|
لقاءات يوم رمضاني في بابل
حسين الفنهراوي رمضان شهر الصيام وشهر التوبة أنه شهر يختلف عن جميع شهور العام أختلافا كبيرا وتسير الحياة مختلفة عن باقي أيام الأشهر الاخرى. وفي العراق كحال الدول الأسلامية الاخرى تكيّف الحياة لهذا الشهر الفضيل في البيوت وفي الأسواق وحتى بعض الدوائر الحكومية في مدينة الحلة التي اتخذت من وسط العراق مكانا لها يمر شهر رمضان معززا مكرما بأيامه الجميلة والمليئة بالتقوى والايمان والامتناع عن الطعام والشراب وبعض المحذورات الاخرى.
يوم رمضاني الاسواق تخلو من المطاعم التي تغلق اضطراريا احتراما لهذا الشهر وللصيام. ويبدأ الناس بالتسوق بكل الأنواع والأشكال من المواد الغذائية. وتبدأ حركة السوق وسط النهار بشكل سريع بسبب انتصاف النهار وقرب موعد اذان الظهر وقبل وصول الحر الى ذروته وقت الظهر هكذا بدأ السيد خالد الماشطة ابو وليد صاحب محلات الماشطة مضيفا "ان هناك فتور في فترة الظهيرة وحتى قبل الاذان بساعة او أكثر تزداد وقتها حركة السوق وخاصة المواد الغذائية ومنها اللحوم التي تباع بكثرة لحاجة العائلة لها ولتعويض ما كان في زمن النظام السابق عندما كانت اللحوم من الحاجات الغالية الثمن بالنسبة لاكثر الناس وخاصة الموظفين وأصحاب الدخل المحدود وان تسوق النساء مساءا أكثر من تسوقها صباحا." أما اصحاب محلات الحلويات فأن وقت البيع يكون قبل الفطور بساعة ويعود ذلك لشراء المتبضعين للحلويات قبل الفطور حتى تؤكل وهي حارة كما ذكر لنا ذلك السيد محمد ستار صاحب الوجه الأسمر الذي يعمل في بيع الحلويات منذ خمسة سنين مضيفا ان الحلويات في رمضان من الاكلات التي تتناولها العوائل يوميا حيث يشتريها الصائم عندما يراها قبل الفطور مكشوفة ومعدة للأكل. وعن بيعه في شهر رمضان يقول انه يبيع أضعاف ما كان عليه قبل رمضان لكثرة شراؤها من قبل المواطنين.أما صاحب فرن صمون في السوق الكبير في الحلة السيد زيد سعيد يقول "ان الأفران والمخابز يكون عملها قليلا وبيعها لا يوازي البيع قبل رمضان والسبب يعود الى عدم وجود مطاعم وكافتريات ويكون البيع قبل الافطار بساعة تحضيرا لموعد الافطار" . أما عبد مسلم عبد الأمير بائع لبن جوال قام بتغيير مهنته من الجوال الى الثابت لشهر رمضان حيث يقوم الآن ببيع اللبن في اكياس ويقول" ان البيع الان اكثر مما هو عليه قبل شهر رمضان وتمنى ان يطول هذا الشهر" قالها وهو يمزح بأعتبار ان بيعه اكثر لمادة اللبن الذي لا يفارق الموائد العراقية. وقبل أذان المغرب بقليل تخلو الشوارع تماما الا ممن تأخر عن الوصول الى داره بسبب الزحام في طريق العودة وقبل الأفطار بدقائق تبدأ العوائل القريبة من المساجد والحسينيات بنقل بعض الأكل والشراب اليها وخاصة مادتي اللبن والتمر وكذلك الشوربة لأفطار الصائمين قبل الصلاة. وبعد الصلاة يتوجهون الى بيوتهم لتكملة الأفطار مع عوائلهم ثم يعاود البعض منهم الى المساجد للأستماع الى المحاضرات الدينية والأدعية التي تقام في الكثير من المساجد طيلة شهر رمضان. عندها تعمر الموائد بما لذ وطاب من الطعام وكلما نظر الصائم الى الطعام قبل الأفطار