان تقرا كل ما كتب عن هذه المرحلة لتستوعب ما جرى فعلا على ارض الرافدين بعيدا عن المؤثرات السياسية والحزبية والسلطوية والتزييف الذي يتعرض له تاريخنا دائما. الرواية التوثيقية التسجيلية مهمة وقد لاتقترب من جنس الرواية الادبية المتعارف عليها لكنها لا تقل اهمية عنها بالتاكيد. أين تقف الأديبة العراقية من قريناتها العربيات..؟ عالية طالب:- موجودة لكنها بحاجة للدعاية الانتشارية وللاهتمام الاعلامي والاعلاني الجيد الذي هو متوافر بامتياز عربيا ونفتقر اليه محليا لاسباب عديدة، ربما تتحمل المؤسسة الثقافية والاعلامية سابقا نصيب مهم منه التي ساهمت بشهرة اسماء معينة لاسباب سياسية ودعائية رسمية على حساب اسماء مؤثرة غيرها لم تكن تتمتع بذات الاهتمام الرسمي، لكن الان الوضع مختلف تماما وحرية الاعلام الحالي سوف يسهم بانتشار اسماء نسوية جيدة وهو ما نلمسه واقعا فعليا بتواتر واستطراد رغم كل الظروف السيئة والقمع الذي تعيشه المرأة بصورة عامة والاعلامية والاديبة بصورة خاصة، لكنني اعتقد ان الايام القادمة ستكون ذات ظواهر اكثر تحرررا من الوضع الحالي واكثر اهتماما بحصة الابداع النسوي الرصين. الوطن الذي يتجاوز هموم الأنثى في عالية طالب لذلك قررت أن تنظر أليه من بعيد، تجربة المنفى هل هي أختارية وماذا قدمت لك..؟ عالية طالب: المنافي قد تكون متواجدة حتى ونحن داخل الوطن وهذا ما كنت قد بدأت اشعر به وانا داخل العراق، لذا حاولت ان اساعد نفسي بأن اجعلها تعرف الفرق بين المنفى الحقيقي الاختياري وبين المنفى المهيء لك من قبل الاخرين، اخترت ابتعادي عن وطني كي استطيع استيعاب كامل المشهد المذبوح الذي يعيش فيه العراق اليوم واعرف جيدا من القاتل ومن الضحية،المنافي لا تقدم غير الشعور بانك تسير وفق ارض ليست لك ولا اصرة تجمعك بها ولست سوى ضيف تشعر بانك ثقيل فيه على كل المسافات التي تحوطك برغم محاولات الاشقاء الذين يحوطوك بانك يشعروك بانك في ارضك وبيتك، انا جربت الغربة زمنا طويلا لكننني سابقا كنت احتملها رغما عني اذا كان بلدي لا يعيش زمن النزف اليومي لابناءه اما اليوم فالمنافي لها طعم العلقم واحتمالي لا يتعلق بالارغام بل بالشتات والفارق كبير بين الاثنين. أما ماذا قدمت لي فأنها استطاعت ان تجعلني ارى الصورة من اعلى وان استوعب مشهدا لم اكن داخله تماما بل انظر اليه عن بعد جعلني اتمكن من البدء بكتابة روايتي عن بلدي والتي لم اكن استطيع الشروع بها وانا داخل الاتون المحرق في العراق، لكن ليتك تسالني هل تقايضين مشروع الرواية واية رواية او ابداع قادم بليلة في العراق لقلت على الفور نعم ليتني هناك رغم كل شي لكن التمني سيجعلني ادفع ضرائب ليست من حقي بل تطال عائلتي وساجعلهم يدفعونها ارضاء لي وهذا ما لا احتمله ابدا. خرجت عالية طالب بحقيبة فارغة من أرض الوطن لتستقر في القاهرة حيث العوالم الثقافية والفنية والاعلامية والأدبية كيف وجدتي النظرة هناك للمثقف العراقي..؟؟ وهل ساهمت المؤسسات الثقافية في رعاية المثقف العرافي المنفي..؟ عالية طالب:- ما أكثر حقائبنا الفارغة من ارض الوطن والمليئة بالحب اليه ابدا، مصر الشقيقة تعرف كيف تحتفي بالمبدع على اختلاف موهبته، أنها بلد يضج بالادباء والشعراء والمنتديات والملتقيات والاتيليهات والورش، واستقبلتنا في كل هذه المشارب بترحاب رائع وحرصت على وجودنا وعلى ديمومة محبتنا المتبادلة معها، انها بلد يغتال الاغتراب لكننا من معدن يؤمن بعدم الانفصال السريع عن ملاذنا الحبيب، اليوم المثقف العراقي في القاهرة يقرا ويكتب وينشر ويعبر عما بداخله بطريقته المبدعة والاشقاء يصغون بترحاب واهتمام واشتياق ولنا في هذا عزاء جميل عن انفصالنا الذي نرجو ان يكون آنيا. من الذي يرسم الحياة الثقافية في العراق المثقف الأ يدلوجي أم المثقف العضوي حسب تعريف كر امشي لاسيما أن مناخ الكتابة متاح بشكل مقبول في ظل ألانفتاح على العالم وفي ظل الثورة المعلوماتية الذي يمنح مناخ واسع وحر خارج بوتقة السيا سي..؟ عالية طالب: عن أي مثقف تتكلم – لقد سحبت السياسة الارض وليس الغطاء من تحت اقدام المثقف واغتالته منذ زمن وهو الان يحاول ان يولد من جديد فيصطدم باحجار ثقيلة تقول له ضم صوتك الينا او اخرس الى الابد، هل رأيت مثقفا يعيش ويبدع في جو مبلل بالاسى والضياع مثل هذا – عن أي مثقف نحرص وندافع ونموت من اجل بقاءه، مثقف الوشايات او المزمجر بوجه الحقيقة او المبطن بالنوايا المكتهلة، ام الضائع بين الاسلحة والقناص اليومي لمنبع الكلمة الذي يطارده ان قال كلمة صادقة. نحن بحاجة الى مناخ جديد ورؤية جديدة واتساع خلاق ووئد للهشاشة اينما كانت – بحاجة الى تمجيد فكرة اعادة الدور الفاعل للمثقف لنقف بوجه الانقسام والفتنة والوهج الاعمى لننقذ العراق من محنته وهذا سيتحقق حتميا ودائما لا يصح الا الصحيح. هل الواقع الأمني الذي تشهده الساحة العراقية عامل أحباط للمثقف أم عامل أ بداع وأين مبدئية ورسالة المثقف أزاء الأنسانية..؟ عالية طالب : رسالة المثقف تراها في ذلك الصدر المثقوب بالرصاص الذي طرزته الافاعي السامة فوق الصدر الامين، وسانتظر واياك ان نوقف هذا الصدأ الذي يأكل من جرفنا كلنا لنعيد تطريز الصدور بالمحبة بدل الثقوب النازفة، ولا اعتقد ان كلمة أحباط تكفي لوصف الحالة ونحن ابناء لغة عربية شمولية اعطت الكثير من المفردات، سابحث عن كلمة تليق بنا واخبرك اياها ربما بعد ان نلتقي حين نشتت منافينا !!.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |