لقاءات

(عشقت اللوحة والطين والحجر) حوار مع الاستاذ الدكتور محمد العبيدي

 

 حاوره صفاء الغزي

من البارزين في إثبات وتعريف الصفحات الخالدة في تاريخ العراق القديم له أبحاث كثيرة تهتم بالرموز والمدلولات القديمة في الآثار العراقية وحضارة وادي الرافدين . من المهتمين بتعريف هذه الحضارة . له اهتمامات أخرى في الفن التشكيلي وأعمال الخزف .

وجدنا من الواجب علينا ان نلتقي من خلال حوارنا هذا بالأستاذ الدكتور محمد العبيدي عضو نقابة الفنانين العراقيين و أستاذ في الجامعة المستنصرية في مادة تاريخ الفن القديم و كاتب وناقد في الفنون التشكيلية .

كان لنا معه هذا الحوار -

• تهتم بحضارة العراق القديم وتهتم بالفنون ومنها التشكيلية وفن الخزف وتهوى الشعر ولديك رؤى نقدية أين نجد الأستاذ محمد ألعبيدي من هذا وما الأقرب لك ؟؟

- في البداية مرحبا بكم الأخ العزيز الكاتب صفاء الغزي في هذا اللقاء الذي طلبت فيه المحاورة معي ولاسيما أن قليل الحوار ...

حقائق التاريخ في بلاد الرافدين مستمدة بشكل أساسي ومميز من أثاره المنتشرة في جميع بقاع العالم وهي الآن أسيرة أسوارها الحديدية من الخارج وصناديقها الزجاجية من الداخل ، ولكن هل استطيع أن أعيد السؤال بسؤال وأقول؟ كل هذه الأشياء خلقها الإنسان الأول في ارض النهرين ، كانت مدفونة في أعماق التلال والأنهار وظلمات الكهوف والقول كيف كان يعيش هؤلاء بأي لغة يتكلمون بأي وسيلة يتفاهمون ، وقد كلف البحث عنها جهود مضنية لغرض التنقيب واستخراجها وكانت بهذه الأهمية التي يبتعد عنها حتى الوصف وأحيانا حتى في المنطق .

بالتأكيد هناك لغة متطورة وهناك لغة تفاهم خطابية في هذا التكوين الجديد ، نحاول أظهار الوعي المتداول القائم في اللغة المكتوبة المعروفة المفهومة البعيدة عن القواميس هذه المفردات لها المقدرة التوليدية التي جهلتها لغة أوروك هي ليست أجواء مقارنة ، لكنها أجواء اختراع كتابة أجواء اختراع لغة تفاهم ، منها كانت هناك التوالدات الكلامية فالأمور تجري في الخطاب ويبدو لي أن المفردات لم تكن عرضة للتبادل فيما بينها ، وإنما يتعدى ذلك للوصول إلى تأكيد الدلالة العامة والذي يتبع خصوصية تنظيم المعنى ، في اللغة . هذا المستوى العالي في التعبير طرد ، العلاقة التي تبدو متلبسة والوشيكة الوقوع التي تعطي للمفردة صورتيها لتعتمد على كتابتها الصورية دون الحرفية منها ، وعندما تجتمع الدلائل تتوزع المفردات بأكملها ضمن الحيز المرسوم لها وهذا أعطى للمدن الرافدينية بالدخول ، فيما بينها بسمات متفق عليها وبمستوى الترتيب الذي تأتي منه تلك المفردات هي كفيلة بان تخرج من هؤلاء هكذا مخلفات ، لهذا كان اهتمامي واضح منذ الصغر ، تساؤلي ملح لأشياء توجت مرحلتي عندما دخلت كلية الفنون الجميلة وتخصصت بدراسة تاريخ الفن العراقي الرافديني القديم ومن كل جوانبه وفنونه على يد علم من أعلام العراق هو(( الأستاذ الدكتور زهير صاحب)) رافقته في كل رحله وتر حاله كانت تصل بنا الأمور أن نقرا ونحلل ونتقصى الحقائق لساعات طويلة في اليوم وتأخذنا الأيام أسابيع والأسابيع شهور وسنين ولازلنا لانعرف شيئا عنهم .