يقول في نفسه هذا لا يكفي من شدة الجوع وحاجة الجسم الى الطعام وبعد الفطور يخرج بعض الناس الى الشوارع أو المقاهي او المجالس مرة أخرى الا القليل منهم حيث الملتقيات بين الأصدقاء والجيران وأحاديث رمضان التي لا تخلو من الخوض في الوضع السياسي والأمني في العراق ويتبادل الجميع الآراء والمقترحات والشغل الشاغل في جميع الأحاديث هو استتباب الأمن والقضاء على الأرهاب والعودة الى ايام رمضان سابقا حينما كان الناس يسهرون الى وقت السحور في المجالس والمقاهي ولعبة المحيبس التي تكاد تكون اللعبة الأولى والاكثر شهرة في شهر رمضان. أما الشباب فيتقاسمون مجاميع وينظمون البطولات بلعبة المحيبس ولكن غالبا ما تكون الفرقة مجتمعة في منطقة واحدة في الوقت الذي كانت الفرق المتبارية في مدينة الحلة تمثل أقضية ونواحي المحافظة ولكن الوضع الأمني حال دون العودة الى أيام زمان. أما دوريات الشرطة تطوف جميع المناطق والأحياء خوفا من أي حادث طارئ يحصل في الوقت الذي تكثر فيه التجمعات للعبة المحيبس على الأرصفة مستغلين خلو الشوارع من السيارات وكل فريق اتخذ له مكانا في جانب ليتباريا في لعبة المحيبس ولا تخلو هذه التجمعات من الصياح ودق الطبول وربما الهلاهل وهوسة "المحبس ضاع ماظن بعد يلكونه" عند كل محاولة فاشلة للحصول على المحبس من قبل "نازول" الفريق الخصم . فيما تبدأ هوسة "جيب الكاس جيبه" بعد الحصول على المحبس من قبل الفريق الخصم .فيما راح اخرون بالتجمع مع بعض والتباري فيما بينهم بأفضل جهاز موبايل واجمل نغمة وأفضل تصوير فيديو في الموبايل حيث قال الشاب حيدر حمزه وهو يستمع الى قصيدة "خلف الله على فيرا" للشاعر رياض الوادي من جهازه " انا لا التقي في مثل هذه التجمعات ويقصد لعبة المحيبس كونها لعبة خالية من الأثارة ورئيس الفريق يأخذ حق الأخرين وهو الذي ينزل للحصول على المحبس لوحده ولم يأخذ رأي أي أحد منا فتركت فريقي الذي يلعب الأن ولكنني كما قلت قاطعت اللعبة".
الماعنده منين يجيب الجميع من هم في أعمار كبيرة يتذكرون المسحراتي وما هي المواصفات لهذا الشخص الذي كان بذمته الاف الناس لأيقاضهم على السحور ولكن الان لا يحتاج الصائم الى مسحراتي فجهاز الموبايل بأستطاعته أخذ دور المسحراتي فما ان تنقر على التوقيت فأنه يقوم بأيقاضك بشكل جيد بدون طبل وبدون الصياح بكلمة سحور فهناك نغمة تستطيع أن توقظك في الوقت المناسب وحسب اختيارك بدلا من سماع طبل المسحراتي ولما كان المسحراتي يخرج لوحده يجوب الأحياء ضاربا على طبله ضربة واحدة داعيا الصائمين الى القيام للسحور . أخذ بعض الشباب يأخذون دور المسحراتي فكل اربعة منهم ألتزم حيا من الاحياء وتبدأ الطبول تدق ليست بالطريقة البطيئة القديمة بل بطريقة سريعة بحجة ان العالم الان هو عالم السرعة وأسماعنا ألحان أغاني جديدة منها نغمة "الماعند منين يجيب ياخلك الله" او لحن "الماعنده غيره المايشجع بلده" حيث تكون النغمة سريعه واسرع من كلمة "سحور ياصائمين" فعلا انها طريقة سريعة بحجة ان العصر هو الان عصر السرعة.
|
| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |