لقاءات

حوار مع الشاعر العراقي العائد من المنفى مهدي الحسناوي

 

حاوره:حيدر قاسم الحجامي  

ابكي عند كتابتي كل قصيدة من قصائدي والكتابة عندي  لحظة جنون...

الشعب العراقي هو اكثر الشعوب بكاءً وأكثرها حزنا...

النقاد الحقيقيين غابوا عن الساحة وظهر المتطفلين وعقيل علي كان لنا سر لم نعرفه الى اليوم

لمفردة الاغتراب تأثيرها المباشر على النتاجات الشعرية العراقية المعاصرة،فهذه النصوص تعج بالبحث عن الوطن بدلالاته المتعددة (الأمان -الأرض- الجذر الأول- الحب الأول)،بعدما أضاعت بوصلة هولاء الشعراء الطريق الى الوطن،وظلت هذه النتاجات المكتوبة تحت ضغوط الغربة والنفي الداخلي تحمل من الوجد والحنين المتدفق مما يعجز الباحث او الناقد عن حل هذه الأحجية العجيبة، فما من شاعر عراقي معاصر لم يكتب عن غربته ويجسد معاناته في نصوصه،ولذا صار للغربةِ كمفردة وقعها النفسي حتى لدى المتلقي الذي عرف الغربة وعاشها مع نصوص الغربة المتوشحة  بالوجع الهائل،كثير من الشعراء لم يغادروا الوطن لكنهم يعيشون غربتهم ومحنتهم في انفصال هائل عن ملامسة واقع متحرك لإيابه لما يقولون،وكرديف لمفردة الغربة تبرز مفردة لاتقل وجعا هي المنفى،فمن منا لا يحمل منفاهُ معه!!!،المنفى انتحار قسري وإبعاد عن وطن تستوحيه من رؤاك المتوردة في لحظة ولادة على تراب شاحب  في وطن احمر قان بلون الدم،المنفى لدى الشعراء يعني ان يعيشوا مرغمين في هوامش لايطيقونها وهم الذين عجنوا بطين الحرية،ولذا فأنهم وما ان تحين الفرصة للهجرة، سيهاجرون تاركين أوجاعهم ومسودات قصائدهم ومسراتهم عند ضفاف دجلة والفرات وربما سيتركون أشياء أخرى، ومنهم من يصر على العيش في ربوع الوطن المسلوب،وحين تؤمن السلطة بخطر وجود هولاء "المجانيين "على أرضها لأنهم سيجعلون الكل مجانيين مثلهم ولن تستطيع  سلطة فرض ظلها على شعب مجنون!!،فإنها تبادر الى نفيهم الى خارج نطاق الوطن او حتى خارج نطاق الزمن !!!خوفا من انتشار أنفلونزا جنون الشعراء وتحت بند مكافحة الشعر  ... واحد من المنفيين في زمن العولمة، هو مهدي الحسناوي الذي كتب أول قصائده منذ ان عرف أنها نبؤءة عرافة قرأت تقاسيم وجهه المنفي فضحكت من طالعه المهاجر نحو مدن لاتعرفه،روحه الجنوبية المثقلة بالوجع والحنين والآهات الليلية المسكوبة على قارعة الأيام،وهو يترنم بصوته المثخن بالجنوبية :من يوقض الماء بعدما غفت على أصوات المنشدين مويجاته الهادرة؟؟،هو من اهوار يعتليها التشظي ويسورها الحرمان،مهدي الحسناوي المحاور في برنامجه الثقافي الأسبوعي، التقيته وحاورتُ روحه الهادئة بعد ان لامست جروحها الندية،فكانت هذه الوقفة السريعة :

 

الحجامي /أين ولد الشاعر مهدي الحسناوي ؟

ولدتُ في بيئة تحاذي الاهوار،في منطقة  تسمى بالقصبة،ترعرت في بيت مؤطر بسياج القصب،حينما كانا صغارا نتنفس عبير الاهوار وننظر الى البني والبرهان والرخيوي،في هذه البيئة المشحونة بالجمال ولدتُ،ومازلتُ احن الى تلك البيئة الساحرة ولتلك المشاهد التي جعلت مني شاعراً وكاتباً فيما بعد.

 

الحجامي /تًرى ماهو تأثير المكان على قصائد الحسناوي؟

للمكان كما أسلفتُ تأثير واضح على تجربتي فهو البيت الطيني وسياج القصب والمضيف المشبع برائحة القصب والهور والنخلة،هذه الأشياء هي من  سحرتني  ووسمت قصائدي .

 

الحجامي: أين تجد نفسك ..بين غربة الشاعر ...أم شاعر الغربة؟

الغربة ليست غربة المكان او اي بقعة من هذا العالم وإنما غربة مجتمع فأحيانا تكون غريباً في  وطنك،إما عن غربة المنفى لعقدين من الزمن فهي تجربة صبغت رؤوسنا بالبياض وعلمتنا ان للوطن معنى أخر فهو الهوية والبيت والفرات .

 

الحجامي /فعل الكتابة الشعرية له مؤثراته الذاتية والخارجية،ترى ما الذي يدفعك للكتابة الشعرية؟

الكتابة بالنسبة لي ليست هواية او ترف بل  هي متنفسي الذي أتنفس من خلالها العالم المحيط،وأحيانا ابكي عند كتابتي كل قصيدة فالكتابة لحظة جنون، الكتابة تستدعي العزلة والانزواء بعيداً عن العالم

 

الحجامي /ديوانك الأول الصادر في المنفى  سميتهُ "البكاء بعد منتصف الليل " ..ترى لمن بكى مهدي الحسناوي ؟ ومتى يتوقف هذا  البكاء؟

الشعب العراقي هو اكثر الشعوب بكاءاً وأكثرها حزنا فحزني  وبكائي بكاء شعب ووطن وانأ كأحد الشعراء العراقيين الذين  بحت أصواتهم بحب العراق والفقراء  ...

 

الحجامي: قصيدة النثر بين الأسلوبية والمعنى ...إشكالية...أم بحث عن وجود في ساحة الشعر العربي؟

الشعر هو الشعر سواء أكان قصيدة نثر أم قصيدة كلاسيكية،إلا ان تقليد بعض الشعراء الشباب لشعراء  كبار كالماغوط  وانسي الحاج بأسلوب مغلوط أنها إساءة للشعر والنثر على السواء.

 

الحجامي: يعاني الوسط الثقافي العراقي والأدبي خصوصاً من غياب النقد الفاعل وعدم حضوره،ترى لماذا هذا الغياب ؟

أزيدك معلومة ان النقد أصبح مجاملة وليس نقداً موضوعياً،لقد كانت الساحة الثقافية العراقية مليئة بالنقاد أمثال الدكتور علي جواد الطاهر والناقد ياسين النصير وغيرهم،إما ألان فان النقاد الحقيقيين غابوا عن الساحة وظهر المتطفلين مع الأسف.

 

الحجامي: لك  رواية  بعنوان "قامات القصب " عن ماذا تتحدث هذه الرواية ؟

:قامات القصب عمل روائي  لم يرى النور بعد وهو يتناول الحياة في الاهوار المعاناة البيئة الأبناء الناس هناك

الحجامي :قلت مؤبناً عقيل علي :

وطرقتً بابك في المساء ..

وكأن دائرة الإياب

تلف حولي بلد تغادره..مقلتيه

حلم السنين ...

 

ترى متى ستنتهي غربة المثقف العراقي ؟

عقيل علي شاعر وصلتنا قصائده في المنفى لكنني لم أراه في الناصرية،عقيل علي كان لنا سر لم نعرفه الى اليوم .

 

الحجامي /ماذا تقول عند سماعك الأسماء التالية:

السياب:شاعر الحس الطفولي

الفرات:شريان أخر في أجسادنا

الاهوار:سحر البيئة وجمالية المكان

 المنفى:بكاء بصمت

موت الشاعر: ترك الشعر للأبد

المرأة: السكينة

 

الحجامي /هناك مجموعة شعرية شبابية طموحة،تكتب القصيدة بجماليات جذابة متقنة،برأيك هل يبشر هذا بولادة جيل شعري منافس ؟

 سيبقى العراق منجماً للكتاب والمبدعين وستتواصل حلقات الإبداع فيه .

 

الحجامي أخر مشاريعك الإبداعية ؟ وأخر ماكتب مهدي الحسناوي؟

فرغت من كتاب عن شعر المنفى العراقي وقدمته الى دار الشؤون الثقافية وانتظر صدوره قريباً.

بلوغرافيا الشاعر مهدي الحسناوي

مهدي الحسناوي شاعر ولد في اهوار الناصرية عام 1966وهو من جيل شعري مهاجر،له مجموعتان شعريتان الاولى صدرت في الخارج بعنوان (بكائية الزمن الطويل) والثانية بعنوان (البكاء بعد منتصف الليل )،عاد الى الناصرية بعد عام 2003صدر له كتاب عن الاهوار العراقية عن دار الشؤون الثقافية ببغداد وهو عبارة عن بحث رائع كتبه عن تلك البيئة التي انحدر منها،مشاركات عديدة في الصحف العراقية ومقالات ودراسات نقدية،مراسل لإذاعة صوت العراق الحر من براغ .

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com