إنسان بلاد الرافدين أراه منظومة متكاملة من الوعي والإدراك والثقافة وبالتالي نتجت الفنون ليعلن أول رسم جداري له في الكهف وأول انية فخارية وأول عمل نحتي وأنت تراها اليوم تعيد الحياة لها ولهذا أصبحت بالغة الأهمية بطريقة تكوينها الأدائي والتقني وأفكارها العالية المدروسة من غير مدرسة.

أما الإجابة أين تراني أو تجدني فاعتقد أنا موجود في ارض النهرين في فخارها ونحتها ورسومها الجدارية وفنون العمارة وأدبها وشعرها وقصصها ، ومن ثم انتقل إلى تراتيلها ومثرياتها واعبر عن فعالياتها الاجتماعية بطقوسها الدينية في المعابد ، والافرب مني هذه المنظومة المتكاملة الغزيرة والتي اعتبرها اليوم مركزا مهما للتعليم والتربية وأزيل كل العوائق التي تقف في طريق ثقافة ارض النهرين .

• بأي المراجع تستعين في بحوثك أو عند دراسة مقطع من التاريخ ؟؟

عديدة وكثيرة والحمد لله مكتبتي زاخرة بها لدي هوس في كل كتاب يتحدث عن تاريخ بلاد النهرين ، والتنقيبات المتعددة والقديمة منها التي حفر فيها من هب ودب من علماء الآثار في العالم الألمان ، البريطانيين ، الفرنسيين وغيرهم من مختلف الجنسيات كانوا ينقبون وينشرون مايحلوا لهم وذلك كون البلاد كانت مباحة وسهولة الدخول لها واهم شيء عندهم هو الحصول على كل مايتعلق بالثقافة والأدب والشعر والفكر الرافديني
ويتم هذا من خلال مقتنيات الفن سواء النحت او الفخار او الرسم ألجداري او حتى فنون العمارة ، على العموم المراجع كثيرة ولكن تبقى كتب العلامة (( طه باقر)) هي المحفز الأساسي لكثير من المعلومات ولاسيما ترجمة الملحمة المعروفة له (( ملحمة كلكامش ))

اكبر دليل على ان يجعل من تاريخ بلاد الرافدين فرصة في تثبيت هوية ارض الرافدين ولتكن رد فعل كبير لكثير من أفكار وكتابات المنقبين ، وهناك أيضا كتب العلامة (( فوزي رشيد)) ومحمد سعيد الأحمد ، وبهنام ابو الصوف وغيرهم من المهتمين بالآثار .

ومن المراجع المهمة جدا الان وهي بصدد النشر وقسم منها منشور وتأخذ مسار جديد ضمن عملية تحليل مهمة جدا تؤكد مسارها ضمن المناهج النقدية الجديدة وتظهر أعمال بلاد الرافدين بتحليل يعاين في الفترة المعاصرة وبلغة مفهومة والحقيقة هذه المراجع هي للأستاذ الدكتور (( زهير صاحب)) وهي موجودة الآن في المكتبات بالإمكان الباحث ان يخوض في مسار ثقافة بلاد الرافدين ليرى فيها الشيء العجاب.

• بماذا تفكر حين تبحث بمكنونات حضارة العراق؟

أفكر بهذا وأرجو قراءته بإمعان:

خارطة العراق ........ ارض النهرين ، ارض الرافدين عمل فني من خلال صورة لخريطة قديمة نوعا ما أزيلت عنها الحدود لمن جاورها ، وبقيت أرضه مكشوفة تشع منها المفردات أعلاه ، ولان لوحة العراق هي غير منسوجة وأنا اسمع إنها نسيج متماسك ولوحة العراق إنها فسيفساء ، جميل بألوانه البراقة لوحة العراق.
إنها دهوك ونينوى وصلاح الدين والانبار والبرتقال وبابل والكوت وكربلاء والنجف والعنبر والسماوة والناصرية والقصب والبردي والأسماك والفالة والمشحوف والبصرة.

