لقاءات

لماذا عزف المواطن العراقي عن قراءة الصحف العرقية؟ 

تحقيق :حيدر قاسم الحجامي

ثمة علاقة متأصلة بين النخبة الثقافية في العراق والصحافة ،فالأخيرة تعتبر متنفساً حقيقاً لكل المثقفين ليعبروا من خلالها عن ارئهم ورؤاهم الفكرية والثقافية ،وتكون هي حلقة الوصل بينهم وبين الجماهير المتعطشة للمعرفة ولقراءة الأفكار الجديدة ،ويشهد الجميع ان الصحافة العراقية ومنذ دخولها الى العراق مع نهاية القرن الثامن عشر لعبت دوراً بارزاً في تشكيل الوعي الشعبي والسياسي لدى الشعب وازداد دورها مع أزياد حركة التعليم في العراق  ونمو الوعي السياسي ،وحتى أيام الاستعمار البريطاني للعراق كانت الصحف الوطنية تنقل الآراء السياسية الثورية والتحريرية وتكشف المخططات الاستعمارية ولذا فهي غالبا ما تتعرض الى المصادرة والمنع ومطاردة القائمين عليها ،وبعد الانقلابات العسكرية في العراق أخذت الصحافة مسارا أخر بعدما أدركت حكومات العسكر خطر بقاء الصحافة الحرة والوطنية على سلطتها ولذا حاولت تجيير الصحافة لخدمة أهدافها السلطوية ،وأزاد الأمر في ظل حكومة البعث المقبورة والتي أحكمت السيطرة التامة على كل المؤسسات الصحفية والأقلام الصحفية لخدمة الثورة فتحولت صحف العراق الى منابر تمجد السلطة وتزين وجهها الكالح وبذا فقدت الصحافة أهم ميزة وهي ان تكون ضمير شعبي ملتزم بنقل الآراء المتعددة والجوانب المختلفة لصور الحياة وتجلياتها ،وبعد التغيير الذي شهدته البلاد وأجواء الحرية الواسعة شهد العراق حراكاً صحفياً متميزاً وصدرت في العراق المئات من الصحف والمجلات والنشرات الصحفية إضافة الى الصحف الالكترونية التي مازالت متواصلة في الصدور ،ولكن بعد فترة وجيزة توقفت معظم الصحف لغياب الدعم المادي وغياب الإقبال الجماهيري على قراءة هذه الصحف ولمعرفة أسباب هذا العزوف حاورنا عدد من المواطنين والصحفيين فكانت أجباتهم متباينة ومختلفة .

غياب الحقيقة ...هو السبب!!!!

المواطن خلدون فنون /ضابط في القوات الأمنية قال:

في الحقيقة اغلب الصحف الصادرة لاتلبي حاجة المواطن الى المعلومة الدقيقة والمؤكدة ،بل ان بعض الصحف تنقل إخبار لاصحة لها في الواقع وبالتالي المواطن عندما يكتشف ذلك فانه يسارع لاتهام الصحافة ،بالكذب ،وعموماً إنا مواظب على قراءة صحيفة واحدة وبشكل يومي تقريباً .

البحث عن المعلومة الصحيحة وسط كم هائل منها

المواطنة علياء خضير /موظفة :

المواطن يبحث عن المعلومات بصورة مستمرة ولكنه وجد بديلاً مناسباً وهو الفضائيات التي تنوعت وأصبحت تغطي كل نواحي الحياة واتجاهاتها فالبحث عن المعلومة صار مجانياً وبالتالي لايكلف المواطن نفسه عناء القراءة وصرف مبالغ لشراء صحيفة ما .

ضعف التسويق ...وغياب المهنية هو السبب !!!

علي عدنان / صحفي :

 ان العزوف عن قراءة الصحف مجملا ً دون استثناء له أسبابه وفي مقدمتها تسلط الفضائيات ووكالات الإنباء والصحف الالكترونية من خلال السرعة في نقل الخبر وتعدد البرامج التي تقدمها القنوات الفضائية وغيرها من أساليب جذب المواطن ،ولكن أقول مع تنوع اتجاهات الصحف العراقية من المستقلة والحزبية ،بقي الكثير من المواطنين والقراء محافظون على هوايتهم في شراء الصحف لأنهم يعتبرون الصحيفة شيء مهم وله مميزاته وخصائصه التي لايجدونها في الفضائيات او ألاذعات المحلية ،وكذلك فان اغلب الصحف غير قابلة للتسويق بسبب حزبيتها وعدم انفتاحها وتحولها من الإعلام الحر الى الإعلام التعبوي وكذلك افتقارها الى المهنية الصحفية .

صحف إعلانات لاتلبي حاجة المواطن !!!

ثمين سلطان الفهد /رئيس تحرير صحيفة بلادي المستقلة :

التحول الذي شهده العراق كانت له إبعاده المتعددة في كل مظاهر الحياة العراقية ،وكانعكاس لهذا التغيير كانت الصحافة قبل غيرها تتلمس هذه التحولات النوعية ،وبروز أيدلوجيات واتجاهات كانت ممنوعة أفرزت تحاوراً نوعياً ولذلك فان ظهور الصحف كان نتيجة هذا الاختلاف الفكري الذي تشهده البلاد،إما عزوف المواطن عن متابعة الصحف الصادرة فهو له أسبابه منها هذا التطور التقني ووسائل الإعلام الحديثة مواقع وفضائيات مكنت المواطن من الحصول على الخبر أولا بأول ،ومع ذلك هناك سبب أخر هو تحول الصحف الى صحف إعلانات وأبرزها الصباح الحكومية وهذا التحول كان على حساب الموضوع الصحفي والمادة الإخبارية ،وهذا شجع المواطن  على العزوف عن الصحف المحلية .

المصداقية ...مرة أخرى !!!

فليحة حسن /شاعرة واعلامية:

في رأي إن الأسباب المؤدية الى هذا الأمر عديدة منها وجود هذا  كم الهائل من الفضائيات ومحطات التلفزة الأرضية  وتوفر الشبكة العنكبوتية التي أضحت بدائل صالحة  ومتوفرة للكثير من الناس في معرفة الأخبار اليومية والتقارير السياسية والتي هي  ضالة الكثير منهم ،كما  إن اغلب الصحف المحلية هي صحف يمكن أن نعدها حزبية بمعنى إنها  لسان حال أحزابها التي تصدر عنها وهذا يؤدي الى عزوف العامة عنها واقتصار تصفحها على المنتمين لتلك الأحزاب  المصدرة لها ،

والأمر الثالث ربما يعود الى افتقار اغلب الصحف المحلية الى المصداقية في نقلها

للأخبار وتعاملها مع تلك الأخبار وكأنها شائعة وليس خبر ممكن الاعتماد الى مصادره ،  كما إن بعض الصحف تعتمد على صحفيين أو إعلاميين يتعاملون مع الخبر وكأنه سلعة يمكن المتاجرة بها فيدفعونها الى أكثر من صحيفة وفي آن واحد وبإجراء تغيير طفيف فيها مما يفقد الموضوع أو الخبر طزاجته ،ثم إننا لاننسى بان اغلب صحفنا تفتقر الى التحقيقات الاستقصائية التي  تجعل المتلقي يتابع تلك التحقيقات بشغف ويقبل على معرفة ماتؤول إليه النتائج كل ذلك وربما أكثر جعل المواطن العراقي  يجد بدائل للصحف المحلية واعني مايجود عليه به الإعلام المرئي أو المسموع .

حيدر الاسدي /كاتب وصحفي :

 هناك عدة أسباب أدت وتؤدي الى عزوف المتلقي والقارئ العراقي عن الصحف المحلية ، في مقدمة تلك الأسباب هو عدم مصداقية تلك الصحف فيما تنشر من إخبار فينشر فيها كل ما هب ودب بدون أي مصادر وادلة توثق الموضوعات سواء الخبرية او غيرها وأيضا هناك سبب أخر للعزوف وهي كثرة الصحف وتشابه ما تنشر من مواد تكون اغلبها مستلة من مواقع الانترنت  ( كوبي بيست) او من الفضائيات وبهذا يكون هناك إشباع مسبق للمتلقي لأنه حصل على المادة قبل ذلك من النت ، إضافة إلى تأخر الصحيفة عن الحدث والسبق فنرى مثلا صحيفة تصدر بعد يومين او ثلاث أيام تنقل خبر وقع قبل ذلك بأسبوع يكون المتلقي بغنى عن قراءة هذا الخبر لانه اطلع عليه تماما في عالم النت فعالم النت كما أرى ويرى الجميع انه اخذ القاري من الصحف ؛ قرأت  قول للشاعر المصري محمود مغربي يذكر فيه ان :  شبكة الإنترنت هي بصدق إعجاز العصر الحديث الذي توفر لكل الناس .فان للأهمية البالغة لهذا العالم شبكة المعلومات العنكبوتية أتاح بشكل كبير وعبر واحات المنتديات والمواقع الثقافية نشر نتاجات الكتاب والأدباء العراقيين بشكل متواصل ومستمر عكس الصحف المحلية التي يكون مجالها وسعتها محدودة وبطيئة بعض الشيء ، فعالم الانترنت الذي صار يستقطب كل الكتاب من مختلف البلدان صار قرية صغيرة لتلاقح المعارف والعلوم الأدبية والفنية وغيرها ، وبهذا قد استفاد المثقف العراقي والعربي والمتلقي معاً بدرجة كبيرة من هذا العالم من خلال التواصل وكسب المعارف وكذا استفاد كثيرا من صفة التفاعلية الذي يوفره هذا العالم . وكذلك هناك امر مهم وهو ضعف وركاكة الموضوعات التي تطرح في تلك الصحف فاغلب من يكتب فيهم يسطرون كلام ممكن لاي إنسان عادي ان يتكلمه في الشارع وبهذا يكون القارئ متململ في بعض الأحيان عندما يقرأ عمود او مقالة لكاتب لا يجيد ابسط أبجديات الكتابة او يتكلم عن موضوع بعيداً كل البعد عن البيئة النفسية والجغرافية للفرد العراقي . 

 

وأخيرا...

تبقى الصحافة  العراقية مرآة عاكسة لتطلعات مجتمع يحاول ان يصوغ تجربته الاجتماعية والسياسية والثقافية الجديدة وفق معطيات حديثة ،معتمداً على إرادته الكامنة مستحضراً ارثه الثقافي العريق لتشكيل صورة الغد المشرق الذي ستساهم الصحافة الوطنية الحرة في رسم ملامحه بالتأكيد لصنع حياة أفضل  .

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com