أقول لكم أن ارض الرافدين هو كل لايتجزأ اطمأنوا واشربوا ( الجاي ) المهيل بعصاري بغداد وكعك أبو السمسم بالدهن عاد، وأكلوا السمك المسكوف من الفرات ونواعيره ، وأمي تشجر التنور بحنطة الكوت خبزتها بدواليبه ، واطلع أتريك من كيمر السدة ، وباكله بالدهن وبطنج منده ، ولتعنى لزبيب الموصل وباجة الهرفة
واكل من طرشي النجف إلي مدبس لوحده ، واحلي من الدهينة وارجع ألتمن العنبر بماي خده ، وأوصل سياح العمارة وطيوره الوردة وبالسماوة ارتاح وبالبصرة ادفى...... هذا تفكيري يااخي العزيز .

• ماذا يعني لك تاريخ العراق وما الذي تحب السعي فيه ولم تفعل لحد الآن ؟؟

تاريخ العراق يعني ما قلت لك مسبقا ، أما السعي الذي ارغب فيه هو تأسيس والعمل على تأسيس متحف اسميه متحف (( الرافدين ، النهرين )) واجعله قبلة لكل سياح العالم والموجود لديهم ماهو الاجزء يسير ويحتفظون به على قدر كبير من الأهمية بالرغم من أنها آثار رافدينية نهرينية عراقية ، اعتقد هو مطلب لكل العراقيين ، ونلاحظ الآن هناك دول أعطت أهمية لهذا الجانب وأصبحت في مصاف متقدمة من الثقافة .
وما نشاهده في مصر وسوريا وقطر وسلطنة عمان هو خير دليل على ذلك.

• هل تسعى لصيانة وترسيخ حضارة العراق وهل لديك مخاوف من تشويه هذه الحضارة في خضم ما يتعرض له العراق من مراحل انتقالية قد تمس بشكل أو آخر تاريخ العراق القديم ؟؟

جغرافية ارض بلاد النهرين (( دجلة والفرات)) (( الجبال ، السهول، الوديان)) (( القصب البردي)) الأرض المعطاء موجودة هذه المفردات تبدد عندي المخاوف ، اما موضوع تشويه الحضارة فهو موضوع استحالة تحقيقه ولو جزء بسيط منه ممكن هناك تحدث عوارض بسيطة ولكنها غير مؤثرة بالمرة.
أقول لك : شعب عمره 10000 سنة قبل الميلاد له تاثير عظيم في توزيع كل منتجاته الحضارية وفي مختلف متاحف العالم هي موحدة الان موحدة في أفكارها في طريقة تكوينها من اين يأتي التشويه نعم العراق تعرض الى هزات عنيفة على مر السنين التي تعاقبت عليه اجيال ارض مفتوحة دائما ولاتوجد فيها أي موانع حتى الطبيعية غير مؤثرة ولهذا السبب معرض للغزوات بشكل مستمر وعملية الدفاع عنه كانت على قدم وساق لم يهاجم بل يدافع عن ثقافته عن أفكاره عن طبيعته عن فنونه مصدر إشعاع منذ آلاف السنين والشواهد اكبر برهان وبهذه المناسبة اقدم لك رقم طيني عرض في متاحف لندن انه قائمة بأسماء طلبة الصف الاول المدرسة السومرية في اوروك ، وكل الاثار اينما تعرض هي رافدينية في كل بقاع العالم كونها حددت الهوية ، وكذلك مسلة حمو رابي وبوابة عشتار والثور المجنح كلها رموز حددت هوية بلاد الرافدين .

• أي المشاهد تؤلم في هذه المرحلة ؟؟.

الجنائن المعلقة .... علقت

من المستغرب أن تعلق جنائننا المعلقة، من أين نأتي بسميرا ميس ونبو خذ نصر ، إنها فقدت عينها ولم تعد مثل الأول، والآخر بترت ساقه ولم يستطع السبي ،وهناك جملة من الأمور هي التي غفلت عناصر أساسية كان يعوزها الكثير من التماسك .

نجد تعليلات بإخراج الجنائن من مسابقة الاختيار تعوزها الموضوعية وخلصت إلى استنتاجات انفعالية خالصة ، فهم يدعون إنها غير موجودة أصلا وعندما نلتزم الواقعية ، نجدها في اغلب الوقائع والكتابات السومرية وبهذا تم إيصالنا إلى درجة يتعذر فيها الفصل أحيانا بين الواقع الحضاري ، والواقع المادي . لقد بلغت مرحلة الأثر الفني المعجب المدهش ، الذي لانملك فيه يوما من الأيام مانملك من إعجاب ودهشة لا في المستوى البنائي المعماري ولا في المستوى الفني ، مع إيماننا بأننا سحرنا إلى تلك القصة وكنا اسارى لسحر سري يكتنفه بعض الغموض .

• هل تعتقد انك قدمت من خلال مقالاتك وبحوثك ما يفي بالغرض أم هناك الكثير لم يأتي بعد ؟؟

لا بالتاكيد وانا اليوم مع طلبتي في الكلية اسعى الى الكثير من الدراسة والتقصي والبحث ومن خلال القيام باعمال فنية كبيرة كان اخرها معرض صور كنوز المتحف العراقي معرض الصور هو كان بمثابة تجديد ، لقراءة النتاجات الفنية الرافدينية القديمة والموجودة في متاحف العالم ، مثل اللوفر، والمتحف البريطاني، ومتحف برلين ، ومتاحف أميركا ، الغرض من إقامة المعرض هو إيضاح المفاهيم المرتبطة ببلاغات غائبة، يتعرف عليها الطلبة كأفكار اجتماعية ، نستطيع من خلالها الكشف عن مهيمنات ضاغطة تتحكم بطبيعة الأثر نفسه ، وماتتعرض1 من ضغوط بيئية ومرجعية او تاريخية ، وهي بالتالي توالد انعكاسات فكرية أو اجتماعية تتوقف على حدود العمل الفني ومن ثم إيضاح عناصره التكوينية ، التي مثلت الخطاب في الفنون القديمة مركزا مفهوميا عند القيام بعملية تلك الاستقراءات للإعمال الفنية. كلما بعدت المسافة قربت الآثار وزاد الاهتمام، الفنان في بلاد النهرين يخضع إلى عبر تحولات التاريخ إلى ظهور أفكار جديدة بالإمكان استقدامها إلى المعاصرة، والنتاجات الفنية الرافدينية القديمة غزت متاحف العالم، بأشكالها المادية وهي ليست بمثابة لما تراه العين فقط وإنما تخضع لذات الفنان وأفكاره الفاعلة وبالتالي كلها شكلت عوامل فاعلة ومتفاعلة، للإفصاح عن ماتعنيه وتقدمه للمتلقي على هيئة أفكار بمفاهيم جسدت البناء الصحيح للفنون القديمة.

• بأي الكتب القيمة تنصح المهتمين بتاريخ العراق القديم بالاطلاع عليها ؟؟

كل الكتب والمراجع التي تهتم بتاريخ الحضارات سواء الرافدين منها او النيل او الاغريق او الرومان وبالرغم من الفارق الزمني ولكنها فرصة كبيرة في ان تكون عوامل المقارنة مطلوبة .

• بعض أسئلتي السابقة لاهتمامك في تاريخ العراق والآن لنأتي لاهتماماتك الأخرى هل تعشق الفن التشكيلي وما الأسرار المكنونة فيك مع اللوحة ؟؟

عندما تتعرض إلى تراث إنساني، واسع وخصب يتراكم من عدة محاولات ، لفهم واقع التشكيل دون الخوض في واقع ازدواجية الألوان المتكررة. في الرسم التشكيلي نرى أن الازدواجية، تشتغل بألوان متعددة بأفكار جديدة تنتقل من التراث إلى الحداثة إلى مابعد الحداثة ، إلى العولمة إلى الليبرالية الجديدة كلها تعمل ضمن منظومة ، التتابع البصري وليس ألازدواجي ، في اللوحة عقد نوع من التصادم اللوني وجعل الألوان تسبح كيفما تشاء ، ليؤكد لي انه تصادم أشاري فقط ولكن المتلقي يريد أن يسبح هو الآخر بفضاء اللوحة بالكامل وليس باللون وحده، وهذا يعطيه دلائل بانفلات عفوي حينما مفردات التراث بقوالب دخلت وأخذت حيز كبير ولا تترك مجال إلى المفاهيم الأخرى.

وهنا يتدخل الرسام بصفته فنان وليس سارد الأحداث ، وإنما مولد أفكار تعمل بروح العصر وهي وسيلة ربما متبعة من أكثر من رسامينا في العراق ، وربما لم تكن بشكل منظم وإنما استدعاء لها فقط. الازدواجية في اللون أرى إنها تسبب إرباك للرسام نفسه ، وهذا مايدفعه إلى التوهم والافتراض ويصل إلى حد النزوع ، للمواجهة المباشرة مع المتلقي . لذلك الفنان يستخدم الآن منولوج لوني على غرار منولوجات التراث الراقي الموسيقي خطابات حوارية الآن أكثر مم يصعب علينا الفهم والإدراك وصعوبة الوصول، هذا لايعني إنها نقلة جديدة تخالف القواعد في تشكيل النتاج التشكيلي

عشقت اللوحة والطين والحجر ، دراستي في اكاديمية الفنون الجميلة محطة كبيرة نمت وولدي العشق ، في الرسم كان فايق حسن، وفرج عبو، واسماعيل الشيخلي، في النحت كان محمد غني حكمت، وعزام البزاز واسماعيل الترك، والفخار والخزف سعد شاكر ماهر السامرائي شنيار عبد الله محمد العريبي ، تركي حسين، احمد الهنداوي.

• بحثك عن جمالية اللوحة اجتاز الحدود هل تريد أن تأتي بحداثة الفن التشكيلي إلى المتلقي العراقي أم هي رسالة ترغب بإيصالها..؟

عندما تطبق وفق المنهج المتبع في اللغة الفنية ، ومن اجل إعطاء تلاؤم منهجي لعدد من اللوحات بالاستعانة بمذهب الجذور المرسخة في التوجه الواقعي المبتعد كثيرا عن علاقات التضمين الممكنة في إضافة المفردة سواء كانت مؤثرة أو لم تكن، هذا لايعني أن هذا النوع من التفرد لم يقم به الفنانين الاخرين، وإنما من خلال كتاباتي عن التشكيل بالتأكيد سوف أجد ضالتي عندهم ، هذا الرسام او ذاك يثبت من خلال لوحاته انه يعمل بمفاهيم تحيل للمتلقي كيان اللوحة بالكامل ، ويعطي رسالة واضحة غير مبهمة يعترف بوجود قضايا مركبة لتظهر للعيان في أول وهلة هناك اعتمادات منطقية أوجبها على نفسه ومن ثم طبقها على مجتمعه هذه صيغة الخطاب هي التي أثرت على المخاطب ولكنها ليست بصيغة الأمر وإنما بصيغة الفن.

•2. الخطاب الاثباتي .

•3. الخطاب الاستفهامي

الخطاب الاثباتي والاستفهامي يندرجان ضمن الخطاب الإخباري، وهنا كانت لوحات الرسام لا تتناقض مع خطاب الفعل وإنما كانت تمثل حالة الاندماج أي تترجم في الكثير من الأحيان عامل تحويل داخلي للأفكار ويكون الرسام هو المتحدث الأول عن أفكار نتاجه ، هذا ربما يعطي للبعض عملية وموضوعة الصدق والإثبات ولكني أرى من المسلمات أن اللوحة التشكيلية هي علامة تحيل شيء ما وأريد أن ادخل في معترك (( جاكبسون)) من وظائف اللغة وأحيلها إلى لوحات الرسام واستخرج لغة الخطاب الفني المقصودة عنده من خلال

الوظيفة المرجعية ، الوظيفة الانفعالية، الوظيفة اللغوية ، الوظيفة الامرية، وظيفة ميتا لغوية
لغة الخطاب ليس بالوظيفة الامرية وإنما ببساطة التكوين اللوني والخط الشكلي في الفراغ فهي بالتأكيد نابعة من خطوط الرسام المرسومة لحياته الفنية بطريقة علمية مدروسة ، هذه المميزات جعلت من اللوحة عندي رغبة لا في مصطلحاتها كالحداثة او مابعد الحداثة وانما هي رسالة بالإمكان إيصالها الى المتلقي بصورة علمية اولا وجمالية ثانيا.

• فن الخزف هل تقترب منه متأثرا بالإعمال الخزفية لقدماء العراق في آشور وبابل وسومر؟؟

بلاد الرافدين قبل اختراع الكتابة،سكنت اللغة ولم تعجز عن الجمع بين اللغة وبين الفعاليات الاجتماعية المؤداة ، وهذا اختلف تماما عن بلاد النيل ، التي غادرت اللغة لحين اكتشاف اللغة الصورية فيها وهذا كان استبدال واضح ، للرموز عندما كانت تصنع الأشياء وتكون وسيلة تفاهم متقاربة لأجيال عدة وفنون الفخار كانت احد الأساليب التي كونت منظومة تفاهم ولغة خطاب من خلال الرسوم المضافة من خلال الأشكال المنحوتة التي أضيفت على سطح الآنية الخزفية ، وبما ان العالم يشهد الان انغلاق مشروع ثقافي وظهور مشروع اخر ، يعطي للمشتغلين به نوع من الانجذاب الدلالي الواحد ليس باللغة وانما في مستوى الجد ومغادرة التفاصيل ، أي ظهور مستوى الاشياء بانتقائية عالية توصلك في بعض الاحيان الى فريسة لمنظومات تبدو شبحية في التكوين والتشكيل على حد سواء، واذا اقتضى الامر التبادل بالمتشابهات ربما يكون تشكيل المنظومة عقيم ولايمكن الاستفاده منه ، وهنا كانت ارض الرافدين هي التي ولدت الخطاب لتكون شعوب اولية وليست بدائية ، ولانها رسمت الخطابات المتكاملة واعطت خطابات ضمنية كان الفنان الرافديني جزء منها ليرتبط الان الفن العراقي التشكيلي المعاصر بخبرات من سبقه لامن حيث استعارة المفردات التكوينية ، وانما كان الفنان العراقي المعاصر هو نوع من الاحالة ليجعل الخطاب تواصلي دون انقطاع

• بشأن سؤالنا السابق هل يرتبط الفن الحديث إن كان في الرسم أو الأعمال الخزفية في الفن القديم وما مدى درجات التقارب حسب رأيكم ؟؟

وتاسيسا على ماتقدم من مقدمة بسيطة وانت ترى الفن التشكيلي ايا كان نوعه (( رسم، نحت، خزف)) تجد الخطاب له فرصة من التحقق ضمن بنية التشكيل المتكاملة في ذاتها ولأنها قادرة على التشكيل ، في تجربة المدلولات الجديدة المعاصرة أعطت مضامين لأفكار تعاملت مع الاتجاه السائد للبيئة الان وهذا امر حتمي ولكن بقي الخطاب متلاصقا لأفكار مثل الوحدة الموضوعية الخالصة في التشكيل، ان حوار العقل مع منظومات الافكار، لم يجعله ان يتحرر من حتميات الواقع ، ويفرض افكاره الخاصة على نتاجاته وانما تحرر من كل الارتباطات بمن فيها المشروعة ، وهذا هو التاسيس الخاص الذي تكلمنا عنه ، وبه لم تعد الافكار قديمة عنده لانها اعتقد تدور حول معايير التشكيل بمستواها التقني الذي اعطاه خبرة معرفية تحولت تلك الخبرة الى ان تكون احد الوسائل ، بان تجعل الخطاب عنده يحقق الاداة كاملة ويبتعد عن النقصان واعطى للنتاج اللغة الاجتماعية الجديدة المسيطرة الان ، اللغة الفنية في فنون بلاد الرافدين لها اسلوبها الاولي والمتطور بفعل البيئة وانعكاسات البيئة على الفنان نفسه جعلت منه يتقارب اكثر فأكثر من فنونه وهذا ليس بالشيء السلبي اطلاقا وانما استعارة لمفردات تجعل من اللوحة رمزية الافكار والتكوين.

• قبل أن انهي معك حوارنا هذا نريد منك أن تقول لنا أو تزودنا بصور أجمل الأعمال الفنية التي تعلقت بها من فخار أو نحت ولأي حضارة تعود ؟ وأيضا اقرب لوحة لنفسك شاهدتها من الفن التشكيلي الحديث ؟

الاختام الاسطوانية : هي اجمل الاعمال الفنية في فنون بلاد الرافدين ولا اعلم كيف انجزت ولاسيما هي لم تعدة بحجمها الا سينتمترات قليلة حيث تبلغ هذه اللوحة من 7 الى 10 سنتمترا وتحمل قصة كبيرة سواء قصص حربية او مشاهد صيد ملوكية او احتفالات طقوسية في قوامها القصصي تختزن قوة الشخصية الإلهية وهي محورية لم تكن مفترضة وإنما حقيقية تحمل كل رموز الإلوهية وبقية المفردات من الملك إلى الكاهن إلى البطل كلها واضحة ولها القابلية على التحاور فيما بينها ومع المفردات الأخرى وصولا إلى التعايش بعضها مع البعض الأخر ومن الآليات الضابطة لان تشتغل تلك المفردات في الختم الاسطواني هو وجود تنافر زمني بينها يعني هناك بداية للاحتفال ومن ثم نهاية جعل هذا إن يتخذ الفنان وضع زمني يتغير بسرعة ليصل إلى اللحمة البنائية في الختم نفسه كل هذه التصورات والأفكار رسمت من قبل الفنان الرافد يني بعد أن رسم أفكار ومواقف متفاعلة متلاقية لم تتباعد مكملة الواحدة للأخرى متجاورة ومتداخلة في أفعالها كلها كانت ابتكارات للفكر الإنساني.

• ختاما لا يسعنا إلا وان نقول هنيئا للعراق بك فأن من ساهم ولو بالقليل لتثبيت حضارة بلده كأنه أسس وشارك في بناء بلده وساهم في علو ورصانة هذا الصرح العظيم شكرا لك وان كان لك للختام كلمة أخيرة فأفصح لنا ؟

إلى الخالدين :

طه باقر الذي ثبت تاريخ الرافدين

مدني صالح الذي انزل الفلسفة من برجها العاجي .

ولا أنسى:

زهير صاحب معلم المدرسة السومرية في ايشنونا

عندما أرى أي قطعة أثرية أراها حبيبة نعم تصل بي المرحلة إلى أن أغازلها حتى شبعاد وسميراميس وفتاة الوركاء وموناليزا الرافدين كثيرا مااتوقف عندها وأمعن النظر فيها إذا كانت قطعة فخار أو رسم جداري أو قطعة نحتية أو رقم طيني وبعض القطع الأثرية أصل معها إلى وجود فعلي لأصل مرات إلى طقوس الزواج المقدس الذي يحتفل به الشعب في سومر في كل ربيع هذا الفصل من فصول الخصب والنماء والتكاثر واستبدل شخصية ( ديموزي ) ب ( محمد العبيدي ) وتنوب زوجتي ( نازك ) عن الالهه ( انانا ) كاهنة المعبد ليقدم لي احد شعراء سومر هذا الوصف :

حول كتفي عروسه المحبوبة كان يضع

ذراعيه ، حول كتفي ( انانا ) المقدسة كان

يضع ذراعيه ، كانت مثل ضوء النهار

وهي تعتلي العرش ، والملك كأنه الشمس

وكانت كل مظاهر الفرح تجري أمامها

والطعام الشهي يوضع أمامها ، وذوو

الرؤؤس السود ( السومريون ) يمرون

أمامها ، على دقات طبل أعلى من الرعد

وقيثارة تنعش الروح.

• ختاما نتقدم بالشكر الجزيل الى الدكتور الاستاذ محمد العبيدي لمنحنا هذه الفرصة للتعرف عليه وعلى الرسالة التي يسعى لتقديمها لهذا البلد .

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com